جون ستيوارت العبقرى المجنون

جون ستيوارت العبقرى المجنون


01-21-2005, 10:25 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=6&msg=1106299524&rn=0


Post: #1
Title: جون ستيوارت العبقرى المجنون
Author: Elsadiq
Date: 01-21-2005, 10:25 AM

أعزائى الاعضاء الكرام .... السادة الزائرين


تحية طيبة

دعونا نلقي الضوء اليوم على أحد الجوانب الفلسفية التى أثرت بشكل كبير على ثقافة المجتمعات الاوربية بوجه عام و المجتمع الانجليزى بوجه خاص . هذا الجانب الذى أثر و مازال يوثر فى عدد غير قليل من الناس فى الغرب .
إنه مبدأ أسسه الفيلسوف Jeremy Bentham فى القرن الثامن عشر و عدله الفيلسوف ( موضوعنا اليوم )John Stuart Mill إنه مبدأ المنفعة العامة أو The Utilitarianism

أولاً نبدأ بكيفية نشأت هذة الفلسفة:

نشأت مبدأ المنفعة العامة أو The Utilitarianism

كلمة Utilitarianism مأخوذة من الكلمة اللاتينية Utilis وتعنى useful أو مفيد , أو نافع وهذا المبدأ يقر بأن : كل ما هو نافع , جيد ويجب تطبيقه .
بمعنى آخر , كل ما هو نافع لأكبر عدد من الناس هو شيئ جيد يجب أن يُطبق .
الفيلسوف Jeremy Bentham هو أول من نادى بهذا المذهب الفلسفى , فى كتابه ( مقدمة للتشريعات الاجتماعية والخلقية An Introduction To Social , and Moral Legislation )
فى هذا الكتاب أورد Jeremy Bentham عدة أفكار لشرح هذا المبدأ الجديد :-

1- هذا المبدأ يهدف فى الاساس لتحقيق السعادة و الرضا لأكبر عدد من الناس .
2- يجب تطبيق هذا المذهب ليس فقط على المستوى الاجتماعى و الاخلاقى و لكن ايضاً على المستوى السياسى و التشريعى .
3- يجب التسليم بأن مبدأ المنفعة يخدم أكبر قدر من الناس , وبالتأكيد يجب التضحية بالاهتمامات الصغرى من أجل الاهتمامات الاكبر التى تخدم العدد الاكبر من الناس .
4- النشوى و الألم هما مصطلحين يعرفهم Jeremy Bentham بالخير و الشر أى نشوى هى مرادف للخير وأى ألم هو مرادف للشر .
5- تحقيق المنفعة يعتمد على القيمة الكمية .
6- النشوى و الألم يقاسا بأربعة قياسات :
* قوة تأثير كلٍ منها *و مدة تأثير كلٍ منها* مدى تمتع الفرد بها* عدد المتمتعين بها .
7- هناك أربعة مصادر للنشوى و للألم هما :
* المصدر المادى * المصدر الاخلاقى * المصدر الدينى * المصدر السياسى .
ويعتبر المصدر المادى هو المسبب لبقية الثلاث مصادر .
8- لا فرق بين المتعة المادية و المتعة الروحية , كلاهما متساويان .


لحديثى بقية .....

Post: #2
Title: Re: جون ستيوارت العبقرى المجنون
Author: Elsadiq
Date: 01-21-2005, 02:59 PM
Parent: #1

بعد سرد سريع لأهم جوانب تلك الفلسفة نبدأ فى سرد الابعاد الخفية و التى قد لا ينتبه اليها القارئ للوهلة الاولى :

Quote: النشوى و الألم هما مصطلحين يعرفهم Jeremy Bentham بالخير و الشر أى نشوى هى مرادف للخير ,.. وأى ألم هو مرادف للشر .


ليست كل نشوى خير و ليس كل ألم شر .. فالأحساس بالألم الشديد عند إجراء عملية الولادة للنساء مثلاً ... ليست دليلاً على ان حمل الاطفال و انجابهم شر كما ان نشوة الزنا و شرب الخمر و تعاطى المخدرات هو الشر بعينه
وبهذا يكون Jeremy Bentham قد وضع الخير و الشر داخل خانة واحدة .. و اوجد تشبيه غير عادل بين الخير و الشر من ناحية ... وبين النشوى و الألم .


