سياحة فكرية مع النخبة المصرية في القاهرة بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن

سياحة فكرية مع النخبة المصرية في القاهرة بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن


12-25-2014, 04:03 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1419519822&rn=1


Post: #1
Title: سياحة فكرية مع النخبة المصرية في القاهرة بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن
Author: زين العابدين صالح عبد الرحمن
Date: 12-25-2014, 04:03 PM
Parent: #0

بعدغياب دام أربعة عشر عاما من أرض الكنانة، وجدتها هي نفسها بملامحه وخصالها التي ترسم ملامحها، و لم يأخذ الزمن منها شيئا، و لم يصبها حتى بالتجاعيد، إنما بقيت كما كانت مهرة حرة تطارد أشواق محبيها.جيئت القاهرة باحثاعن إجابات لبحث بعنوان "الإسلام السياسي و الليبراليون الحوار والتعايش" و أجريت لقاءات وحوارات مع النخبة المصرية التي تشتغل في مجال الفكر، و لكن كانت مشكلتي، قد أضعت كل أرقام التلفونات للذين اعرفهم. وكان عزائي في الدكتور حيدر إبراهيم مدير مركز الدراسات السوداني، المقيم في القاهرة، والصحافي المصري الشاب بجريدة النبأ محمد حميد، و الذي تعرفت عليه من مراسلات وسائل الاتصال الاجتماعية، و بالفعل كما توقعت قدوجدت كل مساعدة كنت ابحث عنها، كما التقيت بالباحث السوداني في مركز الإهرام للدراسات الإستراتيجية، الأستاذ صلاح خليل الذين بذلوا كل جهد لكي احصل علي أرقام تلفونات أولئك المفكرين.
أردت أن يأخذ البحث حوارا فكريا بدلا من شهادات سياسية، لاتسبر غور المشكل، و لا تعطي تقيما علميا للمشكل، إنما تكون انطباعات تتكيء علي عواطف. كما كان خوفي أن لا يرد أهل الفكر علي مكالماتي باعتبار التلفون الذي استخدمه نكرة بالنسبة لديهم، و لا يعرفون صاحبه.و لكن المثقفين المصريين ليس لديهم عقدة الشخصنة مثل بعض مثقفينا، و لا يتعاملون بخصال السياسيين السودانيين الذين يبادرون بإعطاء ارقام تلفوناتهم و لكن لا يردون عليها، و هي حالة من حالات الإستعلاء التي تشكل مرضا للبعض،و يكشف عن جهل، لآن الافضل إن لا يعطونها. المهم بدأت بأول تلفون تحصلت عليه، و كان تلفون الدكتور وحيد عبد المجيد رئيس تحرير مجلة " السياسة الدولية" التي يصدرها مركز الإهرام للدرسات الإستراتيجية، و أول رنة رفع سماعته و وجدت نفسي اتحدث مع رجل البسه العلم و المعرفة ثوب التواضع، ورحب باللقاء و قد استقبلني علي باب مكتبه، الذي لا ينقطع عنه كتاب المجلة و المحررين وجميعهم خبراء في مجالات العلم و المعرفة، كان حوارا دسما و غلب عليه كما اردت الطابع الفكري و التحليل المنهجي، تحاورنا حول عدد من القضايا، الفكر الإسلامي و إشكاليته و الفكر الليبرالي و محدوديته، الحوار بين التيارات الفكرية المختلفة، قضايا التنوير و دورها في عملية التغيير السياسي، ثم دور الجيش في العملية السياسية، و غيرها من الموضوعات المثيرة للجدل، و التي تعتبر جوهر الصراع السياسي في مصر، و الذي أخذ مناحي عديدة بدرجة عالية من الاستقطاب في الشارع.
و في ذات مركز الإهرام للدراسات الإستراتيجية التقيت بالدكتور أماني الطويل، و تجادلنا حول وادي النيل و مشاكله و قضية التحولات السياسية، و أيضا مع الدكتور هاني رسلان مدير المركز الاجتماعي التاريخي في مركز الإهرام، ذلك الصعيدي الذي أبي أن يتخلي عن لكنته و ثورته و قضية سد الألفية الذي بدأ جزءا من شخصيته المعرفية، ثم إنحرف بنا الحديث لقضية المرجعية الإسلامية و العلمانية، و للرجل أفكار تختلف عن الآخرين، و القضية سوف اتعرض لها في مقالات أخري لأنها تستحق التوقف علي ضفافها، ثم انتقلت لمكتب الدكتور يسري عزباوي، حول ذات الموضوع و إن كان اغلتعليم