كيف تعمل الأفكار: إحم ملفاتك العقلية من فيروسات الفكر

كيف تعمل الأفكار: إحم ملفاتك العقلية من فيروسات الفكر


01-16-2005, 09:52 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=6&msg=1105865530&rn=13


Post: #1
Title: كيف تعمل الأفكار: إحم ملفاتك العقلية من فيروسات الفكر
Author: Khatim
Date: 01-16-2005, 09:52 AM
Parent: #0

هذا عرض لكتاب أرى الإطلاع عليه ضرورة، سواء لتنظيم الأفكار أو حماية الملفات العقلية من هجمات الفيروسات الفكرية. وقد نشر يوم التاسع من يناير الحالي بصحيفة الشرق الأوسط الغراء.
خاتم






كيف تعمل الأفكار:

How Ideas Work The Essay
عرض الخاتم عدلان
ربما يكون الفكر العربي فوق المنطق، وربما يكون دونه. وسواء كان هذا أو ذاك فإنه لا يتقدم إلا به. هذه هي محورية المنطق في حياتنا الفكرية. وثمة منطق واحد للفكر لا "مناطق". هذه هي أهمية المنهج في أن يكون فكرنا منتجا. قليلون في التاريخ من حكموا أنفسهم بصرامة المنطق في كل ما قالوا وما فعلوا، وأقل منهم من فعل ذلك في حضارتنا الماضية والمعاصرة. ولذلك خفت موازيننا في ميدان المعرفة.
كتاب "كيف تعمل الأفكار: فكّر بيقين وتصرف بثقة" لمؤلفه كنت وورثينغتون، والصادر عن دار (No Nonsense Press Inc.)، يعيد الإعتبار للمنطق باعتباره ضرورة وجودية، أي باعتباره شرطا لوجود الإنسان وسعادته. ومثله مثل إيان راند، التي يشير إلى أهمية مساهمتها الفلسفية في أكثر من موقع من كتابه، ينطلق وورثنغتون من أرسطو، الاب الشرعي لعلم المنطق. ويقول أن أرسطو إهتم بالمنطق لأنه كان يتعامل مع عقله بالإجلال الذي يستحقه، وهو أمر علينا جميعا أن نتبعه فيه. وقد أرسى أرسطو قاعدة المنطق الصلبة عندما اكتشف قانون الهوية: وهو أن كل شيء له هوية متميزة، عن كل شيئ سواه. ولكن أرسطو إرتكب خطأين: الأول انه لم يوضح طبيعة المفاهيم بصورة كافية، والثاني أنه لم يفهم طبيعة التعميمات. وكانت نتيجة ذينك الخطأين أن الناس تعاملوا مع المنطق على الدوام بريبة وإستخفاف،بل وهجروه كليا في بعض الأحيان. الخطأ الأول حول طبيعة المفاهيم أجلته بصورة كلية إيان راند، في كتابها: مقدمة إلى المعرفة الموضوعية،
(An Introduction to Objectivist Epistemology)،
والخطا الثاني أجلاه هو شخصيا في كتابه هذا الذي نقدمه الآن إلى القراء. ولكن وورثنغتون لا يكتفي بإجلاء الخطا الثاني لارسطو، بل يحاول تقديم نظرية متكاملة حول كيفية عمل (كل) الأفكار. أي أنه يحاول أن يدخل إلى عالم العقل، فينظم مكوناته كلها، ويضعها في حزم متمايزة، ويحدد طريقة عملها، ويعطيك الفرصة، إن أردت، ألا تخلط بينها، لأن الخلط يعود عليك بعواقب وخيمة بالفعل. وهو مشروع بالغ الطموح، وربما يشوبه بعض الغرور، ولكنه مع ذلك واضح وضوح أغلب الحقائق الخطيرة. ويمكن تلخيصه في جملتين، لا هيغليتين ولا كانطيتين، لأن هذين ممن أفسدوا المنطق ونفروا منه، بل هما واضحتان وضوح نظرية أرخميدس، أو قانون نيوتن. البنية الفكرية تتكون من مفاهيم وأحكام ونتائج. تتولد المفاهيم عن طريقة معينة في تنظيم أشياء الواقع، وتتكون الأحكام عن طريقة معينة في تنظيم المفاهيم، وتتكون النتائج عن طريقة معينة في تنظيم الأحكام، والتي يمكن أن نسميها في هذه الحالة مقدمات. وتتمثل أهمية الكتاب في تطبيقاته لمقولاته النظرية، والنظرية اساسا تطبيق يا أهل النظريات التي لا تطبق!، على واقع الفكر، كما تتمثل طرافته في إستبانة الأخطاء الكبيرة التي نتجت عن الخلط بين هذه المكونات.
تكوين المفاهيم هو الإنفجار الأول في المعرفة الإنسانية، وهو يحدث للطفل عندما يتعلم إستخدام الكلمات التي تنقله من الوعي الحسي إلى الوعي الإدراكي، وتعطيه حرية غير محدودة، من حيث إحتمالاتها المفتوحة. وتنبثق المفاهيم عن الواقع وتشير إليه. فعندما يولد العقل، يكون، كما قال ارسطو تابولا رازا، أي ورقة بيضاء، تكتب عليها الحواس خطوطها الأولى. والحواس هي المنافذ الاساسية لعلاقة الإنسان بالواقع، إنها تزوده بالقاعدة التي تقوم عليها كل معرفة لاحقة، وهي أن الشيئ هو هو. تكوين المفاهيم هو منهج الإنسان في تنظيم أشياء الحس. إذ يعزل الإنسان خاصيتين متشابهتين أو أكثر ليكون منهما وحدة عقلية واحدة، ترمز لها كلمة محددة. المفهوم يشمل عددا غير محدود من الوقائع، بدء بتلك التي قام العقل بعزلها في البداية ونهاية بكل شبيهاتها في الماضي والحاضر والمستقبل. والتشابه هو المفتاح في هذه العملية. ولكن العقل الذي يعزل المتشابهات لا يحدد مواصفاتها، من حيث الكمية والحجم وغير ذلك، بل يترك المجال مفتوحا لإضافة اية قيمة. أي أن المفهوم شبيه هنا بالرمز في علم الجبر. فمع أنك يجب أن تعطي الرمز قيمة محددة، إلا أن تلك القيمة يمكن أن تكون مفتوحة، وتتسع باتساع الملكات التصورية لدى الإنسان.


