مقال هام عن واقع المدارس والتعليم

مقال هام عن واقع المدارس والتعليم


06-08-2006, 00:28 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=60&msg=1149722910&rn=2


Post: #1
Title: مقال هام عن واقع المدارس والتعليم
Author: mohmmed said ahmed
Date: 06-08-2006, 00:28 AM
Parent: #0


ياسين النجيب

سلطنه عمان
[email protected]

يعتبر التعليم اداة لتنشئه الاجيال تنشئه فكريه وخلقيه وتربويه واجتماعيه. ولا يتاتي ذلك بالكتب والمعلمين فقط , وانما يحتاج الي منظومة عمل متكامله قوامها النبوغ والابتكار. وقد اثبتت التجارب علي ان خساره البلاد في النظام التعليمي لم تكن في انفاق الاموال او انشاء المدارس , وانما كانت في الفوضي الفكريه التي تسير هذا النظام التعليمى بالاضافه الي تناقض الافكار والآراء التي يصنع من خلالها القرار التربوى, زد علي ذلك أيلوله النظام التربوى برمته الي عناصر غير امينه تعوزها التربيه لذاتها قبل ممارستها في الآخرين مما ترتب عليه أن اصبح هذا الجيل خواءا وعبئا علي الآباء وعلي البلاد ونقطة الضعف في مركزها. واذا كان ينظر الي التنميه الاجتماعيه بفهومها الشامل والمتكامل علي انها تعتمد علي كفاءة التعليم اذا فبشري لبلادنا تحت هذا الواقع المرير بليل طويل من الجهل والتخلف سيبقي ما بقيت هذه العناصر تدير دفه التربيه في البلاد.

واولي هذه العناصر هي وزارة التربيه التي أفردتها حكومه الانقاذ للترضيات السياسيه فشغلتها عناصر لا تمت للتربيه بصلة همها الأول هو السلطه والثروة ودونهما فالتذهب التربيه الي الجحيم.وعلي هذا المفهوم الانتهازي القذر جآءت مخرجاتها فجه وقراراتها هزيله وسياساتها مضطربه خاليه من كل أوجه التطوير التربوى الذي يتلاءم مع متطلبات العصر بل عملت علي طمس ملامح التربيه والتعليم القائمه أساسا والتي كانت نتاج جهود بذلها المسؤلون في التربيه عبر السنين ومكنت هذه العناصر الوزاريه فاقدي الخبره والكفاءه من فتيه الانقاذ من كل مفاصل العمل التربوى في البلاد يبثون فيها فكرهم العقيم فقربوا من قربوا وابعدو وهمشوا معظم الكوادر التربويه التي تصدت لعبثهم الموجه للتخريب حتى وصلوا بنا الي عصر الانحطاط التربوي الذي نجني ثماره الآن بؤسا وتخلفا وأسي

ولننتقل للحديث عن الجهاز التعليمي الاداري المحلي لنري ما آل اليه في ظل هذا الوضع التربوي المتردى يقوم الجهاز التعليمي الاداري المحلي بتسيير دفه العمل التعليمي في نطاقه متمثلا في ادارة شؤون المدارس والعاملين بالحقل التربوى والطلاب, ربط المنطقه بالاستراتيجيه العامه للتربيه والتعليم بالبلاد والارتقاء بكل المؤسسات التعليميه التابعه له ورفع مستوى الاداء فيها فنيا واداريا ورفع كفاءة مخرجاتها والعمل علي جعلها مؤسسات تعليميه تربويه قادرة علي الاضطلاع بدورها بفعاليه. فهل فعلت اداراتنا التعليميه هذا؟ لنري.

