ظهور الزمان والمكان وخلق الأكوان والإنسان بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد

ظهور الزمان والمكان وخلق الأكوان والإنسان بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد


12-28-2014, 08:49 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1419752996&rn=0


Post: #1
Title: ظهور الزمان والمكان وخلق الأكوان والإنسان بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد
Author: عبد المؤمن إبراهيم أحمد
Date: 12-28-2014, 08:49 AM

يتحدث آينشتاين عن مستمرة الزمان والمكان (بحسب تصوره). التي ظهر منها الزمان والمكان وسماها (Interval). وهي بالنسبة للضوء تساوي صفر. فهل يتطابق الصفر الزماني مع الصفر المكاني؟ الزمان والمكان من ضرورات الوجود الطبيعي ومن ضرورات العقل. يقول كانط: “الزمان والمكان هما الإطار الذي يعمل فيه العقل وفيهما يستطيع أن يبني تجربته، وقال بضرورة تطابق شروط الفكر مع شروط الطبيعة” . لقد حل البرت آينشتاين الكثير من معضلات الفيزياء باكتشافه لنظرية النسبية وتصورات المكان والزمان. وقد كان نيوتن يعتبر الزمان والمكان منفصلان عن الأجسام وحركتها بينما تقول النسبية متجاوزة لإطار الالكتروديناميك بأن الزمان والمكان مترابطان ونسبيان.
الزمان هو حالة وجودية تشمل حركة من نوع خاص تتعلق بالمكان وتتعلق بحال الكائن ويشمل ذلك تغيرات يشعر بها الكائن الحي ويتعامل معها، وعبر الزمان تظهر الدورات والبديايات والنهايات وفيه تحدث الحركة (بما في ذلك الحركة الداخلية) والتطور والنمو والتكاثر. هنالك علاقة غير مفهومة بين عالم الزمان وعالم اللازمان.
العقل الحسي يعمل في إطار الزمان بينما العقل الروحي يعمل خارج إطار الزمان والمكان وداخله. يجب أن نتذكر وجود طبيعتين (روحية ومادية) في الكائن البشري. يقول البعض بأن الزمان والمكان من صنع العقل وليسا من صنع الطبيعة! وكذلك يقولون بأن الزمان والمكان ظهرا لكي يتمكن الإنسان من الإحساس بالأشياء وفهمها وترتيبها! بل من أجل وجود الأشياء على ما هي عليه من نظام ومنطق وتراتبية. لذلك يقول بعض أهل التصوف: "فإن القبل والبعد من صيغ الزمان الذي أبدعه، فهو القيوم الذي لا ينام والقهار الذي لا يرام، ليس كمثله شيء، خلق العرش وجعله حد الإستواء وأنشأ الكرسي وأوسعه الأرض والسموات العلى، إخترع اللوح والقلم الأعلى وأجراه كاتباً بعلمه في خلقه إلى يوم الفصل والقضاء، أبدع العالم كله على غير مثال سبق وخلق الخلق وأخلق الذي خلق".

خلق الأكوان وأهمية الزمان
لقد بدأ الكون في شكل بلازما تمددت من الهيولي البدائي في ما يمكن تسميته بالفراغ الفضائي (عبر عملية أسماها العلماء المحدثون بالإنفجار الكبير) ثم تكونت الجسيمات التي لا حصر لها وتكتلت مكونة كل المواد التي كونت الأجرام السماوية التي أعطت النور. ببرودة الأرض الذائبة، ملأت ثورات البراكين السماء ببخار الماء، وبردت الأرض وبرزت اليابسة، وهطلت مياه الأمطار لتكون القارات والمحيطات. ثم ظهرت الكائنات ذات الخلية الواحدة ثم الأسماك ثم البرمائيات والطيور والثدييات وأخيرا الإنسان، بهذا التسلسل وعبر عملية محكمة مطرقتها عالم الغيب والروح الواعية عند الله وسندانها عالم الشهادة والطبيعة تمت صياغة الأكوان وهي تماثل فكرة القلم واللوح. دارون لم ير إلا السندان وغابت عنه المطرقة وهي العنصر الأساسي في قولبة الكائنات وتخليقها لتصير على ما هي عليه الآن. لقد حسب عمر الأرض فوجد عدة بلايين من السنين.
نفترض وجود عالم "متافيزيقي" مصاحب للعالم الفيزيقي، يؤثر فينا ونؤثر فيه لا نراه بالعين ولكن نحسه ونعيش طرفاً منه في الأحلام وفي أحوال وظواهر أخرى ما زالت غامضة. وجود يتخطى الزمان والمكان. هذا الوجود المصاحب نفترض أنه موجود وراء وعي الإنسان (ووراء هنا لا تعني مكان إنما هي وصف لحالة وجودية تتخفى وراء حالة أخرى). "يمكن تناول الأسلوب المتافيزيقي من وجهتين إثنتين. إذ بالإمكان إعتباره صورة تخيلية جريئة لحال محتملة من الشئون القائمة (قصة واردة) مثلما قال أفلاطون".
لا شك ان ما يعرف بعالم الغيب هو عالم يقع وراء الزمان والمكان. نقول إنه إذا كان هنالك عالم روحي حقيقي موجود بحسب الفهم الديني فهذا العالم لا يصح ولا يقوم إلا في إطار التجريد، لأن التجريد هو المقدرة على الخلق التخيلي من غير مادة متحيزة أو هو القدرة على تجريد الفكرة من مادتها والسير خارج الزمان والمكان. والإنسان عندما يموت يتجرد من كل شيء من ممتلكاته وحتى من جسده وكل الوجود المادي لكي يتمكن من دخول ذلك العالم. لذلك يطالب الدين الإنسان بأن ينظم ذلك البيت الداخلي لأنه مكان السكن المجرد بعد التخلص من كل المتعلقات المادية وكلما أمعن الإنسان في تنظيم وتنظيف ذلك المكان تمكن من تحقيق قدر عال من السعادة.
يقول القرءان الكريم: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38)" – ق. "قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12)"– فصلت. لقد خلق الله سبع عوالم ارضية وسبع عوالم سماوية وكما خلق الله الشمس والقمر نوراً وضياءاً فهل يصح القول بأن الله تعالى خلق الله آدم شمساً وحواء قمراً ليكونا النور والضياء الروحي لكل الكون. ولن يكتمل خلق السموات والارض الا بإعادة خلق الإنسان من جديد. وكما يقو بعض أهل العلم فإن الإنسان الكامل هو الزيتونة المباركة التي ينير الله بزيتها السموات والارض.