آين راند تقول أن المفاهيم تعمل وفق نظام الملفات العقلية، مما يسمح لك بتخزين معرفتك، والإشارة إليها وإستدعائها عند الضرورة. ويحتوي كل ملف على كل الأشياء التي تملك خاصية معينة بينما يستبعد كل الأشياء التي لا تملك تلك الخاصية. كل ملفاتك العقلية هذه تقوم على مبدأ التمييز بين الاشياء ذات الخصائص المختلفة والجمع بين الأشياء ذات الخصائص المتشابهة. ولكن قليلين أولئك الذين يملكون ملفات دقيقة التنظيم. كما أن هذه الملفات معرضة دائما للهجوم، من فيروسات متجددة باستمرار ومن «هاكرز» بالغي المكر والذكاء. خذ مثلا مقولة دنغ هسياو بنغ الشهيرة: ليس المهم هو لون القطة، بل المهم هو مقدرتها على صيد الفئران. وهو قول صحيح لأنه يوضح أن لون القطة صفة غير جوهرية في صيد الفئران. ولكنه يريد أن يوحي من خلاله بأن نوع النظام الإجتماعي ليس جوهريا في تحصيل الثروة أو نيل الحرية. وهي مغالطة لا يمكن الدفاع عنها إلا بالمكر. وقد كان على دينغ، إذا كان يتوخى الحقيقة أن يقول: ليس المهم أن تكون القطة حبيسة أو طليقة، بل المهم أن تكون قادرة على صيد الفئران! وهو عبث محض كما ترى. ولكن هدف دينغ لم يكن هو الحقيقة، بل كان هدفه الهجوم على ملفاتك العقلية. وقد نجح الهجوم لدى عدد لا حصر له من أذكى البشر.
عملية تكوين المفاهيم توضح لنا أهمية التجريد، "فهو الطريقة التي تتكون عن طريقها المفاهيم، اي العملية الذهنية التي تفصل الخاصية المعينة عن حاملها، مركزة عليها، بدلا من التركيز على الحامل نفسه" (ص 39) وأنت تعلم أن الشيئ الحسي لا يمكن أن يوجد في موضعين في نفس الوقت، ولكن من خلال القوة غير العادية للتجريد، يمكنك أن توجد أماكن مختلفة له بطرق عديدة دون إفتراض وجوده المادي المباشر في تلك المواقع كلها.(ص 40)
الإنسان ليس أحد بصرا من الصقر، وليس أنفذ شما من الحوت، ليس أدق سمعا من الغزال، وليس الطف إحساسا من لقط. ولكنه يملك ما لا تملكه هذه الانواع كلها، وهو العقل الذي يكون المفاهيم. (ص 6)
عندما تكوّن مفاهيم جديدة من المفاهيم الحاضرة، فإنك ما تزال تمارس عملية التجريد، ولكنك تمارسها على مستوى أعلى. فأنت قد عزلت مسبقا بين الأشياء وخصائصها، لتكون مفاهيم على المستوى الأدنى من التجريد. ولكنك الآن تعزل الخصائص الجوهرية من غيرها، وبهذه الطريقة تكون مفاهيم على مستوى اعلى من التجريد. (مفهوم حيوان من مفاهيم كلب وقط وحصان، بالتركيز على الخصائص الجوهرية الجامعة بين هذه الأنواع)
مقدرتك على عزل الخصائص الجوهرية تمثل إنفجارا ثانيا في معرفتك. فمعرفتك تتراكم بسرعة خارقة عندما تجود عملية الضم والإبعاد عن طريق التركيز على الخصائص الجوهرية. وعملية التجريد على مستوى أعلى تمكنك من التحليق بعيدا عن المستوى الحسي، فتوغل في المستوى الإدراكي، ولكن إذا أغرتك هذه الحرية الآسرة فقررت أن تقطع الحبال التي تربطك بالواقع، فإنك تكون ببساطة قد ضعت. فمع أن التجريد هو وسيلتك للتحرر من الواقع الحسي، إلا انه ايضا هو طريق عودتك. وهذه العودة هامة دائما لتحقيق هدفين: الأول هو التأكد من سلامة العلاقة بين أحكامك والواقع، والثاني هو إزالة التناقضات بين أحكامك نفسها. وهما ظاهرتان فكريتان مترابطتان أشد الترابط. إذا لم تتطابق أحكامك مع الواقع فإنها تفقد أهميتها، وتصبح سرابا بدلا عن مشكاة. والواقع قابل للمعرفة، في تناقض صريح مع كانط، والتناقضات واجبة الإزالة وربما تكون أفضل بداية في إزالتها، هي نسف مقولته حول الشيئ في ذاته: والتي تقول في واقع الأمر أننا لا نبصر لأننا نرى، ولا نسمع لأننا نستقبل الأصوات، ولا نحس لأننا نشعر بالاشياء، ولا نشم لأننا نميز بين الروائح. اي إنها نوع من الهراء. الشيئ في ذاته نوع آخر من الهجوم على الملفات العقلية.
وبعد تكوين الأحكام إنطلاقا من المفاهيم، فإننا نكون قد استعددنا لمناقشة السببية، ثم الوصول أخيرا إلى أخطر أنواع المعرفة، وأبعدها أثرا وهي الإستنتاجات والفرضيات و النظريات.
وقد وجدت مناقشة ورثنغتون للسببية من أمتع فصول الكتاب،وهي على عكس ذلك لدى الكثيرين من المفكرين.
يحدد الكاتب علاقة السبب والنتيجة، باعتبارها علاقة السببية المكتملة. هذا يؤدي إلى ذاك، بصورة لا تؤدي الإستثناءات إلا إلى إثباتها. وإذا شئنا أن نجد له مكانا في تاريخنا الفلسفي فإنه ينحاز بصورة حاسمة إلى إبن رشد على حساب الغزالي. ومع أن ابا حامد لا ينفي السببية بإطلاق إلا انه يقلل من كفايتها مهددا بمسخها. وتلك قضية أخرى على كل حال. وبالنسبة إلى ورثنغتون، فإن السبب يجب أن يستوفي شرطين ليؤدي إلى النتيجة: هما الضرورة والكفاية. فالسحب ضرورية لحدوث المطر، ولكنها ليست كافية، ( أي يمكن أن تكون هناك سحب بلا مطر) والتهاب الزائدة الدودية كاف لحدوث الألم ولكنه ليس ضروريا، (أي يمكن أن يكون هناك سبب آخر.) اما إفراغ المركب لما يعادل وزنه من الماء، فهو أمر ضروري وكاف لطفوه على صفحة الماء. هذا هو السبب وتلك هي النتيجة.
هل كان طول أنف كليوباترا سببا كافيا لنشوء الإمبراطورية الرومانية؟ أم أن سبب نشوئها هو إسباغ الدستور الروماني حمايته على كل مواطنيها؟ هل الرق كان سببا كافيا لنشوب الحرب الأهلية الأميركية؟ وهل كان إطلاق المدافع من ولاية كارولاينا الجنوبية على "فورت صمتر" شيئا ضروريا لنشوب الحرب؟ أم أن التناقض في الدستور الاميركي الذي ينص على حرية الفرد، وعلى مشروعية الرق، في نفس الوقت، هو السبب في ذلك؟
ماذا عن القشة التي قصمت ظهر البعير؟ هل كانت كافية لقتل البعير الأسطوري؟ وما الفرق بين سقوط متوكل الهواري من الموقع المتآكل في سطح منزله، وسقوط سنمار من قمة القصر الذي شيده؟ وهل كان حلول القاضية ساندرا داي أوكونر، محل القاضي بوتر ستيورات، في المحكمة العليا الأميركية، عام 1981، سببا كافيا لوصفها بأنها قاتلة، لأنها أخلت بالتوازن المعادي لتنفيذ عقوبة الإعدام داخل المحكمة، لصالح تنفيذ العقوبة؟
في بحثك عن الإجابات لكل هذه الأسئلة يجب أن تنتبه إلى ضرورة أن السبب، ليكون سببا، يجب أن يستوفي شرطي: الضرورة والكفاية. وهذه العملية ليست سهلة كما تبدو، بل تحدث نتيجة نشاط عقلي مكثف، يتمثل في عملية تضييق المفاهيم وتوسيعها، والتمييز بين الجوهري وغير الجوهري فيها. كما أنها عملية مفتوحة للأخطاء. ويجب التنويه كذلك ان معالجة ورثنغتون لمنابع الخطأ الإنساني وكيفية مواجهته وتقويمه، تعد من أقوى نقاط الكتاب، ومن أكثرها فائدة لأمثالنا ممن لا يجيدون التعامل مع الأخطاء، لا من حيث الإعتراف بها، ولا من حيث منهج معالجتها، مع إسرافنا غير العادي في إرتكابها!!

