وبكى الكمان/حافظ أنقابو

وبكى الكمان/حافظ أنقابو


07-17-2014, 11:28 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1405636101&rn=0


Post: #1
Title: وبكى الكمان/حافظ أنقابو
Author: حافظ أنقابو
Date: 07-17-2014, 11:28 PM

عندما كنت طفلاً، كنت مولعا بالآلات الموسيقية وكانت لدي ميول لتعلم العزف على آلات موسيقية من بينها "الكمان" ، كنت أتأمل هذه الآلة الساحرة كلما جلست لمشاهدة التلفاز، وأغلب الأغنيات التي يبثها التلفزيون في برامجه وسهراته خاصة للفنانين المخضرمين تكون الفرقة الموسيقية فيها - أوكسترا مكتملة- ومع مرور الزمن أصبحت لا أستمع إلى الموسيقى مُجملة، كنت ولا زلت أستطيع سماع كل آلة موسيقية لوحدها في حين أنها تعمل في آن واحد، ثم بعد ذلك بدأت في التعرف على الموسيقيين خاصة المخضرمين منهم، من بينهم الموسيقار محمد عبدالله "محمدية" صاحب أروع أنامل يمكن أن تداعب أوتار الكمان لتخرج بأصوات تتخلل الوجدان وتسري في الأوردة مباشرة.
رغبتي في الحصول على مؤهل أكاديمي في علم الموسيقى لا تزال ملحة، وقد كانت الرغبة في دخول كلية الإعلام أقوى، لذلك كانت كلية الإعلام بجامعة أم درمان الإسلامية محطتي الأكاديمية الأولى التي التقيت فيها عددا من الأصدقاء والزملاء بينهم من هو موجود في الساحة الإعلامية ومن اختار طريقا آخر ومن بين هؤلاء الأصدقاء "عمر قدس عبدالله" ابن بورتسودان.
عمر قدس كان من أصدقائنا لعام كامل، لنكتشف بعد عند زيارتنا له بحي العباسية العريق بأم درمان أنه ابن أخ الموسيقار الشهير محمدية، بل اكتشفنا لاحقاً أنه بمثابة ابن "محمدية" إذ لم يرزق الموسيقار بأبناء، فكان صديقنا عمر هو الأقرب من محمدية، وتكررت الزيارات واللقاءات بالموسيقار، وأصبحت العلاقة اجتماعية ومباشرة بدلا من كونها علاقة بين موسيقار مشهور وجمهور.
أقعد المرض الموسيقار محمدية لفترة تناهز العام، وسافر للعلاج في تركيا، وعاد أفضل حالاً على أمل تتحسن حالته ويعود لمزاولة نشاطه، حسبما كان يتوقع المقربون منه.
قبل ثلاثة أشهر أو أقل تناولت وسائل التواصل الاجتماعي شائعة عن وفاة محمدية تم نفيها في حينها، فكانت دافعاً قويا لنا للتداعي لزيارته، وبحمد الله عدناه في العباسية فوجدناه طريحا في فراشه الأبيض ينتظر منة المولى جل وعلا بنعمة العافية، عدناه ولم نكن ندري إنها النظرة الأخيرة لعاشق الكمان، كنا سنحدد غدا الجمعة موعدا لزيارته، لكن صعود الروح إلى بارئها كان أسرع عندما جاءنا الخبر الحزين صباح أمس الأربعاء.
قدم محمدية الكثير لمكتبة الأغنية السودانية، ستظل أعماله خالدة للأجيال، ويظل اسمه رقما لا يمكن تجاوزه في خارطة الموسيقى الحديثة، وتظل مقطوعاته تدرس في كليات الموسيقى.
شكراً محمدية، صعدت روحك، وبقيت لنا أعمالك الخالدة، ولا نملك، سوى أن نقول "فليرحمك المولى جل وعلا ويجعلك من أهل الجنان" . "إنا لله وإنا إليه راجعون".
كلمة حق
حافظ أنقابو
[email protected]
صحيفة السوداني