ياغريب يلا لي بلدك أيمن مبارك أبو الحسن

ياغريب يلا لي بلدك أيمن مبارك أبو الحسن


01-04-2014, 06:56 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1388858205&rn=0


Post: #1
Title: ياغريب يلا لي بلدك أيمن مبارك أبو الحسن
Author: أيمن مبارك أبو الحسن
Date: 01-04-2014, 06:56 PM

من روائع الفنان حسن خليفة العطبراوي أغنية يا غريب يلا لي بلدك ويقول مطلعها:
ياغريب يلا لي بلدك … سوق معاك ولدك ... لملم عددك ... انتهت مددك ... وعلم السودان يكفي لي سندك
صاغ هذه الكلمات البسيطة الشاعر يوسف مصطفى التني وغناها الفنان حسن خليفة العطبراوي. وهي الأغنية التي تسببت في سجن العطبراوي لبضعة شهور حينما شدا بها أمام المفتش الإنجليزي. حسن خلفية العطبراوي يعتبر فنان الاستقلال بامتياز، قدم العديد من الأغاني والأناشيد التي كانت تناهض الاستعمار، وتعمل على رفع الروح المعنوية للشعب السوداني وتبث فيه الأمل، فضلاً عن ابرازها للصفات القوية في الشخصية السودانية، وانتقاصها من المستعمر في الوقت نفسه مما دعى بالسلطات حينئذ إلى تعقبه ومضايقته. رحم الله العطبراوي فقد استطاع بحق لقب فنان الوطن.
عندما تحل ذكرى استقلال السودان من كل عام نشاهد على شاشة التلفزيون هذه الأغنية مصحوبة بصور للجنود الإنجليز وهم يركبون القاطرات التي كانت تربض بانتظار نقلهم شمالاً.... كانوا يلملمون عددهم وعتادهم مغادرين صوب بلادهم بعد أن جثموا على صدور شعبنا لأكثر من سبعة وخمسين سنة، ثم رحلوا فجأة بعد أن تركوا البلاد تئن تحت وميض من الفتن والمشاكل التي ما زلنا حتى يوما هذا نحصد نتائجها. وما أن رحل المستعمر عائداً إلى بلده حتى دخلت البلاد في نفق من الصراعات، فصار كل فريق يكيل الاتهامات للفريق الآخر، لم يكن أحد مستعداً للامساك بدفة البلاد أو مؤهل لإدارتها لمرحلة ما بعد الاستقلال، فقد كان خروج الإنجليز من السودان أقرب للمفاجأة لذلك لم يكن أحد يمتلك برنامجاً أو خطة تستطيع الخروج بالبلاد من مرحلة التيه التي كانت به، إلى فجر جديد واستقلال حقيقي يعبر عن تطلعات وتضحيات عامة الشعب.
وبدلاً من الالتفات لحال البلاد، دخل الجميع في صراعاتهم وتطلعاتهم الضيقة، يحكمهم أفق محدود، ومصالح طائفية وقبلية، وتطلعات حزبية وشخصية، ومساومات بين هذا الفريق وذاك حتى لو أدى ذلك لنسف التاريخ والبطولات التي قادت للاستقلال. وبينما كان وميض النار يزداد اشتعالاً، وكرة الثلج تكبر. فشلت كل المحاولات بعد الاستقلال في حل أهم مشكلات البلاد وهي مشكلة الجنوب التي كانت تكبر شيئاً فشيئاً بفعل معالجات طائشة وأفكار مستغرقة في صراعاتها الضيقة غير مبالية في البحث عن وسائل تفضي لحل المشكلة جذرياً.
ثمانية وخمسون عاماً مضت على تاريخ الاستقلال، رحل الغريب كما أراد له التني والعطبراوي، لكن بعض الغرباء، وبعض الأفكار الغريبة لا تزال حية تعيد الفشل كل مرة، وتحلينا إلى نفس المربع، وذات الوقائع. ترى متى يرحل الغرباء؟.