محوره، و تحدثت أيضا مع الدكتور هناء عبيد رئيس تحرير مجلة الديمقراطي، و التي فضلت أن أرسل لها الأسئلة حول قضية الديمقراطية و إشكالياتها في الوطن العربي و وادي النيل بصورة خاصة، و أيضا الدكتور هالة مصطفي رئيس التحرير السابق لمجلة الديمقراطي، و التي كانت قد أصدرت أول كتاب عن الإسلام السياسي في أوائل التسعينات، ثم اختمت بالدكتور نبيل عبد الفتاح نائب رئيس مركز الإهرام للدراسات الإستراتيجية، الذي تحدث بعقل مفتوح حول قضايا التنوير و إشكاليات الديمقراطية و النظم السياسية في المنطقة، و حاول أن يرسم الخطوط العريضة للعوائق التي تحدد مسارات الديمقراطية.
ثم انتقلت خارج دائرة مركز الإهرام للدراسات الإستراتيجية و التقيت مع عدد من المفكرين الإسلاميين منهم ، الدكتور ناجح إبراهيم، و أحمد بان و الدكتور سامح عيد، إضافة لعدد من الكتاب و الصحافيين، أمثال الدكتور ماهر فرغلي، و الدكتور عمرو حمزاوي، إضافة إلي جلسة في الهواء الطلق تضم عددا من الصحافيين المصريين الشباب و بعض منهم كان قد حضر لقاء الرئيس عبد الفقتاح السيسي مع الصحافيين الشباب.
من القضايا الملفته في قضية الحوارات الفكرية، هناك توجه عند بعض الشباب من النخبة المصرية، الذين مرجعيتهم إسلامية، و هؤلاء قد اطلقت عليهم " المعتزلة الجدد" بسبب رؤيتهم التجديدة في قضية الفكر الإسلامي، و يعتقدون إن الأزمة السياسية في المنطقة إن كانت بسبب الثورات و الانتفاضات العربية، أو ما أفرزته تلك الثورات في المنطقة، و خاصة فيما يتعلق بقضية الإسم و الديمقراطية، هؤلاء يعتقدون يجب إن تحدث مراجعة حقيقية في قضايا الفكر السياسي، و وجوب الرجوع إلي ثقيفة بني ساعدة التي حدث فيها أول خلاف سياسي في الإسلام بعد موت الرسول عليه الصلاة و السلام، و يشيرون إن المناهج التي كانت مستخدمة في دراسة التاريخ كانت مناهج يشوبها شئ القصور، و العديد من الخطوط القدسية التي منعت أو حالت دون سبر غور المشكل، و بالتالي يجب أن لا تكون هناك قدسية في إجتهادات البشر، و هي قضية خلافية ما تزال علي اجندة الحوار داخل المدارس الفكرية الإسلامية، و الصراع الفكري الإسلامي لا ينقطع، بل يتجدد بنطور الأحداث و إفرازات الحضارة، و ساعد في ذلك تطور و سائل الاتصال، كما إن الأجيال الجديدة و مناهج البحث نفسها تتطور، و ما سمعنه من بعض النخب الجديدة ذات المرجعيات الفكرية الإسلامية هو يعد نقلة كبيرة في دائرة النقد و التقض، سوف تثير الكثير من الجدل و ربما موعودين بعودة مرة أخري للعهد الأموي و العباسي، و لكن هل التاريخ يعيد نفسه؟ سوف نري..
و في الجانب الأخر للحوار في المدارس الفكرية الليبرالية أو الديمقراطية، هناك خلافا قائما في الاجتهادات الفكرية هناك البعض الذي يعتقد إن الليبراليون و الديمقراطيون هم عبارة عن أفراد يمثلون إجتهادات فكرية، و لكن ليس هناك أحزابا تحمل هذه المفاهيم، و إن وجدت، هي عبارة عن شعارات ليس لها علاقة بالواقع، باعتبار إن الأحزاب ما تزال تمثل طبقة فوقية من النخب معلقة في الهواء ليس لديها أية قاعدة جماهيرية تتكئ عليها، و بالتالي تشكل فراغا سياسيا، و يعتقد البعض أن الجيش جاء للسلطة لكي يملأ هذا الفراغ السياسي بصورة مؤقته، و إن كان البعض يتخوف من الدور السياسي للجيش، و يعتقد إن الجيش منذ دخوله دائرة الفعل السياسي عام 1952 مازال يفرض الوصاية علي العمل السياسي، و كلها خلافات تدور في دائرة الخلافات الفكرية، و تمثل أجندة حقيقية في نقاشات النخبة و في الهواء الطلق، حقيقة من يقصد موائد النخب المصرية إذا غفل عن حالة التركيز سوف سيجد نفسه في حالة من التوهان، حيث الأزمة السياسية قد افرزت العديد من الحوارات بين مكونات المجتمع و لنا معها لقاءات أخر و الله الموفق.