أولا وبسبب ضعف القرار الوزاري فقد اصبحت هذه الادارات شبه منفصله عن مركزالقرار تصيغ سياساتها الخاصه والتي دائما يجانبها الصواب. فقد وجهت هذه الادارات كافه جهودها لجمع الاموال وتحتال علي ذلك بشتي السبل والوسائل. فمن حيلها الدخيله علي تاريخ التربيه ما يسمي بالامتحانات الشهريه التي تنفذ وتطبع في مكاتبها والتي ارهقت بها الطلاب ماديا ومعنويا . ولا يعتقد اي ساذج بان هذه الامتحانات تصب لمصلحه الطلاب واي مصلحه في ان يمتحنوا شهريا؟ مع العلم ان درجات هذه الامتحانات لا ترصد مع درجاتهم النهائيه بل علي العكس من ذلك فان هذه الامتحانات وما يعرف بالامتحان التجريبي للصف الثالث ثانوى تعيق سير الدراسه خلال العام مما ينتج عنه عدم اكتمال المناهج الدراسيه لدى كل الصفوف. فالقصد اساسا من هذه الامتحانات هو كما اسلفت ابتزاز الطلاب ماديا. ولك ان تتصور ضخامه هذه المبالغ بعدديه الطلاب الذين يتبعون لهذه الادارات وما تكلفه طباعه هذه الامتحانات مع العلم بأن كل مدخلات الطباعه من كمبيوترات وماكينات السحب الحراري متوفره لديهم ولا يعتقد غبي ان الورق والحبر يكلف كل هذه المبالغ. اما الاتاوات الاخري فمصدرها ما يسمي بطلاب الفاقد التربوي ( اذا لم تكن هذه الادارات هي الفاقد التربوى الاكبر ) فهؤلاء يستوعبون في المدارس الحكوميه علي نفقتهم الخاصه وتتراوح قيمتها بين المدارس العاديه ويسمونها الآن بالجغرافيه والمدارس النموذجيه ويتم تقسيمها بالتراضي بين مدراء هذه المدارس واداراتهم المحليه فانظروا الي اي مدي وصل بنا الحال من الفساد لنري اداراتنا التربويه بدلا من ان تدعم طلابها ومدارسها اصبحت تتلقي الدعم منهم. ولا تعي هذه الادارات بما يدور داخل المدارس من فوضى وتسيب وعدم انضباط ولا تكلف نفسها مشقة الزيارات للاطلاع علي المواقف المختلفه بنفسها. واطلقت الحبل علي القارب لكل متلاعب بمقدرات المدارس والطلاب. وعليه فقد ساد الفساد كل ارجاء المؤسسات التربويه واصبحت المدارس مرتعا خصبا للشواذ واللصوص واصبح الطلاب نهبا للجميع. وليست حادثة مدرسة البلك الثانويه للبنات ببعيدة . اذ نصّب احد اللصوص نفسه مديرا عليها ونهب كل ما فيها وهرب . ويقيني التام بان الاداره التعليميه التي تتبع لها هذه المدرسه لم تسآل من قبل اي جهة ما ولم يقدم مديرها استقالته اذا لم يكن قد رقى مكافئة له لبلوغه قمه اللا مسؤوليه والفساد في زمن اصبح فيه الفساد محمدة. وعلي نسق وزارة التربيه الاتحاديه فقد شيدت هذه الادارات لنفسها مكاتب مترفة ومزوده بكل اسباب الرفاهيه من مكيفات الهواء ومبردات المياه والمجالس الوثيره والقنوات الفضائيه والسيارات الفارهة لمدراء هذه الادارات وكأن هذه الادارات هي المعنيه بالتربيه والاهتمام دون الطلاب. ويحدث هذا في حين تفتقد المدارس لكل مقومات العمل التعليمي حتي الطباشير الجيري خلت منه المدارس. أما الشكل العام للمدارس في البلاد فيقف شاهدا علي ما آلت اليه هذه الادارات من الفساد والانحطاط فهي عباره عن مباني متهالكه لاتصلح حتي لأن تكون اسطبلا للخيول دع عنك ان تكون مؤسسة للتربيه والتعليم. ففي المدرسة التي كنت اعمل بها في منطقة الحاج يوسف حوالي الالف طالب وهي من أشهر واكبر المدارس هناك .بهذه المدرسة مزيرة واحده لكل هذا الكم من الطلاب يستخدمون علب الصلصة القديمه الصدئه واكواب بلاستيكيه متسخة للشرب ,وأول ما يطالعك عند مدخل المدرسه هو بيت الغفير وهو عباره عن أكوام من الخيش والصفيح والقش يثير اشمئزاز كل الزوار من غير مسؤولي التربيه الذين ألفوا هذه المناظر في مدارسهم وتعايشوا معها بدلا عن تغييرها . وفي فناء نفس المدرسة هنالك شجرة ظليله خصصت مربطا لحمار الفراش الأوفر حظا عن الطلاب التعساء المكدسين داخل صفوفهم الخاليه من أسباب الحياة دع عنك أدوات التعليم هذه هي اداراتنا التربويه وممارساتها المشينه فهل ينبغي لمثلها قيادة العمل التربوي ؟

