المكان وتعزيز الانتماء عبر الأغنية السودانية (6)

المكان وتعزيز الانتماء عبر الأغنية السودانية (6)


09-19-2021, 06:36 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=510&msg=1632029784&rn=0


Post: #1
Title: المكان وتعزيز الانتماء عبر الأغنية السودانية (6)
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 09-19-2021, 06:36 AM

05:36 AM September, 19 2021

سودانيز اون لاين
محمد التجاني عمر قش-
مكتبتى
رابط مختصر



المكان وتعزيز الانتماء عبر الأغنية السودانية (6)
محمد التجاني عمر قش
الحديث عن المكان في الشعر العربيّ عموماً، والشعر الغنائي السوداني خصوصاً، يبيّن لنا الدفق العاطفي والوطني الذي يحدثه المكان في مخيلة الشعراء والمبدعين، ونتيجة لذلك اكتسب المكان دلالة رمزية، بعد شحنه بمعان ذاتيّة تعبّر عن أحاسيس الحبّ والوفاء والولاء والانتماء للمكان بوصف المكان جزءاً من هوية الفرد أو الجماعة أو الأمة. ويسعدني أن يشارك بهذه الحلقة البروفسور صلاح الدين محمد علي حميدة، الطبيب الماهر والمثقف واسع الاطلاع. وتزيد سعادتي أن أبدأ الحلقة بجزء من قصيدة العودة إلى سنار للدكتور محمد عبد الحي، لما بها من رمزية عالية تمثلها سنار المدينة والسلطنة.
سأعودُ اليوم، يا سنّارُ، حيث الرمزُ خيطٌ
من بريقٍ أسود، بين الذرى والسّفح
والغابةِ والصحراء، والثمر النّاضج والجذر القديمْ
لغتي أنتِ وينبوعي الذي يؤوي نجومي
وعرق الذَّهب المبرق في صخرتيَ الزرقاء
والنّار التي فيها تجاسرت على الحبِّ العظيمْ
فافتحوا، حرَّاسَ سنّارَ، افتحوا للعائد الليلة أبواب المدينة
افتحوا للعائد الليلة أبوابَ المدينة
في هذه القصيدة كان عبد الحي يبحث عن هُويّة موجودة بقوة وغير خافية، وكان يرى في الماضي معنًى ما للمستقبل. وهو لذلك يتوسل بالشعر كمجاز متصل بالهوية والانتماء. وحين بدأ محمد عبد الحي كتابة قصيدة "العودة إلى سنار"، كان الوصول إلى الهُويّة شعريًّا أقرب إلى الكشف العرفاني. وقد جاد قلم البروفسور صلاح بما يلي:
طلب منى الأخ الأستاذ محمد التجاني قش المشاركة في سلسلة مقالات المكان وتعزيز الانتماء عبر الأغنية السودانية، فطرأ على ذهني الشاعر المغنى الملحن خليل فرح. وبعد أن نظرت في سيرته واشعاره واغنياته وجدت انه يجسد هذا المعنى بصورة كبيرة. ولد خليل فرح عام 1892 وعاصر انكسار الحلم السوداني بعد ستة أعوام من مجيئه للحياة، بهزيمة الدولة المهدية في كرري عام 1898وتمدد الحكم الغازي على ربوع البلاد. وقد ظلت هذه الصورة حاضرة في أشعاره، واستغلها مفردة في التبشير بوطن جديد، ومنطلقاً لبلد شامخ يحلم به، دون أن يخوض في تفاصيل أداء المهدية من ناحية سياسية ومكامن الاختلاف والاتفاق معها. وتجلت وطنية خليل وإعلائه للنظرة القومية عندما وقف وحيا الإمام المهدي وهو الذي ينتمي سياسيا للتيار المرتبط بمصر في جمعيتي الاتحاد ثم اللواء الابيض بقوله:
