ريتشارد والبوصلة الإحترافية

ريتشارد والبوصلة الإحترافية


06-21-2004, 08:41 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1087846896&rn=0


Post: #1
Title: ريتشارد والبوصلة الإحترافية
Author: صلاح شكــــوكو
Date: 06-21-2004, 08:41 PM

ريتشارد والبوصلة الإحترافية

صلاح محمد عبد الدائم ( شكوكو )

تحولت أنظار المتابعين فجأةً عن قضية إنصرافية داخلية ظرفية .. حدثت لأحد لاعبي منتخبنا القومي .. إلى قضية أخرى هي قضية اللاعب ريتشارد جاستين الذي تناقلت الأنباء إلينا أنه قد وقع عـــقداً إحترافياً مع نادي الإسماعيلي المصري . والمعروف أن اللاعب ( ريتشارد جاستين ) قد بدأ مشوره الرياضي من أدنى درجات السلم مرتقياً عتباته خطوةً خطوة .. فقــد كان احــد أعمــدة منتخبنا القومي للناشئين وهو بنادي الإمتداد بالدرجة الثالثة ووقتها شارك بدورات نادي الوحــدة الإماراتي ثم إنطلق بعدها بقــوة ليفرض نفسه في الساحة الرياضية حتى أصبــح أحد نجــوم الهلال و أحــــد ركائز منتخبنا القــــومي .

ورغـــــم أن أمـــر الإنتقال من الهــــلال الى الإسماعيلي يعدُ خطـــوة مباركة له ولناديه الهلال الذي أحســـن قراءة الواقــع والظـــروف على المــدى البعيد .. إلا أننا نرى أن دور النادي تجاه سفيره الجـــديد لم ينته بعد .. فأمام الهلال الآن دور جديد يتمــثل في تهيئة اللاعب للمرحلة الجـــديدة .. وهو دور يختلف كليــة عن دوره السابق .. فاللاعب موغل في المحليــة والانغــلاق ويحتاج إلى تهيئــة سريعة تتيــــح له المــقدرة على فهـــــم الظــــروف الجـــديدة له كمحترف .

اللاعب السوداني بطبعه لاعب غير مؤسس .. وهنا لا نقصد التأسيس في المستوى الشخصي اللاعب .. بل نقصد قضية أخرى تحدثنا فيها كثيراً .. وهي أن اللاعب السوداني ليست لديه ( ثقافة إحترافية ) بل يعتبر غير مدرك لواقع الإحتراف ومكنونه مما يجعله لاعباً غير مهيأ لهذا الدور بصورة عامة … ذلك أن الخـــروج من دائرة المحليـــة ذات الإلف الخاص المقرون بعشوائية الأداء يحتاج الى جهـــــد كبـــــير جــــــــداً .

وواقعنا هذا مستمد من اللامنهجية واللا مؤسسية السائدة عندنا .. والتي أفــرزت لنا الكثير من الممارسات السالبة ذلك أن النتائج تتوافق دائماً مع المقدمات .. وهــذا الواقــع كما نعلــم أفــرز عندنا الكثير من المفـــاهيم الخاطئة التي نعتنقها ويصعب الفكاك منها ... لكن خطورتها تكمن في أن اللاعبين أيضاً قد آمنوا بها مما جعلــها ثقافة شائعة وهي شكل من أشكال (( التهريج )) أو دعــونا نسميها نوعــاً من ( اللعب ) والترفيــه .. بينما نجــد أن الرياضة قد تحولت من نشاط ترفيهي إلى رحاب الاستثمار والمنهجية العلمية حتى أصبحت الرياضة صناعة تبحث عن عامل ماهر له درجة عالـــية من الكــفاءة الاستيعابية أولاً .. ثم له القــدرة ثانياً في المشاركة بإيجابية في العملية التصنيعية حتى يصادف النجــاح المأمول .

و اللاعب المحترف مهما كانت مميزاته الذاتية عالية فإنه يجب أن يسخر هذه الملكات الإبداعية في خدمة المجموعة وأن يتفاعل معها بقدر كبير ليحقق النجاح والإستمرار .. وأن لا يستأثر بها لديه .. فمثلاً اللاعب (( ريتشارد )) لديه ثقة كبيرة في نفسه لدرجةٍ تزيد عن اللزوم في أحايين كثيرة .. وهذا سلوك طيب إذا كان في حـــد الإعتدال لكن الإفـــراط فيه قد يحـــوله الى سلوك ســالب .. ممــا يجل ذلك خصمــاً عليــه في دنيا الاحـــتراف .

ومن هنا فإننا نأمل أن يتفهم اللاعب أن دوره الجديد يتطلب منه كذلك أن يتفرغ تماماً إلى عالمه الاحترافي كلاعب كرة قدم من الدرجة الأولى وأن لا يشغله أي هم آخر إلا العمل على المحافظة على حسن أداءه والعمل الجاد لتطوير قدراته الذاتية والتكتيكية .. وتبني سياسة جــــديدة بل نمطاً جـــديداً من الحـــياة التفاعلية المتخصصة كمحترف قوامـــها النظام والبرمجـــة الشخصــية .

والشيء الإيجابي في الموضوع أن احتراف اللاعب (( ريتشارد ) قد جاء في غير ناديي الأهلي والزمالك ذلك أنهما ناديين مواجهان بعدة تيارات ضاغطة قوية كانت آثارها ستــطال اللاعب وربما كانت لن تمكنه من فرصة التأقلم بالقدر الكافي في وسط مليء بالعواصف والأعاصير والزوابع أحيـــاناً .

