السلطة السياسية الفعلية لا تقبل القسمة (1) محمد علي خوجلي

السلطة السياسية الفعلية لا تقبل القسمة (1) محمد علي خوجلي


03-14-2014, 07:06 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1394820360&rn=0


Post: #1
Title: السلطة السياسية الفعلية لا تقبل القسمة (1) محمد علي خوجلي
Author: محمد علي خوجلي
Date: 03-14-2014, 07:06 PM

Khogali 17@ yahoo .com

هذا المقال والذي سبقه (موديل 2007) مقدمة لمحاولة تأسيس مفهوم للمصالحة والوحدة الوطنية بين كل قطاعات الشعب (الناس كل الناس) والدولة، في مقابل مفهوم المصالحة فيما بين النخب السياسية. وجاءت المقدمة عبر مقال (السلطة السياسية الفعلية "لشريحة" الرأسمالية الجديدة الحاكمة لا تقبل القسمة) والذي نشر بصحيفة الأيام السودانية بالأعداد 9019 ، 9020 ، 9021 في 29 – 31 يناير 2008م.
إن العلاقات السياسية الراهنة بين الحكومة والأحزاب السياسية الوطنية وبين الحكومة والدول الأخرى ، والعلاقات فيما بين تلك الأحزاب و(علاقاتها الخارجية) هي لوحة معقدة للغاية أحاول خلال العرض سبر جانب من أغوار ومآلات تلك العلاقات السياسية بالقاعدة: "حتى يحسن المرء التوجه في صراع الأحزاب لا ينبغي له أن يصدق ما تقول ، بل يجب أن يدرس تاريخها الحقيقي وأن يدرس ما تقول عن نفسها أقل من درسه لما تفعل ولكيفية مباشرتها حل مختلف المشكلات السياسية ، لكيفية تصرفها في المسائل المتصلة بالمصالح الحيوية لمختلف الطبقات الاجتماعية ..."
ولكل أطراف هذه العلاقات مصالح تتلاقى وتتقاطع وتتشابك لتتكامل أو العكس ليضعف بعضها بعضاً ، ويبطل بعضها مفعول بعض مما يخلق خليطاً معقداً جداً من القوى المتقاربة والمتباعدة في الساحة السياسية . لكن هذه العلاقات لا يمكن اعتبارها مجرد خليط من العلاقات الطارئة بالرغم مما تحمله من تعقد وتنافر وتعدد أشكال.
"والحزب، أي حزب بالمعنى الكامل للكلمة، لا بد أن يتمتع بوحدة الفكر والإرادة المتمثلة في برنامج واحد ، ونظام داخلي واحد يعبران عن سيادة أيديولوجية طبقة واحدة . الحزب أي حزب لا يقبل تعايش أيديولوجيات مختلفة ، ولا يقبل بالفرق والجماعات داخله.
وفي مقدمة أهداف أي حزب ناشط سياسياً أن(يحوز) أو (يستولى) على السلطة السياسية ويعمل على الاحتفاظ بها ويتيقظ دائماً لترسيخ حكمه والدفاع عن نظامه الاقتصادي والاجتماعي عن طريق جهاز الدولة ومؤسساتها .. مثلما يستند على جهاز الدولة كأداة رئيسية للتأثير السياسي على كافة الفئات الاجتماعية (المعارضة) لتحويل التفاعلات فيما بينها لصالحه خلال سيره في تحقيق أهدافه.
أما من حيث النشاط السياسي الذي يقوم به ممثلو الأحزاب السياسية المختلفة فإنه يخضع لمصالحهم والتي نجد انعكاسها في الآراء السياسية والنظريات وبرامج الأحزاب والتنظيمات السياسية التي تمثل العلاقات الاجتماعية – السياسية التي تتجاوب مع المصالح التي يطمح الحزب في تحقيقها . ولذلك فإن برنامج الحزب يمثل فقط مصالح طبقة واحدة . وإذا قالت قيادة حزب ما بأن برنامجها هو لصالح جميع الطبقات الاجتماعية تكون قد كذبت وأخفت حقيقة برنامجها .. والنشاط السياسي لمختلف الأحزاب السياسية ومجموع العلاقات الاجتماعية والسياسية القائمة مترابطة ، والعوامل الذاتية تعكس وضع الأشياء الموضوعي ، فالعامل الذاتي الواحد بالنسبة إلى حزب ما يمكن أن يمثل واقعاً موضوعياً بالنسبة إلى أحزاب أخرى ..
