وما زال التنين مرفرفاً في ليل المدينة

وما زال التنين مرفرفاً في ليل المدينة


01-08-2005, 04:24 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=6&msg=1105154649&rn=0


Post: #1
Title: وما زال التنين مرفرفاً في ليل المدينة
Author: عبد اللطيف عبد الحفيظ حمد
Date: 01-08-2005, 04:24 AM

وما زالت التنانين ترفرف

مدخل:
يقول محمد عبد الحي:
رفرف التنين في ليل المدينة
أخضر الجلدة وهاج الشعل!!!


وما زال التنين بكل ألوانه تخفق أجنحته في كل المدائن، تتلظى سماواتها من شعله المتوهجة، ذات الحمم الفائرة، التي يلفح لهيبها كل الاتجاهات، وذابت كل الثلوج من فرط الاشتعال، وفارت البحار والمحيطات والأنهار، وكادت الأرض أن يغمرها اللهيب، بل الأحرى أنها تموج في بحار من اللهب، ولا زال الناس يتدثرون بالثلج والماء الفائر.
وفي خضم هذا اللهيب، انقضت الأفاعي على الأحياء الباقين من بني البشر، ولكن التنين ظل يتوعدهم بصبح أخضر، برغم الظلمة واللهيب، ظل يتمطى على ساحات الأفق، ويرسل اللكمات والكلمات في آن واحد، يتنفس لهيباً ويتلوى في مرحه، ويغنّي لهم بصوته الذي أشبه ما يكون بالنهيق، ومع ذلك ظل الناس يستمعون رغم أنوفهم لهذا النهيق، لأنه القشة التي بقيت كي تتعلق بها آمالهم، برغم حرارة الجو، وبرغم الأفاعي ودواب الأرض، وكما يقول شيخنا المجذوب (الصبر فضيلة العجز وجنة الفقير)، فلم يبقى لهم إلا العجز والتشبث بالصبر.

وفي ظل هذه النيران المستعرة على كل الأحياء وكل المدن، يرسل التنين صرخة مدوية في الكون، استمرت لساعات طويلة، حسبنها الناس نهايتهم وظن بعضهم أن التنين قد انفجر بفضل النيران التي أحاطت به من كل صوب، وعندما يصبحوا في الصباح الباكر بعد نوم تدثروا به بما تبقى من الثلوج، إذا بتنانين أخرى تولدت من شرار ذلك التنين الأب حين احترق وطار الشرار من بين أجزاءه المتناثرة، كما (الغول) تولدت تنانين أكثر شراسة وأشد مضاضة، وأخذ الناس يتهامسون، وبدأوا يعدون هذه التنانين، وحطت بالأحياء موجات من التدجيل والشعوذة ، وأخذ كبير الدجالين ينظر إلى السماء ويبدأ العد (13،15،16) بل (60، 61، 63)، في محاولات يائسة منه لفك طلسم هذه التنانين.

ولا زالت تلك التنانين ترفرف بأجنحتها، وازداد اللهيب استعارا، وذاب ما تبقى من الثلوج، وبدأت المياه التي خمدت حيناً تستعر مرة أخرى، ولا زال الناس ينتظرون وحلت عليهم الكآبة واليأس، وذبلت تلك الخدود الوردية، وشحبت تلك الوجوه المشرقة، والتي كانت ملساء، حل عليها الغباش، ولم يعد التنين أخضراً، بل تلون بكل ألوان الطيف وظن الناس أن التنين قد امتص ألوانهم باستخدام السحر ولعنته التي حلت عليهم. وما زالت التنانين تحير الناس، والدارسين والعلماء ورجال الساسة، والأدباء وكل الناس. وكثرت حولها الأقاويل والإشاعات، وازداد الدجالون الذين يسعون بكل ما أوتوا من قوة لحل تلك الطلاسم ولا زال البحث جارياً!!!!