ثلاث ليال وأربعة أيام حسوما

تصادف أن حطت رحالي أو حطط بها لا فرق ما بقي القدر محفوظ للطرفين ولم ينحط أو يتواضع ، في إحدى المدن الخليجية في يوم من أفضل أيام الأسبوع ، تحركت بي عربة الأجرة من مطار فلان إلى حي علان وهي تطوي الأسفلت بشارع فلان المتفرع من شارع علان "وكل الفلانيين والعلانيين المذكورين هنا هم من الساسة الذين يحكمون بالوراثة " ولله في خلقه شئون فهناك من يولد شيخاً أو أميراً وهناك من يولد شماسي وآخرون يولدون قسرياً حال السواد الأعظم منا ومع ذلك نبقي أفضل حظاً من أولئك الذين يولدون في المجاري كالأطفال الذين أشار إليهم اخونا الأديب عاطف عبد الله في مقال يحمل ذات العنوان بمنتدانا هذا.
المهم لاحظت أن الشوارع والطرقات قد خلت من المارة إلا قلة قليلة من سحنات أسيوية ، ولم أستطع على الشمار صبرا ، فسألت السائق وأنا الذي أكره التحدث مع السائق لأسباب يأتي في مقدمتها أنه ممنوع التحدث مع السائق ويدخل ضمن أصحاب المهن الذين أكره مجادلتهم الحلاق فقد يسرح في الكلام وتصبح الحلاقة كابوريا أو مثل حلاقة مشاة البحرية الأمريكية تبعاً للموضة "بالمناسبة هذه القصات موجودة في الكثير من قبائل السودان في الشرق والغرب منذ آلاف السنين وما زالت ، لكين طبعاً ما ممكن يقلدونا لأنه يصعب أن يقول ليك أحلق لي قصة الهدندوي أو قصة الكباشي ، بس لمن تكون الحكاية مارينز يكون الأمر أكثر قبولاً لأن الضعيف المقهور دائماً ما يكون مفتون بالقوي ، ما علينا.
سألت السائق بعد أن تحوقلت وتعوذت مراراً وتكراراً أين سكان هذه المدينة الظالم أهلها لا أحد يسير في الطرقات ، فقال لي صديق إنت ما في معلوم إنو اليوم عطله ، وتعطلت لغة الكلام وقلت ليهو يتعطل جربوكس عربيتك إن شاء الله ، ووجدها فرصة فتحدث عن مامته (أمه) التي إنتقلت إلى الرفيق الأعلي وأباه الذي لم يستطع على فراقها صبراً فلحقها وترك له ذرية ضعفاء يعولهم بالإضافة إلى زوجته وأولاده ، المهم فيلم هندي كلو تراجيديا وبي شوية كان بكيت ، المهم في النهاية أخذ القليل من الدنانير ثمناً لأجرة المشوار والكثير من الدنانير بغير وجه حق. وبعد أن وصلت إلى حيث يجب أن أصل في ذلك اليوم المشهود دخلت إلى مسكن مضيفي وكان من الذين هاجروا إلى تلك الدولة قبل عشرات السنين فطرقت الباب حتى كل متني ولما كل متني حمت حول العمارة عل وعسي أن أجد حجراً أدق به الباب إلى حين أن يستريح متني وأعاود الطرق به مرة أخرى ، إلا أنن حوامتي طلعت فشوش ولم جد لا حجراً ولا غيره ولغبائي أيضاً لاحظت أن هناك أزارير كهربائية في الباب وقبالة كل زر مكتوب بخط أنيق إسم ثلاثي فنظرت ثم عبست ثم بسرت لأن إسم صاحبي مكتوب مكتوب مكتوب ، وثلاثي الأبعاد كمان فضغط الزر حتى إنزر إنزراراً ، فجاءني صوت متثاقل مييييين ، فرددت على ذلكم الذي يخاطبني من وراء حجاب ، أنا الملا بن أبي أيوب النيسابوري البغدادي السوداني الأهل عوضي وأحمد الله الذي لم يجعلني الزرقاوي حتى لا أتهم بالإرهاب أو البيضاوي حتى لا أكون مكتباً لرئيس أمريكا جمهورياً كان أم ديمقراطياً ، فقال لي أدخل فأنفتح الباب بكلمة سر أو بدونها ، فخلعت نعلاي ظناً مني أنني بواد مقدس ، فدخلت فإذا بصاحبنا بين اليقظة والأحلام وحالته يرثي لها وحال بعض أصحابه وكأن على رؤسهم الطير والغنم حتى ، الفوضي ضاربة بأطنابها وكأن معركة حامية الوطيس أو عملية دهم للبحث عن مطلوبين قد وقعت قبيل حضوري ، فقال لي حمدا لله على السلامه جيت متين ، فقلت له وأنا أكظم غيظي لسه ما جيت ما جيت ما جيت ، فضحك أحد أصحابه بصوت متحشرج مردد قايل الحكاية هزار ومتأسف الماجيت ، وين يا ووووو ثم نهض من فراشه. ظننت بصاحبي وثلته ظن السوء ، المهم بعد أن كاد النهار أن ينتصف نهض القوم وكأنهم سكاري وما هم كذلك في تثقال ووهن وبعد أن فعلوا ما عن لهم أن يفعله البشر عموماً ذهبنا إلى جامع على بعد فركة كعب من مقر إقامتهم دخلنا المسجد تفرست وجوه الحاضرين وبحثت بحثاً يفوق تفتيش سيد الرايحه الذي فتح خشم البقرة برغم جنونها ، كان بعضهم يرتدي جلاليب نوم عديل كده مخططه بالطول زي الخرطوش وبدون أيدي وهو ما يعرف في بعض الأمصار بإسم الرجاله تطير وكان حال الكثيرين من القوم وكأنهم ليسوا في بيت من بيوت الله وفي أعظم يوم من أيام الله السبعة ، إعتلي الخطيب المنبر فحمد الله وأثني عليه وأسهب في خطبته ولم يتحدث عما يحيق بالأمة من مصائب وفتن وإحن بل راح يتحدث في كلام أبعد ما يكون عن واقع حالنا المعاش كان نصف الحضور بين اليقظة والأحلام والنصف الآخر يغط في نوم عميق يكون صاحبه في حالة رفع القلم وبالضرورة يبطل معه كل شئ ، وبعد أن أخذ الخطيب بريكاً بين الخطبتين تأسياً بالسنة النبوية الشريفة إختصر الخطبة الثانية ووصل للدعاء دون أن يتغير من حال المصلين شيئاً ، وما أن دعاء بهذه العبارة "اللهم أقض الدين عن المدينين" حتى هب الجميع على قلب رجل وحد مرديين بحناجر تهتف آممييين وفعلت هذه الفقرة من الدعاء مفعول السحر في جموع أنصاف المصلين النائمين حتى ظننت أن جميع من بالمسجد مديون وحاولت إفتراضاً أن أحصي تلك الديون ففاقت في حسبتي ديون دول العالم الثالث والرابع والخامس مجتمعة ثم من هو الشخص أو الأشخاص القادرين على أن يقرضوا هؤلاء القوم وما بال صديقي يستمرئ الغربة في بلاد أفلس أهلها وركبهم ديناً ثقيلاً وربما يفشل حتى البنك الدولي ونادي باريس ونادي مانشستر يونايتد على أن يقرضوهم ولو بفوائد كبيرة ، وكانت الصلاة أسرع من ضربات دريل أو دربكين في لوح خشب وقبل أن أعيد ترتيب عمامتي جاءني صوت المؤذن أو الحارس لا فرق خلاص يا أخينا عاوزين نقفل يلا شتت صلاه وإنتهت.