في يمين النيل حيث سابق
كنا فوق أعراف السوابق
الضريح الفاح طيبه عابق
السلام يا المهدي الامام
ويذكر في نفس القصيدة معظم أحياء أم درمان:
ويح قلبي الما انفك خافق
فارق أم درمان باكي شافق
مجلسك مفهوم شوفه رايق
عقده ناقص زول ولا تام
من فتيح للخور للمغالق
من علايل أبروف للمزالق
قدله يا مولاي خافي حالق
بالطريق الشاقيه الترام
وخليل فرح يقول في قصيدته الرمزية "عزة":
عزة في هواك عزة نحن الجبال
وللبخوض صفاك عزة نحن النبال
عزة ما بنوم الليل محال
وبحسب النجوم فوق الرحال
وقلبي لي سواك ما شفتو مال
خلقة الزاد كمل وأنا حالي حال
متين أعود وأشوف ظبياتنا الكحال
عزة في حذا الخرطوم قبال
وعزة من جنان شمبات حبال
وعزة لي ربوع أم در جبال
وحسب عنوان القصيدة ومحتواها يتضح أن الخليل يرمز إلى السودان وقد استخدمه خليل فرح للتمويه على الرقابة الاستعمارية البريطانية للحكم الثنائي حتى لا تشك في مغزى القصيدة وطبيعتها السياسية فتقوم بحظر نشرها في وسائل الإعلام المحدودة آنذاك. فقد كان يشير للوطن كقوله:
دمعى في هواك حلو كالزلال
تزيدي كل يوم عظمة أزداد جلال
وتمثل تعزيز الانتماء في القصيدة التي كتبها ولحنها بمنتدي فوز قبيل سفره لمصر مستشفيا، وكأن يشعر بدنو الأجل:
وفى إحدى زيارته لمصر برفقته شخص من مدينة "ود مدني" فاجأته الأغنية الوطنية المرتبطة بالمكان:
مالو أعياه النضال بدنى
روحي ليه مشتهية وَد مدني
ليت حظي يسمح ويسعدني
طوفه فد يوم في ربوع مدني
كنت أزور أبويا ود مدني
واشكى ليه الحضري والمدني
وقد تغنى الفنان محمد الأمين بهذه القصيدة الرائعة. ويذكر خليل فرح البطانة في قصيدته الموسومة فلق الصباح حيث يقول:
الجمالْ في كمال وصفك
أدبِــك وجمال خِلْقك
الضمير كالعـودْ
والعيون السُّود
في البطانة كُتار
كان الخليل وصحبه يرتادون بري وغابة الخرطوم والمقرن فأكثر من ذكر النيل تعزيزاً للانتماء كما في قوله:
يا مقرن النيلين سلام
باشرنا قبال الملام
ما بشيقنا من غيرك كلام
قول لينا وين بحرك دلام
حيينا حياك الغمام
الليلة نور بدرك تمام
اسمعنا من هدل الحمام
خلينا نتمايل ثمام
ومن أروع ما نسب إلى هذا الشاعر المبدع قوله:
في الضواحي وطـرف المداين
يلّه ننظر شفق الصباح
قوموا خلّوا الضيق في الجناين
شوفوا عز الصيد في العساين
يلّه نقنص نطرد نعاين
النهار إن حـرْ الكماين
خلاصة القول إن الشاعر خليل فرح، ذلكم العملاق الفذ، القادم من دبروسة، في منطقة حلفا، يعد من أكثر شعراء الأغنية الذين جسدوا تعزيز الانتماء بذكر المكان في الأغنية السودانية.

