سنة روضة سياسة/ إفادات الطيش

سنة روضة سياسة/ إفادات الطيش


12-20-2006, 12:25 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=60&msg=1166613924&rn=0


Post: #1
Title: سنة روضة سياسة/ إفادات الطيش
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 12-20-2006, 12:25 PM

مقدمة الإفادات

الله أكبر.......ياهو ديل

إستيقظ مبكراً إن كنت تنتمي للمؤسسة العسكرية ربما وجدت نفسك رئيساً للجمهورية ذات صباح.....

نصيحة قد لا تسمعها صراحةًً من أيٍ من النخب السودانية، ولكنك لن تحتاج الى إستغلال سوى جزءاً يسيراً من خلاياك الدماغية حتى تفهمها، فكل السبل ممهدة للقصر الجمهوري حتى ولو كنت من ضمن التسعة من عشرة الذين عرّفهم برنارد شو الكاتب الساخر في روايته الرجل والسلاح بالغباء، كل شئ متوفّر كتبة البيانات، المارش العسكري، الهتّيفة ولاعقي أحذية العسكر في كل العصور، فقط كل المطلوب منك ان تستيقظ مبكرا. فنحن شعب قدره ان يتجرع المعاناة ممزوجة بماء النيل ويزدردها مع كل لقمة عيش ومع ذلك فنحن طيبون تنوب عنا الحكومات في العفو عن جلادينا، حتى يتسنى لها ابتداع اساليب اكثر ابداعا لكي تزيد من معاناتنا.

ولذا لم يكن غريباً أن يستيقظ الشعب السوداني في الثلاثين من يونيو 1989 ليسمع الموسيقي العسكرية وينتظر البيان الاول، وكذلك ليس غريبا أن يتعرف على هوية الانقلابيين الاسلامية من أول وهلة، ليس لأن الحركة الاسلامية هي التنظيم الأكثر تخطيطا وتكتيكا، وهذه حقيقة، بين كل التنظيمات السياسية وحسب، ولكن لطبيعتها الايدلوجية التي لا يتسع ماعونها للديمقراطية وقبول الآخر، ايدلوجيا تفترض في الآخر أياً كانت شروط وجوده كافرا يجب تصفيته، فتصبح هي اليقين الكامل وما عداها الضلال والبهتان والتيه، فلا مجال البتة للصحيح اّلاها، والخيبة والهوان لكل من عاداها، فلا غرابة أن تأتي بجحافلها للسلطة.

ولكن مع سابق علمنا أعترت الوجوه لمسة تعبر عن الحزن والأسى العميقين، فجميعنا لم نكن نود الحضور في مثل ذلك اليوم الذي تجري فيه الحركة الاسلامية عملية التنكيص القسري لمجتمعنا لحقب تأريخية تجاوزتها البشرية بقرون عديدة. ويتعرض شعبنا بكل ما توافر له من طيبة وسماحة لتجربة مسخ لكل ما تعارف عليه من عادات وتقاليد.

وبعد هذه التوطئة يتوارد الى الذهن سؤال ملحاح، هل كان أمام الحركة الاسلامية سبيل آخر سوى الانقلاب على النظام الديمقراطي؟ وهذا يقودنا الى سؤال آخر اكثر الحاحا، هل يمكن لهذه الايدلوجية الرافضة للآخر بكل تفاصيله وتقاسيمه وملامحه ، ان تنتج وتبتدع من داخل إطارها النظري والفكري أشكالا تنسجم مع العصر للتعايش والتصالح مع هذا الآخر بحسبانه أي هذا الآخر واقعا موجودا بالفعل، و متجذر في بنية المجتمع البشري؟

وبدون الدخول في أضابير الفلسفة أستطيع أن أجيب ممتلئا باليقين والثقة بالنفي، وأمتلك المبررات المقنعة في الحد الأدنى لي شخصيا لأثق في صحة اجابتي على هذين السؤالين، وهذه المبررات تترتب في ثلاث محاور اساسية تمثل جوهر يقيني.

المحور الأول بارقة الامل التي لاحت في الأفق السياسي بتحقيق السلام بعد التوقيع على مبادرة السلام السودانية، الميرغني- قرنق، وما سيتبعها من قيام المؤتمر الدستوري الذي سيكون له الدور

Post: #2
Title: Re: سنة روضة سياسة/ إفادات الطيش
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 12-20-2006, 12:26 PM
Parent: #1

الحاسم في البت في القضايا الجوهرية التي كانت وما زالت تمثل أس الأزمة السودانية و أهمها قضية علاقة الدين بالدولة و التي ان حسمت ستفقد الحركة الأسلامية أسباب وشروط وجودها الموضوعية.

المحور الثاني يتمثل في الطبيعة الايدلوجية للحركة الأسلامية التي وردت سابقا، ونفيها الكامل للآخر مما ينعكس على نفسية كادرها المرتبط بها عاطفيا ووجدانيا الشئ الذي يشكل قناعة لدى هذا الكادر فتجده متيقنا بأنه يمتلك الحقيقة المطلقة التي لا يأتيها الباطل، هذه القناعة تستوجب منه التسليم والطاعة والأذعان وبذلك يصبح التنظيم الاسلامي أكثر التنظيمات ترتيبا وانضباطا وصرامة

طبيعة هذه الايدلوجية بتأثيرها على هذا الكادر المطيع أتاحت للتنظيم وهيأت له المناخ الملائم للتخطيط الأستراتيجي للأستيلاء على السلطة منذ مشاركته مع النظا المايوي، مع الأخذ في الاعتبار امتياز هذه الايدولوجيا بميكافيلية تفوق ما أتى به ميكافيللي في كتابه الأمير، فكل ما يقود لتحقيقها وتطبيقها على أرض الواقع هو حلال حتى ولو أدى الى التغوط على كل القيم والمبادئ وكرامة الأنسان، فالانقلاب على السلطة بليل لا يعني أي شئ أخلاقيا طالما أن ذلك الطريق يؤدي الى الغايات الرسالية الكبرى التي تتضمنها الايدولوجيا، مع ضمان انها بأستيلائها على السلطة تكون قد تملكت أدوات وأسلحة سحق وتصفية الآخر الكافر والخلاص منه الى أبد الأبدين.

المحور الثالث في السهولة التي وردت سابقا والتتي يمكن بها استلام السلطة بأستخدام المؤسسة العسكرية وحالة التذمر والتململ التي سبقت الانقلاب داخل هذه المؤسسة والتي عبرت عنها من خلال المذكرة التي رفعتها لمجلس الوزراء في تلك الفترة عبر قيادتها، مما يكسب اي تحرك تأييد أغلبية قطاعاتها، بالاضافة للغياب التام لمبدأ المحاسبة في كل تجارب الانقلابات العسكرية السابقة، و حالة المسيحي التي تنتاب قادة الحركة السياسية بعد كل هبة شعبية تطيح بديكتاتور، حرصا على كراسي السلطة تارة، وأنشغالا ببهرجها تارة اخرى.