أما التوجيه الفنى فلم يسلم كغيره من الادارات الاخري من ايادي العبث والتخريب فاصيب بالجمود وتدني الكفاءة ولم يعد الموجه الفنى صاحب القدح المعلي لفن التعليم من التخطيط وتنظيم المواقف التعليميه وعقد المشاغل التدريبيه للمعلمين والعمل علي نموهم المهني والفني وربط التعليم بالمجتمع وتعزيز قدرات وامكانيات المعلمين بعد تحديد مواطن القوة والضعف في ادائهم وتطوير مستويات الاداء الكلي في مختلف جوانب الحياة المدرسيه.

فقد اصبح الموجه الفني في عصر الانقاذ موظف بدون اعباء لمعظم العام فقد حصر كل دوره المذكور وغير المذكور في واحدة من اقدم آليات التوجيه الفنى وهي الزيارات الصفيه المعلنه والتي تقسم علي المدارس مع نشرات التقويم السنوى من امتحانات واجازات وغيرها .ويأتي موجهي المواد المختلفه الي المدرسه المستهدفه في يوم واحد بنظام (الكشه) والتي اصبحت طابعا مثيرا للتخويف وتمارس في كل شئ حتي التوجيه.ويتم تقييم اداء المعلمين غالبا وفق الوجبه المقدمه في الفطور وليس بأدائهم المهني اذ لا يوجد حقيقة اي اداء مهنى . ونتيجة لذلك فقد افرغ الجهاز الفني المحتوى التربوى والفنى لمهنه التوجيه ولم يعد قادرا علي خلق معلم مقتدر يقود العمل التعليمي الي غاياته المنشوده.وانشغل الموجهون كغيرهم بمصالحهم الشخصيه والتي اصبحت داء العصر الانقاذي لمعظم شرائح المجتمع. وانخرط معظم الموجهون في العمل بالمدارس الخاصه تحت امرة من هم دونهم مستوى وخبره من المعلمين ومن غير المعلمين, فكيف يتأتي لهؤلاء ممارسه مهنة التوجيه أو حريّ بنا ان نقول من يوجه من؟

ومن يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت ايلام

دعوني ادلف هنا الي مجال الاداره المدرسيه ,فالمدير الناجح هو الذي يعرف كيف يهئ جوا من العمل, ويوفر الانسجام والمناخ الصحي الملائم للعاملين, وهو الذي يعرف كيف يعمل علي زيادة فعالية العاملين معه, وكيف يحصل علي تعاونهم الكامل , وهذا يفرض عليه ان يكون علي درايه بشبكه العلاقات الانسانيه التي تربط بينه وبين العاملين معه وبين العاملين انفسهم وبين المدرسه والمجتمع المحلي. فهل اداراتنا المدرسيه تتمتع بتلك المزايا ؟

