دقيقة والتانية.. يا ناس الخرطوم الولاية!! / بقلم: رندا عطية

دقيقة والتانية يا ناس الخرطوم الولاية لمن لقيت ليكم روحي ذاك اليوم في شارع المطار.. دقيقة والتانية أوقف عربيتي لأنزل منها ـ في سخانة بالنسبة ليها سخانة الأيام دي ربيع عديييل!! ـ فيما أنا حاملة كبايتين لأفتح ضهرية العربية بسراع حيث توجد ترمسة مليانة موية باردة من بيتنا لطالما حرصت على تواجدها بالعربية لأناول سارة أختي لتروي عطشها بكوبين ومن ثم أطفيء ظمأي بمثلهما، لأركب العربية وأدورها والتي لمن لقيتني من بعد دقيقة من سواقتي لها أتوقف تاني لأنزل منها في درجة حرارة انصهار المركبات الفضائية لأفتح ضهر العربية لأتناول أنا وسارة اختي أكواب لا تحصى من الماء قمت قلت على اثرها لاختي بصوت لاهث:ـ انتي يا سارة نحنا بدل العذاب ده ما تعالي نجيب لينا خرطوش زي حق الشيشة نقوم بتركيبه في الترمسة الفي ضهرية العربية ونجر باقيهو لمقاعدنا ليكون جنبنا وكل ما تعطش فينا واحدة تقوم تشرب منه وبعد داك تقوم بمناولته لاختها المشرفة على الهلاك عطشاً!
لأضيف بقلب مقبوض:ـ لونحنا كده يا ربي ناس شروني وكركر حالهم كيف؟!! .. حيث أن وقوفي بعربيتي دقيقة والتانية في شارع المطار كان في نفس أيام تحويل مواقف المواصلات حيث بات مواطني الخرطوم الولاية من نسائهم لرجالهم، أطفالهم وعجائزهم حايمين تحت سعير شمس صيف العام الماضي بحثاً عن مواقف مواصلاتهم اللي قاموا ناس الخرطوم الولاية بغتة كدي بتحويلها وهي سخانة لو تعلمون عظيمة ودونكم في ذلك شكوى ذلك السوداني الذي يضج شباباً لي بأن يا أستاذة.. الجهجهونا بتحويل مواقف المواصلات دي شكيناهم لله ما تشوفي أنا إتعذبت قدر كيف حتى عرفت مواصلاتنا في ياتو موقف!!
ومع درجة حرارة هذا الصيف اللافحة التي بت أسوق عربيتي خلالها لكأنني سايقة مركب فضائية قام الغزاة الفضائيين بالتلاعب باحداثياتها لتلقى روحها هي وسواقتها اللي هي أنا في قلب الشمس! مع درجة حرارة هذا الصيف دي ومع إيصالي لأختي بقيت ولا بكضب بَخُت الترمسة بجوار المقعد المجاور للسائق، لكنني لمن فكرت لحكاية أني لا زلت دقيقة والتانية بوقف العربية مش عشان أنزل منها بل لأنشل موية بالكباية من الترمسة الجنبي ومع خبر سرقة بعض موظفي مكتب والي ولاية الخرطوم لـ ستمائة ولا تسعمائة مليار جنيه ولا كان فد دولار ـ إيش تفرق ما ياها في الآخر سرقة ـ ومع توقع ارتفاع درجات الحرارة الأيام المقبلة تساءلت بريق ناشف وروح مكركرة:ـ بدل دي السخانة النجضتنا نجاض حسع المليارات النهبوها هؤلاء اللصوص الموظفين بمكتب الوالي عبد الرحمن الخضر واليهم الخضر ما كان كسب فينا ثواب لو عرش وسقّف لينا بيها سماء الخرطوم الولاية بـ قبة مظللة ومكندشة نحوم ونقضي تحتها مشاويرنا كداري .. لا جهجهة مواصلات لا عذاب سواقة عربات!
[email protected]