الحكومة تُكذِّب مراجعها العام.. فتأمل..! - بقلم يوسف الجلال

الحكومة تُكذِّب مراجعها العام.. فتأمل..! - بقلم يوسف الجلال


12-23-2014, 07:52 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1419360727&rn=0


Post: #1
Title: الحكومة تُكذِّب مراجعها العام.. فتأمل..! - بقلم يوسف الجلال
Author: يوسف الجلال
Date: 12-23-2014, 07:52 PM

سيكتب التاريخ أن "جماعة" الإنقاذ وحدهم الذين يغالطون الأرقام، ووحدهم من يكذبون الحقائق الدامغة، ووحدهم من يسعون إلى إخفاء ضوء الشمس بأصبع هزيل مُرْتجِّف. وإنهم – أي جماعة الإنقاذ – يتعشمون – مع ذلك كله - في أن يصدقهم الناس، وأن يؤمنوا لهم بحقائق كفر بها الكفر نفسه..!.



فكلنا نتذكر أن جماعة الإنقاذ، أرسلت حملة تفتيش، بقيادة المراجع العام، إلى المؤسسات والوزارات والهيئات الحكومية، لمعايرة أداء تلك المؤسسات، ومعرفة ما إذا كان هناك فساد أو اختلاسات أو تجاوزات أو تلاعب بالمال العام، أم لا. وكلنا نعلم أن المراجع العام، بعد أن أنهى حملات التفتيش، خرج إلى الناس شاهراً تقريراً مفصلاً، جاء في (79) صفحة. وكلنا ندري أن ذاك التقرير أكد أن الفساد بلغ في الفترة من أغسطس 2013م إلى سبتمبر 2014م (21,6) مليار جنيه (بالقديم). وهذه خطوة جيدة، كونها تحدث في بلد "يتوهط في مرتبة تاني الطيش" على مستوى دول العالم من حيث توافر الشفافية. لكن ما لا نعلمه، أن ذاك التقرير الذي أعده المراجع العام، أغضب حكومة السودان.



مهلاً عزيزي القارئ، فلا تبدي إعجابك بهذه الغضبة الحكومية على تقرير المراجع العام، لأنها ليست وليدة لقناعة الحكومة بأن التقرير لم يُوافي كل أغراضه، أو أن كاتبه جامل أو حابى جهة ما، وبالتالي سكت عن تورط نافذيها في نهب المال العام، ولكن لأن تلك الغضبة المضرية الحكومية على تقرير المراجع العام، أنما جاءت من باب أن تقرير المراجع غالى في ذكر حقائق وأرقام ليست صحيحة. مع أن حملة تفتيش المراجع العام كانت ناعمة وليست باطشة..!



عجباً، فالحكومة تُشكك في صحة تقرير المراجع العام، مع إنها هي من انتدبته لمهمة تفتيش المؤسسات العامة، وهي من كلفته بالتأكد من مدى صون المال العام وحماية الامانة. وهذه حالة لا تحدث ‘لا مع "جماعة" الإنقاذ. اذْ لا يُعقل أن تُفوّض شخص ما لإنجاز مهمة ما، ثم تأتي من بعد ذلك لتقدح فيه، وفي المخرجات التي انتهى وخلُص إليها ذاك التفويض..! طبعا، كان سيكون جميلا لو ان هذا التشكيك نبع من حرص الحكومة على صون المال العام، أو أنه أتى من باب حرصها على ردع المفسدين..! لكن للأسف فالحكومة– ممثلة في وزير المالية المنوط به حراسة وحماية مال الشعب السوداني - ترى أن ما ورد في تقرير المراجع العام "ليس مخالفات أو تجاوزات، وإنما ملاحظات وتناقضات". فتعجب يا صاح..!



لذا، لا أظن أن هناك اسوأ من أن تتعامل الحكومة مع الواقع السياسي والاقتصادي، بعقلية "أركان النقاش" التي يُدار بها الحوار بين المكونات السياسية في الجامعات السودانية. ولا يعقل أن تسعى الحكومة إلى تكذيب الحقائق الواردة في تقرير المُراجِع – وإن شئت فقل تقرير المَواجِع - لمجرد أن ذلك يمنح المعارضة والصحافة فرصة لسلق ظهر الحكومة بألسنة حِداد. فذاك واقع آخر بئيس، وأكثر بؤساً من تمدد المفسدين وسيطرتهم على هياكل الدولة.