نعم يا "اجاك" ... المتاعب موجودة .. !

نعم يا "اجاك" ... المتاعب موجودة .. !


01-24-2004, 08:44 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1074930295&rn=0


Post: #1
Title: نعم يا "اجاك" ... المتاعب موجودة .. !
Author: محمد أحمد إبراهيم-الرياض
Date: 01-24-2004, 08:44 AM

نعم يا "اجاك" ... المتاعب موجودة .. !
محمد أحمد إبراهيم
الرياض – السعودية
[email protected]

أشكر السيد "الجاك دينق اجاك" المقيم بالقاهرة تفضله بالتعقيب على مقالي المنشور بهذا الموقع والذي بعنوان (هل انتهت متاعب الحركة الشعبية أم بدأت) بالرغم من أنه استخدم نفس عنوان مقالي السابق مما يتيح لي فرصة المطالبة بحقي الأدبي "المسلوب" مثلما تطالب الآن الحركة الشعبية بحقوقها "المسلوبة" في مفاوضات نيفاشا..!

دافع السيد "اجاك" في مقاله عن الحركة الشعبية دفاعاً مستميتاً رغم أنني لم أهاجم الحركة وكان مقالي كله يتحدث عن التحديات التي ستواجهها الحركة بعد توقيع اتفاق السلام في نيفاشا والجميع يعلم أن الحركة ستبدأ مرحلة مفصلية وجديدة عليها وهي مرحلة دخولها إلى ميدان السياسة السودانية كحزب سياسي وكتنظيم مشارك في الحكم بدلا عن حركة حاملة للسلاح ولا يختلف اثنان بأن هذا التحول الكبير يستوجب تغيير جذري في خطابها السياسي ليستوعب متطلبات المرحلة الجديدة ، وبما أن المرحلة جديدة فلابد من وجود بعض التحديات التي لا مناص للحركة من مواجهتها والتعاطي معها .. هذا ما ذكرته في مقالي . ولعل استخدامي كلمة "متاعب" بدلاً عن "تحديات" هو ما أثار حفيظة السيد ""اجاك" وجعلته ينبري مدافعا وبحماسة مبالغة وكأنه يرد على هجوم بهجوم مضاد ويجعل من الأمر معركة في غير معترك ... !

لاحظت أيضا في مقال السيد "اجاك" نبرة "استعلائية" أقرب إلى الهجوم منها إلى الحوار الهادف واستخدم مفردات وتعابير مثل : " اذكّر أمثال كاتب المقال .. " و "للمشككين و الحائرين أمثال محمد احمد إبراهيم ..." و "الكرة من الحركة مردودة و بطريقة برازيلية للجميع بمن فيهم السيد محمد احمد إبراهيم... " و "غداً لناظره قريب " وهذه النبرة بقدر ما هي ممقوتة في لغة الحوار وتعمل على الانتحاء به إلى مناحٍ أخرى ، فهي أيضا تصادر الرأي الآخر وتوقف أي محاولة للفهم أو الاستفسار فضلا عن النقد أو الهجوم . هذه الحساسية المفرطة من النقد هي من ضمن التحديات التي ذكرتها في مقالي السابق والتي يجب على الحركة تلافيها في هذه المرحلة – هذا بافتراض أن السيد "اجاك" يتحدث باسم الحركة – و يجب أن توطن نفسها على قبول النقد ، والرأي الآخر ، والاستفسار ، والنقاش ، والهجوم ... الخ وهذا مهم جدا لحركة تسعى إلى أن تصبح حركة جماهيرية تستهدف جميع سكان السودان وتسعى إلى الحكم .

هناك عبارات استوقفتني كذلك في مقال السيد "اجاك" استعصى عليّ فهمها ، مثل قوله متحدثا عن دوافع قيام الحركة : " قامت هذه الحركة عن قناعة تامة ، ودوافع مدروسة أولها وآخرها المطالبه بالحقوق المسلوبة. والدفاع عن الكرامة المهانة لإنسان السودان الأصلي و الحقيقي في الجنوب والشرق و الغرب و الوسط بل في أقصي شمال السودان .. " لم أفهم ما يقصده كاتب المقال بـ " إنسان السودان الأصلي و الحقيقي " وهل هناك إنسان سودان غير أصلي ومزيف ... ؟ ! فالذي أعلمه أن كل من يحمل الجنسية السودانية هو سوداني "أصلي" و "حقيقي" يتمتع بكل الحقوق والواجبات التي تقتضيها المواطنة ، إلا إذا كان السيد "اجاك" يمتلك تعريفات نجهلها عن "السوداني الأصلي" و "السوداني النيجاتيف" ... !