فأول الأثافي هنا يجب ان يعلم القارئ بأن ادارات المدارس اصبحت تتم عن طريق التعيين وليس عن طريق التدرج الوظيفي المعهود بحجة صاغها فكر الانقاذيين الخرب مفادها احلال الكوادر الشابه محل الكوادر القديمه وذلك بالطبع لافساح المجال لكوادرهم من داخل الحقل التربوي ومن خارجه لشغل هذه المناصب الحساسه لتكتمل حلقة التخريب من قمة الهرم الي قاعدته . أما هذه العناصر الجديده فكفاءتها المزعومه لا ترقي لاداره حظيرة مواشي ولا تؤتمن سلوكها لتربية الدواجن . فهى عناصر موجهة أساسا لتجيش الجيوش وبث الفكر الانقاذى المهوس وسط الطلاب والغريب انها تخلت عن هذا الدور وانشغلت مع غيرها في جمع الأموال وأبدعت في ذلك أيّما ابداع لا يردعها رادع ولا وازع ولا ضمير فارهقت كاهل أولياء الامور بمبالغ لا تنتهي الا بنهاية العام الدراسي وتبتدئ مباشرة مع بدايه كل عام جديد بمختلف الاسماء , فمنذ اليوم الداسي الاول تسمي الرسوم المدرسيه وهي مبالغ باهظة تتفاوت قيمتها من صف الي آخر مع العلم بأن وزارة التربيه تعلن مع بداية كل عام عن مجانيه التعليم وأن لا يدفع الطلاب أي رسوم دراسيه وأن كافة الاستعدادات قد تمت لبداية العام الدراسي الجديد من كتب مدرسيه ووسائل تعليميه وكراسي وأدراج وغيرها ليأتي الطالب في يومه الدراسي الأول ليفاجأ في طابور الصباح بخطب الحجاج بن يوسف في التهديد والوعيد وقطف الرقاب اذا لم يجلب كرسيه غدا واذا لم يدفع الرسوم الدراسيه في غضون الاسبوع الأول . أما الرسوم الأخري فهي رسوم تحويل الطلاب من مدرسة الي أخري وهي وقفا للسيد المدير لا ينافسه ولا يناقشه فيها احد وتجبي هذه المبالغ بحجة صيانة المدرسه ويندرج تحت هذا البند أيضا الاجتماعات السنويه لمجالس الآباء للتبرع للمدارس ومن ثم غارات التسول لأثرياء الأحياء جوار المدارس . والمبالغ التي تجمع لهذا الغرض قد تكفي لصيانة القصر الجمهوري نفسه دع عنك مدرسة مبنيه بالطوب والزنك ويا ليتهم صدقوا فمأزومي الضمير والانسانيه هؤلاء يأبي جشعهم حتي لشراء أباريق لحمامات المدارس.ويستمر مسلسل الرسوم فيشمل ( الف جنيه السبت ) ولا تعرف مصارفه وتتخصص فيه ادارات مدارس الاساس, ومن ثم مصاريف درس العصر والذي يمثل دواما مسائيا آخر لكل الطلاب وأحيانا يجريه بعض المعلمون بعد نهايه اليوم الدراسي لعدم التفرغ عصرا. وتاتي بعد ذلك رسوم الامتحانات الشهريه والفتريه, وبنهايه العام مصاريف ما يعرف بحصص التقويه ومصاريف المركز الذي تجري فيه الامتحانات وأخيرا رسوم تسليم ارقام الجلوس للطلاب.

ولا يتصور احد خارج المدارس كيفية جمع هذه الرسوم . فالرسوم الدراسية تجمع أحيانا بواسطة آباء الصفوف من المعلمين ولهم فيها نسبة مئوية لا أعرف مقدارها فهي نسبة تشجيعيه تمكّن المعلم من جمع المبالغ كامله لضمان نصيبه منها ويّتبع لتحقيق ذلك أبشع الأساليب من الطرد خارج المدرسه الي الضرب المبرح واستدعاء اولياء الامور . ولك أن تتصور حال ولي أمر مغلوب وأم مكسورة الخاطر دامعه ومحتبسة الصوت بالعبرات يقفان أمام غر صعلوق يستعطفانه ليمهلهما بضعة أيام لتدبير المبلغ المطلوب وهو يشيح عنهما بوجهه القبيح وردوده المستفزه. ويحدث هذا أمام مرأي ومسمع المدير الذي يبارك كل هذه الخطوات ولا يحرك ساكنا بل يشجع ويشيد بكل من يظهر القسوة والشدة أمام الطلاب وأولياء امورهم فلا غرو فالمبالغ التي تجمع كلها ستؤول لحسابه الخاص. وهذا قليل من كثير يطول سرده هنا .

ونتيجة لهذا السلوك المشين من قبل هذه الادارات الجشعة فقد حدثت فجوة عميقه في التواصل بين المدرسه والمجتمع .

فبدأ المجتمع يري ان المدارس قد أصبحت مصدرا للطمع والاستغلال والابتذاذ أ ما المدارس بتلك الادارات الشرهة فتمثل الخفاش يستنزف ضحيته قطرة قطرة حتي الموت. وانتفي بذلك الدور الأساسي للمدرسه كرائد لتطور حركة المجتمع الثقافيه والتربويه.