والمنهج هو التنظيم التراتبي والتتابعي للخيارات الضرورية والكافية للوصول إلى هدف بعينه. وإتباع المنهج هو طريق نجاح الأفعال الإنسانية. لا يمكن دراسة الجبر قبل الحساب. وذلك يحدث بتحديد الأساسي والتمييز بينه وبين غير الأساسي. تحديد الأساسي مهم للأفعال الإنسانية لأنه يحدد لك نقطة البداية. عندما تعطس يجب أن تدير وجهك بعيدا عن الناس. هذا هو الشيئ الأساسي في الفعل الإنساني عند العطس. عندما تمرض تسعى للعلاج، عندما تجوع تأكل. ولكن كل هذا يقتضي منهجا. عبور الشارع يقتضي منهجا محددا هو النظر في كلا الإتجاهين.
عندما اختار الإنسان ان يصل إلى أهدافه دون منهج: لجأ إلى الحجامة لمعالجة الأمراض، وطعن صورة الحيوان للنجاح في صيده، وغرز الدبابيس في عين الصورة لإيذاء أعدائه، ورقص في الصحراء لجلب المطر، ونظم أساطير المياه لتفسير الظواهر الطبيعية، وحاول خلق العدالة بالمصادرة، وتوحيد الأمة بالشعارات، وتحرير فلسطين عن طريق غزو الكويت! هذا كله يشير إلى غياب المنهج، وإلى الخطأ في إستبانة حدود الإرادة الإنسانية. قال فرانسيس بيكون، لتسود الطبيعة عليك أن تطيعها، هذا هو المنهج العلمي. وقال المقهور على مر الدهور: لتنهض بالأمة وتوحدها، حررها من القيود ولا تقدها كالسوائم، هذا هو المنهج الإجتماعي والسياسي والأخلاقي.

يصل المرء إلى النتائج بتنظيم الأحكام، والتي يمكن أن نسميها الآن المقدمات، مثلما وصل إلى الأحكام بتنظيم المفاهيم. وهو ما يسمى بعملية الإستنتاج أو الإستدلال.
البرهان هو عملية إثبات النتيجة، أي ربط الفكرة بشواهدها. وكيف تصل الى النتيجة؟
إنك تبدأ بمقدمات، منها المقدمة العامة أو الشاملة، والتي تشمل كل وحدات المفهوم:
كل طلاب الصف إناث.
كل الناس فانون.

