مرة أخرى.. أربعاء مستعمل وبحالة جيدة.. للبيع أو الايجار أو التقبيل!!؟؟

مرة أخرى.. أربعاء مستعمل وبحالة جيدة.. للبيع أو الايجار أو التقبيل!!؟؟


09-06-2006, 07:14 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=60&msg=1157523248&rn=0


Post: #1
Title: مرة أخرى.. أربعاء مستعمل وبحالة جيدة.. للبيع أو الايجار أو التقبيل!!؟؟
Author: طيفور
Date: 09-06-2006, 07:14 AM





في صبيحة يوم السبت ذهبت إلى سوق الخميس أبحث عن يوم أربعاء مستعمل
حيث أني قد أهديت أربعائي القادم لكائن عزيز

وجدت أكثر من أربعاء مستعمل معروض للبيع لدى تجار الخردة ..
بعضها استعمال خفيف طفيف وبعضها أصبح كأنه خرقة بالية من سوء الاستعمال..

هذا أربعاء مثقوب ..

وهذا أربعاء منهك على جدرانه شخبطات وشموع وورود مبعثرة كأنه خارج من عيد ميلاد طفل..


ياااه ، كم أربعاء صاخب مسرف يستهلكه اطفال الطفرة..

وماذا يفعلون بمثلي.. تاريخ ميلاده.. كموته ، مجهول،
أحد الملايين التي ولدت في يوم واحد سبعة ..
أرجو أن لايكون يوم أربعاء

في أجهزة الأحوال المدنية لايوجد خانة للبحث في تاريخ الميلاد..
نصف الشعب مولود في يوم واحد و.. النصف الاخر لم يولد بعد

هذا أربعاء مستعمل خارج البلاد ..
في بلاد ماوراء "النـهار" !.. حيث "يعيش" الظلام

هذا الأربعاء لم أجد فيه نهاراً .. لم تشرق عليه الشمس..
أربعاء سيء السمعة تفوح منه رائحة المالبورو.. والمارغوانا و..
عصير عنب قديم وزرياب.. لايوجد فيه إنسان..
تفوح منه رائحة سراديب المدينة الضيقة وخرائبها Down town ..
من الصالات المغلقة بأضواءها الملونة وأصواتهاالملوثة رائحة العفن ..
وفي الحانة المغلقة تتكدس أكوام من الكائنات الحية

ذات يوم بلا ملامح .. ساقتني أقدار أربعاء منحرف .. إلى عتبة الظلام ..
وباب يفصل بين صمت الأزقة الخالية وبين ضجيج يهز جدران قاعة يحكمها الجنون ..
فتحت الباب ليصفعني الضجيج .. تسمّرت..
وكان عبدالعزيز مخيون يجلس على كرسي خشبي في مقهى شعبي مجاور
يلتفت إلى فتاة ليل سحقتها أقدام المدينة..

يسألها : .................... ؟؟
فتجيب: ................... ـ

ليبصق في وجه المدينة ويهمس -بحرقة- لصديقه ..."صحيح تعليم عالي" .. وتربية واطية!!
ورأيت -فيما رأيت- شبح "رجل" قادم من الصحراء .. يتراقص بنشوة فوق خشبة المسرح ..
والصبايا - السبايا يصفقن له "كيس من الطين" .. لاقيمة له .. رغم وزنه الثقيل..

لم أجد كلاما وكنت - في الصمت - وراء الباب أقرأ لدرويش

وأنا وإن كنت الأخير
وجدت مايكفي من الكلمات
والموت يعشق فجأة، مثلي
والموت ،مثلي، لايحب الانتظار

وكنت أصرخ كالمجنون صرخة يفقد الصدى ملامحها..

ياااه كم هي المسافة التي تفصل بين "هذا" وبين محمود درويش

ثم يرد عليّ هو..

لاتعتذر عما فعلت
أنزل هنا والآن عن كتفيك قبرك
وأعط عمرك فرصة لترميم الحكاية
فأخرج من "أنا" ك إلى سواك
ومن رؤاك إلى خطاك
فاللامكان هو المكيدة
-
هو .. اللامكان
لابد إذاً من ترميم الحكاية

ألتفت - بحسرة - للبائع...

هل لديك أربعاء برائحة السمر برائحة الهيل (على وزن طعم الفراولة) ..

هل لديك أربعاء بطعم المساء ... بطعم السماء ..

هل لديك أربعاء مطرزة سماؤه بالنجوم..

هل لديك .. أربعاء...

أكثر الأربعاءات سحقتها المدن .. شردتها الأرصفة .. استنزفها الزحام
كانت ولازالت المدينة كائن وقح ، لايستأذنك .. ولا يستأذن أربعاءك في شيء..

أمرأة متسلطة في بيت رجل مغلوب على أمره ونهيه
عاهر.. تمارس عهرها في الليل والنهار .. أخلاقها أخلاق مومس ..
لعوب مراهق تكشف مفاتنها دون حياء
لوحاتها الضوئية الصاخبة تقول هيت لك

باسكن روبنز ..

ماكدونالدز ..

بيتزا هت ..

شيليز ..

هارديز ..

ستيك هاوس ..

فرايديز ..

ستاربكس ..

آوت باك

ألا تشبه أسماء راقصات عاريات ! .. وألوان كملابسهن؟؟

ينتهي الرصيف الحقير تحت أقدامك دون أن يستأذنك ..
رغم أنك تسير وتخطو كل خطواتك معه منذ البداية
تنتهي الجدران والعمران في أي لحظة
تستوقفك الإشارة المرورية متى ما أرادت
حريتك مسلوبة مفقودة مصادرة في المدينة
السيارات .. الناس .. الدخان ..
حتى اللامرئي اللامحسوس اللامسموع -في المدينة- يقتحم خلوتك

إنه ذلك البلوتوث اللعين..
هذا الذي يتسرب اليك اليوم من كل الجهات التي تعرفها والتي لاتعرفها..

في "المدينة" أحاول قتل اليأس فيقتلني الأمل ..

أخرج لأقتل الصمت فيغتالني الضجيج...

كنت في الصحراء بلبلاً يغرد خارج السرب ..
فأصبحت في المدينة سربا - كالسراب- أضاع بلابله .. وصوته


لا أجد أربعاء يناسبني..
تلك هي النتيجة

أعود من السوق بخيبة أمل أجرجر حظي العاثر
هو ذاك .. رزنامة لاتحمل أربعاء

أخرج في اليوم الفاصل بين الثلاثاء والخميس ...
ويبقى وجهي متسمراً في المرآة .. أتلمس مكان وجهي فلا أجده
أرسم وجهاً سريعاً -كيفما اتفق - يشبهني - في الأربعاء - وأمضي به

لا احد يلحظ الإختلاف ، لا أحد يحفل بك ، لا احد يذكر ملامحك الأخيرة .. حتى انت
تتعب المرآة من حمل وجهي - الذي تركته - فإذا حل الظلام قذفت به في إحدى زوايا الغرفة..
دوماً ينتظرني هناك

عندما أعود أحمل وجهاً مستعاراً لطخته المدينة ..
وأستنزفته عوادم السيارات وعوادم البشر
وجه أسود كئيب يحمل ملامح الأربعاء
-
-
المدينة تزني بالأربعاء ... من يرشقها بالحجارة




(حاطب ليل)
نقلا عن موقع الساخر