نبـع الحنـان المتدفـق …. بل الحنـان يتجسد في صورة إنسان امرأة اسمها عديلة ايوب عبد الحميد

نبـع الحنـان المتدفـق …. بل الحنـان يتجسد في صورة إنسان امرأة اسمها عديلة ايوب عبد الحميد


04-02-2014, 03:01 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1396404100&rn=1


Post: #1
Title: نبـع الحنـان المتدفـق …. بل الحنـان يتجسد في صورة إنسان امرأة اسمها عديلة ايوب عبد الحميد
Author: حسين الزبير
Date: 04-02-2014, 03:01 AM
Parent: #0

ايام مايو و ايام صفوف البنزين ، كان صف السيارات في طلمبة المحطة الوسطي في الخرطوم بحري يمتد لما بعد مسجد السيد علي ، و كان عليهم ان يقضوا ليلهم داخل سياراتهم. من عادة الحاجة عديلة ان تصلي الصبح و تخرج للشارع ، و عندها وجدت هذا الجمع الغفير و عادت لبيتها ، و بعد فترة خرجت تحمل ، و معها من يعاونها، كفتيرة شاي و جردل لقيمات ، ووسط دهشة سائقي السيارات بدأت من امام الطلمبة توزع الشاي و اللقيمات حتي وصلت مسجد السيد علي.
لكن لماذا تبدأ الحاجة عديلة يومها بالخروج للشارع؟ تبحث عن الذي او التي قضت ليلها تحت شجرة او جدار بيت ، و بالتأكيد لن تكون تناولت اي طعام في ليلها. تأتي بهم لبيتها ، تطعمهم و احيانا تكسيهم و تعرف اماكن تواجدهم.
كثير من الناس يلجأوون لها ، و لا تكتفي بالمساعدة ، تصر علي معرفة احوالهم ، ثم تقوم بزيارة اماكن سكنهم ، و تحدد نوع و كمية المساعدة ، و تحدد الفترة الزمنية للمساعدة ، كل شهر، كل شهرين او في المواسم و الاعياد، وفق ما يتطلب حالة المحتاج. في نهار من نهارات يوليو حوالي الساعة الثالثة ظهرا ، لبست توب الخروج ، لكن ابنتها منعتها ان تخرج في هذا الوقت ، خوفا عليها من الحر. فوافقت ابنتها و لبست توب البيت و قالت انها ستزور الجيران ، لكنها ذهبت لمشوارها في الحاج يوسف ، حيث تسكن واحدة من المحتاجين ، تعودت ان تزورها شهريا و لم تات في موعدها. عندما عادت كانت في غاية السعادة لانها وجدتها و اطفالها لم يأكلوا وجبة منذ يومين، ظلوا يشربون الشاي بفتات الخبز.
هي امرأة ينطبق عليها القول: " هـي الإيثار والعطـاء والحـب الحقيقـي الذي يمنـح بلا مقابـل ويعطـي بلا حـدود أو منــّـة"
حكمتها التي ترددها في كل حين ، خصوصا عندما نشتكي لها ان فلان فعل كذا و كذا، يا اولادي و بناتي "البيضا بتغلب السودا". و حكمتها هذه لا تعني شيئا غير ادب القرآن الحكيم : (ادفع بالتي احسن فاذا الذي بينك و بينه عداوة كأنه ولي حميم)
العم "لام" جنوبي ظلت الحاجة تلبي كل طلباته ، و عند انفصال الجنوب رفض ان يسافر، بل اعتنق الاسلام حبا في دين الحاجة عديلة . و حتي مماته قبل شهور كان سؤالها الاول في الصباح : هل فتح باب الشارع ؟ لأن لام حيجي يشرب الشاي.
عندما يحضر ابناءها و بناتها في اجازاتهم من اماكن عملهم في الغربة ، و يتصلون بها ليسألوها عن احتياجاتها ، تقول: "البتجيبوه كله كويس ، لكن انا عايزة لناس عشمانين فيني 3 عراريق ، 3 او 4 تياب نسائية ، شباشب للرجال و النساء ، اللي بتقدروا عليه!!"
كيف تسني لهذه المرأة العظيمة ان تصل لهذا المستوي الرفيع من الايثار و حب الآخر ؟ انها النشأة الاولي و البيئة التي عاشت فيها. كانت ترافق والدها الشيخ ايوب عبد الحميد ، الناسك العابد، الذي يتلو القرآن في كل المناسبات ، و كانت ترافقه لانه ضرير ، و هكذا تسني لها ان تعرف معني الايثار و اهميته في حياة المسلم. و عندما اصبحت زوجة و اما في منتصف ثلاثينات القرن الماضي ، عاشت في بيئة الاحياء السودانية التي تتشارك في الفرح و الحزن ، و في كل المناسبات من وجود ضيوف عند الجيران ، الي حفلات الختان و الاعراس ، تتعاون الاسر كلها باوانيها و اثاثها و بجهدها ، و المناسبة الخاصة باسرة واحدة تصبح مناسبة الحي كله.
لن يكون صعبا الآن ان نعرف السبب في الانانية التي اصابت المجتمع السوداني ، و جعلت الاعتداء علي المال العام تصل هذه الدرجة المفزعة ، و ان يطلب بعضهم الغني الفاحش و ان كانت نتيجته حرمان الاطفال من العلاج و تدهور المؤسسات التعليمية، و التضخم الاقتصادي!!
اسأل الله ان يمتع الحاجة عديلة بالصحة و العافية و العمر المديد ، و ان يلطف بنا في ما حاق ببلادنا من التدهور الروحي و المادي.
و الي اثرياء عهد الانقاذ اهدي هذا الحديث:
عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اتق الله حيثما كنت. وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن" رواه الإمام أحمد والترمذي.

و آخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام علي اشرف الخلق و المرسلين