"الاسلاميون" أو "الإصلاحيون" كأبي براقش كل يومٍ لونه بقلم : أحمد يوسف حمد النيل

"الاسلاميون" أو "الإصلاحيون" كأبي براقش كل يومٍ لونه بقلم : أحمد يوسف حمد النيل


10-27-2013, 08:11 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1382857872&rn=1


Post: #1
Title: "الاسلاميون" أو "الإصلاحيون" كأبي براقش كل يومٍ لونه بقلم : أحمد يوسف حمد النيل
Author: أحمد يوسف حمد النيل
Date: 10-27-2013, 08:11 AM
Parent: #0

"الاسلاميون" أو "الإصلاحيون" كأبي براقش كل يومٍ لونه يتحولُ



بقلم : أحمد يوسف حمد النيل



ان أي مؤسسة لا تحترم رغبة الشعوب , من باب أولى ان يكون النفاق اقرب اليها من الصدق , و ان كانت تتلبس باسم الاسلام. هذه الصفات و للأسف تتصف بها مؤسسة تنظيمية تدّعِي انها تحكم باسم الدين. لقد فضحتها أفعالها قبل أقوالها , و اصبحت مدعاة للاستغراب. عندما خاض الاسلاميون آخر تجربة انتخابية في السودان , قبل انقلاب الانقاذ المشئوم , في اعقاب ثورة مارس/ابريل الشعبية , و بعد نتيجة الانتخابات كانوا قد خلصوا الى ان الشعب السوداني لن يصوّت لهم بقدر يجعلهم يفوزون في الانتخابات , لذا كانت البدائل التي كانوا يخططون لها منذ بدايات تكويناتهم السياسية ملحة , و أصبحت من أوليات أجندة حزبهم. فقد كان من ضمن خياراتهم انهم يخططون للسيطرة على الحكم في السودان بشتى السبل غير المشروعة , و قد حدث ذلك فعلا , فعندما ضاقوا بالديمقراطية , انقلبوا على الشرعية و خيار الشعب. فكان انقلاب 1989 و قد بصموا عليه كلهم بالعشرة , لم يتخلف منهم أحد على ذلك. فما بالهم يَتَلوّنون و ينقلبون من حالٍ الى حال؟ و الجواب على هذا السؤال يبدو واضحاً , اذ ان مؤسسة تنظيمية مثل حركة الاسلاميين (بمسمياتها الكثيرة) قد انكرت الديمقراطية على مستوى الدولة و الشعب , فمن الطبيعي ألا تقرها على مستوى الحزب. لأن الديمقراطية فيها حرية للرأي و فيها المحاسبة و فيها صدق القول و الفعل و فيها المعارضة الشرعية للحكم. و لكنهم يضيقون بكل هذه الوسائل التي تؤدي الى تحسين البيئة السياسية من أجل انجازات ترمي اليها الدولة أو الاحزاب الحاكمة.



فلنتأمل قول القائد الروحي و السياسي المهاتما غاندي : " ما يُسلبُ بالعنف لا يُحتفظ ُبه إلا بالعنف." أليس هذا القول ينطبق على قادة و أعضاء الحركة الاسلامية في السودان؟ و ان تحدّث الاصلاحيون جدلاً عن الحرية و الديمقراطية , فهذه الاحاديث لا تستعطف شعباً قد خَبِر أفاعيلهم , و الخروج والانسلاخ عن الحزب بأي شكلٍ كان , كما حدث في كل مسيرتهم في الحكم , لا يعني نزاهة المنسلخين أو المطرودين , و انما فقط تضارب المصالح أو الحسد أو الخوف من مصيرهم أمام الشعب. فقد فقدت الحركة الاسلامية أعز اعضائها خلال مسيرتها , و لم تأبه لذلك , لأن الغاية عندهم تبرر الوسيلة , و رغم انهم مشتركون في الجُرمْ بكل اعضائهم , خرج منهم من خاف على مقتنياته الشخصية , و لكنهم يرتبطون بها عاطفيا و ان وجدوا فرصة أخرى جديدة لاقتلاع نظام الحكم بالقوة فسوف لا يترددون في الخوض مع الخائضين.



