الحب في زمن الجنجويد ..!!

الحب في زمن الجنجويد ..!!


11-14-2021, 01:37 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=510&msg=1636850265&rn=0


Post: #1
Title: الحب في زمن الجنجويد ..!!
Author: awad hassan
Date: 11-14-2021, 01:37 AM

00:37 AM November, 14 2021

سودانيز اون لاين
awad hassan-USA
مكتبتى
رابط مختصر



الحُب في زمن الجنجويد !!
قصة قصيرة من الإرشيف
................................
المكان والزمان .. ساحة القيادة العامة .. ليلة الغدر والخيانة ....
إمتثالاً لنداءٍ فطري موروثٍ في طبيعتنا البيولوجية والنفسية ، بحميمية فائضة ، إختلسا جلستهما علي أحجار خلف إحدى خيم الإعتصام . كانت تتسرب من الخيمة إلي سمعيهما إغنية .. يابلدي يابلد أحبابي ... كانا صدىً للأغنية تبادلا ترديدها بنبرات ثنائية خافتة مصحوبة بلذةٍ وحزن ما دفين .. يمر نسم بارد من وقتٍ لأخر ضمخٌ برائحةِ طمي النيل قبل أن تتحول تلك الرائحة الطّيبّة إلي رائحةِ الكبريت وألسنة ودخان النيران الكثيفة. ردّد هو مقطع الأغنية بقصدٍ مرة أخرى خارج سياقها الموسيقي متعمداً توصيل ما يجيش بداخل أعماقه من عواطف مختزنة .. يابلد أحباااابي ..أحباااااابي .. يا بلدي يا بلد أحباااااااا... في تدلل وغنجٍ إنثوي راغب متدفق بإبتسامة ساحره ، لكزته برفقٍ ودعةٍ في كتفه كأنها تخالف ماتستلطف سماعه . مال عليها قليلاً لاصقاً كتفه بكتفها ، همس في أذنها بكلماتٍ أستلذتها تعابير وجهها ... وضع يده علي يدها ، آنست يده برقةٍ ولطفٍ مصحوب بإستجابةٍ جسدية لها لغة خاصة في تصوراتنا الأخلاقية وإنعكاساتها الفيزيقية حين نحسّ بقدرتنا علي العطاء الحر ... الحرية هي الرغبة ، الأمال والأحلام والأمنيات حين تتحول إلي إنفعالٍ خاصٍ بفعلٍ يطيب في ثنايا الجسد كظاهرة طبيعية حال إندياحنا خارج وداخل أسوار التسلسل الضروري في الطبيعة بحكم تمتعنا بقدرٍ من الخيارات والتعابيرالتي حتماً تفتقر إليها عناصرأخري مختلفة في الطبيعة .إذاً نحن مميزون عن كائنات وأشياءٍ أخرى في الوجود وعن بعضنا البعض بدرجات متفاوتة كذلك ، نفهم ونستحسن مانراه فعل طيب وسليم ، نحس وخز
الجمال في عروقنا حين وعد سخي بالسعادة ، نعبر عن بهجتنا حين تصرخ بداخلنا وردة حمراء ادركها المخاض أينعت بلا حدود في حديقة أيامنا . برُغم مرارات الحياة وقسوتها وما يرسمه الأفق من سحائب سوداء قاتمة أمامنا ، نظلّ نحب ، نرغب ، نتمني ، ونبتسم تحدياً للظروف الصعبة ، نقتلع إبتسامتنا بل حريتنا من براثن الهم والخوف وعنت الظروف ..
كان يحدثها برحابٍ طموحةٍ مشّعةٍ بالتفاؤل وعن مستقبلٍ واعدٍ مزدهرٍ بعد نجاح الثورة في ظلِ مستقبل الحكم المدني القادم ... نعم .. من حقنا أن نحلم .. من حقنا أن نتطلع إلي غدٍ أرحب سعيد ، من حقنا أن نأمل نحِب ونسمو إلي مايثير فينا نشوة الحياة ويجنبنا مشقة التحديق في الأفقٍ الخالي تحت السقف الخالي . كذا النفس قد تنشد السعادة في الحلم وفي الخيال والتوقع بل حتي في غياهب الوهم والظنون والجنون . من حقنا أن نتوهم إن كان ذلك يريحنا من الضّجر وعنت الضيق والإنزعاج النفسي في الواقعٍ المرير. أتينا إلي الوجود لا لكي نتضجر ونحزن ونبكي فقط ، بل لكي نبتسم نفرح ونضحك ونسعد أيضاً .
هذا الليل يغري فينا التأمل أحياناً ، أي كان هذا أو ذاك التأمل ، هو إنعتاق ما قد يغوي التفكرفي حقيقتنا ، وفي حقيقة ذاتيّة الأشياء وتفاصيلها الدقيقة وأحداثها المحجوبة عنا وليس كما تبدو لنا ظاهرياً . الليل أيضاً قد ييغظ فينا الكثير من الشجون والعواطف والأحاسيس والهواجس والظنون عن أنفسنا وعن الواقع والمجهول . كل أمنياتنا أن نعيش في حرية وسلام وعدالة ، تستشرف المستقبل بأجنحة حمام وقلب فراش وعطر وردة .