Post: #2
Title: Re: المكان وتعزيز الانتماء عبر الأغنية السود�
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 09-19-2021, 07:09 AM
Parent: #1

الإخوة الأعزاء

مشاركاتكم تهمني في هذه الحلقات


مشكورين

تحياتي

Post: #3
Title: Re: المكان وتعزيز الانتماء عبر الأغنية السود�
Author: علي عبدالوهاب عثمان
Date: 09-19-2021, 07:49 AM
Parent: #2

أديبنا الرائع محمد التيجاني .. تحياتي يا جميل
السبب الذي قلل من الشعر الوطني والهيام بحب الوطن هو ذكورية اسم الوطن
السودان .. لأن هذا الاسم حرمنا من تشبيه الوطن بحضن الامومة والرضع من ثديها
ووصفها بالجمال والغنج والدلال .. حيث أن الاسم الذكوري لا يسمح بالمزيد من أوصاف الحب
والهيام والغزل
ولهذا السبب لجأ بعض شعراءنا الى عبارات مثل ( عزة ) كما فعل خليل فرح .. او ( نورا ) كما لدى حميد



Quote: الحالة الوطنية لدى خليل كانت عالية جداً بالعشق بلا حدود .. فمن سوء الحظ أن الاسم (السودان) يدخل في دائرة الذكورة فلا يمكن أن يتم التغزل في ( الحالة الذكورية) لأن التكوين لدى الذكور لا يعطي الفرصة للشاعر للتغزل وإبداء الشوق والحب والاحضان والصدر والرضاعة والجمال والقوام والعيون ... إلخ ، فكان لابد من إيجاد مخرج ليتمدد في حب الوطن والعشق والتغزل بدون أي محاذير فكانت رمزية ( عزة )
ليس ذلك فحسب فإن الأنثى تتميز بتلك القوة الطبيعية كامنة في الاناث فتجد اسماء الرياح والاعاصير كلها تحمل اسماء انثوية ( كاترينا وايرين وساندي) ربما لأن الانثى عندما تنتقم تكون عظة وعبرة وقد ذكر الخالق عز وجل ( إن كيدهن عظيم) ثم في الجانب الآخر ( ازواجاً لتسكنوا إليها ) ، وعندما تتزين وتتجمل فهي تأسر القلوب ( انت يا الكبرتوك .. البنات فاتوك) وهي رمزية تعطي الشاعر مجال واسع للمناورة وحتى إذا أراد الشاعر أن يجد عذراً او مخرجاًَ لتبرير الهزيمة أو التراجع بالنسبة للوطن فذلك أهون في قاموس الاناث كما قل خليل ( أخجلوك يا أمير .. ولا نمت نهار ) ، ومرة اخرى شبه الوطن بالمرأة المكبرته لا تتعجل الخطى ولا تثير النقع بل تمشي على اطراف ارجلها (البنات فاتوك في القطار الطار) ومن حبه للوطن وابناء الوطن يسوق لهم الاعذار ولا يريد أن يزرع اليأس فيهم ، ومن ملاحظ أن الدول التي تحمل الاسماء الذكورية فيه جفاء .. وقد لاحظت ذلك لدى اخواننا المصريين ( يا أمنا يا مصر .. يا حبنا يا مصر) ورغم ذلك نجد الشاعر الجميل احمد فؤاد نجم أدخل رمزية ( بهية ) بدل مصر وقال قصيدته المشهورة وتغنى بها شيخ إمام :
مصر أمة يا بهية
يا أم طرحة وجلابية
الزمن شاب
وانتي شابة
وهناك الرائع حميد وقصيدة نوره والمقصود طبعاً الوطن وتجلى فيها حميد وتمدد في الحب والغزل في الوطن وكأنه يخاطب ( أمه ) ونعم الوطن هو الأم
هي .. أقيفن .. نورة فيكن
نورة نقاحة الجروف ..
نورة حلابة اللبيني .. للصغيرين والضيوف
نورة ساعة الحر يولع .. تنقلب نسمة وتطوف
تدي للجيعان لقيمة
وتدي للعطشان جغيمة
والمخلي الحال مصنقر ..
في تقاة الليل تندقر .. تدي لي باكر بسيمة
تكسي للماشين عرايا وفوقا إنقطع هديما



مختصر لمقال طويل .. سوف آتي به لاحقاً

تحياتي اديبنا الجميل ..

