تقاطع دائرة الوجود/ أنور يوسف عربي

تقاطع دائرة الوجود/ أنور يوسف عربي


07-21-2014, 06:29 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1405963794&rn=0


Post: #1
Title: تقاطع دائرة الوجود/ أنور يوسف عربي
Author: أنور يوسف عربي
Date: 07-21-2014, 06:29 PM

تقاطع دائرة الوجود
الكل يسعى إلي تحقيق مآربه في هذه الحياة ، فهذا عاشق مستهام أستحوذ على قلبه لظى الحب والغرام ، فأضحى طيفا جائلا يغازل الأجرام ، ساقته جماح خيول الهوى وألقت به في جب النواح والنحيب شوقا ولهفة إلي لقاء الحبيب والتمسح بأثوابه النرجسية الموحية بألق الصبابة والهوى، وذاك نهم جشع أقتادته جيوش الطمع وألقت به في سوح الاموال والكنوز وهو يلقفها لقفا كما تلقف الحيتان صغار الأسماك في لجاج البحار، وذلك دون أن يكون له وازعا يردعه عن التشبث بأذيال الطمع وتحقيق مطلوباته ، فالغاية عنده تبرر الوسيلة وإن كانت الوسيلة إفناء البشرية جمعاء , وهذا طاغية مستبد أسير وجدانه بما يوحي إليه من فكر نشاز لا يرقى إلي مستوى الإستحسان والقبول ، فهو يفرض آرائه قسرا على تابعيه ويرغم معارضيه على إتباع نهجه وإن تطلب الامر إعمال آلة الحرب على جماجمهم ، وذلك إرضاء لنزواته وإشباعا لشهواته ،تمجيدا لذاته وإعلاء لكيانه ، ممتطيا صهوة المجد معتليا منابر الحمد ، مستميلا لعواطف البسطاء من خلال الخطب المسترجلة والمستوحاة من سذاجة طبعهم وضعف خيالهم الممجوج .وذاك رجل من أصحاب المواجد والأحوال أمسى ممعنا في الخيال وهو يعصف ذاكرته عصفا متجولا ببنات خياله بين الأفلاك والمجرات باحثا عن سر الحقيقة السرمدية التي تخبا وراء تلكم الزخم الهائل من الكواكب المبثوثة على صفحات السماء الشاسعة ، فما بين ذاك العاشق المستهام وهذا النهم الهمام ، وبين هذا الطاعية المستبد وذاك الشفيف الممعن في خياله يتلعثم القول ، وتتبعثر الحقيقة ويصبح الإنسان أسير وجدانه في إستنطاق أبجديات الطبيعة ونقط حروفها المعجمة وصولا لنقطة التقاطع لحل هذه المعضلة الحسابية وفك طلاسمها المبهمة وإن كانت الحقيقة لا تعدو تلك الدائرة الصغيرة محكمة الإغلاق عصي على التخطي والإختراق يحرسها الكون بأثره ، لا تتغير منظومتها ولا تتخلف مصفوفتها عبر الدهور والأزمان ويظل الإنسان على الرغم من علو كيانه أسيرا بجدرانها لا يجرأ على نبشها وتبديد ظلمتها لتخليص نفسه من أسرها ذلكم هي غريزة البشر ، فكم من عالم مثالي موغل في المثالية ، وكم من حضارة شامخة شادتها أيدي الأباطرة وظلت رابضة في الآفاق لآلاف من سنين خلت ، أبتلعتها تلك الدائرة الكونية الصغيرة المتمثلة في غريزة البشر ، فيا هذا إن غريزتك التي تحفزك على البقاء على قيد الحياة ، هي ذات الغريزة التي تفنيك ، وستظل غريزتك بعبعا تقض عليك منامك فهلا وعيت ؟؟