اعترض السيد "اجاك" كذلك على تسمية الحركة بـ "لاعب جديد" واحتج بأن الحركة ولدت "بأنيابها" وأن وجودها لم يكن رمزيا في التجمع ... الخ . وأقول للسيد "اجاك" : الحركة لم تولد بأنيابها فكلنا يعلم المراحل التي مرت بها الحركة منذ (أنانيا 1) وحتى الآن .. وكيف تحولت من حركة عسكرية صرفة إلى حركة ذات جناحين "عسكري" و "سياسي " ، أما مسألة أن الحركة لاعب جديد ، نعم الحركة لاعب جديد على الساحة السياسية السودانية الداخلية ، وكونها معروفة لدى التجمع أو خارج السودان لا يعني أنها معروفة أيضا داخلياً ، وحديثك عن " خلو ذهني من أدبيات الحركة الشعبية " حديث غريب ... فمن أين لي بأدبيات الحركة الشعبية ...؟ ! وهل أدبيات الحركة الشعبية سفر مكتوب يفترض على الجميع معرفته ؟ وهل تم نشر هذه الأدبيات والأفكار يوما ما على الشعب السوداني عبر أي جهاز من أجهزة الإعلام حتى لا يخلو ذهني منها.. ؟ وكأنك بذلك تطالبنا بمعرفة أدبيات الحركة حتى قبل أن تكتمل مفاوضات السلام وقبل أن تصل الحركة إلى الخرطوم وتقوم هي بطرحها علينا ... !

الحركة الشعبية يا عزيزي "اجاك" غير معلومة لدى السواد الأعظم من الشعب السوداني ، بل لا تعدو عند الكثيرين أكثر من أنها حركة تمرد عسكرية مسلحة كانت في الغابة ووقعت اتفاق سلام ستعود بعده إلى الخرطوم . لذلك فالحركة في حاجة ماسة إلى برنامج علاقات عامة ضخم ومؤثر لخلق ذهنية جديدة لدى الشعب غير التي كانت معروفة ، وقد بدأ هذا البرنامج فعلا بوصول وفد الحركة بقيادة السيد "أموم" إلى الخرطوم في وقت سابق ، وبظهور الدكتور "قرنق" باللباس المدني في لقاء أجراه معه التلفزيون السوداني يتحدث فيه عن سيرته الذاتية دون الخوض في السياسة ودهاليزها . وكان من الممكن جدا أن يكون مقال السيد "اجاك" جزءاً من برنامج العلاقات العامة الذي تتبناه الحركة إذا استثنينا "المزاج الحاد" الذي كُتِب به المقال .

ذكر السيد "اجاك" في تعقيبه أن " كل القوي الجنوبية بالداخل أو الخارج ( حركة شعبية ) قبلا و بعداً" وهذا الكلام غير صحيح ، فالحركة الشعبية مثل ما لها مؤيدين وداعمين ، لها أيضا معارضين وغرماء ، شأنها شأن جميع التنظيمات السياسية السودانية ، فليس هناك حركة أو تنظيم أو حزب يمثل الجميع دون استثناء ، وليس من الإنصاف أن نقول مثل هذا القول ، الكل يعلم أن هناك جنوبيون لا يؤيدون الحركة ، منهم من له حزب مستقل ، ومنهم من هو مع أحزاب أخرى ومنهم من هو مع الحزب الحاكم نفسه الذي تتفاوض معه الحركة الآن . وكون أن السيد "أموم" استُقبِل بترحيب كبير فهذا شيء طبيعي فقد رحب الشماليون بالوفد قبل الجنوبيين وأنا تحدثت عن ذلك في مقال منشور في هذا الموقع (سودانيز أون لاين ) وأيدت جدا وصول الوفد في أثناء المفاوضات والمقال بعنوان ( وفد الحركة الشعبية للنوايا الحسنة وتحريك مياه البركة السياسية السودانية ) وقراءة الترحيب على أنه تأييد قراءة منقوصة، و يجب أن نفصل بين تأييد الحركة الشعبية وأطروحاتها ، وبين الفرحة بوصول وفد الحركة ووقف الحرب في جنوب البلاد .

عبارة أخرى استوقفتني في تعقيب السيد "اجاك" وهي قوله عن الحركة أنها " مصرة علي حكم السودان كحق تستحقه " والسؤال التلقائي الذي يتبادر إلى الذهن هو لماذا الإصرار على حكم السودان .. ؟! وهل يكفي أن "تصر" على حكم السودان حتى تحكمه ؟ وهل حكم السودان حق لجهة معينة ؟ إلا إذا كان كاتب المقال يضع "الحق في الحكم " من ضمن "الحقوق المسلوبة" التي تحدث عنها .. ! . إن من يريد أن يحكم بلد بحجم السودان به شعب متعدد الاثنيات والأديان والثقافات يجب أن يقدم نفسه عبر برامج وأطروحات تؤهله لذلك ، وبعد ذلك الشعب الذي سيفصل في مسألة تقديمه للحكم أو "ركله" ... هذه هي الديمقراطية التي يجب أن تكون والتي يتحدث عنها الجميع بمن فيهم الحركة الشعبية .

أخيرا أؤكد أننا بحاجة ماسة لمثل هذا السجال و"العصف الذهني" في هذه المرحلة حتى يعرف بعضنا بضاعة بعض دونما إقصاءٍ أو تجريح أو سوء فهم ، ويجب أن نتخلص من الحساسية الزائدة للنقد ونعمل على فتح آفاق للحوار تتجاوز "عقدة المصطلح" حتى نخرج بالسودان من هذا المنعطف الخطير بسلام .