تحضيرات ما بعد الهزيمة الأميركية في العراق وأفغانستان

تحضيرات ما بعد الهزيمة الأميركية في العراق وأفغانستان


11-04-2006, 08:39 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=60&msg=1162669161&rn=0


Post: #1
Title: تحضيرات ما بعد الهزيمة الأميركية في العراق وأفغانستان
Author: Elsadiq
Date: 11-04-2006, 08:39 PM



الصحافي أحمد موفق زيدان
مدير مكتب الجزيرة في باكستان
http://www.maktoobblog.com/ahmedzaidan

الراصد لتصريحات المسئولين الأميركيين ومحلليهم، والمتمعن لما بين السطور وما خلفها يجد أن إعلان الهزيمة الأميركية والانسحاب من العراق وأفغانستان مسألة وقت، وأن القرار اُتخذ، بغض النظر عن كل التصريحات البوشية العنترية التي لا تُقرأ إلا على أنها زفرة ما قبل الموت، ولسنا هنا بصدد الحديث والتدليل على ذلك، فما يعنينا في هذا المقال هو التحضيرات التي لجأت أو سيلجأ إليها الطرفان المهمان والمعنيان في هذه المعادلة طرف خاسر بكل تأكيد وهو الدول المتحالفة مع الأميركيين، وحرصت على دعم هذا المخطط منذ البداية ونافحت عنه وسعت إلى إنجاحه لبلوغه نتيجته غير المنطقية، وطرف مقاوم لم يكشف عن المرحلة الجديدة باستثناء برنامج القاعدة السياسي الذي أثار جدلا في تأييده أو معارضته ، أو مجلس شورى المجاهدين التي تشكل القاعدة رأس الحربة فيه أو عموده الفقري، في حين آثرت جماعات المقاومة الأخرى مثل الجيش الإسلامي ، وكتائب ثورة العشرين عدم التركيز كثيرا على شكل الدولة التي يريدانها وهو موضوع في غاية الأهمية وتحديدا في هذه الظروف العصيبة.

سأبدا بالحديث عن الطرف الثاني كونه الأهم في هذه المعادلة خصوصا وأن مواقفه وبرامجه ستنعكس سلبا أو إيجابا على الطرف الأول الذي سأتطرق إليه لاحقا، فتنظيم القاعدة منذ البداية يعتمد في إيديولوجيته وفكرته على قيام الدولة على أي بقعة أرض من أجل الانطلاق إلى ما بعدها وهو ما تحدث عنه بإسهاب الشخصية الثانية في تنظيم القاعدة الدكتور أيمن الظواهري في كتابه فرسان تحت راية النبي، وبالتالي فلسنا بحاجة إلى بذل الجهد في معرفة مواقفه وسياساته، غير أن هذا لا يمنع من الإشارة إلى أن أي مشروع لا بد أن يكون متسقا مع ظروفه وبيئته والجهات العاملة هناك، حتى يكتب له النجاح أولا، ولا يصطدم مع قوى نافذة أحيانا، لكن المهم هنا معرفة موقف الجيش الإسلامي وكتائب ثورة العشرين وتحديدا الموقف السياسي، فحتى الآن حسب معرفتي القاصرة ، لم نلمس لهما تأكيد واضح على قيام الدولة الإسلامية وشكلها وربما أكون مخطئا .

هذا السؤال في غاية الأهمية، وهنا لست معنيا في أن يلجأ الجيش الإسلامي أو كتائب ثورة العشرين في تأييد القاعدة وبرنامجها في دولة العراق الإسلامية بقدر ما أنا معني في الكشف عن برامجهما السياسية لمرحلة ما بعد رحيل الاحتلال، فظهور ممثل البعث العراقي على شاشة الجزيرة وحديثه السياسي يرافقه صمت الآخرين يستدعي الكثير من التوقف والتبين ، ويستدعي بالمقابل مزيدا من قراءة المستقبل، وخشية جدية على أن تُسرق الجهود مرة أخرى، خصوصا إذا أخذنا بالاعتبار ما رددته وسائل إعلام غربية عن إمكان أن تلجأ أميركا إلى البعثيين لملاحقة الجهاديين،أو القاعدة تحديدا، وهو ما عكسه مقال مطول لبيتر برغن في النيويورك تايمز يوم الجمعة الماضي .