والمقدمة الشاملة هي نوع من المعرفة هامة لأية عملية إستدلال، وبدونها لا يمكن الوصول إلى أية نتيجة. القياس المنطقي يوضح هذه الحقيقة. المفكر توماس جيفرسون في القرن الثامن عشر حاول إثبات منطقية إعلان المستعمرات الأميركية إستقلالها عن إنجلترا. ومع أن تلك لم تكن أول ثورة يقوم بها الناس ضد الطغيان، إلا أن جيفرسون حاول أن يقيمها على أساس منطقي سليم وقاهر. وعندما صاغ جيفرسون إعلان الإستقلال فإنما أقامه أساسا على قياس منطقي. وجاءت صياغته على النحو التالي:
يقيم الناس الحكومات من أجل ضمان حقوقهم
هذه الحكومة (أي الحكومة البريطانية) فشلت في ضمان حقوق الأميركيين
إذن هذه الحكومة لا أساس لبقائها.
إكتشف جيفرسون هنا الوظيفة العامة للحكومات وهي ضمان حقوق الناس. ( جيفرسون لم يتحدث عن الحكومات العربية، فليطمئن ذوو الشأن!)
ولكن هل يمكن صياغة قاعدة أخرى مخالفة لقاعدة جيفرسون: مثلا:
يقيم الناس الحكومات لضمان مصالح الطبقات الحاكمة
هذه الحكومة تضمن مصالح الطبقات الحاكمة
إذن هذه الحكومة شرعية.
*
هذه الصيغة لا تقبلها الحكومات، لأن ضمان مصالح الحكام لا يتعزز إلا بادعاء خدمة الشعب، كما أنها لا تمثل شرعية لدى الشعب، إلا إذا كان شعبا من العبيد. وحتى هؤلاء الأخيرون ثاروا على أوضاعهم ومن أجل حقوقهم في الحياة والكرامة.
*
هناك مقدمات عامة يصل إليها المرء بالمشاهدة الحسية المباشرة:
كل طلاب الصف ذكور.
بمجرد النظر إليهم تصل إلى ذلك.
ولكن ماذا عن المقدمات التي لا يمكن إثبات صحتها بالمشاهدة الحسية:
كل طبيب مخ وأعصاب من الثدييات.
هذا تعميم لا يمكن إثباته بالمشاهدة الحسية لأن الأمر ينطوي على معاينة كل أطباء الأعصاب في العالم وإثبات أنهم من الثدييات.
هذه من المشاكل التي وردت في تاريخ الأفكار باعتبارها غير قابلة للحل. وقد عملت لعدة قرون على إشاعة عدم اليقين في المعرفة الإنسانية، وهو نفس الاثر الذي يمارسه الغزالي على الحضارة الإسلامية الآن في طعنه في كفاية السببية، دون إنكارها كليا. فالوقوف في هذا الفضاء بين اليقين وعدم اليقين هو الذي يشل العقل الإنساني.
إنك لا تصل إلى ذلك عن طريق الحس، بل عن طريق التجريد. والتجريد يحدث هنا على المستوى الأعلى الذي نصل إليه عن طريق تحديد الخصائص الجوهرية. إذا كانت العلاقة بين الصفة والموصوف، بين الحامل والمحمول، صحيحة، وقائمة، فإن المقولة العامة يمكن إثباتها
يوكليد قال إن الخطين المتوازيين لا يلتقيان. ليس لأنه أختبر كل الخطوط المتوازية الممكنة عقليا وواقعيا، ولكنه لأنه أنطلق من خاصية جوهرية في الخطين المتوازيين وهي أنهما لا يلتقيان.
وماذا عن التعميمات الهادية للفعل ا لبشري:
كل الناس يجب أن يكونوا أحرارا.
هل الحرية جوهرية للفعل الإنساني أم لا؟ هل يمكن للإنسان أن يمارس طبيعته كإنسان دون أن يكون حرا؟ هذا هو السؤال.
التعميمات ليست نتائج، إنها أحكام. بمعنى أنك لست مطالبا باختبار كل مكونات المقدمة العامة، إنك معني فقط بإثبات العلاقة الجوهرية بين الحامل والمحمول، بين الصفة والموصوف، فتصل إلى النتيجة. حتى أرسطو العظيم أخطأ في ذلك ولم يصححه المفكرون من بعده بل نحتوا خطأه في الصخر. وما يعتبره ورثنغتون مساهمة شخصية جوهرية من جانبه، في تاريخ المنطق، هو تصحيحه لهذا الخطأ الذي وقع فيه المعلم الأول العظيم. ويقول أن الطريقة الإحصائية هي المسؤولة عن هذه الأخطاء، عندما تؤخذ حرفيا وخارج نطاقها.
*
الإنتباه للعلاقات الجوهرية هو عصب المنطق كله، عندما تسقط شجرة في الغابة ولا يكون هناك شخص ليسمعها، هل تحدث صوتا؟
مشكلة طريفة. ولكن لا تصرف ذهنك إلى غير الجوهري فتتوه. إنتبه إلى الجوهري هنا: هل الأذن الإنسانية ضرورية لحدوث الصوت؟ أم أن الضروري لإحداث الصوت هو حركة الشجرة وهي تسقط وتحدث حركة محددة في الطبقة الهوائية المحيطة بها، إعتمادا على حجمها وسرعة سقوطها، وسرعة الريح... إلخ؟ ما هو الجوهري هنا؟
ليس الأذن الإنسانية بأية حال من الأحوال. إذا وجدت شجرة ساقطة، فاعرف أنها لحظة سقوطها، وإن كنت لم تسمعها، ولم يسمعها أحد سواك قد أحدثت صوتا.
الإنسان يعزز نتائجه بنوعين من الأدلة: الحقائق الموثوقة والمنهج السليم. إنه يربط إستنتاجاته بأدلتها في خطوتين. الخطوة الأولى يختبر فيها مقدماتها ويختبر الطريقة التي تعمل بها هذه المقدمات والعلاقات التي نظمت على أساسها: هل النتيجة تترتب على المقدمة بصورة صحيحة؟
صيغ القياس المنطقي (syllogism)، لتحقيق هذه الغاية. وهذا يكشف أن النتيجة تحتاج إلى مقدمتين على الأقل إحداهما عامة وشاملة. والثانية محدودة.
الخطوة الثانية هي التدليل على صحة المقدمات نفسها. المقدمة التي تستعصي على التدليل دائما هي المقدمة التعميمية. وهذه يدلل عليها كأحكام، وجمل مفيدة، وليس كنتائج، أي بتوضيح أن العلاقة بين الصفة والموصوف هي فعلا علاقة جوهرية وصحيحة وقائمة.
على هذا الأساس يمكن للإنسان أن يفكر بوضوح وأن يتصرف بثقة، أساسها اليقين المعرفي. فالأسطورة تحدثنا عن أن جحشا مات من الجوع لأنه لم يستطع أن يقرر بأية حزمة من القش يبدأ. وهذه مشكلة إنسانية تتعلق بالإختيار، خاصة عندما تتساوى أو تكاد قيمة الخيارات، سهولة أو صعوبة، أمام إنسان حر الأرادة، يمكن أن يختار هذا أو ذاك، مع مقدرته بالطبع على الإمتناع عن الفعل، واحتمال الموت في الحالة الأخيرة. اليقين المعرفي، الذي يحاول أن يزلزله أمثال هايزنبيرغ بمبدئه حول الشك المطلق، هو الذي يمكنك من الإختيار، بمعرفة الأساسي وا لجوهري، باستبانة المنهج السليم، والمبادئ المنطقية.
ويحاول ورثنغتون، كما حاولت قبله إين راند، أن تقيم على أساس المنطق نظاما إجتماعيا، هو الرأسمالية المنفلته «Lassez Faire». ولا يمكننا الدخول في تفاصيل ذلك هنا. فقط ننبه إلى أنه لا يتبع بنفس الصرامة المنطقية التي يدعيانها له.
هذا العرض حاول تحقيق مهمتين: الأولى إبراز أهم نقاط الكتاب. والثانية الحفز على قراءته. نجاح المهمة الأولى يتمثل في إستبانة ضرورة الثانية، وذلك لأن الثانية أهم بكثير من الأولى. وسيكون هذا شأن كل عرض أقدمه.
إنتهى

Post: #2
Title: Re: كيف تعمل الأفكار: إحم ملفاتك العقلية من فيروسات الفكر
Author: محمد حسن العمدة
Date: 01-16-2005, 05:03 PM
Parent: #1

بوست قيم

شكرا يا استاذ خاتم

Post: #3
Title: Re: كيف تعمل الأفكار: إحم ملفاتك العقلية من فيروسات الفكر
Author: Khatim
Date: 01-16-2005, 09:14 PM
Parent: #1

شكرا يا عمدة
أعرف أنه من نوع القراية أم دق، ولكني أعرف كذلك أن من يجد الصبر عليه لن يندم. وأرجو ممن يجد فيه ما أزعمه أن يحث الآخرين على قراءته.
لك الشكر

Post: #4
Title: Re: كيف تعمل الأفكار: إحم ملفاتك العقلية من فيروسات الفكر
Author: Khalid Eltayeb
Date: 01-17-2005, 02:50 AM
Parent: #1

الاخ الخاتم

سلامات

شكرا لهذا العرض .. قرأت لك في الشرق الاوسط عدد الامس الاحد عرضا لكتاب " الاسلاموية في القرن الافريقي " ... شكرا لكل ذلك .. هل سوف تتابع | عرض الكتب| كل أحد في الشرق الاوسط ...