Post: #4
Title: Re: المكان وتعزيز الانتماء عبر الأغنية السود�
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 09-19-2021, 12:09 PM
Parent: #3

ولعل لهذا السبب لجأ كثير من الشعراء للرمزية في قصائدهم ولكن حب لاوطن بقى في القلوب تحت كل الظروف

أشكرك على المرور يا أستاذ

Post: #5
Title: Re: المكان وتعزيز الانتماء عبر الأغنية السود�
Author: علي عبدالوهاب عثمان
Date: 09-19-2021, 12:19 PM
Parent: #4

Quote: ما بين خليل فرح وحميد ( عزة .. نورة .. قيزان الرمال) ووحدة الرموز


بقراءة عميقة لشعر حميد نجد أنه أتى بصور جميلة تكاد تكون متكررة على امتداد ضفاف النيل من حلفا حتى تخوم العاصمة الخرطوم ، وهذه الصورة هي لحاضنة طبيعية كانت تجتمع فيها الناس تلقائياً وخاصة في ليالي الصيف المقمرة وتجدها حاضرة في معظم قصائد شعراء الشمال لأنها كانت تعتبر المتنفس اللامحدود للشباب والشابات ويستحضرها هؤلاء الشعراء كرمز للحرية والانطلاق عندما تضيق عليهم دائرة التسلط ونائبات الدهر ، يلهبون ذاكرتهم بتلك الايام التي كانوا يجتمعون فيها بكل براءة ونقاء وتحدها فقط محاذير ومسافات وحدود قيمية لا يمكن تعديها ،
ويتطرقون اليها عفوياً لأنها مستقرة في بؤرة ما في شعورهم الداخلي كرمز للانطلاقة وبعض التحرر ، والمقصود بالحاضنة هنا ( قيزان الرمال ) التي تحاذي القرى وخاصة في الضفة الشرقية من النيل وكذلك في الجزر كترسبات من بقايا الفيضانات ، فالشاعر الحقيقي عندما يطلق العنان لمفردة لا يقصد بها النطاق الضيق او المعني المباشر لهذه المفردة ومثال لذلك مفردة (قوز) لدى حميد و( التلال) لدى خليل فرح .. وآخر يتغنى بـ ( رمال حلتنا ) .. وقصد الشاعر المجال الواسع لرمزية المكان الذي يفتح للقاريء المتأمل فضاء ارحب وخيال واسع لا حدود له ، وحميد يقول :
كنا غلابة وليل وربابة
متلمين فوق قوز ونغني
قلنا : الصحراء تبتق غابة
حلم قريب ما هو تمني
تنسف فجأة القوز دبابة
وفينا غنانا يصن فد صني
اتجمعت سحابة سحابة
وهذه الخاصية جمعت بين العملاقين خليل فرح وحميد وكلاهما من بيئة متشابهة حيث النيل والرواويس والنخيل والسواقي والليالي المقمرة ويقول خليل :
عزة ما نسيت جنــة بلال
وملعب الشباب تحت الظلال
ونحن كالزهور فوق التلال
نتشابي للنجوم وانا ضافر الهلال
وهنا يصف الخليل قريته في صاي ( بيرم إكي ) حيث جنائن النخيل ( جنة بلال) وملعب الشباب تحت ظلالها ، وليلاً الى حيث القمر والرمال ( فوق التلال) وهي تلال تحاذي قريته في صاي ، حيث النجوم والهلال وهنا تشابه المكان ومفرداته لدى خليل وحميد ( متلمين فوق قوز ونغني ) وايضاً نفس الليالي المقمرة في ( نوري ) كما في ( صاي ) ونوري منطقة ظليلة جداً وكثيفة الجنائن مشابه لوصف خليل (جنة بلال) في صاي ، ونوري ايضاً بها قيزان الرمال عندما تتجه نحو منطقة الغويبة في تجاه اهرامات الكرو، حيث