حديث المدينة...معركة أزلية

الإثنين 11 أغسطس 2014
الحمد الله اللطيف بعباده... أعود إلى الكتابة بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من التوقف القهري؛ بفعل الاعتداء الذي تعرضت له قبيل مغرب السبت 19 يوليو 2014 ,21 رمضان.
لم يكن الجسد هو المقصود بذلك الاعتداء بل كان الهدف هو كسر القلم.. وهي معركة تأريخية أزلية خاضها من قبل الأنبياء، والمفكرون، وأصحاب الرأي، الذين لا يحملون في أيديهم غير شعاع الفكرة، وتبقى العبرة دائما أن الفكرة تزداد توهجا بينما تسقط العصا، والبندقية.
وهذه الكلمات أكتبها- الآن- من القاهرة التي وصلت إليها قبل أكثر من أسبوعين في رحلة علاج للعين التي أصيبت إصابة مباشرة من (دبشك) البندقية الكلاشنكوف.. تعمدوا ضرب العين بكل قسوة.. كأني بهم يستهدفون النور الذي أتأمل به الحياة من حولي- والحمد الله الذي قدر ولطف- فأعود الآن إلى الكتابة بنفس راضية بقضاء الله وقدره، وضمير مؤمن برسالة القلم.
الآلاف الذين توجهوا تلقاء مستشفى (الزيتونة)، ومئات الآلاف من الأكف التي ارتفعت بظهر الغيب، ربما لم التقِ بغالبيتهم من قبل.. ولا يعرفني شخصيا أكثرهم.. لكن الذي يربطني بهم هو أثير الفكرة، ورسالة الصحافة السلطة الرابعة، التي تعبّر عن ضمير الوطن، وتنطق بصوت المواطن.. كان هذا الإجماع أكبر مفاجأة للمجرم، الذي ظنّ أنها ستكون مجرد ضربة سريعة خاطفة (لا من شاف ولا من دري) قاصمة ومخرسة للقلم.. لن يسمع بها أحد، ويضيع صداها في زحام وضوضاء الحياة اليومية، لكن المفأجاة كانت أنها هزّت كل الأركان، ودوى ضجيجها في كل مكان.. وقعت الضربة على رأس كل حصيف مستنير، وضمير مستقيم... احتشد كل الطيف السياسي- على تباعد ألوانه- والمجاميع المجتمعية، والكتل الشعبية، بكل قوة ضدّ اليد الغادرة، وشكّلوا أكبر (لا) ضدّ العنف، والقهر.. حتى حملة السلاح من الفصائل المعارضة تكبدوا مشاق الاتصال بي هاتفيا لإشهار موقفهم ضدّ هذا الغدر الآثم.
الحمد الله- الآن بعد العملية الجراحية (التي استغرقت 7 ساعات) يستمر التعافي يوماً بعد يوم على أمل التعافي الكامل خلال شهر- حسب تقدير الطبيب د. فتحي الصياد, وسأعود إلى الوطن قريباً- بإذن الله- لاستكمال مشوار الحياة.
وكما قال الشاعر: (إن الحياة عقيدة وجهاد).
دعواتكم لله أن يسلم الوطن، وأهله الشرفاء من الكيد.. فهذا الوطن لم يكن ليستحق كل هذا العنت، والشقاء..
وتتوالى المسيرة- بإذن الله وحراسته

http://www.altayar.sd/play.php?catsmktba=828