إشراك الشباب في الديمقراطيّــة بقلم يوسف بن مئير

إشراك الشباب في الديمقراطيّــة بقلم يوسف بن مئير


11-03-2014, 05:37 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1414989449&rn=0


Post: #1
Title: إشراك الشباب في الديمقراطيّــة بقلم يوسف بن مئير
Author: يوسف بن مئيــر
Date: 11-03-2014, 05:37 AM


يطرح بناء الديمقراطيّة في المقدمة سؤالا ً كبيرا ً يبحث عن إجابة وهو: في مواجهة شباب العالم وبالأخصّ الشباب في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كيف يمكن للمرء أن يعالج القنوط الإجتماعي – الإقتصادي المنتشر والمستعصي على ما يبدو بطريقة مستديمة ؟

الإجابة على هذا السؤال تكمن في إجراء تطبيقي وهو: من خلال الديمقراطية التشاركيّة التي تشرك أفرادا ً ومجتمعات محليّة في حوار ٍ وبناء التوافق في الآراء بهدف التعريف على تحدياتهم وفرصهم التنمويّة ووضع خطّة للعمل المشترك لتحقيق المشاريع ذات الأولويّة.

وفي المغرب، يعتبر وضع الشباب (الذين تتراوح أعمار أربعة من خمسة من العاطلين عن العمل منهم ما بين 15 و 34 عاما ً) انعكاسا ً صادقا ً لوضع الشباب في دول أخرى من المنطقة. وقد يحزن المرء فعلا ً بسهولة عندما يسمع عن تحدياتهم المشتركة، فالأغلبيّة تعيش في بيت الأهل على مدى العشرينات من أعمارهم، وغالبا ً ما يؤخرون زواجهم بسبب عدم قدرتهم على توفير السكن، ونساء شابات ومتعلّمات يقضين الأيام والسنين في بيت الأهل دون الحصول على المهارات اللازمة لإيجاد عمل أو وظيفة وبدون أن تتوفّر لهنّ فرص العمل المناسبة، وتعليم البنات الريفيّات الذي ينقطع بشكل ٍ منتظم بعد المرحلة الإبتدائيّة بسبب عدم توفّر الوسائل والموارد الماليّة لإرسالهنّ للمدارس المتوسطة والثانويّة وقد يفضّلون في حالات كثيرة تعليم الصبيان.

وقد يكون أكبر مصدر للإحباط هو أنّ الشباب المغربي يعيش في مجتمع يزخر بفرص العمل الإجتماعي والنموّ الإقتصادي دون أن يكونوا لربّما على وعي ٍ بذلك لأنهم قد واجهوا صعوبات جمّة في حياتهم المبكرة بحيث أصبحوا يعتقدون بشكل ٍ عام أنّ مثل هذه الفرص غير موجودة.

يعتبرجذب أو تشغيل طاقة الشباب بحكمة وعدم السماح لها بأن تصبح غير مثمرة أو تأتي بنتائج عكسية، للشباب أنفسهم وللمجتمع ككلّ، بالتأكيد أحد الأهداف الأكثر إصرارا ً التي تواجه في الوقت الحاضر. يوم الديمقراطية هذا يعيد إلى الأذهان الحلّ الذي أثبت نفسه على مدى عقود، وبالأخصّ عن طريق التجارب التنمويّة التي أجريت منذ الحرب العالميّة الثانية، وهي بالتحديد التخطيط الديمقراطي التشاركي ، منهجيّة ترسّخت – إضافة لذلك – في مواثيق البلديّات في المغرب وفي استراتيجيّات التنمية الوطنيّة والتي أصبحت منذ تسعينيّات القرن الماضي طريقة مقبولة دوليّا ً لتعزيز التنمية البشريّة المستديمة.

تتضمّن العمليّة تطبيق إجراءات الحوار المفتوح للمجموعات لتقييم التجارب الماضية لتطوير المشاريع واحتياجاتها ذات الأولويّة في الوقت الحاضر. تحصل هذه المجموعات بهذه الطريقة على قدرٍ أكبر من الإعتماد على الذات والقدرة على خلق التغيير الذي تسعى إليه في حياتها وفي مجتمعاتها، والسيطرة على تحليلاتها الخاصّة وبحوثها وبذلك تصبح هذه المجموعات مسؤولة عن تنفيذ المشاريع من خلال الدورة الكاملة، أي من التصميم للإدارة والتقييم. لقد أصبح هذا النهج التنموي الآن مرادفا ً للإستدامة لأنّ تقييمات المشاريع قد أظهرت بأن المشاركة المحليّة هي على الأقلّ حاسمة ومهمة مثل قضية التمويل وذلك للتوصّل لاستمرارية المشروع والنجاح بشكل ٍ عامّ.

ففي مدينة محمّدية المغربيّة تمّ تدريب طلبة جامعيين من كليّات الحقوق والإقتصاد والعلوم الإجتماعيّة تجريبيّا ً وبالخبرة في تيسير طرق ووسائل التخطيط التشاركي مع منظمات المجتمع المدني. وقد أثمرت جهودهم في اتحاد هذه المنظمات الفرديّة في قوّة موحّدة لتحقيق أهداف مشتركة، وفي هذه الحال مراكز تنمية للمجتمع والشباب.

عندما يتمّ تجهيز الشباب بالمهارات والمعرفة اللازمة لكي يساهموا في صنع وصقل مجتمعاتهم كانعكاس لإرادتهم المشتركة من خلال الوسائل الديمقراطيّة، تخلق هذه التفاؤل الحقيقي وتحارب الإحباط وتخلق فرص العمل وكذلك إجراءات التحسين في التعليم والصحّة. ولذا يشير هذا اليوم المهمّ لأداة حقيقيّة ينبغي أن تعطى الفرصة للإستفادة منها في حياة الناس. هذا وينبغي تنفيذ برامج لا تكون مكرّسة لمشاريع مقرّرة مسبّقا ً ولكن لتلك المبادرات التي يحدّدها الشباب لأنفسهم والتي تكون فيها الخبرات الفنيّة ليست من قطاع ٍ معيّن بل تضمّ المهارات الحيويّة "الناعمة" مع تعدّد التطبيقات مثل التفاوض، الإصغاء، بناء التشاركيّات وتحقيق الشموليّة.

وتسليط الضوء على مبدأ الديمقراطيّة – وبالأخصّ في سياق الشباب – يستحقّ الثناء والتقدير. يواجه شباب العالم في عام 2014 مشاكل متجذرة وعويصة لم يشاهد لها مثيل من قبل أبدا ً من حيث حجمها وتعقيدها. وفي نفس الوقت هؤلاء الشباب هم أخيرا ً الأمل الوحيد للإنسانيّة. وتمكينهم من اختبار وتحقيق تنمية مستديمة من خلال الديمقراطية التشاركيّة هو بالفعل النور الذي يسعون إليه بهدوء – ولكن ليس بذلك الهدوء.

د. يوسف بن مئير رئيس مؤسسة الأطلس الكبير، وهي مؤسسة غير ربحيّة تعمل في مجال التنمية المستدامة في المغرب.
__________________________________________________________________