تجد كثبان الرمال واشجار الدوم ، ومرتع الصبا لكلاهما هنا متشابه وهي لوحة مكررة على طول شاطيء النيل ، فقد تناول خليل العمق التاريخي للموروث النوبي بطريقة تدل على ثراء الرمزية في شعره ، فالهلال يدل على الاسلام والنجمة تدل على القيم المسيحية ومن هنا يكون التعبير عند الخليل ذو عمق تاريخي ، ورغم اختلاف الزمان والحدث لدى كل من خليل وحميد فهما متشابهان في بعض المحطات ، فخليل الذي شب عن الطوق في مرحلة تكاد تكون اكثر حساسية في تاريخ السودان عند نهاية المهدية وبداية الحكم الثنائي وكأن صافرات بواخر كتشنر التي اختزنها في ذاكرته منذ الطفولة كانت كامنه فيه كرمزية للظلم والقهر بالاضافة الى المجتمع الليبرالي والانطلاق وعدم التقيد المطلق إلا بالثوابت الاخلاقية وكانت حلفا مرتع صباه الاول وتأثير مصر ليس ببعيد ، على عكس حميد الذي نشأ في بيئة تغلب عليها الصوفية امتداداً من جمال اللفظ واللحن في قصائد اولاد الماحي انتهاءاً بطنابير الرواويس، ومع تشابه البيئة فإن انتقال خليل الى امدرمان والثراء المادي والنخبوية وتبنيه لغة الوسط للتعبير عن مكنونه الحضاري جعل منه اقرب الى القومية مع أن العربية تعتبر لغة مكتسبة لدى خليل حتى لو أجادها اكثر من الناطقين بها، على عكس حميد الذي فكر وعبر من خلال بيئته المحلية التي تسمح له بإستخدام مفردات وادوات اكثر ، أما عن رمزية خليل فكانت في تضاد مع المستعمر وقد عايشه في حياته اليومية من خلال مديره الانجليزي في مكان العمل ، ورمزية حميد التضاد مع الحكم ثيوقراطي الذي يحد نوعاً ما من انطلاق بعض افكاره الى مساحات أوسع ولكن الكبت وعدم الحرية كانت مساحتها اكبر لدى خليل ، لذا فإن الرمزية عند خليل اعمق كما في ( عزة ) وليست بذلك العمق والمدلول في قصيدة حميد ( نورة ) واحسب ان حميد عندما كتب تلك الرمزية (نورة) كان قد تقمص خليل عزة ، فكلاهما يشبه الوطن برمزية المؤنث فالقوة الطبيعية كامنة في الاناث لا حدود لها فتجد اسماء الرياح والاعاصير كلها تحمل اسماء انثوية ( كاترينا وايرين وساندي) ربما لأن الانثى عندما تنتقم تكون عظة وعبرة وقد ذكر الخالق عز وجل ( إن كيدهن عظيم) ثم في الجانب الآخر ( ازواجاً لتسكنوا إليها ) ، وعندما تتزين وتتجمل فهي تأسر القلوب ( انت يا الكبرتوك .. البنات فاتوك) وهي رمزية تعطي الشاعر مجال واسع للمناورة وحتى إذا أراد الشاعر أن يجد عذراً او مخرجاًَ لتبرير الهزيمة فذلك أهون في قاموس الاناث كما قل خليل ( أخجلوك يا أمير .. ولا نمت نهار ) ، ومرة اخرى شبه الوطن بالمرأة المكبرته لا تتعجل الخطى ولا تثير النقع بل تمشي على اطراف ارجلها (البنات فاتوك في القطار الطار) ومن حبه للوطن وابناء الوطن يسوق لهم الاعذار ولا يريد أن يزرع اليأس فيهم ، ولكن ربما جبروت الحكم الوطني اخف وطأة في حالة حميد من ذلك المستعمر الذي لا تجد له أي عذر او مخرج مقنع