سوف أدلف هنا الي العنصر الأهم لكل مكونات المنظومه التربويه والذي يمثل عصبها وعمودها الفقري وهو عنصر المعلمين الذين يتحملون العبئ الأكبر في العمل التربوي بدءا بالتعليم والتقويم وصقل ومتابعة سلوكيات وأخلاق النشئ وتهذيب وتشذيب العقول الناشئة وتزويدها بالمعارف والمهارات والقيم والمثل في مختلف المراحل واعدادها الاعداد الصحي المعافي لتلعب الدور المناط بها في المستقبل . وعليه يجب أن تتوفر للمعلم الاهليه الكافيه التي تمكنه من الاضطلاع بدوره الحيوي الخطيربأن يكون القدوة الحسنة والمثل الذي يحتذي به في سمو الأخلاق ونقاء السريره وعلو الهمه والأمانه فهو من نستأمنه فلذات أكبادنا ليربيهم التربيه الصالحه ويهذبهم التهذيب الحسن ليصوغ منهم جيلا مؤهلا لقيادة مستقبل البلاد .

وهكذا دور المعلم في كل زمان ومكان وهكذا القاعدة التي يبني علي نهجها التعليم السليم. ولكن لكل قاعدة شواذ ونحن في عهد الشواذ نتعرض لأصناف الشذوذ . فالمعلم السوداني في عصر الانقاذ بين هذا وذاك أصبح الأوفر حظا علي كل معلمي الدنيا , اذ أصبح خاليا تماما من كافه القيود والمسؤوليات التربويه العظيمه ومعفي اعفاءا مطلقا من كل أوجه المحاسبه وليس لديه ما يخافه أو يتحسبه فاداراته المختلفه كما ذكرت سابقا لا يشغلها شاغل سوى مصالحها الخاصه فهي في غفلة دائمة ومتعمده عن كل ما يحدث ويمارس داخل المدارس ولا تهتم بكبيرة ولا صغيرة سوى التي تضر بمصالحها الشخصيه مما ترتب عليه غياب الدور التربوي للمعلم فكانت الكارثه التربويه التي شلت كل اطراف الحيا ة العامه في بلادنا .

فعلي القارئ أن يعلم بأن كل معلم في المرحله الثانويه له الحق المطلق في اختيار جدوله الدراسي يضعه متي وحيث يشاء فمنهم من يحصره في يومين ومنهم في ثلاثه ليقضي بقيه الاسبوع بين المدارس الخاصه وأعماله المختلفه . وفوق ذلك لا يلتزمون فمنهم من ياتي للمدرسة حتي بعد الساعة العاشرة. اذا كيف يمكن لهم متابعه الطلاب وأعمالهم المختلفه متي يصححون دفاتر الطلاب ؟ فالمعني واضح بأن ليس هنالك متابعه ولا تصحيح ولا غيره . وفوق هذا كله لا يملك أحدهم دفترا للتحضير اذ صار بمنظورهم ( موضه قديمه ) وما جدوي التحضير اذا لم يسآئلك عنه احد وهل يستطيع احدهم ان يبدد وقته الثمين في التحضير؟ وكيف يؤدون دروسهم بدون تحضير ؟لا أحد يدري .وقد ساد مفهوم جديد مفاده أن المعلم اذا اصطحب معه دفتر التحضير أو اي شئ يتعلق بالحصه فهو معلم غبي تنقصه الخبرة ويتندر به الآخرون , وعلي نقيضه ذلك المعلم الخارق أو بالأحري الساحر الذي يذهب للصف بدون شئ سوى العصى فهو بمفهوم الطلاب وتعابيرهم الساذجه ( شراح ) و ( كابي العلم كب ) وهذا هو السبب الحقيقي في تدني الأداء المدرسي والتدهور المريع في المستوي الأكاديمي والأخلاقي للطلاب .ولنفس العله فقد خلت المدارس من كل ما يتعلق بالتعليم من الوسائل الايضاحيه الي المختبرات العلميه وغيرها . وفي كثير من المدارس حوّلت طاولات المختبرات الي موائد لفطور المعلمين وفي مدرستى حوّل المختبر نفسه الي سكن للمعلمين . اما حجرات الدراسه فهي أشبه ما تكون بمخازن الخرده وجدرانها خلت من كل الوسائل التعليميه واستبدلت بنقوش الطلاب التذكاريه والأغاني والرسومات وعليه فقد أصبح الصف الدراسي مستباحا أشبه بالمزيره العامه أو الطاحونه ولا تشمله الصيانه المزعومه.