في الكثير من حالاتنا الإنسانية ، قد تحدثك الحواس بشئ ، ويحدثك الذهن بشئ أخر ويحدثك العقل بشئ مختلف تماماً عن الحواس والذهن . قد نتوقع أشياء ، ظروف وحوادث وغيرها . بالطبع لم ولن نعدم آلهة مراوغة بداخلنا تستلذ ثرثرة الحديث عن المجهول القادم وتزعم معرفةً بواطن الحقيقة . بيد أنّه لو صح هذا القول أنّ أوهامنا وتوقعاتنا وتنبؤآتنا وكل مانعنيه كحالات معرفيّة قبليّة ترجيحية التصور خلاف المعرفة التجريبية قد لا تكون إعتباطياً ، بل قد تعتمد علي مخزون خبرات سابقة تفيدنا في إستنطاق القادم أي كان محتواه ، ذلك شئ وارد كذلك شئ إيجابي في عرفنا المعرفي المتواضع ، وقد تصدق أحياناً حتي أوهامنا ..نتوقع ما يمكن أن يحدث وما لا يحدث . بالطبع لا نعني ولا نطمع ولانطمح في التحليق في غياهب الغيب وشق جيوب المستحيل كي نميط اللثام عن سرعظمة الكون العجيب ونحن نعلم جيداً في قرارة أنفسنا حتي في أقصى معارفنا العلمية ذكاءً وحذلقة أننا لا نستطيع ذلك مهما إدعينا ، بل ولانَصلُح لأمر كهذا وربما للأبد ستظل هناك أسرار كثيرة غريبة مستعصمة علي عِلمنا بحكم تواضع طاقاتنا العقلية المعرفية ومحدودية حواسنا . إنما نعنيه عن التوقع وتنبؤآتنا وحدسنا هو وفق قدراتنا التجريبية الماضية ، قد يسعفنا ذلك علي الإستعداد والتهيؤ تجاه ما يخفيه عنا ضباب الحياة وظروفها المتغيّرة . في الكثيرمن إمورنا الحياتية قد تتبدل وتتقاطع وتتصارع أحوالنا النفسية مع مجرى التوقعات مابين الخيبة والأمل . بعضنا قد لا يثق في دنيا حياتنا الآنية بشكل كامل ، لذا يتطلع إلي حياة أخرى قادمة ودائمة يرسمها وفق إيديولوجياته وأفكاره وقناعاته الغيبية ، ووفق قدرته علي صناعة الخيال وتراكيبه . ما يثيرالطرافة في هذا الأمر أننا نصنع تلك الحياة المزعومة الغائبة القادمة من نفس تراكيب ذات عناصر حياتنا الحاضرة .
في واقعنا الضبابي العشوائي المضطرب الأحوال غير المؤكد الإتجاهات كل شئ محتمل ..
أطلقت بصرها بعيداً .. أستنشقت جرعة عميقة من الهواء ثم زفرتها بفيض من الألم والحزن . في أوقاتٍ كثيرة قد تنتقل عدوى أحوال النفس وجدانياً إلي الشخص الآخر المجاور لنا زمكانياً . أحسّ هو الآخر بحالة حزنها التي لازمت صمتها . حاول تغيير الموقف بإبتسامة أوقعته هو في نفس حالة حزنها . كانت أبتسامات حزين رهينة التوقع بلحظة مبهمة ما قادمة . قد نحسّ الأشياء قبل وقوعها . مابين الحدس والبداهة في عرف المعرفة خصوصية وصداقة ما ، لكنها قد تظل كاشفة وفق سلطة تجاربنا الإنسانية السابقة لذا بعضنا قد يعلم مصير ماستؤل إليه الأمور وفق مايستبصره من معطيات سابقة .
فجأة وبدون سابق إنذار .. كأنّ الأرض قد إنفجرت وتشققت ، مفصحة عن كائنات غريبة بشعة كريهة المظهر والشكل !!.... قطيع من الوحوش القذرة بأسلحتها النّارية .. بساديّة مشبعة بالحقد والكراهية والعدوان ، تستبيح المكان من كل أتجاه .. في مشهد تاريخي همجي بشع ، تندى له جبين الإنسانية وشرف النبل والشهامة .... الرصاص النار والدخان بل الجبن والخزئ والعار من كل إتجاه وبلاشفقة ووخز ضمير . لا صوت غير ضجيج هذه الكائنات الوحشية وصوت الرصاص وصراخ الضحايا ..
بعد لحظات .. كأن لم يكن هناك أحياء في هذا المكان .. !! الساحة الآن خالية إلا من الدخان والرماد والأشلاء تحت أقدام حيوانات متوحشة كريهة تفوح منها رائحة القتل .. ليس للحب مكانة هنا بين قهقة الأفواه القذرة وقعقعة البارود وألسنة لهب النيران والدخان . كان الجميع .. وكانا هنا بالأمس حبيبان وأغنية وطنية يابلدي يابلد أحبابي .. ذهبوا سوياً في عناق أبدي إلي هناك .....!!
صوت حزين خافت مع أنة مجروحة مكتومة لحبيبين كانا هنا بالأمس القريب يتردد صداهما في سمع كل من يمر بهذا المكان ...يابلدي يابلد أحبابي.......
غداً .. ومن رفات هذا المكان ، ستنبت ورود حمراء يوماً ما تستنشق طمي النيل حرية سلام وعدالة ...
للقصة بقية ..