يزرعون ولغيرهم ثمار ما زرعوا

يزرعون ولغيرهم ثمار ما زرعوا


07-11-2004, 01:27 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1089505638&rn=0


Post: #1
Title: يزرعون ولغيرهم ثمار ما زرعوا
Author: رفعت ميرغني عباس-القاهرة
Date: 07-11-2004, 01:27 AM



بسم الله الرحمن الرحيم
يزرعون ولغيرهم ثمار ما زرعوا
في رثاء الطاهر المبارك معلم الأجيال
رفعت ميرغني عباس*
القاهرة
لعل حزب الأمة بعد فجيعته المؤلمة في رحيل الدكتور عمر نور الدائم "شيخ
العرب" التي هذت وجدان جماهيره وقيادته الممتدة على امتداد الوطن طولا وعرضا ,
تجددت أحزانه واحزان جماهيره إثر رحيل المعلم الطاهر المبارك أحمد أحد قيادات
حزب الأمة بالإقليم الأوسط .
والطاهر المبارك لمن لا يعرفونه هو : -
· من مواليد الكاملين بالإقليم الأوسط
· خريج معهد بخت الرضا أيام ازدهارها .
· خريج اكسفورد والتي درس فيها العلوم التربوية حيث عاد منها شابا فتياُ
سودانياً غيوراً لم تزده سنوات الغربة إلا إحساسا فياضا بالانتماء لوطنه .
· عمل فقيدنا معلما بوزارة التربية والتعليم وتدرج فيها إلى أن وصل إلى درجة
مدير المرحلة المتوسطة بمحافظة الكاملين .
· إبان عهد الديموقراطية الثالثة تم ترشيحه لمنصب وزير التربية والتعليم
بالإقليم الأوسط وكان التنافس على اشده بينه والأستاذ مخير الطاهر على ولعل في
ذلك قصة رواها لي عنه الأخ السعودي بابكر بدري وقد كنا وقتذاك فى حديث عن
الأستاذ الطاهر المبارك فقال لي : ( الطاهر المبارك هذا تجسيدا حياً للآية
الكريمة _ " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " ) فالأستاذ الطاهر المبارك
عندما علم بان التنافس صار بينه ورفيقه مخير سارع إلى الاتصال بالبروفيسور
مبارك على كرار وطلب لقائه فزاره فى منزله حيث طلب منه أن يبلغ تحياته وشكره
للدكتور عمر نور الدائم طالبا سحب اسمه من الترشيح للمنصب , قائلا: لا حاجه لي
بمناصب رسمية والحقيقة انه كان يخشي حرجا تجاه الأستاذ مخير والأهل بالمذموم
ولعله أراد أن يحافظ على وحده كيان حزب الأمة بالأقاليم الأوسط وكان له ما أراد
.
· كان فقيدنا أبا للصغير وأخا للكبير فخرجت أبوته عن إطارها التقليدي إلى إطار
ارحب , كان يحترم فيه عقول الشباب ويناصرهم فيما ذهبوا إليه من رأي .
كنت وزملائي من طلاب حزب الأمة بالكاملين ما أن أردنا فعل أمر ذهبنا اليه
واستشرناه فكان يرد علينا كالمعتاد بقوله : ما حك جلدك مثل ظفرك قرروا ما شئتم
واطلبوا مني ما تحتاجون . فقد أراد أن يغرس في جيلنا بزرة المسئولية وحرية
الإرادة وعدم الركون الي السلبية ورهن الإرادة الى الوصايا .
· كنا عندما نختلف في أمر نرده اليه فيقول : ( لولا اختلاف الآراء لاختلط
الناس حابلهم بنابلهم , فالخلاف في ذاته ليس عيبا والعيب فيه أن يدار بأسلوب
يخلف مشاعر الكراهية والبغضاء بين الناس فحاولوا دوما أن تعتدلوا فى خلافاتكم
وكونوا حريصين على ألا تنشروا غسيلكم للآخرين ).
· كان رجلاً مهذبا متسامحا حلو المعشر يلهج شهداً وكان في قوله الحكمه لمن
أرادها كان يحترم الإنسان لكونه إنسانا دون نظرة الي معيار غير الإنسانية .
· أتخذ فقيدنا موقفا معاديا للشمولية والشموليين ولكنه علي الرغم من ذلك كان
يحتفظ بالقدر الممكن من العلاقات الإنسانية مع خصومه.
· كان فقيدنا مرجعا فى التاريخ عالما متبحرا فيه ومرجعا فى الأنساب , امتدت
علاقاته لتشمل كافة قري ومدن وأرياف الإقليم الأوسط وغيره من مدن السودان
الأخرى.
· كان قلبه مفتوحاً للجميع قبل داره التي لا توصد أبوابها ....... مضيافاً
يقابلك ببشاشته المعهودة مبتسما فى احلك المواقف .
· أتخذ فى علاقاته برفاقه وأحبابه أسلوبا فريداً حرص فيه على الاحتفاظ بشعره
معاوية سليمة فكان تجسيدا لقول الشاعر :
إن أخا الهيجاء من كان معك
ومن يضر نفسه لينفعك
ومن إذا ابصر أمرا أفزعك
شتت شمله فيك ليجمعك
سيدي الطاهر المبارك ....... سنظل مستمسكين بعروتنا الوثقي وسنظل على عهدنا معك
حافظين لمبادئ كياننا العريق فان كنت قد رحلت عن دنيانا فان ذكراك سوف تبقي
فينا بوصلة توجهنا الي مسالك ودروب الحرية والديموقراطية ......سوف تبقي فينا
سراجاً منيراً فى لجة الظلمات وروحا ملهمه فبهواك فينا سوف نحصد ما زرعته خيراً
دافقاً وسوف نبني ما ساهمت فى التأسيس له حصناً منيعا .
سيدي الطاهر المبارك ....... ظروف الغربة والبعاد حكمت علي بمعرفة نبأ وفاتك
المؤلم مؤخراً ....... ففيك اعزي أسرتك الكبيرة متمثلة فى جماهير الأنصار
وجماهير حزب الأمة قاطبة ? أعلام التربية والتعليم ? أسرتك المتوسطة متمثلة
فى الأهل والأحباب فى الكاملين وما حولها من القري والأرياف ? أسرتك الصغيرة
متمثلة فى اهلك ? أبنائك وآل المبارك وآل إبراهيم احمد وآل الحاج ميرغني نبق .
أستاذي الفاضل .... مهما كتبت فيك أو تحدثت عنك سأظل عاجزا عن حصر مآثرك فحسبي
أن أقول لك الرحمة والغفران من عند الله , فإلى جنات الخلد ? إلى عليين مع
الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقاً).
سنظل نحيا على ذكراك مادام فى العمر بقية
ولا حول ولا قوة إلا بالله.




ُ* الأمين العام لطلاب حزب الأمة القومي
بجمهورية مصر العربية