وكما انشغل المعلمون عن أدائهم المهني فقد انشغلوا أيضا عن مظهرهم العام , فمنهم من يأتي الي المدرسه بجلبابه حاسر الرأس من العمامه ممسكا بالعصي وهو أشبه ما يكون بالرعاة ومنهم من يأتي حتي بالعراقي والسروال. أم عادة التدخين وتعاطي التمباك فتمارس في كل ركن من أركان المدرسه , بمكتب المدير وغرف المعلمين ,وأحيانا داخل الصفوف دون مراعاة للنواحي التربويه والصحيه. ومنهم حتى من يرسل الطلاب لجلب السجائر والتمباك فيا للعجب !

يعتبر الطابور الصباحي المتنفذ الوحيد للطلاب يبرزون فيه مواهبهم ومهاراتهم وأنشطتهم المختلفه عبر الاذاعه المدرسيه تحت اشراف معلميهم ويتلقون فيه التنبيهات والاعلانات المدرسيه ويأدون النشيد الوطني ويقف كل مرشدي الصفوف أمام طلابهم لحفظ النظام والاطلاع علي النظافه الشخصيه والمظهر العام . فهل هذا يحدث في مدارسنا ؟ للأسف لا, فقد غاب الطابور الصباحي عن كثير من المدارس الثانويه والسبب يكمن في عدم حضور معظم المعلمون في وقت الطابور وان حضروا لا يكلفوا انفسهم عناء الوقوف فيه . اذن متي وكيف تمارس التربيه في مدارسنا ؟ وهل التربيه تعنى التعليم ؟ وحتى ان كانت كذلك فهل تؤدى هذه الحصص المبتورة الشائهة الي عمليه التربية ؟أم التربيه تعني لديهم الضرب والعنف اللفظى والابتذاذ ؟

أما العقاب البدنى كمفهوم وسلوك لبعض المعلمين فهو لا يمت للتربيه بصلة لما يمثله من اهانات لذات الطالب وعدوانا علي شخصيته وكرامته وما يتركه من آثار سلبيه علي نفسيته وتحصيله الدراسي , اضافه لضرره بالعمليه التعليميه القائمه أساسا علي فهم المعلم لواقع الطالب النفسي والأسري واحتياجاته وما قد يعانيه من صعوبات في التعلم أو في التواصل الاجتماعي , ومن ثم نجاح المعلم في بناء علاقه انسانيه أساسها الثقه والمحبه والتقدير والاحترام الحقيقي المتبادل بينه والتلاميذ. وهذا يعتمد كثيرا علي شخصيه المعلم وثقافته وخبراته التربويه ومزاياه , بحيث يتمكن من خلال هذه العلاقه الحميمه ممارسة التربيه السليمه الهادفه .فهل يعي معلمونا ذلك؟ فهناك الكثير من المعلمين علاقتهم أكثر حميميه بالعصي منها عن الطلاب والتصاقهم بها أشد عن التصاقهم بتلاميذهم وكيف لا ؟ فهى تنوب عن دفاتر التحضير في معظم صفوفنا الدراسيه ويعتبرها بعضهم بأنها تجلب لهم الهيبه داخل الصف فهي بذلك لا تفارقهم في حركتهم وسكونهم داخل المدرسه. ويمارس الضرب في مدارسنا بقسوة لا تعرف الرحمه فكم من تلميذ نقل على أثره للمستشفى وكم من معلم جرجر بسببه الي مخافر الشرطه. وهذا السلوك الخاطئ أجبر الكثير من الطلاب لهجر المدارس الحكوميه الي المدارس الخاصه والتي تتمتع بشئ من الانضباط مقارنة بمدارس الحكومه. وأما من لم تسمح له ظروفه الماديه بدخول المدارس الخاصه , فقد انخرط في سلك العطاله والتشرد. هكذا اذأ أضحي حال معلمونا فكيف يا تري انعكس هذا الوضع علي الطلاب.