Quote: وما أن دعاء بهذه العبارة "اللهم أقض الدين عن المدينين" حتى هب الجميع على قلب رجل وحد مرديين بحناجر تهتف آممييين وفعلت هذه الفقرة من الدعاء مفعول السحر في جموع أنصاف المصلين النائمين حتى ظننت أن جميع من بالمسجد مديون وحاولت إفتراضاً أن أحصي تلك الديون ففاقت في حسبتي ديون دول العالم الثالث والرابع والخامس مجتمعة

الله يجازي محنك يا الملا عمر ...
اها والجماعة ديل لمن الأمام كان بيقول " اللهم أنصر البوسنة علي الهيرسك كانو بيقولوا شنو ؟؟؟

أخي عمر الفاروق شيخ الدين
طبعاً إذا قال اللهم أنصر البوسنه على الهرسك أو على الصرب في جماعة حباً للمعارضة بدافع المعارضة فقط ما حا يرفعوا أيديهم بس إذا عكسها حا يرفعوا وهنا تتجلي أسمي معاني الديمقراطية والحرية .

صديقي الوقور الملاعمر
تحية و سلام كبير

دخلنا المسجد تفرست وجوه الحاضرين وبحثت بحثاً يفوق تفتيش سيد الرايحه الذي فتح خشم البقرة برغم جنونها ، كان بعضهم يرتدي جلاليب نوم عديل كده مخططه بالطول زي الخرطوش وبدون أيدي وهو ما يعرف في بعض الأمصار بإسم الرجاله تطير وكان حال الكثيرين من القوم وكأنهم ليسوا في بيت من بيوت الله وفي أعظم يوم من أيام الله السبعة ،

صدقت و أحسنت ..
تجد هنا في الرياض بعض الناس يدخلون المسجد و خاصة يوم الجمعة ببيجامات النوم المكرفسة ، و جلاليب النوم التي بها آثار من بقايا أشياء و أشياء و البعض بتلك ( التي تشبه القرمصيص ) و تحته ( أم فكو ) ..
قلت لأحد العمال الذين يلبسون تلك الملاية و ينام بها و يأتي بها للمسجد : لو دعاك صديق إلى حفل راقص أو حفل به طعام ، هل لديك ملابس لائقة تذهب بها ؟
قال : نعم
قلت له : ألا تعرف أن الله سبحانه و تعالى يقول في محكم تنزيله في سورة الأعراف : بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد ) ؟ أنت في حضرة الخالق فتزين يا هذا ..
هز رأسه .. و ذهب و هو يصلح من إحكام ربطة ملاءته ..
يوم الجمعة يوم للعبادة عظيم .. و فرصة للتزين و التطيب أسوة بالنبي الكريم و إنصياعا للآية الكريمة ..
شكرا صديقي لهذا السرد المحشو بالعبر و العظات.

أخي الكريم جلال بن داؤود
شكراً على هذه الإضافة والإفاضة ، أحسب أننا نصف من أفضل الأمم التي تعتني بالمظهر العام في الصلوات وبصفة خاصة صلاة الجمعة ، لكين المشكلة يا أبو جهينه يا أخوي إنو لمن تنتهي الصلاة عندنا ويكون عدد المصلين خمسة وسبعون فرداً تقريباً بيكون في حوالي خمسة وأربعون جوز حذاء فقط في إنتظارهم أمام باب الجامع.