من هذه المحاور أستمديت ثقتي في انه لم يكن امام الحركة الاسلامية اي سبيل سوى الانقلاب على السلطة وطرق منضدة الحوار والحراك الفكري بحذائها وتنيه الشعب السوداني بكل قطاعاته الى حضورها زمانيا ومكانيا، حتى وان كان التنبيه كأفساد سكير لحفلة عرس لينال اعجاب الحسناوات، أو سخطهم، فسيان الامر عند طالبي التميز، المهم ان يكونو مميزين وبألا يكون شعور الآخرين محايدا تجاههم، هكذا كانت الحركة الاسلامية وكان لها ما ارادت فلم يكون طابع شعور كل الشعب السوداني الحياد بل كان شعورا مشحونا بالكره والغبن والغضب.

أتت الحركة الاسلامية للسلطة ولم تكن كالحركات الانقلابية التي سبقتها فقد تفوقت عليها كون انها تميز انقلابها بانه تحرك من مجموعة عقائدية حزمت امرها لتعيد صياغة المجتمع على تصوراتها ورؤاها،وفي ذلك على حسب تصورها حماية لها من التلاشي والانقراض. وهي مستهدفة كل قطاعات الشعب السوداني فذاق منها الشعب في هذه العملية، الهدم والبناء، صنوفا من العذاب والضنك وضربت على أطنابه الذلة والمسكنة وأصبح المليون ميل مربع مسرحا تمثل فيه الحركة الاسلامية اسوأ وابشع الأدوار الدرامية.

والحركة االطلابية التي قدر لي أن أكون فردا منها، كباقي القطاعات أخذت نصيبها من هذه العملية وان كانت لها خصوصية عند الحركة الاسلامية، واستمدت هذه الخصوصية لعدة اعتبارات يمكن اجمال بعضها في الآتي:

الاعتبار الاول في ان الحركة الاسلامية مرت باطوار تكونها كبيضة ثم يرقة ثم شرنقة ومن ثم كائن مكتمل النمو في بيئة الوسط الطلابي، واعتمدت على الطلاب اعتماداً كبيراً في الكسب والاستقطاب، الامر الذي اكسبها وعيا متكاملاً بطبيعة هذا الوسط وخصوبته التي التي تمكنه من افراز وانتاج ورعاية مختلف الافكار والاتجاهات، وهذا بالطبع يتنافى مع أيدولوجيا رفض الآخر ونفيه، خصوصا إذا أخذنا في الاعتبار سرعة التفاف الطلاب حول القضايا الوطنية وقدرتهم الفائقة على إتخاذ المواقف دون تردد مما جعلهم رأس الرمح في كل الهبات الشعبية.

الاعتبار الثاني أن الحركة الطلابية تعكس الصراع والحراك المجتمعي،بأعتبار ان الطلاب يمثلون كل شرائح وسافات وطبقات المجتمع السوداني ويعبرون عنها، وباستهدافهم يتم استهداف كافة هذه القطاعات.

الاعتبار الثالث ان الحركة الطلابية تتواجد في مناخ وعي وعلم ومعرفة، وهذا يتعارض مع الايدولوجيا التي تقوم على تغييب الوعي واستلاب العقل، ودق اسفين ما بين البشر والمعرفة والعلم، لأن العلم والمعرفة هما المصل الوقائي ضد أمراض الجهل البيئة التي تناسب ترعرع الافكار الظلامية، ودون هذه البيئة تموت وتنفق غير مبكيا على رفاتها.

الإعتبار الرابع ثأرات قديمة تخص كادر الحركة الإسلامية وهزائم ذاتية، وعقد نفسية عميقة، تترجمت لحنق يستعصى معه كل الأواراد والذكر والوضوء، ووجد متنفساً له في الإنتقام من كل النظام التعليمي الذي يحتوي الحركة الطلابية.

أعلن النظام عبر رئيسه العميد عمر البشير والفريق آنذاك، رؤيته حول الحركة الطلابية والتعليم العالي بما أسماه ثورة التعليم العالي، وهي عبارة عن حزمة من السياسات التي تعبر عن رؤية إستراتيجية للنظام حول ما يتعلق بالطلاب، وقد كان النظام متعجلا في طرح إستراتيجيته تلك قبل أن يطرح الاستراتيجية القومية الشاملة 1992 التي تمثل مجمل ما يراه في الشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي السوداني، والعجلة كانت للأهمية التي اوردت سابقاً. وتقوم ركائز ثورة التعليم العالي تهذباً، وثورة التجهيل العالي والعالمي حقيقة على نقاط ثلاث رئيسة تتفرع منها مجموعة قرارات تستكمل عملية التجهيل، ونجمل هذه النقاط في الآتي:

النقطة الأولي التوسع الأفقي في التتعليم العالي وذلك بزيادة أعداد الطلاب المقبولين وإنشاء جامعات جديدة لإستيعاب أعداد أخرى، وهي دعوة حق أريد بها باطل، إذ تم هذا التوسع دون إعتبار للمستوى الأكاديمي والتعليمي، ولم يتم توسيع القدرة الاستيعابية للجامعات الموجودة أصلا، ولم يتم تأهيل هذه المؤسسات قديمها وحديثها حتي تتمكن من أداء دورها في التأهيل الأكاديمي، وأصبحت أي مدرسة مؤهلة لوضع لافتة جامعة في بوابتها، وأي مبنى ناصية يصلح لأن يكون كلية خاصة( عقلية التاجر اليماني المسيطرة على حكامنا)، وذلك لأنتاج جيل من الخريجين الجهلة عاطلي الذهن يخطئون في الإملاء المنظورة، وبهذا تستفيد الحركة الإسلامية بتجفيف منابع العلم والمعرفة عدواها اللدودان، ومن جانب آخر بتوسيع القاعدة الطلابية مع تجهيلها تستطيع خلق رصيد إحتياطي للتجنيد والتغييب والإستقطاب، يمكن أن يلعب دوره قربانا لتهويمات قادتها ووقودا لإذكاء حربها المقدسة في الجنوب، علماً بأن الجسر الذي يعبر بين المرحلتين الثانوية والجامعية هو الدفاع الشعبي، هذا بالإضافة لأنها تكون إسترضت الجماهير بإستيعاب أكبر عدد من خريجي المدارس الثانوية في الجامعات.

النقطة الثانية إلغاء حق السكن والإعاشة، وإنشاء صندوق دعم الطلاب أو طلاب دعم الصندوق كما كان يحلو لنا تسميته تندرا، حتى تلهي الطلاب عن قضايا الوطن أولاً والتحصيل ثانياً، ومحاولة الدفع بروح الانتهازية أوساطهم وإذكاء النزوع نحو الذاتية والإنكفاء على المشاكل الشخصية، وبذلك تكون قد حولت مكتسبات الحركة الطلابية إلى منحة أو هبة تهبها لمن ترضى عنهم وعادة هذه الهبة( عطية مزين) ليس من حق الطلاب تحديد قيمتها، وتستخدم كسلاح في عمليتي الترهيب والترغيب ديدن الحركة الإسلامية في التعامل مع قضايا الوطن.