ولك الود

خالد

Post: #7
Title: Re: كيف تعمل الأفكار: إحم ملفاتك العقلية من فيروسات الفكر
Author: Adil Isaac
Date: 01-17-2005, 06:10 AM
Parent: #4

Dear Khatim

Happy new year to you and family.As ever, your review of this book is excellent.Of interest to me is the fact that even (scientists) in experimental science/research, who relatively seem to apply this logical framework to the letter, seem to make value judgement at the end of the day!! and hence arrive to different results or interpretation thereof.That is to say, people seem to "like" some logic and "dismiss" another despite standardized methodologies.

In my mind right now is the example of the measls vaccine (MMR) problems in the Uk: where several reassuarances failed to convince the public and some scientists that it is save ( on the basis of sound research using agreed methods).Instead, they believed the flaud research that concluded the vaccine causes Autism.Does this has anything to do with the messenger?is it important to factor in the "narrow" or "personal" interest of the messenger in this logical framework when interpreting results?or is it just enough to consider the confusion as "viruses" designed to attack" our "files

In either case, are we taking a value judgement of the results based on the
messenger's credibility? where does this fit in the logical framework the author alluded to?

These are just some questions that sprang to my mind and they are not, necessarily, here to be answered

kind regards

Adil

Post: #5
Title: Re: كيف تعمل الأفكار: إحم ملفاتك العقلية من فيروسات الفكر
Author: ابو مهند
Date: 01-17-2005, 05:57 AM
Parent: #1

استاذنا الخاتم
Quote: هذا عرض لكتاب أرى الإطلاع عليه ضرورة، سواء لتنظيم الأفكار أو حماية الملفات العقلية من هجمات الفيروسات الفكرية. وقد نشر يوم التاسع من يناير الحالي بصحيفة الشرق الأوسط الغراء

بما اننا في بلد لا تصلها المطبوعات العربية بشكل منتظم(على الاقل المدينه التي اقيم بها)
هل تتوفر هذه الكتابات في شكل كيب,لنمتلكلها حتى نحمي عقولنا من هجمات الفيروسات الفكرية,
ودمت

Post: #6
Title: Re: كيف تعمل الأفكار: إحم ملفاتك العقلية من فيروسات الفكر
Author: Khatim
Date: 01-17-2005, 05:57 AM
Parent: #1

شكرا خالد
نعم سأواصل عرض الكتب بالشرق الأوسط يوم الأحد. ربما لا يكون كل أحد، نسبة لتنفاس الأقلام على هذا الموقع الذي يتميز بالتنافس الشديد. ولكن سأجابد مجابدة شديدة في هذا السبيل. وإذا كان العرض جاب " دخل " سأقوم بنقله إلى البورد.
تحياتي للأسرة الحبيبة.
خاتم

Post: #8
Title: Re: كيف تعمل الأفكار: إحم ملفاتك العقلية من فيروسات الفكر
Author: Khatim
Date: 01-17-2005, 06:56 AM
Parent: #1

الأخ أبو مهند
شكرا جزيلا على المتابعة. نعم أفكر في نشر كل هذه المواد وأرجو أن يتيسر ذلك قريبا. فقد تراكمت لدي مواد كثيرة تنتظر النشر، وفي الطريق صعوبات كما تعلم. على الأقل أنت تستطيع المتابعة حاليا عن طريق الإنترنت وأوصيك بقراءة الكتاب نفسه، وهو بالمناسبة غال بعض الشيء مع أن حجمه ليس كبيرا.
لك كل الود

Post: #9
Title: Re: كيف تعمل الأفكار: إحم ملفاتك العقلية من فيروسات الفكر
Author: Khatim
Date: 01-17-2005, 08:58 AM
Parent: #1

Dear Adil
Thank you som much for your positive appraisal of the review. You are also presenting a very interesting case. I think that parents take the follwoing logical course in defining their position vis a vis the MMR Vaccine:It is basically a logical sequence of if... then
If we accept for our children to take the MMR, then there is a great chance that they would not get measels, mumps or Rubella.But there is an open chance of their being autistic.If we don't accept for our children to get the MMR vaccine, then there is a greater chance that they would get either M or M or R or all, but there is no chance of their being autistic.
And here comes the conclusion: Since I prefer a greater chance for my child to get MMR,over a lesser( or open) chance of his becoming autistic( autism being more serious than MMR and more intractable) I would not allow my child to get the vaccine. Outside the logical reasoning, however, there is , of course, an element of trust, or lack of it, to be more accurate. Because some eminent academic authorities did not show their full confidence in the new vaccine, this caused public skepticism and uncertainty. The rest is obvious.
I hope that more contributions would be provoked by this review
Best regards
Khatim

Post: #10
Title: فوق
Author: mohmmed said ahmed
Date: 02-05-2005, 03:47 AM
Parent: #1

بناء على طلب شخص عزيز
فوق

Post: #11
Title: Re: فوق
Author: إيمان أحمد
Date: 02-05-2005, 09:09 AM
Parent: #10

.

,Dear Ustaz Khatim
First, thanks for the review, and it would be great if u continue publishing your
.works here
I find it a very interesting reading that I decided to do in sessions, in order to absorb the content best. So, thanks to Ustaz Mohamed Sid Ahmed for pulling up
.the thread
I also learned from the analysis you provided in response to the example
.raised by Adil

Lots of thanks and regards
Iman

Post: #12
Title: Re: كيف تعمل الأفكار: إحم ملفاتك العقلية من فيروسات الفكر
Author: Khatim
Date: 02-05-2005, 10:34 AM
Parent: #1

شكرا لك محمد، وللشخص العزيز الذي أوصى برفع هذا العرض. وأرجو أن يجد فيه القراء كثيرا من الفائدة ومن التحفيز للإطلاع في هذا الباب الهام.