Quote: تحقيق المنفعة يعتمد على القيمة الكمية


لو افترضنا ان هناك على ابواب منازلنا تقف سيارة (لوري) محملة بالأيس كريم , و هى بأكملها لك , و لكن عليك ان تفطر أيس كريم وتتغدى أيس كريم و تتعشى أيس كريم فقط ! و لك كل الكمية التى تطلبها و أكثر هل ستوافق ؟ و على العكس , نفترض انه امامك كيلو جبنة مثلاً و طلبنا منك انك تفطر جبنة و تتغدى جبنة و تتعشى جبنة ... فهل يمكنك الموافقة ؟ وأيهما أكثر واقعية وأنفع لك : (لوري) الأيس كريم ... أم كيلو الجبنة ؟

و بهذا يتضح أن الفيلسوف لم يعر اهتماماً بالقيمة الكيفية
The Qualitative value

Quote: لا فرق بين المتعة المادية و المتعة الروحية , كلاهما متساويان .

و هنا المصيبة الاكثر تأثيراً فى المجتمعات الاوربية فالمساواه بين اللذة الروحية , وبين اللذة المادية هو أكبر خطأ أرتكبه Jeremy Bentham عند تركيب مذهبه الجديد , فهو لم يراعى قيمة الدين و الروحانيات بشكل جاد , فوضعها فى مساواه مع اللذة الجسدية المادية البحتة فلا يمكن أبداً أن أقارن مبارة لكرة القدم بصلاة المغرب مثلاً أو أن أقارن وجبة شهية جداً بصلاة التراويح أو أن اقارن ركوب الخيل بصلاة يوم الاحد فى الكنيسة و هكذا ....



لحديثى بقية

Post: #3
Title: Re: جون ستيوارت العبقرى المجنون
Author: نهال كرار
Date: 01-21-2005, 03:09 PM
Parent: #2

الأخ Elsadiq

شكرا ليك

موضوع ممتع ومفيد


واصل


لك كل الإحترام والتقدير

Post: #4
Title: Re: جون ستيوارت العبقرى المجنون
Author: Elsadiq
Date: 01-24-2005, 03:39 AM
Parent: #3

عزيزي نهال كرار
اشكرك علي المرور و التعليق اتمني ان تعم الفائدة من الموضوع
مع خالص تحياتي
--------------

أعتذر عن التأخر فى سرد بقية الموضوع .... نكمل بقية الموضوع

أستمرت تلك الفلسفة فى الانتشار .... فلاقت ما لاقت من نجاح و من انتقادات إيضاً , حتى ظهر العالم الفلسفى الانجليزى جون ستيوارت John Stuart Mill .

العالم الفلسفى جون ستيوارت مل و تأثيره على المذهب الفلسفى Utilitarianism
جون ستيوارت هو واحد من اشهر الفلاسفة الانجليز , و قد تأثر ستيوارت بأبيه , لان ابيه كان من اكثر المؤمنين بمبدأ المنفعة , فغرز فى ابنه حب هذة الفلسفة , و علمه مميزاتها , فشب الطفل متعصباً لهذا المبدأ .
و يمكن تقسيم حياة ستيوارت الى جزئين اساسيين متتاليين .....

الحقبة الاولى : فى تلك الحقبة , كان ستيوارت من اكثر المتعصبين لهذة الفلسفة , فكتب العديد من المقالات , ليبرز مميزات تلك الفلسفة , و كانت افكار العالم الفلسفى Jeremy Bentham تسمى البنثامية Benthamism
ملحوظة : ستيوارت كتب تلك المقالات فى سن السادسة عشر

الحقبة الثانية : فى سن السابعة عشر ,اُصيب ستيوارت بإنهيار عصبى حاد ,وهذا الانهيار أثر تأثيراً جذريا فى حياته , فقد جعله يدرك تماماً عيوب هذا المذهب الفكرى , فقد سبق و ان قلنا ان هذا المبدأ يحقق المنفعة و اللذة لأكبر عدد من البشر .... وهذا يبرز عيب هام و قصور شديد فى تلك النظرة , و التى لا تراعى و لا تنظر أصلاً الى المعاقين ولا الى الاطفال و لا المرضى , فهم لا يعتبرون أغلبية لكى يتم إشباع رغباتهم و طلباتهم المادية و الروحية ,
ولهذا فعندما اُصيب ستيوارت بهذا الانهيار , ادرك ان المذهب المنفعى الذى يتبناه منذ زمن يحتاج الى الكثير من التعديلات ,

وهنا يبدأ موضوعنا الحقيقى ......