النقطة الثالثة التعريب وإعادة الصياغة القسرية للمناهج وربطها بقيم السماء، طبعا دون أي إعتبارات أكاديمية، وبذلك كما أورد دكتور منصور خالد تستطيع السيطرة على الجنوبيين، وتغيير هذه المناهج على النسق الذي يضمن لها وجودها، فلا تحتوي على ما وصلت إليه البشرية من تقدم في كل مجالات العلوم، وأنشأت مراكز ومؤسسات متخصصة في أسلمة المنهج مثل مركز إسلامية المعرفة في جامعة الجزيرة تحت رعاية برفيسور التجاني حسن الأمين حفيد خالد بن الوليد شخصيا كما أورد في شجرة عائلته، لإنتاج الهوس بمواصفات عالمية ورعايته.
ولم تكتفي بهذه السياسات بل ظلت على الدوام، أي الحركة الاسلامية، تلاحق الطلاب وتعتقلهم، وتفصلهم من الدراسة، وتفبرك أحداث العنف حتى أصبحت السيخة والسكين أكثر حضوراً من القلم والدفتر، وتحول الصراع الفكري إلى معارك يستخدم فيها التكتيك العسكري، وأركان النقاش أصبحت وحدات للتوجيه المعنوي يخص الفصائل المتناحرة، مع محاولات دؤوبة لشق التنظيمات السياسية ودس عناصرها بينها مما ولد حذراً وإنعدام ثقة أعاقا التطور الفكري للحركة الطلابية، وحرما كثير من الطلاب المشاركة الفاعلة في العمل السياسي، وظلما آخرين بإلصاق صفة الخيانة بهم، وأفقدا التنظيمات السياسية الكثير من العناصر الجيدة.

كما قامت بفصل الأساتذة المؤهلين وحلّت محلهم أهل الولاء دون إعتبار للكفاءة العلمية والمهنية، فغابت عن سماء الجامعات الأمانة العلمية أهم سمة تميز بها المجتمع الجامعي في احلك الظروف، وأفرزت مصطلحات غريبة مثل إمتحانات المجاهدين، والإف( حرف الإف في الإنجليزية) السياسي للمعارضين والشهادات المضروبة حسب الطلب. ولم تقتصر قوائم الفصل التعسفي على الأساتذة بل طالت يد الصالح العام الطلاب، دون مراعاة للائحة أو قانون، أو أي إعتبارات أخرى إنسانية أو دينية. وتم تجميد النشاط النقابي في كل الجامعات ما عدا الجامعات الاسلامية التي يمكنهم تزوير الإنتخابات فيها وإعتلاء منبرها النقابي مقدمين للطلاب( أصلب) العناصر ببدل كاملة وربطة عنق من عينة صلابة ود خوجلي. وقد أوكلت الزبير محمد صالح( الذي عقد العزم على أن يموت ثلثي الشعب السوداني ليعيش الثلث حياة كريمة) وإبراهيم أحمد عمر( قائد معركة رقصة العجكو الشهيرة بجامعة الخرطوم) للإشراف ولتنفيذ تلكم السياسات، فكانا خير من يقوم بهذه المهمة وكان إختيارا صادف أهله.

إنهيار مريع هو ما آلت عليه الحركة الطلابية في حالها، وقد يتعسر على الإنسان إنتقاء المفردات التي تعبر عنه، هدم لكل منجزات الشعب السوداني وتدمير لمستقبل قبل التكون، وهذا الواقع القى على عاتق التنظيمات السياسية مهام جسام في الدفاع عن مكتسبات الحركة الطلابية التي نالتها عبر نضال وكفاح مريرين، ومحاولة الوقوف والتصدي لعملية الهدم التي مورست من قبل النظام بكل آلياته القمعية والسلطوية. وفي الجبهة الديمقراطية كنا نتحمل العبء الأكبر من هذه المهام مع ما كنا نتعرض له دون التنظيمات السياسية الأخرى بإعتبار أننا العدو الأول الإستراتيجي والأيدولوجي للحركة الإسلامية، وبإعتبار ما نواجه من ازمات ذاتية فكرية كانت أو تنظيمية، فأصبنا في مرات عديدة وأخطأنا في أخرى في زمن إختلط فيه الصواب بالخطا ودارت عقارب الساعة عكس حركتها وتداعت فيه القيم والمبادئ كما يتداعي بيت من الجالوص في أحيا السكن العشوائ إثر ضربات البلدوزرات. وأصاب النخبة حول فكري جعلها تخطئ هدفها مصرّجة الأفكار تارة لليمين وتارة لليسار.

ما أنا بصدده هو عرض لتجربتي الذاتية كواحد من الحركة الطلابية مارست فيها العمل السياسي وأعتبر نفسي أحد قادته الجماهيريين في أحلك فتراتها، دخلت العمل السياسي من بوابة الجبهة الديمقراطية وعاصرت من خلال ذلك ثلاث إنقسامات، وفصلت من الجبهة الديمقراطية مرتين وأُرجعت، وفُصلت من جامعة الجزيرة ولم أرجع، دخلت في معارك كلامية كثيرة بحكم أني كادر خطابي، كما شاركت في معارك وعنف، أتهمت في ديني وأهدر دمي كما اتهمت بتطرفي ورهق سيفي الذي طال رفاقي، أتحمل بعض الأخطاء بصفة شخصية، وأنتمي للحزب الشيوعي السوداني عضواً نشطاً، وتطول قامتي بتأريخه، كما لا أجد ما يمنعني من نقده موضوعيا في سبيل الوطن، وهذا العرض لا أهدف منه تزكية لنفسي أو إدعاء بطولات زائفة، بقدر ما أريد عكس واقعا عشته وساهمت فيه بمقدار حتى وإن كان ضئيلاً، ولكنه مرضي بالنسبة لي على المستوى الشخصي بكل نجاحاته وإخفاقاته، ولتكن كلمة حق تضاف لكل الحق الذي صاغته الحركة الوطنية في كلمات.