لكنـــه .. أي اللاعب أمامـــه مهمة أخرى ليست بالعسيرة فهو مطالب بتغيير الصورة السالبة لتجربة اللاعب السابق أنس النور صاحب الإمكانات والقدرات الأدائية الرفيعة والذي لم يكتب له النجاح .. بل يعتر أنس مثالاً حياً و نموذجاً واقعيا نستشهد به هنا حيث لم يستطيع تسخير إمكانياته العالية في مشواره الاحترافي .. لتعامله مع الاحتراف بذات العقلية المحلية التي كانت تحيط به في السودان .. والأمثلة في هذا المجال لا حصر لها فها هو جيمس لاعب بيت المال ثم الهلال والمحترف (( اسما )) في نادي بني ياس الإماراتي .. فمازال هذا اللاعب الشاب الوديع تائهاً حول نفسه غير قادر على تحديد بوصلته .. رغم أن أبواب المنتخب القومي مفتوحة له وقتما شاء .. بل أن المريخ يفكر جدياً في تسجيله كلاعب محلي عاد من دنيا الإحتراف إلى عرين المحلية التي هي سلوك عادي نتوه فيه جميعاً .. ولا تتكشف فيه عوراتنا .

هنا تستحضرني واقعة طريفة .. كنت قد زرت القاهرة وأنا لاعب في نادي الموردة للعلاج من إصابة في الركبة وأحمل في معيتي خطاباً إلى رئيس نادي الزمالك الأستاذ / أحمد حسن حلمي وكان وقتها الأخ الصديق الفنان اللاعب الرشيد المهدية محترفاً في صفوف نادي الزمالك .. وحينما استقبلني حلمي .. دار بيننا حديث ودي سألني خلاله بذات العبارة :- (( هو الرشيد دا مالو ؟؟ برغم الموهبة الكبيرة دي و التحكم العالي دا والفكر الكروي الهائل دا والسحر الكروي الكبير دا .. مش راضي يتمرن تمارين لياقة ‍ليه .. يعني بيحب يتمرن كوره وبس هو بيعمل كده ليه )) ؟؟

ترى ما الذي يمكن أن يضيفه الرشيد لريتشارد في تجربته الاحترافية هذه وهو بخبرتة في المترك المصري .. والآن بعد هذا التأهيل العالي في مجال صناعة كرة القدم ؟؟ آمل أن يتمكن الوطن من الاستفادة من قدراتك بالقدر الكافي أخي الرشيد .. ودعن أسأل .. الى متى ستظل تحملُ عصا الترحال بعيداً عن الوطــــن ؟؟؟

لقطــــــــات :-

• نحجم عن إطلاق لقب ( قلب الأسد ) على اللاعب ريتشارد نسبة لأن ريتشارد قلب الأسد هذا قائد صليبي وضع له تمثال أمام مبنى البرلمان الإنجليزي تخليداً لحروبه ضد المسلمين ...
• قضية الشعلة غطت على خبر وصول الشعلة الأولمبية إلى القاهرة .. ترى أيهما كانت أولى بالاهتمام ؟؟ حدث يشكل تظاهرة رياضية له عدة دلالات إيجابية أم حدث آخر ليست له أي دلالات إيجابية ؟؟ .
• وصلت معدات نادي المريخ .. هذه الإنارة أليست الإضافة جديرة باحتفال يضيء حي العرضة وما جاورها حتى إستاد الهلال ؟؟ كم سيكون جميلاً لو شارك الهلال مهرجان الافتتاح تضامناً مع توأم روحه المريخ … ويا ليت المـــوردة تأتي كضلـــع ثالث في المــــثلث .
• بعض الظرفاء علقوا على نشـــر المشاهير لبعض الصور الكاريكاتيرية لي قائلين (( إنت عايز تكّوش على كل حاجه )) ؟؟ ولهـــم نقــول المشاهير هي الصحيفة الوحيــدة التي تفتـــح ذراعيها لكل صاحب فكر ورأي وموهبــة .. ونحــن فقــط نبرهن على ذلك .. وهاهي المشاهير تجمــع شتات الســـودانيين في أرجاء المعمورة حول مـــائدة الوطن .. دون النظر إلى اللون الرياضي .
• الأخ الرائع خـــالد عز الدين إحتجب عمـــودك الرائع (( بدون حجاب )) من واجهة المشاهير .. في وقت نحن فيه أحوج إلى صوتك وحرفك .. فأنت صاحب قلم متميز .. وحضور كبير .
• صهيب المحسي .. رجل تملأ جوانحة نفحة من طيب أهلنا في السودان . . إلتقيته عبر الحروف ( الماسنجرية ) في معية إبن حينا البار محمد عثمان أحمد .. نِعمْ القرين والمقارن والإقتداء .. جيل يختزن الكثير ويُرجى منه هذا الكثير .
• إن كان الحديث حول منتخبنا القومي من فضة فإن السكوت عنه من ذهب ..

رأيت الناس قد ذهبوا الى من عـنده ذهبُ
ومن لا عــنده ذهب عنه الناس قد ذهبوا

رأيت الناس إنفضوا الى مـــن عنده فــضُ
ومن لا عـــنده فـــضُ عنه الناس إنفضوا

رأيت الناس قد مـــالوا الى من عنده مال
ومن لا عــــنده مـــــال عنه الناس قد مالوا
----------------------

والى لقـــاء قريب من الــوطن




صلاح الدين محمد عبد الدائم
( شكوكو ) [email protected]