لحديثى بقية

Post: #5
Title: Re: جون ستيوارت العبقرى المجنون
Author: Elsadiq
Date: 01-25-2005, 03:45 PM
Parent: #4

The Anti-Benthamism

إنقلب ستيوارت تماماً على المبدأ المنفعى بعد إصابته بالانهيار العصبى الحاد فى سن ال17 فنشر عدة كتب يعرض فيها عدة تعديلات على مبدأ المنفعة أو النفعية .
فكان يقول بأن العقل يجب أن يطوّر لكى يحقق المتعة الحقيقية , أى انه يشير الى ان الرغبات الصغيرة او الغير مهمة - وإن زاد الاقبال عليها - لا يشترط ان تُنفذ فالعقل أهم من الاحساس .

كتاب ستيوارت الاول : Utilitarianism

قال فيه ستيوارت أنه مازال يؤمن بهذا المذهب الفكرى و كتب عن السبل الى تحقيق اللذة و الساعدة للبشر و لكن فى نفس الكتاب , أشار الى عدة نقاط تعتبر نقاط إختلاف بينه و بين Jeremy Bentham :
- أدان ستيوارت إقرار Jeremy Bentham بأن القيمة الكمية هى التى يجب ان يؤخذ بها .. فستيوارت يؤمن بأن القيمة الكيفية هى التى تحكم حكماً عادلاً .

- أختلف ستيوارت ايضاً مع Jeremy Bentham فى نقطة أخرى و هى ان المتعة ليست فردية رغم انها تحقق مصلحة الفرد , إلا ان الافراد يجب أن يكونوا متعاونين حتى ينمو المجتمع بشكل سليم .


كتاب ستيوارت الثانى : On Religion
و كتابه الثالث : Nature the Utility of Religion and Theism


فى هاذين الكتابين تظهر بوضوح تناقضات مذهلة فى شخصية هذا الرجل , فيتسائل الناس : أهو عبقرى ؟ أم هو رجل مجنون ؟
فيقول ستيوارت أنه يؤمن بالدين و بأهمية الروحانيات فى المجتماعات جميعاً , و هو يقدم نفسه على انه مسيحى مؤمن , ومع ذلك فهو لا يؤمن بالشعائر المسيحية كلها . ويستمر فى كلامه فيقول بأنه من الواجب التفريق بين الكنيسة ( الانجيلية ) و المتشددين المسيحيين حتى ينمو المجتمع بلا عوائق .

كتاب ستيوارت الرابع : The Principles of Political Economy


فى هذا الكتاب ظهرت اكثر التناقضات التى اوردها ستيوارت فكان من اكثر المؤيدين لمبدأ الاقتصاد الحر الذى اتى به Adam Smith فى كتابه The Wealth of Nations ,أو كما يُطلق عليه ( Laissez Faire ) .
فجاء فى كتابه هذا ليعلن اعتراضه الكامل على هذا النظام وبالتالى هو يعلن اعتراضه على حرية الاقتصاد .
فهو يريد الحكومة ان تبسط السيطرة على التجارة بل و تتدخل ايضاً فى الحياةالاجتماعية كيف هذا ؟

John Stuart Mill يقول أنه يؤيد الحرية ولكن يجب ان تكون تلك الحرية منظمة كيف ؟

فسر ذلك بقوله من دور الحكومة ان تدعم التعليم و تجعله مجانياً , بل هو يريد من الحكومة ان تفرض على الاباء ان يرسلوا ابنائهم الى المدارس , و ان تفرض سيطرتها على علاقة الاباء بالابناء . و ان تتحكم فى شئون الهجرة و ان تسن القوانين التى تنظم الحياة الاجتماعية .

نقطة أخرى انه أورد فى كتابه هذا بعض الافكار الاشتراكية ( كما رأينا بوضوح ) مثل أفكاره بجعل التعليم مجانيا ً و تكوين النقابات المهنية للعمال , و إعطاء العمال جزء من الارباح التى يحققها المصنع ,إلا أنه أورد ايضاً بعض الافكار الرأسمالية كيف ؟

نجد انه دافع فى كتابه بشدة عن الملكيات الخاصة , فهو يؤمن تماماً بأهمية التنافس بين المصانع الخاصة و بين المصانع الحكومية , و بين الانتاج الخاص عامةً و بين الانتاج العام (الحكومى) حيث ان هذا التنافس سيحقق الجودة للمستهلك و يمنع الاحتكار .


لحديثى بقية