التحية للشهداء وكل من نازل سلطة الظلام
بشرى محمد حامد الفكي

Post: #3
Title: Re: سنة روضة سياسة/ إفادات الطيش
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 12-20-2006, 12:28 PM
Parent: #1

دعوة هادئة للتوثيق
مع خالص التحايا

Post: #4
Title: Re: سنة روضة سياسة/ إفادات الطيش
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 12-20-2006, 12:52 PM
Parent: #1

الدعوة لكل من عاصر تلكم الفترة وأخص
عصمت الدسيس صديقي اللدود
وائل احمد خلف الله
هنادي فضل
محي الدين ابكر
معروف سند
متوكل بحر
وناصر علي
حسين يوسف

وذلك لإعتقادي أنهم أعضاء هنا
والبقية ايضا


الظاهر الكلام الجاي حيكون صعب شوية يلا نرجع شوية ونتذكر
ركن نقاش مسخن كدة

Post: #6
Title: Re: سنة روضة سياسة/ إفادات الطيش
Author: خضر حسين خليل
Date: 12-20-2006, 02:06 PM
Parent: #4

اذيك يابشري
مشتاقين
أفادات خطيرة وتوثيق جميل نتمني المزيد .
دعوتك لاؤلئك الاصدقاء/ت جميل نتمني أن يحضروا كل بما يملك من تجربة
عدت للتعديل بعد مداخلة الاخ عصمت الدسيس يقيني أياً بأن هناك آخرون
في التجربة لا بد أن تطالهم هذه النافذة .
لاذلت أذكر ذلك اليوم الامدرماني يابشري جيداً ( خلف الامريكي) بعد أن أختلط
الحابل بالنابل .
عصمت يادسيس : بداية تهانيا بالزواج وبيت مال وعيال كثير من الحوارات التي إنقطعت بعد تجربة الجامعة . أتمني أن تتواصل هنا في هذا الحوش

ملحوظة يا بشري:
وأنا أقوم بالتعديل جاءني تلفون من مدني كان الشاب (محمد نقة) يهديكم التحايا .

خضر حسين / ميمي

الاهلية الجزيرة

Post: #5
Title: Re: سنة روضة سياسة/ إفادات الطيش
Author: Ismat ELdisies
Date: 12-20-2006, 02:06 PM
Parent: #1

الصدو...بشرى
فتحت باب من جنان جهنم...أن توثق لجيل التسعينات هذا يعني أن تلوك
مر السؤال و الخيبة ...ولكن هذا لا ينفي أيها الصدو الجميل أحتفائي
بدعوة التوثيق و لكني أتمناه توثيق يستل السؤال من حدوتة الحكي لأن خصوصية هذه الفترة
في سؤالها .زماهذا؟ كيف حدث ؟ الى أين؟ ضجيج النضال اليومي حشرنا في هتافات التمرد عليها كان بمثابة الخيانة فداخل ثيوقراطية النظام أسسنا دكتاتوريتنا لتكون تلك أول حطوة تجاه هزيمة المشروع الديمقراطي
بشرى يا مدني الثانويةو يوميات نضال بوعي وتر يوم الأجهزة الأمنيةلحد توجيهه لكل مقدراته لحفنة طلاب ثانويات أجتمت سكرتاريتهم يوم الجمعة30 يونيو1989لتصدر منشورها
الأول بأن الأنقلاب جبهة أسلامية و بدأت منازلة النظام و الكل يترنح من هول مفاجاة مكشوفة بعبطها و أستهتارها بالآخر السياسي...جامعة الجزيرة و تجسيد بروف التجاني لخرافةالميتافيزقيا البلهاء للأسلام السياسي.زمبارك المجذوب المدير الذي فوجيء بقرار فصل مضاه كعنصر أمن لا كمدير جامعة حتى نكره مدير الجامعة الذي فيه..الرحلة التي تشبه
طابور برستس الأسطوري من مدني لتخوم الأهلية حيث جلسنا طويلا في التخوم...كيف كنا نختلف
في العام ويثري خلاف العام الحبة التي بيننا و كيف كان الخاص يوازن صراع العام أنه ديالكتيك جامعة الجزيرة و خصوصية قلق السؤال في جيل التسعينيات

Post: #7
Title: Re: سنة روضة سياسة/ إفادات الطيش
Author: Ismat ELdisies
Date: 12-20-2006, 02:07 PM
Parent: #1

الصدو...بشرى
فتحت باب من جنان جهنم...أن توثق لجيل التسعينات هذا يعني أن تلوك
مر السؤال و الخيبة ...ولكن هذا لا ينفي أيها الصدو الجميل أحتفائي
بدعوة التوثيق و لكني أتمناه توثيق يستل السؤال من حدوتة الحكي لأن خصوصية هذه الفترة
في سؤالها .زماهذا؟ كيف حدث ؟ الى أين؟ ضجيج النضال اليومي حشرنا في هتافات التمرد عليها كان بمثابة الخيانة فداخل ثيوقراطية النظام أسسنا دكتاتوريتنا لتكون تلك أول حطوة تجاه هزيمة المشروع الديمقراطي
بشرى يا مدني الثانويةو يوميات نضال بوعي وتر يوم الأجهزة الأمنيةلحد توجيهه لكل مقدراته لحفنة طلاب ثانويات أجتمت سكرتاريتهم يوم الجمعة30 يونيو1989لتصدر منشورها
الأول بأن الأنقلاب جبهة أسلامية و بدأت منازلة النظام و الكل يترنح من هول مفاجاة مكشوفة بعبطها و أستهتارها بالآخر السياسي...جامعة الجزيرة و تجسيد بروف التجاني لخرافةالميتافيزقيا البلهاء للأسلام السياسي.زمبارك المجذوب المدير الذي فوجيء بقرار فصل مضاه كعنصر أمن لا كمدير جامعة حتى نكره مدير الجامعة الذي فيه..الرحلة التي تشبه
طابور برستس الأسطوري من مدني لتخوم الأهلية حيث جلسنا طويلا في التخوم...كيف كنا نختلف
في العام ويثري خلاف العام الحبة التي بيننا و كيف كان الخاص يوازن صراع العام أنه ديالكتيك جامعة الجزيرة و خصوصية قلق السؤال في جيل التسعينيات

Post: #8
Title: Re: سنة روضة سياسة/ إفادات الطيش
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 12-20-2006, 02:44 PM
Parent: #1

الإفادة الأولى

يا بت الخليفة.......ولدك شيوعي

تصريح دخول:

الجبهة الديمقراطية للطلاب السودانيين تنظيم طلابي ديمقراطي، يعبر عن التحالف الإستراتيجي الراسخ بين الشيوعيين والديمقراطيين، لإنجاز برنامج مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية، وهو جبهة لأنه يعبر عن هذا التحالف ويرسّخ له، وقد واجه هذا التحالف العديد من الضربات من منطلقات عدة وصمد لها، لأنه كان يعبر عن صيغة إصطفاف لقوي الديمقراطية والإستنارة في وجه الكهل من الفكر، ولإستشرافه الجديد من خلال التفاعل اليومي مع حركة الجماهير. وهو ديمقراطي، أي التنظيم، لأنه يناد ي بديمقراطية تشمل كل مناحي الحياة الإجتماعية والإقتصادية والثقافية والسياسية، وبرنامج مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية هو برنامج سياسي يتعرض لكل ما يرتبط بقضية الثورة السودانية، إبتداءً من شكل السلطة السياسية في تكوينها الحديث المعبر عنه في التحالف الخماسي للعمال والفلاحين والمثقفين الثوريين والرأسمالية الوطنية الغير مرتبطة بالإستعمار وضباط وضباط صف وجنود قوات الشعب المسلحة، وتمثيل هذه القوى الحديثة مرورا بطريق التطور اللا رأسمالي في النمو والتنمية الإقتصادية، إنتهاءً بالثورة الثقافية وبعث التراث العربي والإسلامي والزنجي لصياغة الثقافة السودانية بتعددها وتنوعها وغنى محتواها.
أتاحت فترة الديمقراطية الثالثة سانحة للتنظيمات السياسية للبناء والتوسع أفقيا في أوساط طلاب المرحلة الثانوية، حيث تقوم أجسام هذه التنظيمات في الثانوي العالي بتفريخ كادراً جاهزاً، عند دخول الجامعة أو عند إلتحاقه بأيٍ من القطاعات المهنية الأخرى، والجبهة الديمقراطية كان لها القدح المعلى في هذا المضمار، وذلك للروح التنظيمية العالية التي تتمتع بها( بالله المدرسة لو فيها شيوعي واحد تفتكر المدرسة كلها شيوعيين)، بالإضافة للإطروحة المتماسكة في ذلك الحين، مع أدوات الجذب الخلاقة التي تبتكرها من آداب وفنون وثقافة.

وأصبحت شيوعياً:

ولدت في مدينة ودمدني في منزل الخليفة الأمين حمزة العبادي جدي لأمي، الذي مات ووالدتي لا تزال طفلة بنت ثمان سنين، وقد كان جدي خليفة للختمية، أمي نور الأمين( ربنا يخليها يا رب) كبنت خليفة لا تفوت لا فرض ولا نافل، تكثر من العبادة وتهبنا الدعاء بصلاح الحال في الدنى وفي الآخرة، صبورة ومثابرة، مع أنها لم تدخل المدارس ولكنها تعرف القراءة والكتابة، وعندما دخلت أنا المدرسة أصبحت تتعلم أكثر، فقد كنت معلمها الأول في فك الخط. الآن تحفظ القرآن الكريم وتجتهد في المشاركة في جلسات التلاوة مع نساء الحي، تمتلك ذكاءً فطريا للتمييز لا يستطيع كائن من كان تغييبها لا بأسم الدين ولا بأي شئ آخر، منحتني الطمأنينة الأولى والثقة، أوقرت في قلبي إيماناً عميقا بالقضاء والقدر، بأن الأمة لو إجتمعت على أن يضروك بشئ لن يضروك إلا بما شاء الله، لا تؤمن بشيوخ ولا وسطاء، ترفع يديها إلى السماء وتقول يا رب فيحوطني دعاؤها في الحل والترحال، ويقيني ذلة الإنكسار.

والدي الأستاذ محمد حامد الفكي( ربنا يديه العافية)، عرفته وزارة التربية والتعليم متنقلا في كل أرجاء السودان واهبا المعرفة والعلم، له فلسفة خاصته في التربية، أول من علمني أن أتخذ قراراتي بحرية وأتحمل نتيجتها، لم يحجر لي رأياً، يهوى الإطلاع، ويعشق التفوق، لا يؤمن بالحظ كثيراً، فمن كدّ وجد، ربى فيّ روح القيادة، وتحمل عني الكثير من سخافات جماعة الأمن، ولم يكلفني عناء أن أقول عذراً، يعتد بأنتمائه لقبيلة الجعليين وللسيال كريم الدين التي لا أعرف عنها سوى ما حدثني به، مع إنه لم يعش بها. يفتخر دوما بأبيه الذي كان خليفة أيضاً، ويصر على كتابة إسم الفكي مزينا به إسمه مع أن الفكي هو صفة لجدنا رحمة الله عليه، وأصبح فيما بعد إسم عائلة لي ولأخوتي، تنقلت مع والدي باكراً، ما أن أتعرف على أصدقاء حتى أضطر لوداعهم والتعرف على غيرهم، ومع أن ذلك أكسبني مهارة وسرعة في تكوين العلاقات الإجتماعية، إلا أنه ولّد داخلي نزوعاً للإستقرار وكرهاً للسفر ولكن، هيهات.

تقول الرواية إن أبي كان يود أن يسمي إبنه البكر حامداً تخليدا لذكري والده الشيخ التقي الورع، وتيمناً به، ولكن جدي رحمه الله جاءه في المنام وهو يحملني وقال له هذا بشرى، وعندما أراد والدي المجادلة طلب منه جدي بحسم تسميتي ببشرى، ويقوم بتسمية من بعدي من الذكور بما يحب، ولذا كان والدي يكنى بأبي البشرى قبل الحمل بي ويصر على ذلك حتى الآن. ظللت سجينا لهذه الرواية طوال فترة طفولتي التي لم تخلو من دلال، ولكن تشجيع ابي لي وبذره حب الإطلاع داخلي بالإضافة لنزوع أمي نحو العلم، حرراني منها، وأصبحت في حدود بيان مدى تقوى جدي وورعه، وحضوره الدائم في حياة أبي حتى بعد موته بعشرات السنين.

لم يكن والدي من المهتمين بالسياسة إلا في الحدود العادية، كان يهوى الأدب والشعر ويحفظه، يتألم حقاً للّحن في اللغة العربية من قبل مذيعي التلفزيون، تيرموميتره لقياس جهل الإنسان أو علمه هو إمتلاكه لناصية اللغة، ولذا يحترم السيد الصادق المهدي ويحبه، ويشايعه الرأي مع خلفيته الختمية، مما جعل مناصرته له في نقاشاتنا الأسرية يتحول لإنضمام كامل لحزب الأمة.

والدتي كذلك لم تكن تهتم كثيراً للسياسة ولكن عندها موقف صريح من حزب الأمة أفرزته تربيتها الختمية، وكذلك موقف أشد صراحة لمن تسميهم أخوان الشياطين ثم تستغفر الله بعد ذلك من حقهم عليها، تستبطن إنحيازا للسيد محمد عثمان ولكنها لا تعبأ له كثيراً. ولكن خلفيتنا الختمية( أبي وأمي من أسرة واحدة) حتمت عليّ منذ الصغر المشاركة في الجلسات الصوفية لقرأة القرآن أو لقراءة المولد، ولم أزل، حتى أن زملائي من الإتحاديين كانو يندهشون عندما يتفاجاءون بي وأنا أقوم بتوزيع العشاء في الزاوية، وأنادي هذا بالخليفة( ويتضح لهم إنه إبن خالي) وأصافح ذاك في مودة. ولكنه....................السودان.