Post: #13
Title: Re: كيف تعمل الأفكار: إحم ملفاتك العقلية من فيروسات الفكر
Author: Khatim
Date: 02-05-2005, 10:44 AM
Parent: #1

Dear Ustaza Iman
Thank you so much for your kind words and uplifting care. Yes, I would continue publishing here. Readers like you encourage one not only to publish but to write even a bit more and better. I also take much heart from what you write.
thank you
khatim

Post: #14
Title: الخاتم
Author: mohmmed said ahmed
Date: 02-05-2005, 09:16 PM
Parent: #1

الاستاذ الخاتم هى فعلا قراية ام دق لكنها ممتعة وعميقة
العرض يستحق قراءة ليست من على الشاشة لذلك سوف اطبعها واقرا من الورق مع استخدام قلم الرصاص فى الهوامش

تقول
البنية الفكرية تتكون مفاهيم واحكام ونتائج فالاحكام طريقة معينة فى تنظيم المفاهيم
وتتكون النتائج فى طريقة معينة لتنظيم الاحكام

هذه الطريقة المنطقية للتفكير المنطقى
حتى يمتلكها الفرد لابد من مناهج دراسية وطرق تدريس جيدة منذ المدارس الابتدائية
والان مع ثورة المعلومات اصبح من اليسير الحصول على المعلومة ولكن الاهم من ذلك
كيف تنظم وترتب المعلومات للوصول للنتائج المنطقية
كيف يتم التفريق بين الجوهرى وغير الجوهرى بين الظاهرى والخفى بين الثابت والمتحول

حال التعليم الجامعى هل الطالب الجامعى فى الجامعات السودانية يتلقى التعليم
الذى يكسبه القدرة على البحث والتحليل والاستقصاء هل يملك تعليمنا الجامعى الان الرؤية الناقدة

هذه مساهمة من القراءة الانترنيتية وهناك مساهمة اخرى بعد قراية الدق


الشخص العزيز مهتم بقضايا الفكر والفلسفة وسوف يسهم

Post: #15
Title: Re: الخاتم
Author: shiry
Date: 02-05-2005, 11:26 PM
Parent: #14

سلام مربع


طبعا نحن المساكين الواقعين تحت رحى الوصايا
سنكون اكثر الناس سعادة بمثل هذه الكتب القيمة

كنت ولا زلت اقول ان المكتبة العربية والسودانية بالذات
فقيرة من الكتب المترجمة ..
رغم ان (السوداني) عرف بمقدرته الفذة في امتلاك ناصية اللغات الاجنيبة
خاصة الانجليزية .
ومع ذلك ، لا تجد منهم على المستوى (العربي) اشتهر بهذه الاعمال
ربما لاننا (كسالى)اولا نعير مسالة الترجمة اي اهتمام كونها عمل
يعود بالنفع للاخر .
بنت خالتي تجيد اللغة اللغة الانجليزية وتمتلك حرفة مدربة
في الترجمة ومع ذلك تقول ليك عندما تزنقيها في مربع اليك
(يابتي سيبك من الترجمة ... هو منو العايز يقرا ليهو كتاب مترجم
هي الجرايد المحلية والكتب ما عندو النية يقراها . .عايزاها
يقرا كتب ببتكلم عن حاجات هو بتعبرها ترف فكري ؟؟؟
قد يكون منطقها مقنعا بصورة عامة لكن الذي لن يكون مقنعا
عندما يفقد جمهور واسع من هواة القراءة والاطلاع مثل هذه
الكفاءات ويحرم بسبب (قرفتها) من شريحة القراء
من (مواد) هي في حد ذاتها قيمة كبيرة ..
سلمت ياسيدي .
شخصيا سالصق في هذا البوست كما لصقت في بوست يوم الثلاثاء .
تعجبني جدا(نكهتك) في الترجمة التي نجحت في جعلها متوازية
مع روح النص الاصلي . ليعرف (حريفة) القراءة ان هذه الترجمة
بالذات لهذا المترجم بعينه ..
تعجبني مثل تلك التراجم ، تجعل(الترجمة) في حد ذاتها ابداع

طالما تمنيت ان (اكتب) بمثل هذه الموضوعية التي هي نكهتك
الابداعية الاولى . واحدة من الناس افتقد الى (وحدة) النص
او موضوعيته عندما اهترش لذلك كثيرا ما ارفض ان اعود
الى هترشة كتبتها بسبب رفضي اياها لانها باهتة ورمادية
ولا ترضي طموحي .
قديتك صااااح ؟
على العموم قصدت من هذه الهترشة .. سنخسر كثيرا ان لم تعود
لتكمل هذا الكتاب ..

Post: #16
Title: Re: الخاتم
Author: nadus2000
Date: 02-06-2005, 01:25 AM
Parent: #15

الأخ والأستاذ الخاتم

شكراً على هذا المجهود، وشكرا لإتيانك بمثل هذه القراءة أم دق، وإعدتنا لأيام كنا نقيم اليوم بعدد ما تعلمناه، ومعادله من السياط التي ألهبتنا وألهمتنا....
وشكرا لك بأن أخرجتنا من القراية أم قروش -قراية الشغل-وبؤسها.


أشهد بأنه قد فاتني الكثير، حين حرمتني ظروف سفري خارج الدوحة من ألتقيك...

Post: #17
Title: Re: الخاتم
Author: برير اسماعيل يوسف
Date: 02-06-2005, 08:06 PM
Parent: #16

شكرا جزيلا خاتم عدلان ... فعلا قراية ام دق ... و تنقيب شديد عن المعرفة.

Post: #18
Title: Re: كيف تعمل الأفكار: إحم ملفاتك العقلية من فيروسات الفكر
Author: Khatim
Date: 02-06-2005, 08:26 PM
Parent: #1



