عفــــــوا رانـــــــيا ......... وألف معــــــذرة

عفــــــوا رانـــــــيا ......... وألف معــــــذرة


06-10-2004, 05:50 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1086843052&rn=1


Post: #1
Title: عفــــــوا رانـــــــيا ......... وألف معــــــذرة
Author: خضر عطا المنان-الدنمارك
Date: 06-10-2004, 05:50 AM
Parent: #0

تذكرة أولى

المشهد السياسي السوداني الحالي أشبه بلوحة سريالية لا متعددة الزوايا والألوان ومتداخلة الخطوط فحسب وأنما مطموسة المعالم صاغتها ريشة هاو مصاب بعمي الألوان .ْء

أنه جانب من المشهد الذي تسعى حكومة عمر البشير وبصحبتها حركة قرنق أن تكونان في أطاره وحدهما لا المؤلف والمخرج والممثل فحسب وأنما جمهور الحضور أيضا .. وكأنما لا يوجد سواهما قط في بلد مكبلة كلتا يديه بحالة طوارئ أمتد أمدها منذ 13/12/ 1993 وتم تجديدها نهار 30/12/2003 للميلاد .. أنه بلد بحجم قارة يقطنه فوق الثلاثين نفس من البشر .. كل ذلك تجري فصوله فيما النار تشتعل في ثياب وأجساد وأرض وسماء اهلنا في دارفور الحبيبة وقد تشرد منهم من تشرد ويكابد من بقي منهم على قيد الحياة .ء

تذكرة ثانية

رانيا ... رانيا شابة أبنوسة .. كل شيئ فيها سوداني سوداني .. ذات ملمح من أي زاوية أتيته يشي اليك بأنها وردة مقتلعة من أرض بلد أسمه السودان .. فتاة مملتئة حيوية .. تنضح عيونها بذكاء فطري وطموح بلا حدود .. تنحدر من صلب أبوين كريمين .. أب بحجم قارة سمراء .. وأم تفوح من حروف سطورها رائحة الجروف وعرق كل الكادحين من أهلي ملح الأرض صناع الحياة .. كما يقول أبن قريتي العملاق وشاعر الغلابة الراحل اسماعيل حسن .. رحمة الله عليه .ء

في صيف عام 1997وباحدى صالات مطار القاهرة الدولي التقيتها مصادفة .. أنا القادم من أقاصي دول الشمال الأوروبي .. وهي الآتية من أقصى جنوب القارة السمراء ( بلد مانديلا العظيم ) .. تحرك بداخلي فضول كبير أن أسألها ـ ونحن نتجاذب أطراف الحديث معا ـ لماذا جنوب أفريقيا بالذات وليس أي بلد أوروبي أو أميركي مثلا ؟ .. ولكني لم أشأ أن أسألها وما ذلك الا لأنني ببساطة علمت منها أنها أبنة ذلكم المترع بحب أفريقيا والخادم الأمين لها والناطق بأسمها من بورسعيد شمالا وحتى مدينة الكاب جنوبا .ء
ونحن نتمشى الهوينا داخل تلك الصالة ـ وكل منا ينتظر طائره الميمون ليقله حيث مهجره ـ حكت لي رانيا ـ وبلهجة مفعمة بالأمل والأماني ـ عن طموحاتها المستقبلية وكيف أنها تحلم بحياة عملية في السودان عقب تخرجها من احدى جامعات الكيب تاون .. الا أنها تنوي أولا اكمال دراساتها العليا بعاصمة الضباب حيث يقيم شقيقها .ء

تولت الكروت الأنيقة مهمة التواصل بين وبينها .. لم يخلو كرت منها من معلومة أدبية أو ثقافية قادمة من أرض الوطن الذي أنام وأصحو على وقع خطاه عند بابي محييا ومجيبا . وقد كان لحروفها وقع مؤثر على نفسي ونهكهة خاصة .. كانت حروف هي أشبه بفراشات ملونة تحوم في سماواتي تتغني بالكثير من الجديد من وطني المجلل أدبا وفنا وثقافة وتاريخا وتراثا .ء
وفي أحد الكروت الأنيقة سماوية اللون تزينها أسراب طيور البطريق وصلني منها في اكتوبر من نفس ذلك العام
أخبرتني رانيا ـ و بأحرف تفيض افتخارا ومسرة ـ بأن والدها العزيز قد حاز ـ قبل نحو اسبوع من تاريخ ذلك الكرت ـ على جائزة الفن والعلم والأدب في السودان.. ويومها هاتفتها في جامعتها بمدينة الكاب مهنئا ومرسلا من خلالها سلامي واعتزازي لوالدها الكريم .. مفخرة الكثيرين من السودانيين ـ وأنا واحد منهم .ء


تذكرة ثالثة

فرحة رانيا النابضة بالحياة ربما أصيبت بسكتة قلبية مؤخرا ـ رغم مرور السنين على ذلك الحدث ـ حينما اقتيد والدها ـ السامق كما نخيل أهلي في الشمال ـ من داخل مكتبه بمقر احدى صحف الخرطوم وفي سيارة مخصصة لنقل عتاة المجرمين لتقله الى مباني نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة !!!!! .ء
أنه لأمر مخجل حقا .. ليس بحق رانيا فقط .. و أنما بحق كل من يعرف قامة الرجل وتابع مسيرة حياته .. وأنا هنا أمد يدي معتذرا ومنتكسا اليك يا رانيا .. لا بل لكل من يعرف قيمة رسل الحرف والكلمة في هذا الزمان الأميركي ـ الشاروني الردئ .ء
هكذا توقف أستاذنا الدكتور أبراهيم دقش عن ( العبور لسبيله ) ليعبر سبيلا آخر غير هذا السبيل !!!! .. وذلك بعد أن تعرض للاهانة من قبل سلطات ربما لا يعرف أفرادها من أنت يا دكتور ومن تكون .. الله وحده أعلم .. أما ان كانوا يعرفون فالمصيبة أكبر والفضيحة أفدح ..ء
ولكن لماذا يا دكتور هذا الذي جرى ؟؟ ولمصلحة من ؟و هل يتماشى ذلك حقا مع أجواء السلام الذي بشّرتنا به حكومة عمر البشير ؟؟ هل بالفعل قررت التوقف يا ( عابر سبيل ) عن الكتابة ؟ اذن هل لك أن تعلمنا كيف تعيش سمكة خارج الماء!!!!!! الا أن الأمر الذي يبدو أكثر غرابة حقا هو أن هذا التصرف غير المسؤول وفي هذا الظرف الذي يمر به بلد منكوب بأهله .. جاء في وقت حسم فيه الجدل البيزنطي الطويل بشأن القانون الجديد للصحافة والمطبوعات في السودان وذلك عبر هيئة يفترض أن تحترم كلمتها .. أعني بها ما يعرف بالــ ( المجلس الوطني ) .ء

تذكرة أخيرة

سؤال برئ جدا : أين أنتم ياأهل الرأي ؟؟ واين أنتم أيضا يا رسل الحرف والكلمة مما حدث لعملاق القارة السمراء والذي ظل ناطقا باسمها لأكثر من ربع قرن من الزمان ويعيش حاليا بينكم وعلى ذات التراب التي تعيشون عليها .. أرض السودان الجديد ( المنتظر !!!!!).ء

لك الله يا وطني

خضر عطا المنان
كوبنهاجن
الدنمارك