وفي الجو السياسي السائد الآن في الساحة السياسية السودانية ، التي تبدو معقدة وتناقضية فإن أية محاولة لتحليل العلاقات السياسية القائمة يلزمها تدقيق النظر في العلاقات الاجتماعية – السياسية الموضوعية والنشاط السياسي الذي لن يخرج من مسارين : إما أن يكون هدفه (التغيير) أو أن يكون هدفه (المحافظة) على مصالح الطبقة والفئات الاجتماعية الحاكمة . وهذا التحليل لا غنى عنه في أي حوار جاد لما يجري في الساحة السياسية السودانية ومفهوم المصالحة والوحدة الوطنية.
إن (إمكانية) انتقال نظام سياسي من حالة نوعية( شمولية) إلى أخرى (ديموقراطية) مثلاً هي شيء والانتقال (الفعلي) هو شيء آخر . فما يبدو (إمكانية) ليس بموجود بعد في الواقع) النوعي للنظام . بل يمكن أن يوجد وأن يبقى إذا توافرت الشروط اللازمة . إن (الإمكانيات) المختلفة تقابل درجات (احتمال) مختلفة .. فمتى كانت إمكانية ما تعادل درجة احتمال ضعيف يكون الأمر (إمكانية نظرية) ومتى كانت درجة الاحتمال مرتفعة نسبياً يكون هناك(إمكانية فعلية) .
وعندما يشكو البعض من (ضعف حركة الجماهير المعارضة في الشارع) عليهم، تجاوز الشكوى وبحث أسبابها . فالعلاقات السياسية بين الأحزاب السياسية والجماهير أهم مليون مرة من العلاقات السياسية فيما بين قيادات تلك الأحزاب لأن الجماهير هي ميادين النشاط السياسي للأحزاب السياسية . وفي كل يوم تولد أشكال جديدة للنشاط القيادي الحزبي الذي يضعف بنفسه حركة الجماهير.
ولا يمكننا اعتبار أهداف رجال السياسة ودوافعهم أسباب نهائية للظاهرات السياسية وعلينا تجاوز نطاق الدوافع و(القرارات الذاتية) لاكتشاف الأسباب والدوافع الحقيقية . وهذا لا يعني أن نشاط القيادات السياسية لا يلعب أي دور فيها . على أنه حيث لا يرى الذاتيون سوى قرارات وأفعال توحي بها الرغبات وأحياناً عسف بعض الأفراد أو الزعماء السياسيين. نحرص على اكتشاف المنطق الداخلي لعمل وتطور النظم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ..
وكثر الحديث عن التحول الديموقراطي ويتم اختزاله في الانتخابات العامة . مناقشات ممتدة بين السياسيين حول القانون . ويركز البعض على الإحصاء السكاني كأحد شروط إجراء الانتخابات بنص نيفاشا على اكتماله بنهاية السنة الثانية من الفترة الانتقالية .. وآخرون اهتموا بالرقابة الدولية بنص نيفاشا أيضاً في حين نجد أن هناك من يهتم بدعم (الدولة السودانية) المالي للأحزاب السياسية لمواجهة الانتخابات (دون التعرض بالطبع للدعم المالي الذي قدمته الحكومة لبعض قيادات الأحزاب بمبررات أخرى) !! وهناك من اهتم بالدعم الأجنبي سواء من الاتحاد الأوروبي أو الإدارة الأمريكية وآخرين لا نعلمهم والله يعلمهم .
ولا يتوقف الحديث حتى ليوم واحد عن إحلال "دولة الوطن" محل "دولة الحزب" وقومية جهاز الدولة بديلاً لجهاز الدولة الخزبي .. الخ والحركة السياسية في معظمها تطرح مطالب عامة محاطة بأفكار أكثر عمومية . ولا تطرح برامج تفصيلية لكيفية الإحلال والإبدال .. تبين تدرج أهدافها ووسائل تنفيذها ومسؤوليات الأطراف المختلفة ..