عزيري محمد
أصبت تماما في إشارتك إلى أن العملية التعليمية هي الأساس في تكوين الشخصية المنطقية، المرتبة الأفكار، القويتها والجريئتها، لأنها تقيس أفكارها على الواقع، وعلى نفسها. فتزيل التناقضات الموضوعية، مع الواقع،والذاتية، مع الإنتاج الفكري للشخص. عملية إزالة التناقضات وجه أساسي لتقدم المعرفة البشرية. ولكن ثمة فكر يقوم أساسا على ستر التناقضات، وتعايشها، بل الإستفادة منها. والأمثلة كثيرة.
في هذا الإطار فإن العملية التعليمية في السودان، وخاصة على يدي الإنقاذ، هي أكبر عملية إعتداء على الذهن وعلى ملفاته العقلية، يمكن أن يتصورها المرء، كما أن أضرارها لا يمكن حتى حسابها بدقة في الوقت الحالي.
أكبر عملية إعتداء على الذهن البشري هي قصفه بمنجنيق من المواد التي لا يفقهها ولا يدري لها معنى. تصور طفلا في الخامسة يجبر على حفظ عمارة كاملة من الكلمات التي لا يفقه لها معنى ؟ إن مثل هذا الطفل سيتعامل مع عدم فهمه لأي نص في المستقبل، وكأنه هو الأمر الطبيعي، لأن المهم بالنسبة إليه ليس الفهم، بل هو الحفظ. ولذلك تنشأ شخصية قابلة للعجن والتطويع في كل الإتجاهات، ويشرف على عملية العجن والتطويع أشخاص غالبا ما تكون أذهانهم هم أيضا مضروبة بنفس الفيروس منذ أن رأت عيونهم الضياء. هذه العملية منتشرة في كل الشرق الأوسط والدول العربية، وخاصة في مصر، حيث يكون الحفظ، وتكرار الترهات جوهر العملية التعليمية.
الثورة القادمة، ليست في الشوارع وحدها، بل هي أساسا، في فصول المدارس، وفي قاعات الدرس.الغرب إنتبه لهذه المسالة لأن العملية التعليمية، في مراحلها المبكرة خاصة، عندهم، تقوم على اللعب أساسا، وهو وسيلة الطفل في هذه المرحلة العمرية للتعامل مع العالم وفهمه، وليس حفظه. وكم من سوداني، رأى ذلك وقال: ياأخي ديل ما عندهم تعليم، كله لعب!! وهو يقصد بالتعليم هذا القصف المتواصل بالمنجنيق، ولا شيئ سواه. وكلما كبر حجم المادة المطروحة للحفظ كلما كانت العملية التعليمية، بالنسبة لهؤلاء، جيدة ومتينة وعضم!
شكرا جزيلا لك
شكرا لك على رفع البوست، فقد كدت

Post: #19
Title: Re: كيف تعمل الأفكار: إحم ملفاتك العقلية من فيروسات الفكر
Author: Khatim
Date: 02-06-2005, 09:10 PM
Parent: #1



العزيزة شيري،
شكرا لك على المساهمة القيمة، والتي أفرحتني جدا.
نعم هناك تقصير كبير جدا في مجال الترجمة. والترجمة مرادفة للنهضةلأن النهضة لا تكون إلا على الإستيعاب الخلاق لمنتجات الحضارات الأخرى، سابقة كانت أو معاصرة. وثمة شاهدان على ذلك: حركة الترجمة التي أبتدرها المأمون، لأعمال الفلاسفة والعلماء الإغريق والفرس، والتي ساهمت بقدر غير يسير في بناء الحضارة العربية الإسلامية الشامخة. ثم حركة ترجمة التراث العربي نفسه إلى اللغات الأوروبية، على أعتاب النهضة الأوروبية المعاصرة، والتي طالت أعمال إبن سينا والفارابي وإبن رشد وإبن خلدون وكثيرين غيرهم. وفي الحالتين توفرت إمكانيات ضخمة، من الأفراد والدول، لتفريغ المترجمين والسهر على إحتياجاتهم، وطباعة الكتب المترجمة ونشرها وتداولها.
أين نحن من كل ذلك؟ إنك تترجم الكتاب، في أغلب الأحيان على حسابك، وتنشره على حسابك، ولا يأتيك من كل ذلك إلا الفتات. وأنت مع ذلك لست مليونيرا لتمارس الترجمة كهواية، بل هي جزء لا يتجزأ من كسب قوتك وقوت أسرتك. بالمناسبة، وعلى عكس تجارب أغلب المترجمين الذين أعرفهم، عرضت عليّ الأستاذة ليلى أبو العلا، بعد ترجمتي لروايتها، أن تدفع لي أجري، فقبلت ذلك لظروفي المالية القاهرة، وتركت لها الصداع الذي ما تزال تعاني منه في متابعة توزيع الرواية، دع عنك الحصول على بعض العائد المالي منها. ولكن مثل هذا التعامل، الذي تجده عند ليلى وأمثالهامن النادرات والنادرين، لا وجود له في هذا السوق الكاسد.
و ما دمنا لا نطمع حاليا في نشوء هيئات داعمة للترجمة، في بلداننا، من مواقع الحرص على المعرفة، فليس أقل من أن يلتقي المترجمون السودانيون، وغيرهم، ويقيموا الروابط والهيئات التي تدافع غنهم وترعى مصالحهم.
وأعتقد أن بنت خالتك عرفت هذا الجانب اللئيم في سوق الترجمة فلم تشا التورط في أعمال كبيرة. ولاحظي أن الترجمة هنا في الغرب لا تقل مطلقا، عن التأليف الروائي أو العلمي. فكل من يخرج كتابا هنا، مترجما أو مؤلفا، يمكنه منذ الآن ألا يعبأ بمسائل الرزق والغذاء والسكن، لأن العائدات هائلة بالفعل. ولذلك سميتهم " أهل الكتاب" لأن الإحترام الذي يجده الكتاب والكاتب هنا، لا مثيل له في عالمنا. فنحن لسنا من أهل الكتاب، بل إن الأغنياء منا على وجه الخصوص هم أعداؤه غالبا.
وأنا سعيد كذلك لإشادتك بكتاباتي، وهو حافز لمزيد من العطاء. وأحب أن أقول لك شيئا، ليس من قبيل المجاملة، فلا أنت ولا أنا نحتاج إلى ذلك، ولكن من قبيل الإنتباه للمواهب الكامنة، والمساهمة في تنميتها وصقلها. إنني أجد في كثير من نصوصك ذكاء لماحا، وسخرية محببة ومعافاة، وأسلوبا جذابا، وهترشة. والأخيرة مشمولة أيضا بالأوصاف التي ذكرتها. أنت تقولين ان نصوصك لا تعجبك عند العودة إليها لأنها تحتوي هترشة لا تنتمي عضويا إلى النص ولذلك تفقده تماسكه. وأنت هنا لست كاتبة فحسب بل ناقدة كذلك. وتشيرين هنا إلى قضية هامة جدا، سأواصل الحوار فيها فيما بعد. وربما تعذريني إذا علمت أنني أكتب في الساعات الأولى من صباح الإثنين، حيث أوفي بالتزامات الثلاثاء.
دمت

Post: #20
Title: Re: كيف تعمل الأفكار: إحم ملفاتك العقلية من فيروسات الفكر
Author: برير اسماعيل يوسف
Date: 02-07-2005, 04:43 AM
Parent: #19

فوق

Post: #21
Title: Re: كيف تعمل الأفكار: إحم ملفاتك العقلية من فيروسات الفكر
Author: Khatim
Date: 02-07-2005, 10:06 PM
Parent: #1