فكان الخليل عميق الرمزية ، فأمنيات خليل كانت ذات مدلول معنوي وتميل الى القيم الاخلاقية الغير ملموسة ( نشابي للنجوم وانا ضافر الهلال ) وهو السعي الى كمال القيم فبعد أن استدل بالهلال كرمز الى الاسلام أراد ان يأتي بالمكارم والقيم الموروثه حتى اذا كانت بعيده المنال وفي مستوى النجوم وهي منتهى خط الرؤيا للبشر بالعين المجردة من خلال هذا الكون المحسوس اللامتناهي ، وللنجوم ايضاً رمزية في القيم المسيحية فهي دليل كل تائه في الظلمات وقد قصد خليل بهذه الرموز الموروث الانساني في كل الديانات ، وفي المقابل فإن القراءة في أحلام حميد تكاد تكون مشابهة في وصف المكان ( القوز ) او تلال الرمال التي تتوسد القرى على ضفاف النيل :
متلمين فوق قوز ونغني
قلنا : الصحراء تبتق غابة
حلم قريب ما هو تمني
تنسف فجأة القوز دبابة
حميد هنا واقعي اكثر ويمكن أن يتحقيق مراده (الصحراء تبتق غابة ) و( تبتق) كلمة نوبية (بودي ) بمعنى نمو البراعم (يفرهد) ومن المفترض ان تكون الكلمة ( تبديق) حسب تصريف أهلنا الشايقية للكلمات النوبية ، وحميد إلتقطها سماعياً كمصطلح زراعي فلا ضير في ذلك بين التاء والدال ، فهو يريد ان يحول صحراء حياته الى انطلاق وحرية ورمزيتها هنا الغابة الخضراء ، وأحسب ان هذه الامنية في المتناول وأقرب الى التحقيق اذا ما تمت مقارنتها بأمنيات خليل ذات المضمون الواسع فكل منهم حسب زمانه ومكانه او ما يسمى بمصطلح (الزمكانية ) ورغم هذا الفرق الزماني ، نجد ان امنية خليل مفتوحه حتى نهاية الكون ولا حدود لها وهي امنية انسانية تمتد في فضاء البشر عموماً لخلق مجتمع فاضل مأطر بالقيم ولا مكان لليأس في تحقيقه فالزمن عند خليل غير محدد ، ولأن واقع حميد وزمانه مختلف تماماً فهو في حالة يأس من هذا الزمان الذي اصبح منزوع الجمال والقيم بفعل التسلط والكبت وهرباً من هذا القبح لجأ حميد كما الخليل الى (قيزان الرمال ) مرتع الحرية والانطلاق والتحرر ايام الليالي المقمرة ليعيش لحظات مختلسة من غياهب الظلم والظلمات ، ولكنها لحظات سوف تمضي كنزوة فحتماً فذلك القبح آت في لحظة ليقضي على تلك الومضة قبل أن تتشكل الى حلم ، ورمز اليها حميد بدبابة وهي ترمز الى القوة القاهرة بكل قبحها شكلاً ومضموناً لتسدل الستار على هذه الومضة بنهاية غير سعيدة ، والملفت في الأمر أن السحاب والمطر بالنسبة لأهلنا في الشمال يعتبر كارثة وليس فأل حسن وقد ذكرها حميد (اتجمعت سحابة سحابة ) ووضعها في مصاف الدبابة فالقصد هنا ان العاقبة ليست خيراً فالأمطار ايضاً تذهب بجمال المنازل وتقضي على النخيل رمز الحياة والخير ، هكذا توقع حميد نهاية حلمه بفعل التجارب المتراكمة التي عايشها الوطن ما بين الشواهد الناصعة في الحقب الديمقراطية ونهايتها الحزينة التي تأتي من على ظهور الدبابات .. ولكن يبقى حلم خليل الى ان تقوم الساعة كحلم انساني غير مأطر بزمن او مكان .

