حفلات التخريج .. الفوضى والتهريج د. عارف عوض الركابي

حفلات التخريج .. الفوضى والتهريج د. عارف عوض الركابي


11-23-2013, 09:33 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1385238816&rn=0


Post: #1
Title: حفلات التخريج .. الفوضى والتهريج د. عارف عوض الركابي
Author: عارف عوض الركابي
Date: 11-23-2013, 09:33 PM

حفلات التخريج .. الفوضى والتهريج
د. عارف عوض الركابي

طلاب خريجون من جامعة إسلامية في بلادنا درسوا فيها خمس سنوات ، تعلموا على أيدي أساتذة و(بروفيسورات) لهم من الخبرة الطويلة في العمل الأكاديمي ، والحضور للسنوات الطويلة في ساحات العلم والمعرفة ، وميادين التربية وصناعة الأجيال !! ودرسوا مقررات الثقافة الإسلامية وهي ما يعرف بــ (المتطلبات) واختبروا ونجحوا فيها ، تخرجوا واسم (الإسلامية) في شهاداتهم وبطاقاتهم ونُحِتَ في سِيَرِهِم الذاتية .. ومع ذلك وغيره .. كان احتفال تخرجهم في صالة احتفالات .. في غناء وطرب على أنغام (سِت الدَلُّوكَة) الفنانة..... ، فطربوا ورقصوا ، وتغنوا ، وتمايلوا ، وصاحوا ، وقل غير ذلك مما يحصل في مثل هذه الحفلات..

ورثنا في مجتمعنا العظيم أمثالاً معبّرة ، منها قولهم : (السكران في مسؤولية الواعي) .. فعشنا ورأينا في سنوات قليلة أن الواعي المنتظر أن يكون له دور في الإصلاح أصبح أحد (السكارى) .. !! وهي كارثة مجتمعية تنذر بها الأحوال الراهنة في جيل شبابنا وطلابنا ..

خريجون آخرون وخريجات يجتمعون أياماً للإعداد لحفل التخرج ، ينتهي الإعداد بعمل (الحِنَّة) .. إذ تتحنن البنات ويتحنن الأولاد .. وأحياناً تقوم البنات بوضع الحنة لزملائهن !!

ويحضر الحفل بعض الآباء والأمهات وهم يشاهدون تلك المناظر المؤلمات الفاضحات ، وأُخبِرتُ أن بعض الشباب يحملون زميلاتهم على أك########م !!! أمام آبائهن ، وقل غير ذلك مما نسمع به ولا يحسن بالمقام حكايته ، فإنا لله وإنا إليه راجعون !! وأحسن الله عزاء هذا المجتمع الذي أصيب في مقتل ، فإن من مظاهر ذلك هذه الفوضى التي ضُرب بها المجتمع في ثوابته ، كيف وصل بنا الحال إلى هذه الأعمال القبيحة المنكرة ؟! وهذه المهازل التي كثر روّادها ، وقلّ منكروها .. ؟!

إذا سلّم المجتمع زمام قيادته إلى أمثال هؤلاء السفهاء من البنين والبنات فإن العقوبات العاجلة والآجلة تنتظره ، أين دور العلماء وأين دور المدرسين ؟! وأين دور الناصحين والناصحات من الطلاب والطالبات ؟! وأين دور أسر هؤلاء الطلاب والطالبات ؟! ولقد بلغنا قرار وزارة التعليم العالي في منع هذه (الجرائم) التي تقع باسم (حفلات التخريج) لكن جهات كثيرة وكليات وخريجين وخريجات كثر لم يلتزموا بذلك ، إذ لا زالت المهزلة مستمرة.. وهذه العادة الذميمة الدخيلة على المجتمع لا زال وجودها قائماً ..

