العــــــود و الظـــــــل

( صلاح شكوكو )
لن يستقيم الظل والعود أعوج .. هو قانون ومنطق ونتيجة .. هو قناعة وحقيقة .. مثلٌ توصلت اليه البصيرة الإنسانية من واقع الحياة و! المشاهدة البسيطة منذ الإنسان الأول فأصبحت قانونا أزلياً .
و ما تعانيه فرقنا القومية والأندية في خروجها المبكر من المنافسات الإقليمية و القارية ماهو الا نتيجة طبيعية للخلل الكبير الذي يعتري الممارسة الرياضية في سوداننا الحبيب .
والحمد لله أننا متفقون و مجمعون تقريباً على أن هناك خللاً ما يعتري هذه الممارسة مما يجعل الإخفاق نتيجة طبيعية ومنطقية لمقدمة متعثرة .. بناء على قانون النتائج تأتي متوافقة مع المقدمات .
لكن المعضلة التي تواجهنا هي اننا جزء من حالة الدوران العام بحيث اننا ندور مع هذا الدوران .. وبالتالي فإننا لن نستطيع أن نحدد بواطن الخلل لنتمكن من المعالجة .. إلا إذا توقف الدوران أو بعدنا تماماًً عن هذا الدوران بحيث لا نكون جزءً منه ومن تأثيره .
من جانب آخر نحن موغلون في الظرفية الزمانية .. وهي معايشة الأحداث الى درجة الإستغراق .. فما من قضية الا ونرمي فيها بكل متاعنا حتى نجد انفسنا بعد برهة بعيدين عن الشاطيء وسبل النجاة .. فيصبح العوم ضرورة لازمة ولابد منها .
وقضية الهلال ومحترفيه اظنها خير شاهد على ذلك فقد أهدرنا فيها من الوقت والطاقة والإنفعال أكثر مما ينبغي .. ربما لأن عنصر الوقت عندنا لا قيمة له حتى أصبحت قضايانا كلها جدلية إفلاطونية لا قرار لها ... وهذا الموضوع يذكرني بموضوع آخر لا يخلو من الطرفة :-
(( يُقال أن قطاراً تأخرت عن موعده نصف ساعة .. مما حدا بوزير المواصلات الأمريكي لأن يقدم إستقالته .. بينما لو تأخر سائق القطار عندنا أياما فإننا نصرف له مكافأة بدل عمل إضافي over time ) ) .. ويب! قى السؤال ما المبرر الذي يجعل هذا السائق يصل في موعده ؟؟؟ )) الناس في بلادي يتثائبون في الطرقات والزمن يتسرب من بين أصابعهم و أنا واحد منهم .
تصوروا معي إخوتي ما الذي يمكن أن يحدث لو أننا رغم ظروفنا هذه قد تجاوزنا الفرق القوية المختلفة و أن أنديتنا التعيسة قد تصدرت منافستها الإقليمية .. معنى ذلك أننا سنورثُ قبحاً في الوجود .. وسنلغي من الدنيا قانون الإجتهاد .. ولن نستغرب أن ينجح التلميذ الفاشل فيدخل الجامعة .. أو أن ينتصر السودان على البرازيل ..
صحيح أن ذلك يمكن أن يحدث في عالم كرة القدم لكنه ليس بقانون ثابت تجري عليه سنة الكون .. إذ يمكن لذلك أن يحدث مرةً أو مصادفةً لكنه لن يكون قاعدةً ثابتةً يعتد بها ..! . ذلك أن النجاح قرين بالتخطيط و العمل والإجتهاد ... فلو قُدر لكل الفاشلين أن يدركوا النجاح فإن عجلة الكون ستختل و ميزان العدل سينهار .. وقتها سيختلط الحابل بالنابل ويختلف اتجاه الدوران ... ويصاب الكون بالدوار .. الذي نحن فيه الآن .!
نحن حينما نحلم مستيقظين ينبغى لنا أن ندرك أن ذلك كان حلماً .. لأن الأحلام محلها الخيال والخيال ملكة ومنحة إلهية للسباحة الحرة في ملكوت الخالق وقد يتسع هذا الخيال وقد يضيق أفقه وفق الملكات العقلية ! والثقافية للإنسان . . . لكن هذه السياحة المجانية سرعان ما تصطدم مع الواقع مما يجعلنا نستيقظ مدركين آجلاً أم عاجلاً .
وللأسف الشديد نحن لا نستيقظ بالقدر الكامل ولا نصل الى درجة الإتزان والسكون .. لأن كل موضوع&n! bsp; جديد يطرح في الساحة .. نبدأ الدوران معه من جديد وهكذا دواليك تتقاذفنا محطة الى أُخرى وموجة تلو موجة .
هناك قاعدة ذهبية تطبق في شتى مناحي الحياة وهي تقول :- إن لم تكن متكافئاً مع خصمك فابحث عن الروح القتالية .. ومن اين نجد هذه الروح في واقع مهزوم ؟؟ يقولون ان الإعلام يمكن أن يقوم بهذا الدور .. ولكن أين نجد الإعلام التي يعرف واجبه ويدرك حجم المسئولية ؟؟