Post: #6
Title: Re: المكان وتعزيز الانتماء عبر الأغنية السود�
Author: أبوبكر عباس
Date: 09-19-2021, 01:01 PM
Parent: #5

تحياتي ود التيجاني،

وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا

وريّا قالت؛
ما ببكي الفريق ببكي الرجال قبال
شن طعم البيوت؟ ما بيوت شقاق وحبال

الأمكنة دي تعيشها في خيالك، لكن أول ما ترجع ليها في حاجة بتضيع منك تاني

Post: #7
Title: Re: المكان وتعزيز الانتماء عبر الأغنية السود�
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 09-19-2021, 02:07 PM
Parent: #6

حب الأوطان من الإيمان


حبَّب أوطانَ الرجالِ إليهمُ مآربُ قضَّاها الشبابُ هنالك
إذا ذكروا أوطانَهُم ذكَّرتهم عُهودَ الصبا فيها فحنّوا لذلك

Post: #8
Title: Re: المكان وتعزيز الانتماء عبر الأغنية السود�
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 09-20-2021, 06:44 AM
Parent: #7

مبارك المغربي
ما عشقتك لجمالك إنت أيه من الجمال
أو هويتك لخصالك أنت أسمى الناس خصال
أو لي روحك لجلالك إنت هالة من الجلال
الفؤاد دايماً بنادي في اغترابي وفي ابتعادي
ليك لأنك من بلادي شلت من النيل صباهو
ومن جمال النيل بهاهو من مناظر السبر صفحة
من رهيد البردي لوحة من نخيل الباوقة طرحة
من مريدي السمحة نفحة الطبيعة حنت عليك

Post: #9
Title: Re: المكان وتعزيز الانتماء عبر الأغنية السود�
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 09-20-2021, 07:48 AM
Parent: #7

مبارك المغربي
ما عشقتك لجمالك إنت أيه من الجمال
أو هويتك لخصالك أنت أسمى الناس خصال
أو لي روحك لجلالك إنت هالة من الجلال
الفؤاد دايماً بنادي في اغترابي وفي ابتعادي
ليك لأنك من بلادي شلت من النيل صباهو
ومن جمال النيل بهاهو من مناظر السبر صفحة
من رهيد البردي لوحة من نخيل الباوقة طرحة
من مريدي السمحة نفحة الطبيعة حنت عليك

Post: #10
Title: Re: المكان وتعزيز الانتماء عبر الأغنية السود�
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 09-20-2021, 07:49 AM
Parent: #7

مبارك المغربي
ما عشقتك لجمالك إنت أيه من الجمال
أو هويتك لخصالك أنت أسمى الناس خصال
أو لي روحك لجلالك إنت هالة من الجلال
الفؤاد دايماً بنادي في اغترابي وفي ابتعادي
ليك لأنك من بلادي شلت من النيل صباهو
ومن جمال النيل بهاهو من مناظر السبر صفحة
من رهيد البردي لوحة من نخيل الباوقة طرحة
من مريدي السمحة نفحة الطبيعة حنت عليك

Post: #11
Title: Re: المكان وتعزيز الانتماء عبر الأغنية السود�
Author: Ahmed Yassin
Date: 09-20-2021, 11:10 AM
Parent: #10

المكان هو المكان ..بكل ملامحه وتفاصيله
لكن الوطن .. والرمزية اكبر .
هل تقصد الاغاني الوطنية؟ او الاغاني التي تشير للمكان .. مثل.
حليل ارض الجزائر .والمراكب او ارض المحنة لجزيرة .....او الباوقة
ولي في كريمي....ودارفور بلدنا

Post: #12
Title: Re: المكان وتعزيز الانتماء عبر الأغنية السود�
Author: Ahmed Yassin
Date: 09-20-2021, 11:18 AM
Parent: #11

وردي ومحمد الامين بعبقريتهما الفذة عرفا كيف يغنيان للوطن
من خلال الثورات....والاكتوبريات ...باسمك الاخضر يا أكتوبر الارض تغني....
مع ذلك اللحن الشجي دون الارتكاز على ايقاع المارش ..
محمد الامين والثورة انطلقت شعارات ترددها....وقصة ثورة ..بكل جمالياتها اللحنية
والانتقالات الموسيقية لحن يحكي قصة ثورة.. وتوزيع موسى محمد ابراهيم الذي
ضبط الاوركسترا .. بالمليمتر المكعب...وصوت عثمان مصطفى في مواجهة صوت خليل اسماعيل
وصوت بهاء ابوشلة يقابل صوت ام بلينا السنوسي عليهم جميعا الرحمة.

Post: #13
Title: Re: المكان وتعزيز الانتماء عبر الأغنية السود�
Author: Ahmed Yassin
Date: 09-20-2021, 11:27 AM
Parent: #12

نجي زي ماقال استاذنا علي للمذكر في الاسم.. السودان
ورمزية الخليل وحميد
طبعا طبيعة اهل السودان وشرفهم وكرامتهم بعبروا عنها حماسة
شوفو جنس الحاصل دا في رمزية( السرة )
والخيل عركسن والدنيا بوق ونحاس
والبنوت زغاريتن تجيب الطاش
السودان خلاص يالسرة قام دواس

Post: #14
Title: Re: المكان وتعزيز الانتماء عبر الأغنية السود�
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 09-20-2021, 03:03 PM
Parent: #11

اعني كل ما له صلة بالوطن ومن شانه تعزيز الانتماء