لتقوم الجامعات بدراسة هذه الظاهرة وبذل ما يجب عليها مما هو جزء من واجبها ومسؤولياتها تجاه هذه الظاهرة ، وقد تكون بعض هذه التصرفات مما تعاطاه الطلاب والطلاب خلال دراستهم وداخل الحرم الجامعي !! أثناء دراسة الطلاب بالجامعة ، وقد زرت في يوم واحد قبل فترة جامعتين وأثناء وقت المحاضرات وجدت حفلات بأعلى مكبرات الصوت وقد تشككت في البداية من أن الصوت من خارج الجامعة إلا أني وجدته من وسط مبنى الجامعة ، في حفلات مختلطة وتبرج وسفور ودق وطبول وصراخ وتصفيق .. وهكذا تمر سنوات الدراسة في بعض ساحات العلم والتعليم وكثير من الطلاب والطالبات بين أركان النقاش السياسية والحفلات الغنائية ، وحالات الخلوة بين بعض الطلاب والطالبات تحت الأشجار وفي المطاعم وفي المقاعد بالممرات ، وكثير من الطالبات همها إجادة عرض الأزياء .. وأما العلم والتحصيل والبحث وتنمية ملكات البحث وتجويد التخصص فهو آخر ما يهتم به عند الكثيرين والكثيرات !! ولذلك فلماذا يا ترى يفرح هؤلاء الخريجون ، وعلى ماذا يفرح لهم أهلهم ؟!

وأما البذخ والترف ودفع الأموال في تلك الحفلات فهو جزء من حالة ازدواجية يعاميها كثيرون في مجتمعنا ، فنحن في مجتمع اشتد فقر أهله وامتلأت المستشفيات بالأطفال وغيرهم وبات كثيرون يأكلون وجبة واحدة !! وهي من الفتات .. ومع ذلك فالطالب والطالبة يدفعان الملايين لأجل إقامة تلك (الجرائم) .. المسماة زوراً (حفلات تخريج) .. ولك أن تعجب أن بعض زملائهم الذين درسوا معهم خمس أو أربع سنوات لم يتخرجوا لأنهم لم يستطيعوا توفير رسوم الدراسة ، فلو كان لهم فضلاً من مال لكان لهم إنفاقه لإخوانهم وتكون فرحتهم حينئذ فرحة حقيقية.
يا أيها الأب ويا أيتها الأم إن مسؤوليتكما ليست في توفير المال لأبنائكم ومتابعتهم في دراستهم وتوفير المسكن والطعام ودفع رسوم الدراسة فحسب !!!

إن عناية الأسر بتعليم أبنائها وتحملهم التكاليف الكثيرة في دراستهم لأجل أن يتعلموا ويتخصصوا في التخصصات بأنواعها لهو أمر تشكر عليه تلك الأسر ويدعى لها بسببه بأن يخلف الله عليهم خيراً وأن يعينهم على القيام بواجبهم تجاه أبنائهم وهو أمر يشجع عليه ، ويجب أن يشكر كلَّ من يهتم بهذه الجوانب ويبذل فيها مالاً أو وقتاً أو جهداً. فإن العلم أساس مهم في الحياة ومرتكز ضروري للتقدم والرقي في المجتمعات ، وهو من الضرورات وقد بات ذلك من المعلوم ضرورة ، وقد أصبح الصرف على التعليم يحتل المركز الأول في ميزانية كثير من الدول.لكن ! يجب على تلك الأسر وأولئك الآباء والأمهات التوازن في أمورهم ، والشمولية في نظرتهم للقيام بواجبهم تجاه أبنائهم من سيسألهم الله عنهم ، فيا ترى ما نصيب العناية بمتابعة الأبناء ؟! وما نصيب العناية بسلوكهم وأخلاقهم واهتماماتهم وأصدقائهم ؟! ما نصيب ذلك في اهتمامات الأُسر والمجتمع ؟!

لأجل الدراسة والتعليم الأكاديمي تصرف الأسر على أبنائها ولا تبالي .. بل ربما تستدين وقد تبيع ما تحتاج إليه .. وفي الدراسة الأكاديمية تتابع الأمهات قبل الآباء مذاكرة وتحصيل أبنائهم ، ويتابعون أخبارهم لكن ما نصيب العناية بمتابعة أخلاقهم وسلوكهم والتزامهم بدينهم عند بعض أولياء أمور أولئك الطلاب؟!.