لم أكن أعرف عن الماركسية إلا في حدود ما أعرف عن الهندسة الوراثية، وكنت مولعاً بالقراءة، أغيب في الكتاب عما حولي، ولا ينام لي جفن وأنا في معية كتاب يستهويني حتي أفرغ من قراءته، وأنا على تلك الحال، وقع في يدي كتاب عبارة عن مبحث بعنوان( الإيمان بالله والجدل الشيوعي) كاتبه يدعى فتح الرحمن الجعلي من قرية أم سنط، هذا الكتاب شحذ فيّ روح البحث في أعماق الكتب الماركسية عن الحقيقة( الطريف هذا الكتاب صادره جهاز الأمن ضمن كتبي الماركسية جهلاً على إنه كتاب ماركسي، ولكن يقيني أنه كان يجب على الحركة الإسلامية مصادرته من الأسواق لحجته الضعيفة في نقد الفكر الماركسي التي تبرز بهاؤه أكثر)، الكتاب الثاني رواية بعنوان الأم لمكسيم جوركي وكان مصير هذا الكتاب أن أهديته بعمى بصيرة لشخصٍ ما لا يستحق، وبعد هذين الكتابين عافيت أي كتاب لا يحمل صبغة ماركسية. وبما أنني لا أود لإفادتي أن تذهب منحى قصص إسلام الصحابة سأقفز قفزة عالية وأقول لقد قبل طلبي للإنضمام للجبهة الديمقراطية للطلاب السودانيين بثانويات الجزيرة ومن بعد نلت عضوية الحزب الشيوعي السوداني.

دخلت الجبهة الديمقراطية بكل ما أحمل من محمولات الدين والثقافة والعرق، تناقضات تحسم وأخري في سبيل الحسم وثالثة إستعصت حتى هذه اللحظة، تداخل في رحلتي كثيراً الذاتي بالموضوعي، طغيانا من كلاهما على الآخر، كما أسهم الواقع والظروف كثيرا في أن أختار طريق دون الآخر.

عندما إنقضت الجبهة القومية الإسلامية على السلطة عشية الثلاثين من يونيو 1989، كنا في الجبهة الديمقراطية لثانويات الجزيرة نحضّر لعقد المؤتمر العام بالمجال، وذلك لمناقشة العديد من القضايا التي تهم التنظيم من النواحي الفكرية والتنظيمية في المنطقة، وكانت الإستعدادات على أهبها، ومع أن تلك القضايا لم تكن بالحدة التي نعيشها الآن إلا أنها ألقت بظلال سالبة على التنظيم بعد ذلك في صراعه المرير مع السلطة، التي إختارت توقيت الصدام ومسرحه، ولم نكن لقصر تجربتنا السياسية، وقلة حيلتنا المعرفية، نعي حجم المسئولية التي نحن بصدد مواجهتها، بدليل أننا زينّا الشارع بشعاراتنا المناهضة للسلطة من خلال الكتابة بالبوهيه علي الحيطان والأسفلت، وأغرقنا المدينة بمنشورات نارية، كما واصلنا في أركان النقاش منددين بإغتيال الديمقراطية ومطالبين بالإلتزام بميثاق الدفاع عن الديمقراطية، ترتب عن ذلك نتائج وخيمة فاقت كل تصوراتنا، وثبت خطل قراءتنا للواقع، ومن تلك النتائج أورد:

النتيجة الأولى أصاب السلطة رعب وذعر حقيقيين من هذا العمل الإعلامي الضخم، والذي تم بشكل يوحي بروح تنظيمية عالية يتمتع بها تنظيمنا( ضابط الأمن المدعو عمر نمر قالها لي أثناء إعتقالي بأنه يفتخر بقضائه على تنظيم الجبهة الديمقراطية للثانويات بمنطقة الجزيرة، أخطر تنظيم يستغله الشيوعيون على إمتداد الوطن وكنت أسمعه كاتما سخريتي حتى لا تفضحني)، مما حدا بالسلطة التعامل معنا بحجم أكبر بكثير من حجمنا الطبيعي، وخلقت من الوهم تنظيما اسطوريا للجبهة الديمقراطية، وعميت عن أننا نعتمد على الحماس أكثر من الخبرة ورد الفعل أكثر من التكتيك، ونستنهض فينا قيم الرجولة لتكون معيننا دون المعين المعرفي والفكري.

النتيجة الثانية تعرض التنظيم من جراء ذلك الوهم للضرب بعنف من قبل جماعة الأمن، فكان الإعتقال والتعذيب ودس عناصر أمنية أوساطنا لتكون مصادراً، وبث حالة من الإرهاب والتخويف في أوساط عضوية قليلة التجربة ضعيفة البنيان. مما تسبب في شلل أصاب التنظيم، وقلل فرصه للكسب هذا إذا لم نقل نخر في عظمه المصاب بالهشاشة أصلا وأقعده.

النتيجة الثالثة توقف نمو التنظيم على المستويات التنظيمية والفكرية والجماهيرية، مع بعض المحاولات لترميمه ومحاولة تأمينه وحمايته من ضربات الأجهزة الأمنية.

النتيجة الرابعة نمت داخل التنظيم ظواهر غريبة ولا تمت للفكر الديمقراطي بصلة كالزعامة المعتمدة على التكتلات والشلليات والبطولات الزائفة، مما عمق في روح البرجوازية الصغيرة، وإنتهاج السلوكيات غير الثورية من البعض، فتحول الصراع الفكري إلى معارك تدار من أجل مكاسب شخصية، وتفشت الثرثرة والنميمة، وكثرت بلاغات الكيد الشخصي والتصيد( أحد الرفاق القدامى كان لقبه بلاغات) وإختلط حابل النضال بنابل القشرة والوجاهات، وإرتبط الفعل السياسي بالسلوكيات الشخصية إرتباطا لا فصام منه.

النتيجة الخامسة دخل التنظيم في تجربة الإنقسام والتي أتت على أخضره ويابسه، وكانت نتيجة طبعية لكل ما تم ذكره سابقا وكان لهذه التجربة أثراً كبيراً على كل من ساهم فيها و أصبحت بوصلة تهدينا في تطورنا الشخصي ودليلا يرافقنا في حلكة ظلام الجبهة الإسلامية.

ومع ذلك إستطاعت الجبهة الديمقراطية أن تزعزع الثقة في أجهزة الأمن بل وترعبهم، مما حدا بحاكم الإقليم الأوسط حينها عبدالوهاب الرؤوف الرد على ركن الجبهة الديمقراطية الإسبوعي الذي كان يتحدث فيه الصديق عصمت الدسيس، عبر برنامج إذاعي شبه يومي يحاوره فيه الإذاعي صلاح طه، كما قابل بعض عضوية الجبهة الديمقراطية بمكتبه، عندما تمت جرجرتهم من مكاتب الأمن لمباني الولاية، ليسمعوا من الحاكم أطرف عظة وأجهل حكمة.

