لمن لا يهمه الأمر/نعم.. شارع عبد الرحمن مختار

لمن لا يهمه الأمر/نعم.. شارع عبد الرحمن مختار


05-12-2004, 01:44 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1084322651&rn=0


Post: #1
Title: لمن لا يهمه الأمر/نعم.. شارع عبد الرحمن مختار
Author: إيهـاب خيـري-أبوظبي
Date: 05-12-2004, 01:44 AM

بأحرف تمزج الفخر بالحسرة، كتبت لبنى أحمد حسين في عمودها "كلام رجال" ( الصحافة 2 مايو 2004) عن زوجها الصحافي المخضرم عبد الرحمن مختار. ما يهمني في كتابتها الإشارة إلى أن مدينة "الصحافة"، جنوبي الخرطوم، لم تطلق اسمه على أحد شوارعها.
نعم.. الأستاذ عبد الرحمن مختار يستحق أن يطلق اسمه على شارع في مدينة الصحافة. ما يدفعني للتضامن مع الأستاذة لبنى في دعوتها أو "حسرتها العلنية" لا علاقة له بتمجيد عبد الرحمن مختار، فلست من هواة صناعة الأصنام والأساطير ولم أفهم إلى الآن كلمة "رمز" الرائجة، وأختلف مع الكثير من رؤى وتوجهات أستاذنا عبد الرحمن مختار، الذي لا أعرفه شخصياً، وكان من المؤمل أن أجري معه حواراً صحافياً إبان زيارته إلى أبوظبي مؤخراً، ولظروف قاهرة لم أتمكن من ذلك.
أسبابي مختلفة..
باعتباري من أبناء "الصحافة" الحي، روى لنا آباؤنا أنه في منتصف ستينيات القرن العشرين، تلاعب السياسيون – كما يفعلون كثيراً- بأحلام أبناء الطبقة الوسطى (في تلك الفترة كان هناك "ديناصورات" ينتمون لما يسمى بالطبقة الوسطى) الساعين للحصول على قطع أراضي في "الخرطوم عموم" لبناء منازل تأويهم وعائلاتهم.
تبنت "الصحافة"، قضيتهم، وانتدبت الأستاذ سيد أحمد خليفة، المحرر فيها آنذاك لمتابعة القضية. وعندما انتهت المماطلة، نزع أبناء الحي اللافتة التي وضعتها السلطات، وتسمي بها مدينتهم امتداد الدرجة الثالثة (تبدأ مربعات الصحافة بمربع 14، أي أنها تتمة لمربعات امتداد الدرجة الثالثة، التي تنتهي بمربع 13) وأطلقوا على مدينتهم اسم الصحيفة التي تبنت قضيتهم:
"الصحافة"، وروى الأستاذ سيد أحمد خليفة– إبان حملته الانتخابية للجمعية التأسيسة في دائرة الصحافة 1986- أنهم طالبوا بتخصيص قطعة أرض له في الحي، وقد كان.
مغزى الحكاية بالنسبة لي، ليس حصول والدي مع غيره من "ديناصورات الطبقة الوسطى"، على قطعة أرض ومن ثم بناء مسكن يأوينا إلى يومنا هذا، والدعوة إلى إطلاق اسم عبد الرحمن مختار على أحد شوارع "الصحافة" ليس مجرد رد دين، وإن كان الدين ما يزال معلقاً على رقابنا.
من يتأمل الحكاية، يلاحظ أن هناك جانباً مهماً تضاءل الآن في حياتنا: أقصد تأثير الصحافة، المهنة وليس الصحيفة، على الرأي العام، والسلطة. وهناك توجه في الصحافة السائدة حالياً للتركيز على الخبر والتحقيق السياسي البحت، بل البروتوكولي( أي أخبار استقبل سعادته وودع وصافح وزار) والرأي والأعمدة، التي تنافس أكشاك بيع الصحف عدداً، على حساب الاجتماعي والإنساني.
عدم الاهتمام الكافي بالمواضيع والتحقيقات التي تمس الناس مباشرة، من العوامل التي تبعد الناس عن الصحافة، ويبعدها عن التأثير في حياتهم.
هل قرأت مؤخراً خبراً عن حالة إنسانية في الصفحة الأولى من صحفنا السيارة؟ هل نُشرت صورة لشخصية غير معروفة إعلامياً قامت بإنجاز ما، أو " مصيبة" ما، أو حادثة ما، سارة أو غير سارة، في الصفحة الأولى مع خبر؟ هناك الكثير من الأمثلة التي لم تهتم بها صحفنا، التي أتابعها عبر شبكة الانترنت منها مثلاً المعمر السوداني، الذي توفي مؤخراً في الجزيرة، ويقول الخبر المنشور بإيجاز أنه تجاوز الـ150 من عمره. وهناك الأم التي أنجبت 16 ابناً كلهم توائم ( على ثمانية دفعات)، والرجل السبعيني الذي قتل ابنه لأنه تأخر في العودة، والباحثة السودانية التي تعمل ضمن مشروع ناسا لاكتشاف المريخ...
تلك من الجوانب التي أزعم أن أستاذنا عبد الرحمن مختار التقطها من الصحافة الأميركية، خاصة أنه درس لبعض الوقت في جامعة كولومبيا، كما فعل مصطفى وعلي أمين، وبرزت في أسلوب "أخبار اليوم" المصرية، و"الصحافة" السودانية قبل تأميم الصحيفتين هنا وهناك، واستمر بعده بدرجات متفاوتة أيضاً. ورغم بعض التحقيقات والمتابعات الميدانية المميزة، التي أتابعها على موقعي " الصحافة" و"الرأي العام" على الانترنت، فما يزال الاهتمام بهذه الجوانب ضعيفاً.
لهذا وذاك، أرفع صوتي عالياً مع لبنى، وآخرين ليكون "كلام رجال ونسوان"، يطالبون بإطلاق اسم عبد الرحمن مختار على أحد شوارع مدينة الصحافة، وأقترح الشارع الممتد من جامعة أفريقيا العالمية إلى نهاية حي الصحافة، والمار بالسوق المحلي، ومدينة الزكاة.
إن تكرمت السلطات فليكن.. وإن لم تتكرم فيقم أبناء الصحافة بإطلاق الاسم عليه، ونزع أي لافتة أخرى، إذا كان للشارع اسم رسمي لا علاقة له بمن لعبوا دوراً في تاريخ مدينتهم، كما فعلوا قبل أكثر من ثلاثين عاماً.

إيهـاب خيـري
[email protected]
إيهاب خيري
محرر صحافي، الاتحاد
أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة

3 مايو 2004