كيف تحصل هذه المصائب وبالبيوت آباء وأمهات ، وبالمجتمع دعاة وقدوات ، وبالجامعات مربين ومربيات ؟! وأين دور الإعلام المناسب في مثل هذه الظواهر ؟! لقد وجد من ينكر مثل هذه الأعمال لكن ليس بحجم المصيبة وما تتضمنه هذه الحفلات من رسائل سالبة لها أثرها السييء في المجتمع.

هذه إشارة وفي نفسي التنبيه عن أمور كثيرة بهذا الصدد لكن الحر تكفيه الإشارة ، وقد رجوت بهذا الكلام المجمل نصحاً عاماً حتى يتنبه بعض من يهمهم الأمر ويأخذوا حذرهم ..
إن تربية الأبناء وتوجيههم ومتابعتهم في أحوالهم وتصحيح أخطائهم ، والعناية بهم والسؤال عنهم ، يجب أن يكون هو شغلٌ شاغلٌ ومهمةٌ عظيمة أكيدة للآباء والأمهات والمربين والمربيات ولكافة الجهات التي تحملت هذه الأمانة العظيمة ، ليعطوا هذا الأمر قدره حتى يسلم هؤلاء الشباب والشابات من الفتن التي تحيط بهم خصوصاً ، وتحيط بالمجتمع عموماً ، فإن الأمراض والأسقام (الحسية) التي تنتشر في المجتمعات إن لم تجد ما يقابلها من الدفع والعلاج والوقاية فإنها تفتك بالمجتمع كله إلا من نجّاهم الله تعالى منها ، وقد تكون الأمراض (المعنوية) وفتن الشبهات والشهوات أكثر ضرراً وبلاءً وأسرع انتشاراً وأقوى فتكاً ..

إن كل من تحمل مسؤولية فإنه يجب عليه أن يتذكر أنه إن فرّط فيها وخان أمانته فإن وعيداً عظيماً ينتظره في الحال وفي المآل ، قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) وقال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام : (ألا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فالإِمَامُ الذي على الناس رَاعٍ مَسْئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ على أَهْلِهِ بيته،وهوَ مَسْئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ...).وقال عليه الصلاة والسلام :( مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ).

*يجب على كل راعٍ أن يبحث ويجتهد ويتعلم حتى يبلغ ويدرك السبيل الذي به بعد توفيق الله تعالى يوفق لأن يؤدي أمانته ، وبه يقوم بواجبه تجاه رعيته ولا يكون غاشاً لهم .. ومن علم الله في قلبه أنه يبحث عن براءة ذمته وأداء مسؤوليته وسلامة من تحت يده فإنه سيوفقه ويسدده ويعينه برحمته وفضله .. أسأل الله أن يعيننا للقيام بما يجب علينا وأن يحفظ لنا فلذات أكبادنا ويسلمهم من كل مكروه وسوء ، وأن يجنبهم شر الفتن والفواحش ما ظهر منها وما بطن .

ولا أحتاج إلى التنبيه إلى حفلات التخريج للأطفال في رياض الأطفال التي بلغت مئات الجنيهات .. ويقام بعضها في صالات ، ويفصل لها ملبوسات بمبالغ خرافية ...!!! يا ترى ما الهدف منها ؟ وما المقصود بها ؟ وما المردود التربوي العائد لهذه الحفلات بهذا البذخ والتبذير وفي ذات الوقت يوجد في غرف العناية المركزة بالمستشفيات أطفال لا يجدون دواء بخمسين جنيها !!!

ومن لا يرحم لا يرحم .. وإنما يرحم الله من عباده الرحماء .. كما أخبر نبي الهدى والرحمة عليه الصلاة والسلام ... والله المستعان ...