ناجية سعودية عائدة من «بلاد تسونامي» تروي: صوت «غول» أتى ليلاً من البحر وصباحاً لامست المياه

ناجية سعودية عائدة من «بلاد تسونامي» تروي: صوت «غول» أتى ليلاً من البحر وصباحاً لامست المياه


01-18-2005, 03:23 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=6&msg=1106015006&rn=0


Post: #1
Title: ناجية سعودية عائدة من «بلاد تسونامي» تروي: صوت «غول» أتى ليلاً من البحر وصباحاً لامست المياه
Author: محمد امين مبروك
Date: 01-18-2005, 03:23 AM

[B]كائنات خرجت من الماء ونعيق غربان وكل شيء أصبح قزماً... ناجية سعودية عائدة من «بلاد تسونامي» تروي لـ«الحياة»:صوت «غول» أتى ليلاً من البحر وصباحاً لامست المياه... السماء
الخبر - سعود الريس الحياة 2005/01/18


هل لديك قدرة على تحدي الطبيعة؟ بالتأكيد لا. كذلك كانت إجابة ابتسام، السعودية العائدة من المالديف، أو بالأحرى من «بلاد تسونامي» إن جاز التعبير. فهي قصدت تلك الجزيرة مع زوجها في رحلة سبقت الزلزال المدمر الذي عصف بالقارة الآسيوية بيومين فقط، لقضاء شهر العسل... وعاشت فصول مأساة لم تكن تتوقعها ورأت «شبح الموت» في مراحل مختلفة، من اقترابه «مهاجماً» الجزيرة وتدميرها وقتله كثراً من ساكنيها...

كان «مخيفاً رهيباً غير مألوف على الإطلاق»، هكذا تصف ابتسام لـ«الحياة» ما شاهدته من فصول الرعب: «لم أكن أتوقع انني سأنجو خصوصاً عندما ارتفعت مياه البحر إلى أعلى فشعرت أنها لامست السماء... رأيت كل ما أنشئ في تلك الجزيرة قزماً أمام ذلك الغضب. عجزت عن أي عمل، حتى الدعاء، إذ حدث كل شيء في ثوان... ما استطعته هو تلاوة الشهادة». تتابع: «المياه الهادئة التي تحيط بنا من كل جانب صارت فجأة أسوار شاهقة هادرة مندفعة في اتجاهنا. لم يكن ليوقفها شيء سوى العناية الإلهية التي حولت مسارها في اللحظات الأخيرة فكتب لنا عمر جديد».

لم تضطر ابتسام التي لا يزال وجهها شاحباً إلى تذكر اللحظات العصيبة التي مرت بها لأنها لم تنسَ أدق تفاصيلها. وعشية الزلزال، تقول، سمعت صوتاً متواصلاً آتياً من البحر: «كان أشبه بصوت غول، إلى حد إنني أيقظت زوجي لأتأكد من إنني لا أتوهم. لكنه طمأنني بأن لا شيء يدعو إلى القلق، لكن شيئاً في داخلي لم يقتنع». ترددت على النافذة مراراً في تلك الليلة وهي تسمع ذلك الصوت الذي أقلقها كثيراً مع ان المالديف تتصف أولاً بالهدوء. لم تهدأ ابتسام بل خرجت من الشاليه الذي لا يفصله عن البحر سوى امتار فقط: «فوجئت بكائنات بحرية تخرج من الماء في شكل هستيري، ترافق ذلك مع زخات مطر، فيما كانت الغربان تنعق على غير عادتها». كل ذلك زاد في عدم ارتياحها خصوصاً أن الموسم ليس موسم أمطار في المالديف.

استمرت تلك الظواهر، بحسب ابتسام، حتى ساعات الصباح الأولى (السابعة بتوقيت السعودية) «عندما سمعت صراخاً في الخارج فاتجهت مباشرة الى النافذة لأجد عمال الفندق يضعون أثاثاً حول الأشجار بينما كانت مياه البحر قد بدأت تصل الى الشاطئ في شكل سريع»... هنا بدأت تتحدث وقد ساد التوتر ملامحها: «فجأة تغير كل شيء... فالمياه في بركة السباحة التابعة للشاليه الذي نسكنه بدأت تخرج منه وكأنها نافورة ثم فاضت مياه الصرف الصحي وبدأ منسوب مياه البحر يرتفع بشكل سريع... في ثوان معدودة فقط لكنني لم أدرك ان هناك زلزالاً على رغم ان مياه البحر بدت كأنها قطعة صلبة متجمدة».

وعندما بدأت المياه تغطي كل شيء اندفع النزلاء نحو قاعة الفندق خائفين مذهولين. تقول ابتسام: «لم نشعر بأي هزة. لم تكن هناك امواج متتالية. كان هناك مد بحري جاء على فترتين تفصل بينهما نحو 45 دقيقة. وكان الثاني الأكثر تدميراً». كيف؟ «كنا في قاعة الفندق متشبثين بالأعمدة، البحر أمامنا في حال غريبة جداً، بدا شاهق الارتفاع بلون اسود قاتم يتجه نحونا بسرعة فائقة، لم يستغرق المد سوى دقيقة واحدة فقط وربما اقل، إلا أن تلك الدقيقة كانت كافية لتدمير كبائن الفندق (البانغالو) كلها واغراقها ومحو جزر صغيرة عن الوجود بعد تدميرها».

ما الذي انقذ ابتسام وبقية نزلاء الفندق؟ تقول والخشوع يعلو نبرة صوتها: «انها العناية الالهية. هي وحدها من انقذنا، فقد كان المد يتجه نحونا بسرعة كبيرة وقبل وصوله الى جزيرتنا انخفض من أحد جوانبه وكان ذلك الجانب هو الذي بلغنا فيما تحولت الجهة المرتفعة الى جزيرة اخرى قريبة يقطنها عمال الفندق الذي كنا نقيم به فدمرها بالكامل». قالت ايضاً ان ادارة الفندق طلبت منهم البقاء في مواقعهم حتى الغروب بعدما زودتهم على فترتين وجبات طعام وسترات نجاة وملابس. ووصفت تلك اللحظات بأنها كانت الأصعب: «ابلغنا في ما بعد انه زلزال ولكن ذلك لم يعد مهماً فالساعات اللاحقة كانت الأكثر عناء. كنا في حال ترقب وخوف فلا ماء لدينا ولا كهرباء ولا اتصالات. كنا معزولين تماماً عن العالم ولا نعلم ماذا يدور حولنا».

في صباح اليوم التالي خرج النزلاء من قاعة الفندق ليفاجأوا بالدمار الذي حل بالجزيرة. تقول ابتسام ان المد البحري «لم يبق شيئاً على وضعه السابق. طال الدمار كل شيء. رمال الجزيرة اختفت. جذوع الاشجار اقتلعت. الحشرات انتشرت ولم يسبق ان رأينا شبيهاً لها من قبل. واستمرت الحال كذلك الى ان تم تأمين طائرة ركاب تنقلنا من الجزيرة الى الدوحة بعد يوم ونصف يوم من وقوع الزلزال».

لكن ما هو الشعور الذي لازم ابتسام في تلك اللحظات العصيبة؟ تقول: «لم اخش الموت. كل ما تبادر الى ذهني هو ان اتشهد. وفي لحظات الهدوء بين المدّين تذكرت عائلتي وكيف سيتلقون الخبر، وكنت انظر الى زوجي الذي كان يسعى الى التخفيف عني».