فقصة الاسلاميين في حكم السودان كقصة "اليزابيث" الأولى ملكة انجلترا و كانت بروتستانتية و التي تولت مقاليد الحكم في انجلترا بعد أختها غير الشقيقة "ماري الأولى" و هي كاثوليكية. فكان الكاثوليك أخطر خصومها فقد أرادوا ان يعيدوا المذهب الكثوليكي الى رأس الدولة , و لكنها وجهت لهم ضربة حاسمة عندما القت القبض على قريبتها ملكة اسكتلندا المخلوعة "ماري ستيوارت" بعد تورطها مع بعض النافذين الكاثوليكيين في البلاط في مؤامرة لإسقاط نظام الحكم , فوجهت اليها تهمة الخيانة فاعدمتها. و كانت اليزابيث تعتنق المذهب البروتستانتي المعتدل. وتميز حكم اليزابيث بالطابع الاستبدادي. و قد واجهت جماعات البيوريتانيين (التطهيريين) , الذين انشقوا عن الحركة البروتستاتية و أخذوا يطالبون بتطبيق تشريعات أكثر تشددا. فاندلعت بعد ذلك الحرب المذهبية بين انجلترا و اسبانيا (حامية الكاثوليكية) خاصة بعد مقتل "ماري ستيوارت".

فهذه هي سمات المذهبيين في حكم أي دولة كانت , دون مراعاة رأي الشعب أو الآخر. و مهما صرّحوا أو قالوا , تبقى قناعة واحدة هي ان الشعب قد كره تجربة الاسلاميين التي عادت بالسودان لسنوات الجهل و الظلام. و مهما تفرقوا فسيأتي يوم يجتمعون فيه اذا سنحت لهم قفزة أخرى على كرسي الحكم , فستبقى الحقيقة الماثلة أمام أعين الشعب السوداني منذ ميلاد حكومتهم انهم نفعيين انتهازيين , اجتمعوا على مصالح ذاتية تخص أشخاصهم و حزبهم و افترقوا على محك مصالحهم الذاتية. و لكن الشعب السوداني يعي مصلحته و يدري كيف يقيّم أي تجربة في الحكم مهما كانت تعقيداتها , فالحكومة التي اهانت الشعب السوداني , و حاربته في ثقافته و معتقداته و سُبل عيشه و أهانت كرامته , لن تجد من الشعب السوداني الا القصاص و اتباع السُبل القانونية لاسترداد ما ضاع منه.



