إعلانات تشوه قيم المجتمع أيمن مبارك أبو الحسن

إعلانات تشوه قيم المجتمع أيمن مبارك أبو الحسن


11-23-2013, 09:09 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1385237348&rn=0


Post: #1
Title: إعلانات تشوه قيم المجتمع أيمن مبارك أبو الحسن
Author: أيمن مبارك أبو الحسن
Date: 11-23-2013, 09:09 PM

إعلانات تشوه قيم المجتمع
أيمن مبارك أبو الحسن
يجب أن نقر أولاً ان هنالك أهتماماً متزايداً بصناعة الإعلان في السودان، ويتبدى ذلك في الحجم الهائل من الإعلانات التي نتعرض لها في كل مكان، الصحف صارت تعج بالاعلانات، والإذاعات أضحت إعلاناتها أكثر من برامجها وموادها الرئيسية... الإعلانات تقابلنا في كل مكان ... في مقر العمل .. وفي المحلات التي نذهب إليها بقصد التبضع، أو الأماكن التي نرتادها بقصد الترفيه وتزجية الوقت ببعض اللهو البري... تقابلنا الاعلانات في الشوارع وعلى الأرصفة وحتى داخل منازلنا ونحن على أسرة نومنا .... باختصار هي موجودة في كل مكان. هذا الانتشار الواسع للإعلانات دليل على مدى الاهتمام الذي صار أصحاب الأعمال يولونه للإعلان كأداة مؤثرة، واقتناعهم بالمنافع التي يحققها لهم في التعريف بمنتجاتهم والترويج لها وسط شريحة المستهدفين. ولذلك تنامي نشاط الإعلان خلال السنوات الماضية في كمه ومضمونه وشموله لكافة الوسائل الإعلانية، وبدأت صناعة الإعلان في السودان تتطور من ناحية الكم، بينما كانت تنحدر للأسفل من حيث المضامين والأشكال الفنية، أو الأخلاقية بعض الأحيان، وهذا ما دعى مراراً الجمعية السودانية لحماية المستهلك، وإتحاد الصيادلة، والمجلس الطبي، بجانب جمعيات وهيئات مدنية أخرى لمناشدة السلطات المعنية للتدخل في توجيه هذا النشاط ووقف المخالفات التي أصبحت تزداد يوماً بعد آخر خاصة فيما يتعلق بالإعلانات الطبية والصحية.
صناعة الإعلان في السودان ظلت تفتقر إلى مقومات عديدة سواء من ناحية الشكل أو المضمون وهو أمر يتبدى لكل قاري ومستمع أو مشاهد للإعلانات العديدة التي يتعرضون لها، فهي فقيرة المحتوي، سيئة الإخراج، مشتتة الفكرة ، بجانب كونها بعيد كلياً عن الواقع المحلي وثقافته بسبب أن معظم هذه الإعلانات تم إنتاجها خارج البلاد بواسطة أشخاص لا يعيرون اهتماماً لثقافة الناس أو يلقون بالاً لتقاليدهم وقيمهم.
الاعلان لم يعد يقتصر على كونه صناعة تكرس لأغراض الترويج التجاري للسلع والمنتجات...وإن كان هذا الهدف الأول والأهم... لكنه أيضا أصبح فنا وثقافة تنقل قيم المجتمع المحلي، وتحاكي واقعه دون ابتزال أو تشويه لمكتسباته الثقافية. وطالما كان الحال كذلك فإن الاعلان هو مرآة لحال المجتمع يتكلم بنفس لغته، ويعبر عن إحساس الناس. إلا أن الحال يكشف عن واقع معاكس تماما، فالاعلانات التي نسمعها أو نشاهدها هي عبارة عن وافد مشوه وغزو ثقافي بعيد كل البعد عن قيمنا ومكتسباتنا الثقافية.
من الواضح أن الخلل يكمن في غياب الوعي لدى القائمين على صناعة الإعلان من منتجين ومعلنيين، ونظرتهم السطحية لهذه الصناعة عزز منها غياب تنظيمي للعلاقات التي يجب أن تسود بين أصحاب الإعلان من جهة والمعلنين ووكالات الإعلانات من جهة أخرى، وفي كافة الأحوال الضحية هو المشاهد أو المستمع وثقافته التي أصبحت تتناوشها هذه الإعلانات الخاوية ردئية المحتوى.