عثمان ميرغني والقتل بالقلم المسموم

عثمان ميرغني والقتل بالقلم المسموم


06-28-2006, 03:36 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=60&msg=1151462212&rn=0


Post: #1
Title: عثمان ميرغني والقتل بالقلم المسموم
Author: waleed500
Date: 06-28-2006, 03:36 AM

عثمان ميرغني والقتل بالقلم المسموم

أثلج صدري وشفى نفسي أن كتاباً كثيرين تصدوا خلال اليومين الماضيين ، لما كتبه الاستاذ عثمان ميرغني نهاية الاسبوع الماضي مخذلاً فيه عن دعوة الرئيس للصمود والتصدي ، في وجه قوات الاحتلال الدولية ، التي تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها في الامم المتحدة إدخالها إلى السودان من ثغرة دارفور.. وكان على رأس هؤلاء الدكتور الشوش ومحمد طه محمد أحمد والهندي عز الدين وغيرهم وقد كانت هذه الكتابات جميعاً تزخر بالمنطق، والحكمة، والحجة القوية الدالة على صواب موقف الرئيس الوطني والشرعي ، وبطلان دعاوي المخذلين والمسبطين من أمثال الكاتب المذكور. الشيء الوحيد الذي آخذه على هؤلاء الاساتذة احسانهم الظن باصحاب هذه الدعاوي الباطلة وخاصة عثمان ميرغني الذي عاد اليوم للمرة الثانية ليكتب بنفس الطريقة ولنفس الهدف ، وهو يلوك حججاً فطيرة وممجوجة عن المظاليم والمسحوقين والفقراء والمحرومين الذي أفقرتهم سياسات الانقاذ ـ كما يقول ـ كل ذلك ليصرف أنظار السذج، والحمقى من امثاله إلى أن المعركة الحقيقية هي مع الانقاذ ونظامها.. وليست مع العدو القادم من خارج الحدود بكل خيله وخيلائه وأجندته التي لم تعد خافية بعد تجارب افغانستان والعراق خاصة.
وهو في هذا السلوك لا يختلف عن جاره الذي عن يمينه في الصحيفة، ذلك الذي قاده فجوره في الخصومة مع الانقاذ ان يفضل عليها الجيش الغازي.. وقد اختار اليوم قضية أمراة هدمت السلطات بيتها المخالف للتخطيط ـ حسبما ذكر ـ.. ليجعل ذلك سبباً لرفض دعوة الرئيس للنفرة والتصدي للغزاة القادمين.
إن ما كتبه عثمان ميرغني في نهاية الاسبوع الماضي وسار على نهجه خطير بكل المقاييس ، وأخطر منه الجرأة على نشره في هذا الوقت الدقيق والظرف الحرج الذي تمر به البلاد.. حيث انها المرة الاولى بعد جلاء قوات الاستعمار الانجليزي في ٥٥٩١م ، أن يراد إدخال قوات أجنبية متنفذة »تحت البند السابع« بصلاحيات واسعة تجعلها في خانة قوات الأحتلال تماماً..
ورغم كل ذلك فان السيد ميرغني يجد المزيد من الجرأة ليواصل مسلسل التخذيل وتسبيط الهمم.. مما يؤكد أن حافز الاستمرار في هذا البرنامج عنده أكبر من حيثيات التوقف.. ولذلك لايجب أن لا نحسن الظن به ، لأن القول القاتل لا يصدر في الوقت القاتل إلا عن قاتل محترف .. (ومن قال هلك الناس فقد أهلكهم) رغم الفارق الكبير بين قول من قال هلك الناس وبين أقوال عثمان ميرغني التي تقتل أمة.
وقد وجد الكاتب المذكور ضالته هذه المرة في خبر نشرته »الحياة اللندنية« ، عن بيان أصدرته الحركة الاسلامية بالسودان، مؤيدة فيه موقف رئيس الجمهورية وسمته »بيعة الموت والنصرة« وقد سخر الكاتب من كل أركان الخبر، إبتداءً من اسم الحركة الاسلامية متهكماً منها في اشارة إلى خطأ في صياغة الخبر الذي نسبها إلى فرع في المؤتمر الوطني ، وتساءل في مكر مفضوح هل أصبحت الحركة الاسلامية معنية فقط بشؤون الموت؟ في إشارة متهافتة منه إلى اسم البيعة ، ومضى الداعية الهمام في غيه المفضي إلى الهلاك حين تصدى للفتيا في أمر الدين ، مذكراً ان الرسول صلى الله عليه وسلم ، وصف قتال العدو بالجهاد الاصغر، بينما يرى هو أن أهم واوجب منه جهاد النفس الذي سماه الرسول صلى الله عليه وسلم الجهاد الأكبر.. وقد قعدت عنه الحركة الاسلامية كما يعتقد.
كثير من الناس يظن، وبعض الظن أثم ، أن عثمان ميرغني نشأ وتربى في كنف الحركة الاسلامية، وإن صح هذا الزعم أو لم يصح ، فإن عثمان ميرغني كاعلامي وكاتب معروف ومطلع على حقائق الاشياء ، لايجهل أن الحركة الاسلامية هي الوعاء الأشمل ، الذي خرجت منه كل المؤتمرات ، وطنيها وشعبيها، وربما الباقين فيها الصامدين على مبدأ التوحد أكثر من الذين هم داخل التنظيمات المنشقة ، ولكن عثمان ميرغني يفضحه تصديه للفتيا ويكشف جهله الفاضح بتنزيل النصوص وتخريجها ومقاصدها.. والحديث الذي ذكره ـ على رغم ضعف سنده ـ فانه لا يفسر على النحو الذي خطر على عقله المشغول باحاديث أخرى عن دولارات يسيل لها اللعاب والحبر على الورق.
والكاتب لضعف ثقافته الاسلامية، يجهل الفرق بين جهاد الطلب الذي وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو عائد منه »بالجهاد الاصغر« وبين جهاد الدفع الذي هو ذروة سنام الاسلام وهو واجب على كل رجل وأمرأة، وكبير وصغير، ولا يقعد عنه إلا منافق معلوم النفاق.. أو صاحب عذر، وبعض العلماء لم يعذر في جهاد الدفع حتى أصحاب الاعذار.
وجهاد الطلب الذي وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بالجهاد الاصغر ، لم يكن ذلك تصغيراً لشأنه ولا تحقيراً لأمره ، ولا تقليلاً لأجره.. وإنما ذلك لأن ساعاته أو ايامه معدودة ، سرعان ما تنقضي ويعود بعدها المجاهد الى داره وأهله ويبدأ جهاده مع نفسه الذي سماه الرسول المعلم بـ »الجهاد الاكبر« لديمومته ، ولانك فيه تجاهد الهوى والشيطان ونفسك التي بين جنبيك وكل الأمارين بالسوء من أمثال عثمان ميرغني. والمعركة مع هذه الخصوم الفتانة ، مستمرة ما استمرت الحياة.
وبعد أيها القاريء الكريم قبل أن تقرأ المقال ـ أي مقال ـ أذكرك بان تقرأ تاريخ اليوم ، لتعرف القصد والهدف النهائي من وراء ما كتب ، ثم تمعَّن جيداً فيما بين السطور ، لتعرف لمصلحة من كتب.. وقانا الله وإياكم شر أعداء الدين والوطن، من ظهر منهم ومن بطن ، إنه نعم المولى ونعم النصير.

البشرى محمد عثمان