لا يعنينا ما قال به الاصلاحيون المنشقون عن الحركة الاسلامية , فكان عليهم ان يعتمدوا الديمقراطية في ثقافتهم و مفاهيمهم التي شذّت عن قيم المجتمع السوداني , فثقافتهم (الإنزوايية) التي انتبذوا بها ركنا قصيا عن مجتمع تربوا فيه , و فيه معتقدات أجدادهم و آبائهم. ان فلسفة الحكم الاستعلائية التي تطرح المجتمع بعيدا بكل ما يملك من تاريخ , بالتأكيد هي ضربة البداية لإعلان التمرد على جسد المجتمع و ثقافته التي هم جزءا منه. فالفشل دائما ً مقرون بالمبادرات و الابتكارات الشاذة , التي تعلن الحرب و العداء أسلوبا للتعامل و التواصل مع المحكومين. فتضخيمهم فكرة أسلمة الحكم و المجتمع التي ارتكزوا عليها فضحت فيهم ضعفا ً سياسي و إداري و ثقافي , فالمجتمع السوداني مسلم بالفطرة و رغم وجود أقليات غير مسلمة الا ان التواصل بين المجتمع السوداني لم يشهد تعقيدات يشهدها التاريخ في مجال الأديان. و استطاع المجتمع السوداني أن يدير هذا التنوع باقتدار و فطنة تدل على رسوخ المبادئ الاسلامية و غيرها من الأديان في مخيلته , و هذا المجتمع النادر من نوعه عبر بهذه السمة الى بر الأمان قبل وصول الاسلاميين الى الحكم. لكن الاسلاميون عندما فجّروا ثورتهم المزعومة كانوا قد فجروا معها رؤوس الفتنة و رسّخوا منابت الشيطان. لم تُعرف ثورة أو حكومة في السودان غير الاسلاميين أن قتّلت ابناء شعبها الذين أتت من أجلهم , و لكنهم فعلوا ذلك. فما هو دور الإصلاحيون اذاً منذ أن انقضوا على الحكم و قتلوا من أبناء الشعب و فصلوا من الخدمة و شردوا من عارضهم؟ هل لم يعرفوا ان ما فعلوه ظلم و شيء محرم؟ أم لأن القتل في بعض السوابق كان خفيا و لم يعلم به الاعلام؟ فالخوف من الله إذاً لم يكن حاضراً أم انه الغي؟ ستبقى كل هذه الأسئلة و ملايين الأسئلة حتى يجيب عليها الاسلاميون بكل صراحة , و يعترفوا بجرمهم و يتطهروا منه بالإعتذار أمام كافة الشعب السوداني , و ذلك بانصياعهم لأخلاق الشعب السوداني و بعد ذلك ليقرر الشعب ان كانوا جديرين بتجربة أخرى بحكم السودان أم لا. و ان يتأدبوا بأدب الشعب و ثقافته و يقفوا إجلالاً لهذا الشعب , ثم يقرر الشعب بعد ذلك أيخوضون انتخابات بعد ذلك أم لا , فالجواب عند الشعب و بيد الشعب.



و لكن يبقى كل ذلك افتراضا ماداموا يتعنتون في حكمهم الى آخر رمق من حكمهم. و لكن رغم فشلهم و إفسادهم قد قدموا للشعب خدمة واحدة , ألا و هي أن الشعب هذه المرة سيتسلح بالعزيمة و الإصرار على أن يتخذ القانون مجراه الطبيعي , فالأسر التي شُرد من يعولها , و الأسر التي قُتل من عز عليها , و الأسر التي حُرمت من حقوقها , و الأسر التي أفقرت و هُجّر أبناؤها ليس بالقليلة و هي تكاد تكون كل السودان ما عدا أعضاء المؤتمر الوطني و اتباعهم , فهي لن تسامح في حقوقها. و يقول الله تعالى في سورة البقرة : " وَ لَكُم فيِ القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلبَابِ لَعَلّكُم تَتَّقُونَ." (179) , فهل يعرفون أحكام القرآن أم يتفوهون بها و يحملونها كما تحمل الحمير أسفارا ً على ظهورها , فهذا ما ينتظرهم ان كانوا قوما يعدلون و يحكمون بالقسط.

فهل بعد ذلك كله نُعظِّمهم و نحترمهم مع ارتكاب كل جريمة كبيرة؟ أم نحكم عليهم بما قال الشاعر فيمن شابههم :



أن يغدروا أو يجبنوا ****** أو يبخلوا لا يحفلوا

يغدو عليك مرجلين ****** كأنهم لم يفعلوا

كأبي براقش كل ****** يومٍ لونهُ يتحولُ



حاشية :

يقول الخليل بن أحمد الفراهيدي رحمه الله : "ابي براقش هو طائر من طير البر يشبه القنفذ , أعلى ريشه أغبر , و أوسطه أسود و أحمر فإذا أهيج انتفش و تغيّر لونه." وهكذا فإن العرب تضرب بهذا الطائر المثل للمُتَلِّوِن.