Post: #1
Title: خروف وجردلين وكانون
Author: ابو جهينة
Date: 07-07-2022, 02:22 PM
Parent: #0
01:22 PM July, 07 2022 سودانيز اون لاين ابو جهينة-السعودية _ الرياض مكتبتى رابط مختصر
من ذكريات عام ٢٠٠٤م *** لخروف ما إنفك يطلق صرخاته ( صرخات غير معروفة السبب ، أهي إحتجاج على التضحية به ، أم إستغراب لإنتقاله لمكان غير زريبته المعهودة و فراقه لأحبابه من الخراف و الكباش ).
أطفال البيت يدخلون و يمرقون و هم ( يتاوقون ) و يقدمون له أعواد البرسيم أطفال الجيران ، في مقارنة بين خرفان الأضاحي : خروفنا أكبر خروفكم ما عندو قرون و صوفو منتَف خروفنا من أمبارح أبى ياكل ، بس بيشرب موية و يكورك.
و هو الخروف المدلل ، الذي تربي و ترعرع و تضخم ذيله بفعل ( مشق المريسة ) ، و ينام ( منعنشا ) بعد كل وجبة قرير العين هانيها ، و لكن هاهو يأكل البرسيم.
جردل المخلل ، متروس بالعجور و الباذنجان و الليمون و البنجر و الفلفل الأخضر ، يهمس معلنا نضوجه. الأم تدخل و تأخذ حبة عجور و تخرج ، و لعابها يسيل و في خاطرها أم فت فت و الكمونية و الشية و الربيت. الأب يدخل و يغرف قطعة من الباذنجان و يخرج ، و في خاطره الشربوت الذي ضج المطبخ برائحته النفاذة ( فهو قد زاد عمدا كمية من خميرة البيرة كى ينعم بتعسيلة بعد أن يلتهم الكبدة النية ). البنت تأخذ حبة و تخرج. و الولد يأخذ حبة و يخرج . حتى النملة ، أخذت لحسة من السائل على طرف الجردل و خرجت ، و حدثتْ إخواتها. فدخلت نملة تلو النملة و خرجت النملة تلو النملة في خط مستقيم و بنظام و بهدوء في إنتظار الغد الذي سيأتي بالخير العميم. و القطة تموء تستعجل فتات اللحم و العظم ، و تراقب جدران البيت حتى لا يتسلل قط آخر و يفسد عليه العيد بمشاركته في ( كد ) العظم. ( المبْرَد ) و ين يا أولاد ؟ الساطور الكبير أمشوا جيبوه من عند ناس عمك علي ، من يوم الكرامة حقتهم ما رجعوه. أبوى الخروف قطع الحبل.
نفيسة ، ما تنسي بكرة ناس كلتوم ديل ، السنة دي حزنانين بموت أبوهم ، أول حاجة بكرة قبال نضبح نمشي ليهم ، و ما تنسي الكوم حقهم.
سلام يا ناس البيت ،، حاجة نفيسة ،، القابلة في عرفات. جمعا يا الرضية أنا ماشة السوق أجيب البهارات و البصل. أصبري ، بمشي معاكي . يا الحاج كدي أدني قروش. إنتي مش أمبارح أخدتي قروش ، و ديتيها وين ؟ أجي يا الحاج ، مش قلت ليك أديت الدلالية باقي قروش الملايات ، و إشتريت جزمة للبت ، و إشتريت جركانة زيت ؟ الحبوبة تحمل المبخرة و تجوب البيت ، تنشر دخان بخور التيمان و هي تتمتم بأدعية و أوراد ، و أصغر الأولاد يتشبث بطرف ثوبها و هو يمص إصبعه فهو يخاف الخروف و لا يجرؤ على الإقتراب منه.
الخرفان تطلق صيحاتها طوال الليل و كأنها تودع عالمها تباشير العيد السعيد ( الله أكبر ،، الله أكبر ،، لا إله إلا الله ، إن الحمد و النعمة لك و الملك ،، لبيك اللهم لبيك ) دعاء التلبية السرمدي ، منذ أن وضع إبراهيم الخليل عليه السلام لبنة البيت العتيق و إلى يوم يبعثون. و ينتشر الجزارون ، السكاكين في ( ضراعاتم ) نافرة لي ورا من أكمام العراريق ، و في الأيدي شوالات فارغة ، لزوم الجلود و النيفة ( رؤؤس الخرفان ) . و تتصاعد وتيرة السواطير و هي تهوي على العظام أمسك كويس يا جنا ، أوع السكينة تلحس أصبعك الحبوبة توصيهم بأن لا ينسوا لحمة الربيت ( و خيره ما جاور الشحم ) و يطقطق الفحم مصطليا النار ، و يتطاير الشرر من الكوانين و المناقد و تخرج الحلل الكبيرة من ( فوق رؤؤس الدواليب ) و من المخزن و تدمع أعين البنات من تقشير البصل و تقطيعه و ينطلق صوت الفندق و يد الفندق في تناغم إيقاعي محبب إلى النفس و تتصاعد رائحة الشواء و رويدا رويدا ، تهدأ الضجة في البيوت فذاك قد عمل الشربوت في رأسه العمايل و تلك متخمة بالمرارة و أم فت فت. و ذاك قد فعل ثوم المخلل به ما فعل
الكل في تعسيلة قبل أن يبدأ تبادل أجمل جملة :
( القابلة على أمانيكم ).
|
|