يوم المرأة ( ليك يوم يا ظالم )

7 مارس ...الساعة تقارب الواحدة بعد منتصف الليل .. ليلة يوم المرأة

علوية مستيقظة رغم النعاس ..
عيناها تدوران في محجريهما في الظلام الدامس ..
فقد إنتهت بطاقة الكهرباء ..
الثلاجة صامتة .. و الأكل في أحشاءها يودع تاريخ صلاحيته ..
التلفون أخرس .. فهو الآخر لم يضخوا في شرايينه ثمن المكالمات السابقة ..
الجوال يرقد بجانبها يشكو أنيميا الشريحة ..
إذن كيف تطمئن على زوجها ؟
الله يجازيك يا حيدر ..
ساعة الحائط هي الوحيدة التي تعمل بلا كلل أو ملل .. و هي الوحيدة التي تضيء بوميض خافت ..
صوت عقارب الساعة يبدأ نتحه من أعلى قمة رأسها .. ثم ينزل رويدا رويدا على باقي أجزاء جسمها و كأنه يؤدي لها عملية مساج.
يتنامى إلى سمعها صوت تلفزيون الجيران .. تتحسر على حلقات المسلسل الذي كانت تتابعه ..
تتابع في مخيلتها مجريات الحلقة : ( يا ربي يكون الراجل إكتشف خيانة زوجته ؟ ) ..
إبنها الصغير يعلو شخيره .. تقف أسئلة حائرة عن كيفية إجراء عملية اللحمية في أنفه و هم في هذه الحالة ..
إبنتها حردتْ العشاء لليلة الثانية بعد بح صوتها من طلب لبسة لزوم حفل زواج أخت صديقتها ..
كل الدكاكين بالقرب من منزلها يرفضون إعطاءها ما تحتاجه .. فقد إمتلأت عدة صفحات بأرقام ديونها ..
تسللتْ خلسة إلى الشارع الثاني و فتحتْ حسابا عند الشاب صاحب السوبرماركت الجديد الذي رمقها و هو يكاد أن يلتهمها بنظرة فاحصة ..
قال العامل في المحل : أدينا عنوان البيت و نحن نجيب ليك حاجاتك لحد باب البيت
حدجه الشاب صاحب المحل بنظرة نارية .. لم يفهم العامل مغزاها ..
تطن في الظلام باعوضة كَسْلَى .. سرعان ما يخمد صوت طنينها لتعاوده لثوان ثم تصمت ..
كل ما سمعت صوت عربة تقتحم شارعهم .. تهب جالسة .. ثم تصيخ السمع لتعاود الرقود ..
غفتْ قليلا ...
تراءى لها بين النوم و اليقظة إنتهاء مشكلة الورثة التي طالت قضيتها بين زوجها و أهله ..
جرى المال بين أيديهم ..
عادت الكهرباء إلى أوردة أسلاكهم .. و عادت أهازيج الهاتف .. و نغمات الجوال .. و ما عادت تقطع الشارع لتبحث عن دكان جديد يستقبل ديونها .. و رفلتْ إبنتها في بلوزة و إسكيرت من ( عفراء مول ) .. و نام إبنها نوم قرير العين هانيها بعد أن إرتاح من لحمية أنفه .. و تباهت بعدد من ( التياب ) أمام جارتها زوجة المغترب ..
جفلتْ من نومها و هي تحس يد زوجها يربت عليها بعنف ..
تفوح منه رائحة الخمر الرخيصة ..
قالت و هي تبحث عن الشمعة : بالله ما بالغت ؟ الفجر قرب يأذن ..
قال لها و هو يترنح راقصا و يحاول أن يحيط خصرها بيديه : كنا محتفلين بيوم المرأة أنا و أصحابي ..
قالت ممازحة : ... الأغنية الوحيدة المناسبة لليوم دة هي أغنية : ليك يوم يا ظالم ..
قال و هو يسعل سعالا متقطعا من بين ضحكاته المعربدة : و نسمي يومنا يوم الظالم ..

وضع رأسه على الوسادة و هو يتمتم ..
طلب كوب ماء بارد ..
أتت له بكوب من ( الحنفية ) ..
جرع جرعة ثم قال لها : نسيت أبشرك .. كسبنا القضية و قروشنا حنستلمها بعد أسبوع ..
شق سكون الليل زغرودة أيقظت سكان البيت و الجيران ..
عندما سألها الجيران ظهيرة اليوم عن سبب الزغرودة الصباحية .. قالت لهم مزهوة : فرحانة بي يوم المرأة.
قالت جارتها اللدودة : النسوان كل يوم هو يومهن .. و كل أيامنا تراها غبشة اللهم ليك الحمد و الشكر ..
و أنطلقت إلى الدكان القريب وسط دهشة نساء الجيران ..