وفي الحالات القليلة التي طرحت فيها أجزاء من الحركة السياسية "إعلانات برامج عمل (!!) فإننا نلاحظ منذ الوهلة الأولى أن كوادر الأحزاب السياسية المختلفة تأخذ مقاعدها ممثلة لجماهير الشعب (!) وتخاطبها بعض من قياداتها ، وتوزع الأعباء والمسؤوليات على ذات الكوادر .. إن "الاحتفاليات" تتكرر بذات النسق وذات الوجوه وفي جميع المناسبات .. وتكاثرت أشكال التحالفات وتعددت مسمياتها على الرغم من أن الموضوع في الأصل واحد . تحالفات فوقية لنفس المكونات السياسية لا يدري الرجل العادي لماذا قامت أو لماذا اندثرت أو لماذا تبعث من جديد . وذات المكونات يمثلها ذات الأشخاص في معظم الأحوال وذلك مؤشر لأمرين : فقدان الاتجاه أو العجز الذاتي ، عجز العمل القيادي والذي فشل النشاط (الجماعي) للأحزاب السياسية (المعارضة)) في منحه أية دفعة ذات أثر..
سنوات مضت ، سنوات طويلة ومكونات الحركة السياسية لا يعرف أي منها النشاط المستقل بين الجماهير وتتساوى في ذلك أحزاب حكومة الوحدة الوطنية (الصغيرة) وأحزاب المعارضة (الكبيرة) أو نصف المعارضة أو المعارضة الرسمية (!) ومعلوم أن النشاط السياسي المستقل لأي حزب وخاصة (الحزب) الثوري هو أحد أهم شروط وجوده ، حيث يجب النضال من أجل المصالح المباشرة للجماهير في حياتها اليومية، والعمل على تحقيق مكاسب محسوسة بذلك النضال في مستوى معيشتها وكل نواحي حياتها الاجتماعية. وهذا النضال هو الذي يجعل الحزب قريباً من الجماهير ويربط الحزب بالجماهير التي تتعرف على مستوى الوعي بمهامها السياسية ومن ذلك أدوارها في التحول الديموقراطي والمصالحة والوحدة الوطنية .. فالنضال الجماهيري وحده لا سواه هو الذي يعبيء قوى الشعب . ومن خلال النضال اليومي ترتفع مستويات الطاقات للتضحية ومعلوم أن انتقال المرء من الرغبة في أن يكون ثورياً ومن الأحاديث و(القرارات) عن الثورة إلى العمل الثوري الفعلي هو انتقال عسير جداً ، وبطيء جداً ومثقل بالمتاعب .
ونلاحظ أن نشاط الأحزاب السياسية (المعارضة) لا يتجاوز الجبهة السياسية والتي تدنت وسائلها ومن ذلك – مثلاً – الاستعاضة عن توزيع بيان "الحزب" على الجماهير يداً بيد ومناقشتها حوله بالنشر في الصحف اليومية أو على الموقع في الشبكة وأصبح بذلك إصدار (البيان الحزبي) وكأنه إبراء للذمة أو لضرورة تضمينه في تقارير الأداء (!) ولم يعد أحد يسأل عن "عائد البيان" أو جعله من أدوات البناء لذلك سيكون صعباً على قيادات تلك الأحزاب إشراك الجماهير في قضية المصالحة والوحدة الوطنية.


وكتب عبد الخالق :
الثبات على أن الحزب لا يناضل فقط في الجبهة السياسية بل عليه دائماً وأبداً أن يناضل من أجل إدخال تحسينات أساسية في حياة الجماهير الكادحة وفي مقدمتها الطبقة العاملة. إن التنازل عن هذا الموقف يؤدي إلى انعزال الحزب عن جماهير طبقته وعن الكادحين ، كما أنه يعتبر تخلياً عن جبهة نضال هي من صميم جبهات العمل.

المصادر :
- الماركسية وقضايا الثورة السودانية.
- تقرير عبد الخالق للمؤتمر التداولي 1970 وقرارات المؤتمر.
- -الصحف اليومية السودانية.
- مناهج التوقع في السياسة (سيرغييف).
- 18 برومير.