هل سنشهد ملاحقة عناصر القاعدة أو الجهاديين بشكل عام في مرحلة ما بعد خروج المحتل كما حصل للمجاهدين العرب في أفغانستان حين طوردوا واعتقلوا في بيشاور وغيرها، أم أن فصائل المقاومة ستفاجئنا وتكشف عن برنامجها السياسي وتخفض جناحها لبعضها البعض بحيث تتنازل عن حظوظ نفسها تحقيقا للمصلحة العليا وهي مصلحة مئات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعوقين ، وقبلهم مئات الملايين من الأحياء منهم والمتعاطفين معهم .
الأمر الآخر الذي يثير الاستغراب هو عدم طرح مقاومي الجيش الإسلامي وكتائب ثورة العشرين لرموزهم وتعريف الناس بهم عبر وسائل الإعلام بينما الكل يقدم رموزه، فالرمزية مهمة في مرحلة الالتفاف الشعبي وكذلك في مرحلة ما بعيد رحيل الاحتلال.

الطرف الآخر من المعادلة العراقية الصعبة هنا هو أميركا والدول الحليفة لها في المنطقة من غربية وعربية وإسلامية ، بداية لا بد من تذكر ما قاله مستشار الأمن القومي الأميركي السابق زبيغينو بريجنسكي والذي هو مع وزير الخارجية السابق هنري كيسنجر يشكلان كعب أخيل في كل الحكومات الأميركية وحتى الحالية بريجنسكي قال في الذكرى السنوية الخمسين للعدوان الثلاثي على مصر عام 1956 إن هذا العدوان شكل علامة فارقة لتراجع الدور البريطاني وهيمنة الدور الأميركي، وإن الوقت الحالي يشكل نهاية وتراجع الدور الأميركي بعد غزو العراق مضيفا:" إننا نواجه وضع تراجع حقيقي على مستوى الشرق الأوسط، واحتمالية طردنا من المنطقة ."أما ريتشادر هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأميركي الذائع النفوذ ريتشارد هاس فقد قال في مقال له مطول في فصلية الشؤون الخارجية الأميركية :" إن عصر الهيمنة الأميركية في الشرق الأوسط انتهى،
وعصر جديد لتاريخ المنطقة المعاصر قد بدأ.”

رئيس الوزراء البريطاني توني بلير وصف هزيمة الأميركيين والبريطانيين في أفغانستان والعراق إن حصلت بأنها هزيمة للغرب كله، أما كيسنجر فقد قال إنها هزيمة لمكاسب حصدها الغرب طوال خمسة قرون ماضية، واقتفى أثر تصريحاتهما أيضا الجنرال ريتشارد مايرز رئيس هيئة أركان القوات الأميركية المشتركة بقوله:" إن انتصار قوات التحالف على المقاومة العراقية كمثل الانتصار في الحرب العالمية الثانية أو أزيد .
أما حلفاء أميركا في الدول العربية والأطلسية فستكون أحد الضحايا الأساسيين للهزيمة الأميركية ورحيل واشنطن عن المنطقة ، ينضاف إليهم رموز الليبرالية العربية وهو ما سيعني تلقائيا تصاعد المد الإسلامي والمقاوم، فقد تحدثت تقارير كثيرة عن عكوف دول الأطلسي للبحث في مرحلة ما بعد الهزيمة الأميركية وانسحاب الجيوش الأميركية من العراق وأفغانستان، كما أن بعض الدول الخليجية بدأت بفتح علاقات جديدة مع دول في شرق آسيا كماليزيا وسنغافورة وغيرهما من أجل التعويض عما سيحصل في حال الهزيمة الأميركية وانسحاب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان.

لكن يبدو أن ما يساعد أميركا حتى الآن هو عدم وجود المنافس أو البديل للحلول محلها في المنطقة، فالاتحاد الأوربي فشل في اجتراح سياسة واستراتيجية عسكرية للحلول محلها، كما أنه لا تستطيع أي دولة في العالم أن تقدم مثل هذا العدد الضخم من الأموال لتنفقها في العراق فضلا عن نشر مائة وأربعين ألف جندي هناك.