د. عمر القراي عن أحداث بورتسـودان - عن سـودانايل

د. عمر القراي عن أحداث بورتسـودان - عن سـودانايل


03-28-2005, 09:10 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=6&msg=1111997414&rn=0


Post: #1
Title: د. عمر القراي عن أحداث بورتسـودان - عن سـودانايل
Author: أبوالريش
Date: 03-28-2005, 09:10 AM

حكومة الجبهة تبدأ عهد السلام بمصادرة حق الحياة وحق الحرية !!

بسم الله الرحمن الرحيم ( أليس منكم رجل رشيد ؟! ) صدق الله العظيم

قبل ان يجف مداد اتفاقية السلام ، بين حكومة الجبهة والحركة الشعبية لتحرير السودان ، وبينها وبين التجمع الوطني الديمقراطي ، وهي اتفاقات تنص جميعها على الديمقراطية ، والحرية ، وحقوق الانسان ، اذا بحكومة الجبهة تطلق النار على المواطنين، العزل ، الابرياء ، في مدينة بورتسودان .. فتسقط القتلى ، والجرحى ، وتتابع بعضهم الى منازلهم ، فتعتدي عليهم ، وتصفي بعضهم ، وتعتقل العشرات !! لماذا كل هذا ؟! ألأن هؤلاء المواطنين العزل خرجوا في مظاهرة ، يطالبون فيها بما يحسن من حياتهم ، ويقلل من معاناتهم ؟!

بررت الحكومة فعلتها الشنعاء ، على لسان نائب رئيس الجمهورية السيد علي عثمان محمد طه بقوله ( الحكومة تلتزم بتحقيق السلام والعدل في دارفور او في بورتسودان ولكنها لن تتنازل عن مسؤوليتها في حماية الاملاك الخاصة والعامة )[1]!! أليس هناك وسيلة لتفريق مظاهرة ، غير ضرب العزل بالنار؟! وهل تحقيق الأمن لا يعني لدى حكومة الجبهة الا قتل الابرياء ؟! أم ان الحكومة تراهن على بقائها، وسطوتها ، بارهاب الشعب ولو ادى ذلك لقتله ؟!

إن حكومة الجبهة ، لا تدرك ابعاد الاتفاقيات التي وقعتها ، ولا تقدر مراقبة المجتمع الدولي ، ومؤسساته المختلفة ، لما يجري في دارفور، وفي شرق السودان.. ومن هذا الجهل الموبق، وفي هذه الظروف الحساسة ، التي تهدد فيها وحدة البلاد، تترك الامر في ايدي رجال الامن ، الذين لا يعرفون عن السياسة شيئاً ، ولا عن الأمن ما يكفي ، فيتخبطون بها ذات اليمين وذات الشمال !!

والذين شعروا من اعضاء الجبهة ، بان التغيير قادم ، وانهم حتماً سيشاركون في الحكم ، ويطلع غيرهم على ملفاتهم ،اصبحوا في سباق مع الزمن ، للمزيد من سرقة المال العام ، وتصفية المؤسسات العديدة ، التي اقاموها باسماء زوجاتهم ، وابنائهم ، وتحويل اموالها لحساباتهم الشخصية ، في الخارج ، قبل ان تتم اي مساءلة ، او تحين أي محاسبة ..

وبدلاً من ان يفهموا الاتفاق على اساس انه فرصة ، تخلصهم من عبء هم عنه عاجزون ، وعهد جديد للسلام والديمقراطية ، ظنوا انه فرصة تعطيهم الشرعية ، ويفلتون بها من المحاسبة ، على ما ارتكبوا من جرائم ، بلغت حد الاغتيالات الجماعية ، والفردية ، والاعاقة للمواطنين بالتعذيب في بيوت الاشباح ، فلم يصبروا حتى يروا عاقبة امرهم ، واندفعوا الى هذه الكارثة الانسانية ، التي شهدت عليها شوارع بورتسودان .

ولعل اول تغول على الحريات ، بعد اتفاقية السلام ، كان اعتقال أحد القياديين الجمهوريين ، والتحقيق معه ثم اطلاق سراحه .. وتبع ذلك الاعتداء السافر، ايقاف ندوة اقامها مركز الدراسات السودانية لحقوق الانسان ، بالتضامن مع مركز عبد الكريم ميرغني ، و بعض الجمهوريين ، في ذكرى استشهاد الاستاذ محمود محمد طه ، عقدت بمكتبة البشير الريح بأمدرمان .. فقد اوقفت الندوة ، واعتقل احد المتحدثين الجمهوريين . واثر صدور منشور في نفس المناسبة ، باسم مجموعة من الجمهوريين ، قامت سلطات الأمن ، مرة أخرى ، باعتقال اثنين من قياديّ الجمهوريين وحققت معهم، عن مستقبل نشاطهم !!

وبطبيعة الحال ، فان حكومة الجبهة ، لا تستطيع ان تدعي ان الجمهوريين هددوا الامن ،أو خرجوا في مظاهرة، أو خططوا لاسقاط الحكومة ، وانما هو عمل فكري سلمي ، بل وان احد الذين اعتقلوا لم يقم بأي عمل !!

ان ما حدث من اطلاق النار، على العزل من المواطنين في بورتسودان ، وما تم لتهديد دعاة التوعية من الجمهوريين ، هو أول خرق لاتفاقية السلام ، واول تجاوز لها ، من قبل ان توضع موضع التنفيذ ، وان واجب الجهات التي شاركت في الاتفاقيات مع الجبهة، مثل الحركة الشعبية ، والتجمع الوطني، ان تدين هذا التجاوز ادانة واضحة، وان تخطر به الجهات الاجنبية ، التي شهدت على توقيع هذه الاتفاقيات .

ان حكومة الجبهة خائفة ، وخائرة ، وهذا ما يجعلها عنيفة، دون مبرر، ومضطربة دون موجب .. وهي تخشى ان تكون نتيجة انهيار برنامج " التمكين "- والذي يعني انفرادهم دون الشعب بالثروة والسلطة – هي القصاص .. ولهذا يظنون ان المزيد من الارهاب ، ربما اسكت الاصوات ، التي لو ارتفعت لطالبت بفتح ملفات التعذيب والفساد .. على ان كل هذا لا جدوى منه ، لأن ضرب المظاهرات بالرصاص اليوم ، سيكون حاراً في ذاكرة الشعب ، وأدعى لما تخشاه الجبهة المتصدعة ، وتحذره . واذا كانت الجبهة قد وقعت على السلام ، وهي تزعم انها تريد للوطن الوحدة ، فان ما تفعل الآن ، من تقتيل العزل في الشرق ، وضرب القرى بالطائرات في دارفور، وما تصادر من حرية الفكر في العاصمة ، لن يغري الجنوبيين بغير الانفصال ، فتكون بذلك قد خلصت الى سوء الخاتمة ، التي حاولت كل الاتفاقيات ان تجنبها له .

د. عمر القراي

[1] سودانايل 31/1/2005