على المستوى التنظيمي إبتدعنا تجربة فروع السكن، وذلك لتصعيب مهمة جماعة الأمن في المراقبة والمتابعة، ونجحت نجاحا منقطع النظير عندما طبقت في فرع نموذجي، ولكن لم تعمم بفعل الإنقسام، وبعد تراكم التجارب بعد الإنقسام إستطاعت الجبهة الديمقراطية بإعادة ترتيب الأوراق وإلتزام العمل السري، الذي تواصل دون توقف وظلت ترفد الجامعات السودانية بالرفاق حتى تخرجي من الجامعة ونهاية صلتي بالجبهة الديمقراطية.

وعلى المستوى الفردي قامت الإعتقالات المتكررة والتعذيب بتقوية شكيمة الرفاق، وزاد الحنق على النظام إيماننا بالديمقراطية رسوخاً، فجعلنا من أنفسنا مشروع نضال يومي ضد الكبت والتعذيب.

مشاركتي في نشاط الجبهة الديمقراطية لم يقتصر على ثانويات الجزيرة، ولكنني شاركت بنصيب في بناء تنظيم للجبهة الديمقراطية لثانويات النيل الأبيض، وكانت سانحة طيبة للتلاقي ومرافقة زملاء أعتز كثيراً بمعرفتهم، وتظل عبارة قالها الرفيق محمد حسين أحمد سائح الشهير بجكسا حتى هذه اللحظات ترن بأذنيّ منتقداً بعض الزملاء المتقاعسين( ديل ناس المايكات هسي تجي الديمقراطيه أُف أُف ما يخلوك تقولها في الماكرفون)، ولم أكن أدري أن أصحاب المايكات سيظهرون إلى السطح حتى قبل أن ينقشع ظلام وحلكة الإنقاذ، ومع أول بادرة للإنفراج السياسي ليشنفوا آذاننا ببطولاتهم المجيدة، ولتضيع دماء الشهداء وتهدر في صبغ وتلوين أكاذيب حتى أنني أصبحت أتشكك في قواي العقلية، هل هم صادقون وأنا واهم، أم أن ما مرّ عليّ من أحداث كان أضغاث أحلام، تفرقت بنا السبل صديقي الهمام جكسا في المنافي، ولا زلنا نتدثر بالبرد وحر الصيف، وما زالت عورة عمرو بن العاص معاصرةٌ وتقبح وجه التأريخ. فهلا وقف التأريخ هنيهةً فإن لنا إفادة.

Post: #9
Title: Re: سنة روضة سياسة/ إفادات الطيش
Author: بشرى محمد حامد الفكي
Date: 12-20-2006, 02:56 PM
Parent: #1

إنت في ياتو كوم؟:

يخطئ الكثيرون عند سرد رواية إنقسام ثانويات الجزيرة عندما ينسبون إليّ كوم في مواجهة كوم الصديق الجميل عصمت الدسيس، وحقيقة الأمر أن صاحب الكوم إن جاز لنا التكويم وقائده هو الصديق الصدوق والمناضل الخلوق أحمد الزين، ولربما إقتران إسمي بعصمت الدسيس للصداقة العميقة التي نشأت بيننا أو لأنني كادرا خطابياً هي وراء هذا الخلط( طبعا صحوبيتي لعصمت الدسيس دي حكاية براها)، والمسألة ليست تهرباً من المسؤلية التأريخية ولكن هذا الشرف( شرف قيادة الكوم) لا يحق لي بأيّ حال إدعائه مع مساهمتي الفاعلة في حسم الإنقسام، فقد كنت في مدينة الدويم إبان الشرارة الأولى للإنقسام، ولم تكن عندي أدنى معلومة عمّا يجري في ثانويات الجزيرة، ولم أكن كادراً معروفاً للرفاق حتى يقوموا بالثرثرة معي، والتي كانت، أي الثرثرة، متفشية تلكم الأيام كما هو الحال في أي إنقسام، وعندما عدت حضر إليّ الزميل نصرالدين رحمة دامبا( أخ الشهيد عبدالمنعم رحمة) راكباً دراجته الشهيرة وأخبرني بما تمّ، وكيف أن عصمت الدسيس وضع الجبهة الديمقراطية والحزب الشيوعي في زاوية أضيق من سمّ الخياط، ومن بعده وصلني من سكرتارية الجبهة الديمقراطية، الزميل أحمد الزين يحمل تكليفاً لي وبعض الزملاء في التصدي للإنقسام( قد أتحفظ في كتابة بعض الأسماء وذلك لأسباب معروفة سلفاً)، ومنذ ذلك الحين بدأت علاقتي بالإنقسام وبدأ إسمي يتداول وسط الزملاء حتى وصل إلى جهاز الأمن الذي رأى في شخصي الضعيف الزعيم رغم صفر( هذا يرجع لثقافة الشياطين الثلاثة عشر التي تمثل معين أفراده المعرفي) وذلك لظهور إسمي فجاءة في مسرح الأحداث.

من هو عصمت الدسيس؟:

ربما أثارت صداقتي له الكثير من التساؤلات وأنا المتمترس في خندق الماركسية وهو ينتقل بين التخوم الفكرية تارةً يساراً وتارة يمينا وما بينهما( الوسطية)، يضيف اليها من ألقه وتضيف اليه حنكة وحكمة، بحثه دائم عن الوطن الفكرة. وقلقه وحساسيته المفرطة تجاه المعرفة، وذكاؤه الوقاد ومن ثمّ طموحه هم عناصر شخصيته، المثيرة للجدل، ولو جاز لي أختاره الشخصية الألمع في حقبة التسعينات، بحوش نجوم السياسة، لأنه استطاع بجرأة لا يفوته فيها فائت ان يفضح مسلماتنا السياسية ويمرمطها واحدة تلو الأخرى، أجبرنا قبول اللامعقول والتسليم له، ومن ثمّ التصالح معه، وجعله جائزا، عبر عن سخف السياسة السودانية بطريقته ونكهته الخاصة جداً، فأصبحت ماركة مسجلة له، صال وجال عبر عن أرائه دون خوف أو وجل فليس لديه ما يخاف عليه سوى قيود تسمى مجازاً أساور الفكرة، مهما اختلف حوله المؤرخون لتأريخنا السياسي لفترة من أحلك فتراته فأنهم لن يستطيعو تجاوزه بل طواعية سيحجزون له صفحات عدة، التقينا وأختلفنا كثيراً، تطور خلافنا الى صراع ودوماً ينتصر في صراعي معه حب هذا الوطن ودوماً أسميه صديقي، إنه بالفعل صديقي ورفيق دربي عصمت الدسيس.