العزيزة شيري
أواصل كما وعدت. قولك بأن إحتواء نصوصك على هترشات لا تنتمي إليها عضويا، ولذلك تضعف من تماسكها، وتباعدك عنها فكريا ووجدانيا، نقطة بالغة الأهمية في إعتقادي. وذلك لعدة أسباب: منهاأن حبنا لنصوصنا هو الذي يعطيها الحياة، فإذا فقدنا هذا الحب فقد حكمنا عليها بالموت. وربما تكون النصوص هنا قريبة جدا من الأطفال. تصوري طفلا لا تحبه أمه؟ ومن هنا أهمية معالجة هذه القضية. ولعلي أدلي ببعض النقاط هنا، ربما تساعد، أقول ربما وليس أكثر من ذلك، فأنت وحدك التي يمكن أن تعالجي هذه المسألة:
من تجربتي الشخصية، أنك عندما تكتب، تجد أمامك مسارب كثيرة يمكن أن يسلكها نصك. وهي مغريات من شأنها صرفك عن موضوعك الأساسي. والواقع أنك يمكن أن تتوه تماما، إذا خضعت لإغراءات هذه المتاهة من المسارب. وربما ضعت فيها، وربما تركت الكتابة كلها من فرط الإرهاق. وفي كل الأحوال فإنك تكون قد حكمت على ماأنت بصدده في تلك اللحظة بالموت. ما تسمينه بالهترشة يقع في نظري في هذا الإطار. وهو أن العقول الخصيبة تحرك معها وهي تكتب إحتمالات كتابة عدد غير نهائي من النصوص. ولكن نجاحها يتمثل تحديدا، ليس في الخضوع لإغراءات النصوص المحتملة، بل في التركيز القاسي على النص الحالي. هذا لا يعني أنني ضد "الغشوات" القصيرة للمناطق القريبة من النص، لأن هذا يغنيه إغناء شديدا، ولكني ضد أن يفوت هذا الأمر حده فيضعف النص الأصلي إضعافا غير عادي. بل يغريه هو نفسه، ربما بفعل غيرة النصوص من بعضها، بحران دونه حران الحمار المكادي، إن كنت تعرفين هذه الألفاظ.
إذن هذه " الغشوات" أو الهترشة في إصطلاحك، مهمة جدا، ولكنها يجب أن تخضع للإنضباط الشديد للمحافظة على مقاسها وقدرها. وثمة شيئ آخر لا يقل أهمية، وهو ان الغشوة لا تكون مغنية للنص الأصلي، إلا إذا كانت على مجرى كبير للنص نفسه مساهمة في مياهه، مما يجعل الإستطراد مرتبط عضويا بالنص. بمعنى آخر فإن الهترشة ليست نوعا من الفوضى، بل هي تكنيك صعب وعصي وخاضع لقوانين صارمة. وإجادة هذه القواعد هي التي تجعل الهترشة بهارا نادرا يكسب النص نكهته التي لا تقاوم.
شخصيا أعتقد أن المزاج النفسي العام للسودانيين يحتاج كثيرا إلى الهترشة، ليس فقط لضعف المقدرة على التركيز والمتابعة، بل كذلك لطبيعة ثقافتناالونسية وحميميتها. وربما يضيف إلى ذلك أن إنبهام طبيعة الأشياء وزيادة لا معقولها ولا معقوليتها، تجعل الهترشة نوعا من الخلاص مما تكابده النفس من معاناة ومشقة. ولذلك أعتقد أنها جنس سيكون هاما، وإجادته مطلوبة. وأعتقد أنك قادرة فعلا على ذلك.
أرجو أن يكون في هذه النقاط بعض الفائدة. فأنا حريص جدا على أن تحبي نصوصك وترعيها وتقيلي عثراتها، وتعالجي نقاط ضعفها، وتربيها تربية حسنة، بالضبط كما نفعل مع أطفالنا. فاكتبي، وأشطبي، وأكتبي وأشطبي، حتى تشعري بامتلاء حقيقي وأنت تقرأين النص، وحتى تشعري في بعض الأحيان أن هذا النص ربما لم يخطه يراعك أصلا. وأعتقد أن هذا الشعور هو الذي نشأت منه كل التصورات حول الإلهام.
كل الود

Post: #22
Title: Re: كيف تعمل الأفكار: إحم ملفاتك العقلية من فيروسات الفكر
Author: Khatim
Date: 02-07-2005, 10:13 PM
Parent: #1



الأخ العزيز نادوس
شكرا جزيلا لك على هذه الكلمات الطيبة. وقد كنت أنا غير المحظوظ عندما لم ألتقيك بالدوحة، وعلى كل حال الجايات أكثر من الرايحات، وكثيرا ما تقودني طرقي إلى الدوحة التي لي في كثير من الأحباب، الذين يحتفون بكل قادم إليها، حتى يشعر أن الحفاوة مقصورة عليه.
أرجو أن أجدك وأهلك في المرة القادمة، وأن نتحدث عن كثير من الأمور المشتركة.
دمت

Post: #23
Title: Re: كيف تعمل الأفكار: إحم ملفاتك العقلية من فيروسات الفكر
Author: لؤى
Date: 04-23-2005, 04:39 AM
Parent: #1








ـــــ
انا في البعيد مشتاق لهمسة من الوطن يانسمة
[email protected]


Post: #24
Title: Re: كيف تعمل الأفكار: إحم ملفاتك العقلية من فيروسات الفكر
Author: لؤى
Date: 04-23-2005, 06:02 AM
Parent: #23







ـــــ
انا في البعيد مشتاق لهمسة من الوطن يانسمة
[email protected]


Post: #25
Title: Re: كيف تعمل الأفكار: إحم ملفاتك العقلية من فيروسات الفكر
Author: الجندرية
Date: 04-23-2005, 06:18 AM
Parent: #1

***

Post: #26
Title: Re: كيف تعمل الأفكار: إحم ملفاتك العقلية من فيروسات الفكر
Author: banadieha
Date: 04-23-2005, 07:51 AM
Parent: #25

Quote: قديتك صااااح ؟
على العموم قصدت من هذه الهترشة .. سنخسر كثيرا ان لم تعود
لتكمل هذا الكتاب ..


وايما خسران ياشيري.

Post: #27
Title: Re: كيف تعمل الأفكار: إحم ملفاتك العقلية من فيروسات الفكر
Author: Ridhaa
Date: 04-23-2005, 09:32 AM
Parent: #1


انا لله وانا اليه راجعون ...

اللهم أغفر له وارحمه

Post: #28
Title: Re: كيف تعمل الأفكار: إحم ملفاتك العقلية من فيروسات الفكر
Author: Ehab Eltayeb
Date: 04-27-2005, 09:21 AM
Parent: #1

لقد كانت في حياتك" لنا" عظاتٌ..

وانت اليومُ أوعظُ منك حيا,,,