إخفاقات الشعب السوداني!! بقلم أحمد دهب

إخفاقات الشعب السوداني!! بقلم أحمد دهب


08-30-2014, 05:31 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1409416272&rn=1


Post: #1
Title: إخفاقات الشعب السوداني!! بقلم أحمد دهب
Author: أحمد دهب
Date: 08-30-2014, 05:31 PM
Parent: #0



بحكم عملي في إحدى المنظمات العالمية التي تعني بشؤؤن تقديم العون الأنساني لبعض الفئات المحتاجة في بعض الدول الفقيرة فإن (الأقدار) دائما ماتحملني بأجنحتها صوب عوالم يرقد سكانها على وسادات من (الأحزان) و(الأرق)و(الكدر) اللعين..وكثيرا ماتكون تلك الأقطار التي تنوم على لحاف (البؤس) تمد سيقانها على مساحات شاسعه من ثرئ القارة السمراء!!
كان آخر المحطات التي ولج فيها قطاري هي تلك القابعة في غرب القارة مثل (بنين)و(توجو) و(النيجر) و(ليبريا)وهي مناطق ورغم غلالة الحزن التي تبدو على محياهاتسبح في بحر من الجمال وتتماوج في حلة زاهية من الخضرة وسحر الطبيعة ..فتراها تشدو مثل ألق الصباح بأروع الأنغام ..وتختال زهوا وكأنها عصفورة تعربد من غصن إلى غصن..ومثل فتاة حسناء جدلت ضفائرها ليلة عرسها!!
حينما حط بي الرحال في المطار الدولي لجمهورية بنين (كوتنو)كان الظلام قد بدأ يجرجر أذياله..وكان الكون يعلن عن ميلاد يوم جديد..فأقلتنا سيارة صوب الفندق تعدو بنا عبر شوارع مغسولة بمياه الأمطار التي ربما أندلقت قبل سويعات من الزمن..وفي تلك الطرق البدائية والممتلئة بالحفر كانت مجموعة من النساء يهرولن بأقدامهن الضامرة وعلى ظهورهن أطفال يبدو على عيونهم الصغيرة أرق النعاس..وروؤسهن ترقد فوقها لفافات مليئة ببعض الحاجيات الزهيدة الثمن يودن إفتراشها على الأرصفة قبل بزوغ الشمس..ويمكثن في تلك الحالة لترويج تلك البضائع حتى تدنو الشمس الى المغيب..ويعدن الى المنازل وفي جوف جرابهن بعض من الخبز والأيدام لإسكات صراخ بطون الصغار من فرط الجوع!!
مكثت في تلك المناطق المثخنة بالجراح زهاء شهر ونصف الشهر وكان التنقل من دولة إلى أخرى عبر سيارة تجوب الفيافي والسهول الممتدة على مد البصر..فرأيت بأم عيني ما حاق بأولئك البشر من رهق الحياة..فأدركت أن الظلال إذا ما تورات خلف الجدار فإن لهيب الشمس تنخر في الأجساد..وإن المعاناة لها أرجل وسيقان تهرول بهما لتسكن في كل دار..كما أن ظلم الأنسان لأخيه الأنسان نيران حارقة تشوي الضلوع..وهو نوع من التعالي الغاية منه يكمن في إزهاق الأرواح خنقا وبلا رأفة..وهناك أيضا أصحاب القلوب الصلدة الذين لا هم لهم إلا إنزال المزيد من العذاب على الآخرين لأنها في الحقيقة قلوب هجرت عن حناياها كل أنواع الحنان!!
هالني خلال هذه الرحلة أن الشعب السوداني ورغم أرتياده لأفاق السفر وإقتفاء دروب الهجرة منذ سنين طويلة وولوجه لأصقاع الدنيا فإنهم لم يسجلوا أي حضور أو وجود في تلك الدول..فكانت عيوني وفي كل مكان ترمق دوما إلى كل الوجوه علها تعثر على إنسان سوداني بعمامته بينما كانت الحسرة تملأ فؤادي حينما تقع عيوني على أجناس أخرى عربية الأنتماء تمتلأ بها كل الأماكن حيث جاؤا وهطلوا في تلك المرابع لأهداف ومآرب تجارية وحصدو منها أموال كثيرة من ضمنها (المطاعم)و(الفنادق)ومحلات أخرى كثيرة يعملون فيها من أجل تحقيق ثروة هائلة من الأموال ومنهم من يعمل في مجال تجارة السيارات وإستيرادها من دول أوربية لترويجها في أسواق تلك الدول الأفريقية!!
كان الأحرى والأصوب أن يكون الأنسان السوداني هوا صاحب الحضور المتميز في تلك الديار لاسيما وإن هناك قواسم مشتركة كثيرة تربطهم مع هذه الشعوب منها لون البشرة والعادات بجانب الأحترام الذي يلقاه السوداني هناك حيث لمست ذلك من خلال تعاملهم معي دون زملائي من الجنسيات العربية الذين رافقتهم في هذه الرحلة..غير أنني توصلت إلى يقين جازم بأن الأسباب من وراء هذا الغياب السوداني في تلك البقاع هي أنه ورغم إنتشاره المكثف في ربوع العالم إلا أنه أستمرأ حياة الذل والهوان في كل مكان عبر بوابة المرتبات الشهرية التي تأتيه من خلال الوظائف..فذهب يبحث عن هذه المرتبات في دول النفط أو في الدول الثرية الأخرى بعد أن اغلق أمامه أبواب العمل التجاري ونوافذه تلافيا من الفشل وعدم إقتناعه بقدرته في هذا المضمار..مماجعل(الوهن) المادي هو الملازم له في كل مكان وزمان وليس هناك في وسط هذا الشعب من أحرز تفوقا ونجاحا كبيرا في دنيا المال وببلاد الغربة إلا نفر قليل.

ج:0501594307