ردا على بعض التطرف

ردا على بعض التطرف


01-29-2004, 04:13 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1075345985&rn=0


Post: #1
Title: ردا على بعض التطرف
Author: موسى ابوبكر
Date: 01-29-2004, 04:13 AM

الاخوة الاعزاء
ان الوطنية هى جرعات تمنح للنشء منذ نعومة اظافرهم لتجعل منهم نصف الحاضر وجل المستقبل والوطنية هى قول كلمة الحق والعمل على اصلاح ذات البين .والصفح عن اخطاء الاخرين .واحترام اراء ومعتقدات الاخرين ونبذ العنف والقوة وسيلة لفرض الرؤى السياسية .تابعت عبر شبكة الانترنيت مقالات احتوت على مغالاطات تاريخية .لا ندرى اهى نتاج جهل ام تجاهل ارجو شاكرا نشر مساهمتى عسى ان تهدى الى الطريق القويم الذى يؤسس لوطن يسع الجميع .

طالعت فى الأيام الماضية بعض المقالات الصادرة فى مواقع سودانية على شبكة الانترنيت وشد انتباهي .إن كتاب هذه المقالات والبيانات اتسموا بالتحامل واللا موضوعية فى بعض الأحيان وتعميم مخل بطبائع الأشياء

إذ قرأت مقالا صب كاتبه جل غضبة على أهل الشمال ووصفهم فيه بصفات لا تمت للحقيقة بصلة ووضعهم فى خانة المستعمر الدخيل .ولا ندرى من اين استمد كاتب المقال الحق فى أن يرمى كل أهل الشمال ويجرمهم بجرم لم يرتكبوه .ومنطقي أن نختلف فى وجهات النظر وان يكون لكل منا لوحته الخاصة للوطن .ومنطقي أيضا أن ننقد بعضنا نقدا موضوعيا مسنودا بالحجج ومدعوما بالأحداث والملابسات التاريخية

لست فى وضع مرافعة عن أهل الشمال واعتقد جازما بان ليس هنالك ما يدعوا للمرافعة .إذ يشهد التاريخ بان ما يحدث الآن من موضة وكوفارة سياسية أن صح التعبير إذ كل سياسي يعمل على تأكيد هويته وانتماؤة الجغرافي للشرق أو الغرب أو الجنوب تحت دعاوى التهميش والتي أصبحت مشجبا ومبررا لتمرير المخططات والحديث المخل المجافى للعقل والمنطق والذي يصورة البعض أن الشمال وصل إلى درجات التنمية والرخاء . ولنفتح ملف تنمية الشمال على مصراعيه ولنخضعه للفحص المجهرى الدقيق لنرى بأم أعيننا الصورة الواقعية والحقيقية لمعاناة أهل الشمال

ولنبدأ من حلفا شمالا مرورا بالنمر ( محطات السكة الحديدية ) ولنشاهد معاناة الإنسان فى تلك الفيافي ومناظر الأطفال حافي الأقدام المرتدين لرث الثياب والذين يركضون ويلهثون ليس بغرض اللعب والتسلية ولكن ليجود عليهم ذوى القلوب الرحيمة ببقايا خبز جاف أو ما يسد الرمق . ولنعرج على أهلنا الدناقلة والمحس والشايقية والجعليين المفترى عليهم . بحكم انتماء بعض رموز الأنظمة لهم فليحدثني احد بلغة الأرقام والتنمية عن المشروعات الحيوية التي قامت فى الشمال والتي انعكست إيجابا على حياة الناس فيها . ومن يريد أن يعرف معاناة أهل الشمال فلينظر إلى سجلات الاغتراب والهجرة الداخلية.والتي انعكست بصورة واضحة فى أدب الشايقية والذي هو مرآة واضحة للحنيين والشوق إلى مسقط الرأس والوطن . والحديث عن التنمية واحت! كارها فى الشمال حديث يفتقر للدقة والموضوعية . إذا كان صادرا فى مجال علمي . فالسامع عن تنمية الشمال يعتقد ان اهالى الخرطوم او مدني يجهزون مركبة فضائية لغزو المريخ أو الهبوط على سطح القمر .كما ان الخرطوم ليست ملكا لقبيلة بعينها أو حكرا على جنس دون أخر . فسكان الخرطوم هم كرش فيل كما أطلق سكان الخرطوم بحري على بعض أحياء مدينتهم واتحدي اى باحث فى علم الانثربولجى أن يصنف أهل الخرطوم على أساس قبلي ونجزم بان الخرطوم هي انموزج مصغر للسودان الاثنى ويندر ان لا تجد تواجدا لقبيلة ما فى الخرطوم مع ملاحظة ان الخرطومين لا تبنى علاقئهم على أسس قبلية أو جهوية ولكن تقوم على الجوار والتصاهر والمصالح . وهو ما يعتبره البعض سبه وتنكر للأصل . وهكذا المجتمعات المدنية وهنالك العديد من المدن فى السودان على هذه الشاكلة . إذ يتعلم النشء منذ نعومة أظافرهم ان من جاوروه فى الحي هم أعمامة أو خلانه

ولسكان المدن السودانية ثقافة خاصة وتقاليد خاصة لا يمكن ان ترجعها لقبيلة بعينها او جنس بعينه فهى مزيج يصعب فصله فعلى سبيل المثال لا الحصر تعتبر لفظة ( دا عربي ساكت ) سبة وتقليل للشأن تطلق على كل غير متمدن ومحاولة إلصاق ثقافة المدينة او إلحاقها بالنسب إلى اى جماعة يعتبر اختزالا يجافى المنطق

