هل كان حمدوك يحلم في معتقله بأن يكون مانديلا السودان؟

هل كان حمدوك يحلم في معتقله بأن يكون مانديلا السودان؟


11-26-2021, 08:25 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=510&msg=1637911539&rn=0


Post: #1
Title: هل كان حمدوك يحلم في معتقله بأن يكون مانديلا السودان؟
Author: عبد الوهاب السناري
Date: 11-26-2021, 08:25 AM

07:25 AM November, 26 2021

سودانيز اون لاين
عبد الوهاب السناري-نيروبي
مكتبتى
رابط مختصر



ربما كان حمدوك يحلم في معتقله بأن يكون مانديلا السودان. بل ربما كان يحلم أيضاً بالفوز بجائزة نوبل للسلام إذا تمكن، على حد قوله، من وقف نزيف الدماء والإنتقال السلمي إلى الديموقراطية. وربما حداه ذلك الحلم للتوقيع على إتفاقه مع العسكر والحركات المسلحة.

لقد فقد بهذا التوقيع حمدوك العديد من وزرائه وأغلب حاضنته السياسية والشارع السوداني وشرعن لإنقلاب 25 أكتوبر. لكنه لم يتمكن حتى الآن من وقف العنف نحو المتظاهرين السلميين أو الإفراج عن المعتقلين السياسيين أو إستعادة من تم فصلهم تعسفياً. والأسواء من ذلك بالنسبة له ما رشح مؤخراً من أنه كان على علم بالإنقلاب أو ربما كان مشاركاً فيه. وما زال الشارع رافضاً لهذا الإتفاق ومطالباً بعزله مع شركائه. فهل كان حمدوك واهما في حلمه الذي حمله على التوقيع على ذلك الإتفاق؟

لكي يحقق حمدوك حلمه عليه أولاً أن يكسب الشارع أو يحيده على أقل تقدير، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يحدث إلا إذا تمكن في الأجل القريب من وقف العنف نحو المتظاهرين السلميين والإفراج عن المعتقلين السياسيين وإستعادة من تم فصلهم تعسفيا. وعليه أن يثبت أيضاً أنه ليس لعبة في أيدي العسكر والحركات المسلحة بتمسكه بزمام الأمور وتسيير شئون الحكومة من دون تدخل من أي أحد. ثم عليه بعد ذلك إستعادة قوى الحرية والتغير إلى مسرح الأحداث السياسية وتمثيلها في المجلسين السيادي والتشريعي حتى يتمكن من إستعادة بعض تأييدها له.

وعليه بعد ذلك العمل على محاسبة من يثبت تورطهم في قتل وتعذيب الثوار وفي إمتهان حقوقهم، وكذلك من ارتكب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية منذ بداية الحرب الأهلية بدارفور وحتى اليوم. بالطبع فإن أصابع الإتهام في كل هذه الأعمال تشير إلى حلفاء حمدوك الحاليين من العسكر والحركات المسلحة. ومما يزيد هذا الملف تعقيداً تحالف الحركات المسلحة الأخير مع العسكر والإسلاميين من فلول الإنقاذ. فكيف يتسنى لهذه الحركات المطالبة بمحاسبة حلفائها من العسكر الذين احتوهم وصرفوا عليهم؟ وهل سيرمي هذا التحالف ملف المحكمة الجنائية وملف محاسبة المجرمين في سلة المهملات؟ وهل سيستفيد حمدوك من هذا الوضع ليقترح منح حصانة للمتهمين من المحاكمة داخل وخارج السودان مثلما فعل مانديلا بتكوين لجنة الحقيقة والمصالحة بجنوب أفريقيا بعد نهاية النظام العنصري؟

يمكننا الجزم بأن العسكر وحميدتي لن يتنازلوا عن السلطة طالما أن ذلك التنازل سينتهي بهم في المحاكم والسجون، سواء أن كان ذلك في السودان أو خارجه. هناك حلان لا ثالث لهما للخروج من هذا المأزق: أولهما الإطاحة القسرية بهم وتسليمهم للعدالة، وهذا ما لا يمكن تحقيقه في ظل الإتفاق الحالي بين حمدوك والعسكر وفي ظل التحالف بين العسكر والحركات المسلحة. أما الخيار الثاني والذي قد يلجأ إليه حمدوك هو إتباع خطى مانديلا، وهو الأمر الذي سيعقد العلاقة بينه وبين أولياء الدم والمظلمومين الذين ستذهب حقوقهم هدراً. فهل يكتفى هؤلاء بالتعويضات المالية بدلاً عن تحقيق العدالة القضائية؟ وإذا تحققت هذه المصالحة فهل ستكون مشروطة بإبعاد من تشير إليهم أصابع الإتهام عن مسرح الأحداث السياسية؟ وهل سيلعب المجتمع الدولي دوراً أساسيا بفرض عقوبات على من ثبت تورطهم أو تحويل الملف برمته للمحكمة الجنائية؟

أكيد أن قفل ملف المحاسبة والعقوبات سوف يساعد كثيراً على تخطي أكبر العقبات نحو التحول الديمقراطي، إلا أن تحقيق ذلك يتطلب من حمدوك التعامل مع القوى السياسية المتشرزمة أصلاً في وضع الدستور الجديد وسن القوانين التي تحكم هذا التحول. فإذا نجح حمدوك في ذلك وتمكن من إجراء إنتخابات حرة ونزيهة، وفوق كل ذلك إذا نجح في مواصلة الإصلاحات المالية والإقتصادية التي بدأها وعززها بإصلاحات إدارية، فلا شك من أن العديد من السودانيين وغيرهم سيطلقوا عليه لقب مانديلا السودان. وقد يمكنه ذلك إيضاً من الفوز بجائزة نوبل للسلام، بل أيضاً من الفوز برئاسة الجمهورية إذا تمكن من إقناع القوى الحزبية باتباع النظام الرئاسي بدلاً عن البرلماني.