ان الطلاب هم عماد الأمة ومحور اهتمامها لما لهم من دور كبير في مستقبل البلاد . والاهتمام بالطلاب يعتبر رغبه حضاريه انسانيه متواصله عبرت عنها الثقافات المختلفه في تاريخ العالم القديم والحديث , فالطلاب هم محور العمليه التعليميه وهدفها في كل زمان ومكان وتوجّه المؤسسات التربويه كافه جهودها لأجلهم فهم سبب نشأتها في الأصل ووجودها. ولكن قدرنا دائما أن تشذ القاعدة عندنا في السودان . فطلابنا أصبحوا عرضة دائمة للابتزاز من كل الجهات الرسميه وغير الرسميه في عهد نظام الانقاذ فهم وقود حربه المقدسه في جنوب البلاد وأبواق مسيراته اللانهائيه التي تثار لكل صغيرة وكبيرة , وهم الممول الأكبر لكل مشاريع الانقاذيين الوهميه المبتذله من بدلة المعلم الي حذاء المعلم وزاد المجاهد وغيرها .

أما الوضع الطلابي داخل المدارس فحدث ولا حرج , فقد انفرط حبل النظام التعليمي وأصبح يسير دون قاعدة أو هدف فبالنسبه للدوام المدرسي فيبدو أن ليس هنالك دوام موحد ملزم لكل المدارس فقد تضع كل مدرسة توقيتها الذي يلائمها وحتي داخل المدرسة الواحدة يختلف فيها دخول الطلاب وانصرافهم , وبذلك يستطيع أي فرد من خارج المدرسه تحسس مدي الفوضى والعبث التعليمي من حركة الطلاب في الشوارع , فمنهم من يتسكع سحابه نهاره بزيه المدرسي في الطرقات ومنهم من ينهي دوامه بنفسه عند فسحة الفطور قفزا من الأسوار وهذا المشهد أصبح مألوفا لدي الماره قرب المدارس. وقد اعتاد الناس في العاصمه علي الشجار والمنازعات اليوميه في المركبات العامة بين الطلاب والكماسره يتبادلون أبشع الألفاظ التي تنم عن سوء التربيه وفساد الأخلاق دون مراعاة لمن حولهم من الناس.

أما بالنسبه للزي المدرسي فقد ألزم طلاب وطالبات المدارس الثانويه بارتداء الزي العسكري ولا أحد يدري سر ذلك . أما تلاميذ مرحلة الاساس ليس لديهم زي موحّد يميزهم ويرتدون حيثما أتفق ومن شكل بناء المدرسه ومظهر تلاميذها قد لا يعتريك الشك بانها دار للأيتام او المشردين .

أما الناحيه الصحيه للطلاب فقد أنعدمت تماما داخل المدارس ويبدو ذلك جليا في المقاصف التي تقدم وجبه الفطور للطلاب في أوان بلاستيكية قذره ولا تخضع للمراقبه لامن الجهات الصحيه ولا من ادارات المدارس التي لا يعنيها شئ من ذلك سوي الايجار الشهري للمقصف ووجبه الفطور المجانيه . بالاضافه للباعه المتجولين الذين تكرمت بعض ادارات المدارس بايوائهم في مدارسها مقابل أجر زهيد ولا يهمها ما يقدمونه للطلاب من أطعمة ملوثه فاسدة . أضف الي ذلك جرار مياه الشرب المكشوفه بدون أغطيه والمشتركه بين الطلاب وأغنام الأحياء المجاوره . ومن ثم الحمامات المتسخه الخاليه تماما من المياه وتنفث روائحها في كل أرجاء المدرسه.

هذا أقل ما يقال عن الوضع التربوى المأساوى بالبلاد وتلك منظومة التربيه الانقاذيه التي تقود العمل التعليمي ككل بمنظور المكاسب الشخصيه وفكر المرابي الجشع . وينعم أبناء مسؤوليها واداريّيها بأرقي أنواع التعليم في الداخل والخارج في حين ارتدّت بتلاميذنا الي عهد اللّوح والدوايه وأمدتهم بكل أسباب التخلف والجهل والمرض.

وخلاصة القول فان ائتماننا هذه العناصر الانقاذيه لمستقبل أبنائنا ,يكون بمثابة ائتماننا بنك الدم

Post: #2
Title: Re: مقال هام عن واقع المدارس والتعليم
Author: عصام أحمد
Date: 06-16-2006, 11:22 PM
Parent: #1

*