قراءة في كتاب المهدية والحبشة

10:45 AM September, 25 2022

سودانيز اون لاين
محمد عبد الله الحسين-
مكتبتى
رابط مختصر

كتاب(المهدية والحبشة)، محمد سعيد القدال - قرءة أولى

د. محمد عبدالله الحسين

تصدير:
لابد من القول أن ما قادني للسعي للحصول على هذا الكتاب وقراءته، إنما هو شغف معرفي شخصي، بالإضافة إلى ميل طبيعي ونزوع تلقائي،

للتعرف على كثير ‏مما يربطنا بتلك الدولة من ووشائج وعلائق مستمرة عبر الزمان، ويعضد تلك الاواصر تشابهٌ في الجوانب الثقافية والاجتماعية

والديموغرافية، وروابط عابرة للتاريخ والجغرافيا والديموغرافيا رغم تقلبات الدهر،والسياسة والتاريخ. وهو تاريخ نعرف عنه ‏الكثير ويغيب عنا الكثير..

ولا يغيب ‏عن الفكر بالطبع ذلك الموقع والموضع الاستراتيجي المتميز الذي يفرض نفسه سياسياً وأمنياً على البلدين.

مقدمة:
في البدء لابد من القول أنه بالرغم من أن كتاب(المهدية و الحبشة) قد طُبِع ونُشِرَ قبل حوالي ثلاثة عقود مضت، إلا أنه من خلال العديد من المؤثرات

لا يزال يستثير الذهن والفكر وذلك باستدعاء الأحداث التاريخية من خلال تجدد الأحداث وثقل الواقع الماثل والذي يقود بالتالي لتلمس أوجه الشبه من

خلال المقارنات العيدة بين الأوضاع والظروف والديموغرافيا قديمها وحديثها. ولا يفوتنا هنا أن أقرر بأني قد أجد المبرر في إعادة القراءة المتأخرة للكتاب

إنطلاقاً من حقيقة أن التاريخ والسرد التاريخي عموماً يظل نصاً مفتوحا بشكل دائم، وسجل ووقائع وأحداث قابلة لإعاد القراءة وإعادة التأويل بشكل مستمر،

سواء تعليقا، أو نقداً. وقد يسهم ذلك ذلك ملء الفجوات التي ربما لم تكن ذات بالٍ في وقت سابق، أو التي تكون قد سقطت أو أغفِلها المؤرخون، أو لم تلفت

انتباههم. وتجيء مهمة اعادة القراءة والتأويل بالتالي، كمحاولة لاحقة لتقصي الخطى وتتبع ما تساقط من بين ثنايا السرد التاريخي.
حول الكتاب:
‏العنوان الكتاب بالكامل هو :(المهدية والحبشة: دراسة في السياسة الداخلية الخارجية لدولة المهدية- 1881-1898).المؤلف: د. محمد سعيد القدال،مطبعة

دار الجيل، بيروت.: ط1،1992.

يتناول الكتاب العلاقات بين السودان والحبشة خلال الفترة بين(19881-1898)، أي ‏خلال ‏فترة ‏الدولة ‏المهدية،حيث يتناول الكتاب الظروف والأوضاع العسكرية

والسياسية والإدارية. كما يتناول من ‏خلال ذلك التداخلات ‏والتشابكات الديموقرافية التي تفرض نفسها على مجمل الأوضاع. ‏‏

تعود قيمة الكتاب بالإضافة لكونه مرجع مهم للمعلومات ‏حول الحرب والنزاع في الحدود الشرقية بين دولتي ‏المهدية والحبشة في نهاية القرن التاسع عشر

وذلك قُبَيل ‏بضعَ سنواتٍ من سقوط دولة المهدية.

من وجهة نظري الخاصة فإن الكتاب بجانب المعلومات الغزيرة التي يتضمنها حول مدار الحرب بين البلدين في شرق السودان، فإنه يلقي الضوء كذلك على

جانب آخر مهم للغاية فيما يخص التاريخ الاجتماعي للشرق وللسودان بأكمله في تلك الفترة.

بصورة أكثر تحديداً، نجح المؤلف في تقديم صورة بانورامية وتفصيلية عن الوضع قبل وأثناء وبعد الحرب بين السودان والحبشة. بالإضافة إلى ذلك يقدم الكتاب

وصفا تفصيلا لجانب آخر لا يقل أهمية عن موضوع مجريات الصراع العسكري في شرق السودان. فقد قدم الكتاب وصفا للعلاقات بين الاجتماعية بين المكونات

السكانية المختلفة وعلاقاتها مع بعضها البعض ومع السلطة الحاكمة. خاصة أن هذا الجانب كان له تأثيرا كبيرا تجاوز موضوع الحرب إلى موضوع الحكم نفسه،

وتجاوز تأثيره ليشمل السودان بأكمله. ما أود الإشارة إليه في هذه الجزئية أن الكتاب يقدم صورة مكثفة تكشف من خلال القرارات الحكومية ضعف الرؤية

والوطنية في اتخاذ القرارات المصيرية في مقابل سيادة التوجه القبلي والمناطقي في هذا الصدد.يتضح من كل ذلك غياب غياب رؤية أو استراتيجية تقوم على

الوعي بوجود هوية وطنية جامعة لوطن واحد وموحد.

وهذا الجزئية الأخيرة سأتناولها في الجزء الثاني من الموضوع .

الكتاب ده يا شباب رغم طول الفترة التي انقضت منذ نشره ...فهو كنز ثمين للغاية..

فهو توثيق لفترةمهمة من المهدية...و يتضمن كذلك جوانب مهمة حول العلاقات بين القبائل على تخوم البلدين..

وبالنسبة لي أعتقد تعود أهمية الكتاب إنه بيشير بشكل غير مباشر وبالوثائق للنظرة القبلية والجهوية التي كانت فاشية خاصة لدى قمة السلطة

في النسخة الثانية من المهدية.

الكتاب ده و كتاب ابن عمر التونسي تشحيذ الأذهان في سيرة بلاد العرب والسودان يعتبروا من الوثائق التاريخية القليلية التي تلقي الضوء على

الحانب الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية التي كانت سائدة قبل وبعد المهدية..