هذا هو السؤال الذي نبحث له عن إجابة ؟؟

وهذا هو العود الأعوج .. وواقنا هو الظل .. إننا في معركة حقيقية بين الظل&nb! sp; والعود .. وأخشى أن يدخل ( الكمان ) طرفا فيها فينحاز لقريبه العود .. !!!!!!
اللاعب عندنا مهزوم من الداخل .. ونحن لا شأن لنا بالداخل نختار عناصر منتخباتنا القومية دونما تمحيص أو دراسة فاللاعب عندنا قد جاء قافزاً الحواجز من الأندية الدنيا لاندية المقدمة ثم يفتح الله عليه بهدف طا! ئش فيجد نفسه بالمنتخب القومي في غفلة من الزمن .. وفجأة يجد نفسه شخصا سيادياً يعزف له السلام الجمهوري بينما هو لا يحفظ كلماته .
نحن في حاجة ماسة الى وقفة جادة وواقعية نتأمل فيها حالنا ومآلنا .. نحتاج فيها الى وضع معايير نحدد من خلالها من هو اللاعب ومن هو الإداري ومن هو المدرب وقبل كل هذا من هو الإعلامي الذي سيقود حركة البناء والتثقيف وسيحمل الهم الرياضي من جيل الى آخر بل هو الذي يكتب لنا التاريخ لأن الصحافة هي التاريخ فأنت من خلال صحيفة قديمة يمكنك أن تقرأ تاريخ أُمة في تلك الفترة ..
نحن نحتاج كذلك لأن ندرك أن الرياضة قد تحولت من نشاط ترفيهي إلى صناعة وإحتراف والصناعة تحتاج&! nbsp; الى مقومات هي ذات المقومات التي تقوم عليها الصناعة التقليدية في كل مكان في العالم وهي :-

· رأس المال

· المادة الخام

· الطاقة المحركة

· العمالة المهرة

· المواصلات

· السوق

كل هذه العناصر يمكن إسقاطها على الرياضة لكنك عزيزي القاريء قد تتوقف أمام عنصر ( المواصلات ) الذي يعادل النظام و المنهجية ( system ) الذي ينظم الإنسيابية بين كل هذه العناصر .
روح رياضـــية :-
· الشكر كل الشكر لأهل وأحباء منتدى المشاهير ( صديق أحمد - الطيب أبو الباشا - إبراهيم أشكا - محمد عثمان أحمد - الهادي حمد - أشواق - أبا عامر ) ولكل من يحمل في دواخله قلباً من ذهب .

· أتمنى أن ينتصر الهلال على الأهلي .. ولو بالصدفة &n! bsp;وبلا قانون - حتى لو اختلط إتجاه الدوران .. فقط من أجل علم السودان الذي يرفرف هناك . ولنغني مع إخواننا المصريين أغنية الإفاقة من الغفلة :-

وإنتبــهنا بعدما حان الرحـيل وأفقـــــنا ليت أنّا لا نفــــــيق

يقظــــة طاحــت بأحلام الكرى وتــــــــولى اللـــــــيل صـديق

وإذا الـــنور نذير طــــــــــالع وإذا الفـــجر مطل كالحــــريق

وإذا الدنيا كمــــــــا نعرفــــها وإذا الأحـباب كل في طــريق

صلاح محمد عبد الدائم

( شكوكو )

[email protected]