مريم العراقية ومريم السودانية ! عبد المنعم سليمان

مريم العراقية ومريم السودانية ! عبد المنعم سليمان


06-28-2014, 01:58 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1403960318&rn=0


Post: #1
Title: مريم العراقية ومريم السودانية ! عبد المنعم سليمان
Author: عبد المنعم سليمان(بيجو)
Date: 06-28-2014, 01:58 PM

[email protected]



تتحدث رواية (يا مريم) للكاتب العراقي "سنان أنطون" عن جيل حرب الخليج الثانية حيث لا ذكريات سوى المآسي ومشاهد الدماء والموت والفتنة الطائفية ، محور الرواية ومركزها شاب اسمه يوسف وفتاة في الـثلاثين ولدت في ملجأ بعد أن شردت أسرتها أثناء حرب الأخوة الأعداء . فقدت الفتاة آخر اقاربها ، بدءً بـ (خالها) إبان إحدى هجمات المتطرفين على المسيحيين ، ثم لاحق موت ابنها وهو مضغة في بطنها جراء تفجير إنتحاري (جهادي) نجت منه باعجوبة ، ما جعلها لا ترى في وطنها العراق سوى محطة إنطلاقة للهجرة هرباً من ناره المستعرة .

ما أشبه مأساة مريم العراقية بمأساة "مريم" بلادنا ، التي لم تعد ترى في وطنها السودان سوى محطة للهجرة هرباً من جحيم قوانينه القاسية ، ولكنها حتى في رحلة هروبها القسرية تصطدم بمآسٍ لا تقل عما تعرضت لها نظيرتها التي في الرواية العراقية ، وهو ما يجعلني أقول لكل (مريم سودانية) ما قاله "سنان أنطون" : ( هُزي جذع هذه اللحظة تُساقِط عليكِ موتاً سخيّا).

لن نجتر الكلمات المكرورة والجمل المهدورة ، فلم تعد الكلمات قادرة على التعبير عن اللحظة التي نعيشها ، فقد أصبح واقعنا يفوق خيال حكايات ألف ليلة وليلة.

واقعاً ينفذ منه صبر شهريار ويخرس لسان شهرزاد ، فمن يصدق أن "مريم يحيى" المحكوم عليها بالإعدام بتهمة الردة تعتقل مع زوجها وأطفالها بواسطة (40) عنصراً من جهاز الأمن في المطار عندما كانوا يهمون بمغادرة البلاد الثلاثاء الماضي بعد أن ألغت واحدة من أعلى محاكم القضاء السوداني حكم الإعدام الصادر بحقها ؟ فأي سخف هذا وأي مسخرة وفضيحة أكبر من تلك ؟

(2)

لن تحتاجوا يا معشر السودانيين إلى عبط كاميرتنا الخفيّة ولا إلى فِرق التهريج ال########ة التي يقدمها التلفزيون الحكومي وتوابعه على أنها فرق كوميدية للترفيه عن الصائمين المكتوين بلظى لهيب شمس بلادنا الحارقة ونيران أسعارها المشتعلة ، وبالطبع لن يحتاج الصائمون القائمون في بلادنا إلى فوازير يروحون بها عن أنفسهم ، فمن يحتاج الفوازير وهو في معية "البشير" ؟

وبالأمس قرأت تصريحين نشرتهما وكالة الأنباء الحكومية (سونا) كبروفة واستعراض لحجم الترويح الذي سيقدمه المهراجا الأكبر وفرقته في رمضان والأيام التالية ، حيث قال المشير "البشير" خلال مخاطبته الجلسة الختامية لمجلس شورى حزبه : ( لا نريد الساحة لنا فقط ، ونقول البلد بلدنا ونحن أسيادها والباقين ما عندهم حق معانا ) . وما أن أفقت من صدمة "البشير" حتى باغتني مُساعده في الرئاسة ونائبه في الحزب "إبراهيم غندور" بتصريح آخر قال فيه أن (عضوية المؤتمر الوطني في البلاد بلغت أكثر من (10) ملايين شخص ، وأن أعضاء الحزب صاروا يهتفون لقياداتهم : (إرفع رأسك فوق ، أنت مؤتمر وطني) !

ساتجاوز الشطحات والنطحات المعتادة للمشير الهائج ، لاستعرض حديث مساعده الذي لا أجد شخصية تماثله عبر كل الحقب التاريخية سوى شخصية (جحا) الذي أُشتهر بالجبن حتى أنه كان لا يستطيع تمرير أفكاره وآراءه إلاّ بإدعاء الهبل والعبط ، وكانت طريقته في نيل رضا وثقة الحكام هي بذل المزيد من خفة العقل والبله أمامهم .

(3)

والقصة القديمة تحكي عن وحش هجين كان يكن مشاعر البغض والكراهية للأسد ، وذات يوم وجده نائماً فربطه بحبل ، ولما إستيقظ الأسد وجد نفسه مقيداً فطفق يزأر طلباً لتحريره من قيده ، لم يتجرَّأ أي حيوان على الاقتراب منه ، حتى وصل حمار كان يكرهه ، فقال له الأسد : حلَّ لي قيودي وسأُعطيك نصف مملكتي ، تردد الحمار المتواطئ مع الوحش الهجين ، ولكن تحت إغراء الوعد بالتملُّك فك قُيودَ and#65165;لأand#65203;د ، ولمّا هب الأسد واقفاً قال له : لقد تراجعت عن وعدي ولن أُعطيك نصف and#65165;and#65247;and#65232;and#65166;بة ، نهَق الحمار باكياً وهو يردد : لماذا ؟ أين وعدك ؟ فرد الأسد : لا تحزن ، خذ الغابةَ كلها لأنني لا أُريد بلدا ( الربطُ فيه للوحش والحل بيد الحمار )؟!

وتأسياً بالقصة أقول لمريم : لا تحزني ، فمن يريد العيش في بلد الربط فيه لعمر البشير والحل بيد ابراهيم غندور ؟