واضطررت للرد على كتاب تلك المقالات لاننى أحسست بان هنالك توجها غير صائب لإدخال مواضيع فى معمعة الصراعات السياسية ومحاولة للرجوع بنا إلى عصور الجاهلية التى تجعل من العصبية القبيلة خطرا محدقا على النسيج الاجتماعي . والحقيقة التى ينبغي ان نعمل جميعا من اجلها ان السودان بلد يفتقر للتنمية وان هنالك مناطق أكثر حوجة للتنمية وخاصة تلك المناطق التي من الممكن ان يعود نفعها لعموم أهل السودان بغض النظر عن جنسهم او لونهم او تلك التى تأثرت بالحرب مع ملاحظة .ان تسبق مشروعات التنمية دراسات جدوى تؤكد ان النجاح حليف المشروع وان نبتعد عن قيام مشروعات عشوائية على شاكلة تلك المشروعات التى قامت فى فترة مايو وكان الغرض منها ارضاءات مثل قيام مصانع للنسيج فى أماكن لا تتوفر فيها المادة الخام ونقلها يعتبر فاتورة إضافية ترفع من كلفة الإنتاج . وان نسعى فى نفس الوقت الى التنمية المستدامة والمتوازية بعيدا عن العواطف لان علم الاقتصاد لا عل! اقة له البتة بالعواطف .ولعل ما تطرحه الحركة الشعبية عبر التفاوض خاصة فى بند الثروة يعتبر إضافة منطقية وعلمية لمنهج التنمية .كما انه يعتبر جهدا مشتركا يساهم فى دفع عجلة التنمية لمن يقرأ الاتفاق بطريقته العلمية بعيدا عن التعصب السياسي والعرقي .ولكن من يقرأ العناوين الجانبية دون شك سيقع فى سوء فهم .ومن يحاول أيضا أن يمزج ما بين مفاهيم السياسة ودهليزها سيتوه أيضا ويهوم هياما بعيدا عن المعاني والأهداف النبيلة لهذا الاتفاق . كما نود ان ننوه الى جملة من الحقائق التي وردت فى بنود الاتفاقيات التى وقعت فى نيفاشا ومشاكوس والهادفة الى السلام الدائم والتي يقرأها البعض قراءة خاطئة ويختزلها فى انها اقتسام لكعكة الحكم بين فصيلين هما الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني الحاكم وحرمان بقية التنظيمات السياسية الأخرى فى الوقت الذي تناسى او أهمل بقصد أو دون قصد بان الطرفان اقران بمبدأ التداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات الحرة والنزيهة . وان المحصلة النهائية للعملية السياسية ستؤل مقاليد الأمور للتنظيم او الحزب الذي يحظى بقاعدة عريضة من الجماهير ويفوز بأغلبية مما دفع البعض إلى استباق النتائج والسعي إلى العمل المسلح واعتمادة كأسلوب لنيل المطالب .

ان السودان الجديد هو ميلاد لجملة من الشروط بمثابة عقد اجتماعي يوقعه أهلة فيما بينهم بالتراضي وينال كل مواطن حقه كامل دون نقصان . كما ان الحركة ستتحول حتما الى تنظيم سياسي مدني تصنع قراراته عبر الديمقراطية والمؤسسية ويعتبر ذلك فى حد ذاته إضافة حقيقية للسياسة السودانية . ومن الملفت للنظر ان الحركة تضم فى صفوفها كوكبة من المثقفين القوميين الذين يؤمنون بوحدة السودان أرضا وشعبا ويقرون بان السودان فى أمس الحوجة إلى إصلاحات سياسية وإعادة هيكلة لمشروعاته الاقتصادية .كما يقرون اعتماد الديمقراطية منهاجا للعمل السياسي .وهى امور محل اتفاق الجميع إلا المكابرين . ونقدنا لأولئك الكتاب لمسلكهم وتطرقهم إلى قضايا يمكن إن تزيد من الأمور تعقيدا إذ لا يعقل أن يوصف شعبنا المتسامح الذي يشهد له العدو قبل الصديق بصفات يندر أن توجد في شعوب الأرض قاطبة من تكافل وتسامح وعلاقات إنسانية

فلا يعقل ان لا ننظر الى الامام لبناء وطن نتفاخر به جميعا .وندور فى حلقة تصفية الحسابات .ويجب ان نعلم إننا جيلا لا علاقة له بالإحداث التاريخية القديمة باجابياتها وسلبياتها .ومن يسعى إلى محاكمة الجيل الحالي على جرائم ارتكبها أجدادهم ليس من العدل بمكان كما ان الحديث والسؤال عن أشخاص ولدوا وتربوا وعاشوا فى السودان ويحملون طبائع شعبه فهم سودانيين ولا داعي للغوص والبحث عن جذورهم .ويجب ان لا ننسى بانه لا يوجد فرد على وجه هذه الأرض خير فى اختيار جنسة أو لونه او والديه كما يجب ان كل إنسان هو سليل لسلسة طويلة من الإباء والأجداد والأمهات

وكفانا انصرافا نحو قضايا سطحية فلنهتم بجواهر الأشياء التي تعود بالنفع علينا وعلى الآخرين

ولنا لقاء

موسى ابوبكر