ما يطلبه القراء /صلاح يوسف

ما يطلبه القراء /صلاح يوسف


01-16-2014, 06:56 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1389851799&rn=0


Post: #1
Title: ما يطلبه القراء /صلاح يوسف
Author: صلاح يوسف
Date: 01-16-2014, 06:56 AM

لكل قارئ مقاييسه الخاصة للميل نحو كاتب معين دون غيره إذا وجد فيما يتناوله اشباعاُ لرغبته سواء كانت سياسية أو ثقافية أو اجتماعية خاصة إذا كان موقفه وعصارة آرائه تتماشى مع ما يبحث عنه. كما قد يكون لأسلوب الكاتب سحره البياني وطرائق تعبيره الجاذبة التي تجعل القراء يتحلقون نحوه بصرف النظر عن مضمون الكتابة الذي يعد ثانوياً فيتجاوزه القارئ ويتوه منبهراً مع الدلالات اللفظية والصور البديعة التي تطرق بابه المشرع للاستزادة. وربما يكون لاسم الكاتب دوره في عملية الجذب أو لخلفيته التي يستند عليها كالالتزام السياسي أو التميز في ضرب من الفنون والإبداع بصرف النظر عن طرحه المكتوب. وللقارئ أيضاً ذات المقاييس التي تجعله يهمل آخراً لأن اسمه غير رنان أو لرأي مسبق أو لقناعة سلبية نحوه حتى وإن كان سلساً في تطويع لغته مالكاً لناصيتها ويرى فيه آخرون إبداعاً كتابياً وتوازناً في التناول لا يجارى. ولأن الكتابة في الصحف اليومية تخاطب مستويات متفاوتة من القراء بينهم المتعجل وبينهم الذي يرغب في القراءة المتأنية حتى لما بين السطور يتوجب على الكاتب الذي يتدفق علماً ومعرفة ألا يتنطع كثيراً بل يعمل على تبسيط أدواته الكتابية وإلباسها ما يجعل طريق الوصول لفكرته ورأيه معبداً وواضح المعالم لكي دون شطط أو إخلال بقدراته وذلك لتوسيع قاعدة القراء وجذبهم.
إذا تأملت شخصاً يتصفح جريدة يومية تستطيع من الوهلة الأولى أن تحدد ميل ذلك القارئ وكيفية تعامله مع ما تتضمنه الصحف من مواد متنوعة. فهناك من يقرأ الجريدة كاملة بما فيها من إعلانات، وهناك من يقرأ لكتاب معينين فقط ويطرح الصحيفة جانباً دون أن يكلف نفسه جهداً بالتصفح الجاد أو القراءة المتأملة على الأقل تقديراً لجهد من بذلوا العرق لكي تصله. وهناك من لا يقرأ لأي كاتب لأنه يرى أنهم يدورون في أفلاك بعيدة عن اهتماماته فيكتفي برؤوس الموضوعات دون إكمال القراءة إلا لموضوعات صارت مدار حديث الناس، وهناك من يقرأ حتى لكاتب يختلف معه فكرياً لمعرفة منطقه كي يشهر في وجهه سلاح الرد إن تطلب الأمر ذلك، وهناك من يفضّل الإيجاز، فما ان يلمح طول المادة المكتوبة أو ما يشير إلى تسلسلها لاحقاً حتى ينفر منها تماماً وإن لم يكن له موقف سالب تجاه الكاتب، أو يوجل قراءتها لحين اكتمالها وفي الغد تكون هناك قضايا أخرى شغلته عنها، وهناك من يكتفي بصفحات معينة كالرياضة أو الفنون أو أخبار المجتمع والجريمة مدعياً بأن المادة الخبرية معلومة سلفاً وأن التحليلية لا تستحق إضاعة الوقت لأنه قادر على الوصول لذات نتائجها، أو لأنه يعرف خلاصتها مقدماً ولا حاجة به للمزيد.
ما دعاني لطرق هذا الباب حوار دار بيني وبين البعض عن أن قراء الصحافة الورقية على كثرتهم عابرون بينما هناك قراء للمواد الصحفية بالشبكة العنكبوتية تتاح لهم فرص التعليق الفورية بيد أنهم يفضلون المواد السياسية وبالذات تلك التي تنضح نقداً للأوضاع أو تفوح منها رائحة التشهير وخبايا المطبخ السياسي، فتجدهم ينداحون حمداً وشكراً للكاتب الذي يعيش ويكتب في مأمن ويصبون مزيداً من الزيت على نار المقال بالإضافات لدرجة أنني خرجت بأن الغالبية العظمي من أبناء جلدتنا سياسيون أو هواة رياضة لا أرى لها نجماً ساطعاً في الأفق. وبحكم أنهم لا يجدون أداة للتنفيس وإخراج الهواء الساخن سوى عبر تلك المواقع تجدهم يضعون كتابها في خانة المرجعية الصائبة. ونادراً ما تجد اهتماماً بغير تلك المواد السياسية مع إن مائدة الكتابة في الشبكة تشتمل على تنويعات لا غنى عنها لمن أراد أن يعدد اهتماماته ويوسع مداركه. وبالرصد يتضح أن عدد قراء المادة السياسية قد يصلون عشرات الآلاف في حين أن الذين يتصفحون المواد الأخرى لا يتجاوزون العشرات أو المئات. فهل المطلوب أن يرتدي جميع الكتاب لباس السياسة انصياعاً لما يطلبه القراء؟