من مواليد مدينة ودمدني، من أسرة دينية ينتمون الى الأشراف، أهله يقطنون قرية بالقرب من ودمدني سميت على جده الشريف الدسيس، ينادونه في أوساط قبيلته بالشريف، لا يحضر مجلس الا طغى عليه بكاريزما خاصته فتجد الجميع آذان صاغية، إلتحق بإتحاد الشباب السوداني وشغل منصب السكرتير الثقافي له بحي إشلاق البوليس بمدني وهو لم يزل في الصف الثالث المتوسط، نال عضوية الجبهة الديمقراطية وأصبح متحدثاً بإسمها، إستطاع من خلال ذلك ان يضيف لخطابها السياسي من نكهته، وترك طابعه عليه حتى بعد أن هجرها لغيرها. كان مرشحاً لنيل عضوية الحزب الشيوعي، باحث دائم عن الحقيقة لا يعرف الهدوء ومصاب بجرثومة الإنقسام والتمرد. إنقسم على الجبهة الديمقراطية مرات عدداً.

المؤسس الفعلي لحركة القوى الجديدة الديمقراطية ( حق)، كسب لها معظم عضويتها بجاذبيته ومنطقه الآخاذ، إنقسم عليها وأعلنها حرباً على قيادتها، إنضم لحزب الأمة القومي، وعلى نسق كباركم في الجاهلية كباركم في الإسلام إستطاع أن يحجز له مكاناً جماهيرياً واسعاً وسط الأنصار، أهدر دمه مرات عديدة آخرها بيان شمله مع مجموعة من القيادات ذات الوزن الثقيل، وإجتمع علماء المسلمين مراراً ليفتو فيما يقول به. حاربه الكثيرون وكرهوه، وناصره الكثيرون وأحبوه، وعلى المستوى الشخصي، إنسان بسيط جداً همه الوطن، يحب الهدوء ومحاسبة النفس بقدر حبه للضوضاء وإثارة المشاكل. عشنا سوياً أحلى سنين وأتعسها، كان مسكننا يحتوي على طربيزة نتناوب النوم عليها، أزعجته كثيراً بشخيري، وأزعجني كثيراً بحكاويه التي لا تخلص، و لم تزل فينا شئ من شقاوة تستغرب لها أسرتينا، مقالبه تغيظني حد الإنفعال واتلذذ بوضعه في المواقف الصعبة التي ليس منها فكاك. يحرجني كلما وجد فرصة وأتصيده في كل زمان ومكان لأضعه في كستبانة.
قلت تثير صداقتي له الكثير، حتى أن مواقفي إرتبطت دوماً بإسمه، فتارة أنا منفذاً لأجندة تخصه وهذا عند إتفاقي معه، وأخرى أنا أغير منه كونه كادر خطابي من طراز فريد وهذا حين يحتدم بيننا الخلاف، وفي كلٍ طغت كاريزما عصمت وطششت الشوف فإختلط على الكثيرين معرفة كنه وسر علاقتي به وإن كانت ببساطة صداقة.

Post: #10
Title: Re: سنة روضة سياسة/ إفادات الطيش
Author: Ismat ELdisies
Date: 12-21-2006, 03:15 AM
Parent: #1

الصديق بشرى
هي هكذا ببساطة صداقة ععندما كان الخلاف يعصف بصبرنا و حكمتنا كنت ألعن
قدري الذي جعلك صديق و لكنها حفظت نفسها بقدريتهالا بقدرتناالى أن جذبت بنارها
الأحباء الصحابي ناصر وائل جني
لتجربة أتحاد الشباب خصوصية عندي فهي كانت مدخلي الصادق لعالم السؤال وقد وترت
به الأصدقاء الكبار في كل شيء صبري الشريف...عادل عوض الله ونجم الحركة العمالية في ذاك الزمان محمدسيف الدولة كنت (أحبس) لهم بعصا سؤالي في مفترق مدرسة الشرطة الأبتدائية بنات الى أن رماني صبري الشريف بكتاب يصعب علي حمله قبل فهمه (أسس الفلسفة الماركسية)و أظن صبري أراد التخلص مني أكثر منه تجنيدي ولكنني قرأته بعقل حفظ وو ترت لياليهم بما حفظت..بعض جمل الكتاب تسرب منها قليل من الفهم و المفاهيم لعقلي فكانت الدهشة...أشلاق البوليس كان أقرب للكمونة في تركيبته المتساوية بمسافات تصنعهاشرائط من قماش لا تضيف أي ملمح على (صينية الغدا)فقط هي شرائط من قماش بهذه الخصوصية الأجتماعية قدم الأشلاق /مدني خصوصية نضالية لها رموزها ...
مدني الثانوية..تطيب لي يا بشرى طريقة سردك ولكني لا أود أن أخلق سرد موازي فأسمح لي بالتحرك في مساحات سردك.....طبيعة الصراع في ثانويات الجزيرة كان له أبعاد فكرية
جعلت الصراع متميز بعمق هذه الرؤى و قلة تجربة من يحملها...بدأ الصراع بعد أنتهاء سكرتارية الثانويات وكان الزميل أحمد قد قادرها و بقيت أنا فيها مع أربعة زملاء آخرين
مازال بعضعهم يثري اليوم النضالي في السودان كان لزاما علينا نحن الخمسة تصعيد زملاء
بشكل تدريجي و تأهيلهم للعمل القيادي و ذلك لأن ظروف العمل لم تكن تسمح بعقد مؤتمرات المدارس للتصعيد لمؤتمر الثانويات فوجيء مكتب الحزب بأن كل المصعدين للسكرتارية زملاء ديمقراطيين عداء واحدة كانت مرشحة حزب في ذاك الزمن كان الحزب قد أوقف ترشيحي الحزبي بعد تقديمي لورقة (نحو الكفاح المسلح) و التوقيف بسبب رفضي لجنة تحقيق خولها و أصراري على أنها ضمن الصراع الفكري ولهذا قصة طويلة عموما موقفي المتوتر مع الحزب
جعل القيادة في مكتب الطلاب تفترض أنني أستخدم ج د الثانويات كأداة في صراعي معه ولي ملاحظة في جملة صراعي معه و هي أنني كنت أنظر للحزب كمقدس و لم يدور في خلدي فكرة الصراع و لكن كنت أدافع عن أرائي بتلقائية....توترت العلاقة بيننا (أنا و السكرتارية المصعدة)و الحزب من ناحية أخرى و بدأت التكتلات بأستقطاب الحزب لعضيوية الثانويات لخلق تيار موازي لنا أنتهى الأستقطاب بتكوين الحزب لسكرتارية موازية لسكرتارية الثانويات... بعدها أتصل بي بعدها أتصلوا بي في مطالبة قاسية بتقديم استقالتي من كافة مؤسسات الحزب....بشرى لقد حاولت الأختزال دون الأضرار بالتوثيق ولكن ما زكرته هو
نتاج لسيناريوهات طويلة و معقدة أكتفيت بذكر المحصلة...سأواصل معك في سرد تداعيات ثانويات مدني