تدشين كتاب "أماكن في المخيلة- سيرة إدوارد سعيد"‏

تدشين كتاب "أماكن في المخيلة- سيرة إدوارد سعيد"‏


08-02-2021, 11:33 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=510&msg=1627943588&rn=0


Post: #1
Title: تدشين كتاب "أماكن في المخيلة- سيرة إدوارد سعيد"‏
Author: Moutassim Elharith
Date: 08-02-2021, 11:33 PM

10:33 PM August, 03 2021

سودانيز اون لاين
Moutassim Elharith-UK
مكتبتى
رابط مختصر



تدشين كتاب "أماكن في المخيلة- سيرة إدوارد سعيد"‏
معتصم الحارث الضوّي
‏3 أغسطس 2021‏


ضمن سلسلة مناقشاته للكتب الصادرة حديثا عن الشؤون الفلسطينية، عقد مركز كيمبردج لدراسات فلسطين فعالية إسفيرية يوم ‏‏30 يونيو 2021 لتدشين ومناقشة كتاب "أماكن في المخيلة- سيرة إدوارد سعيد" لمؤلفه بروفيسور تيموثي برينن، أستاذ ‏الدراسات الثقافية والأدب المقارن بجامعة مينيسوتا الأمريكية.‏

بعد كلمة الترحيب التي ألقاها بروفيسور مكرم خوري- مخّول، مدير مركز كيمبردج لدراسات فلسطين ومدير الفعالية، افتتح ‏بروفيسور ريتشارد فوك، ‏Richard Falk، الأستاذ الفخري في القانون الدولي بجامعة برينستون، والمبعوث الأممي الخاص ‏سابقا إلى فلسطين المحتلة بين 2008 و 2014 الجلسة بالإشادة بالكتاب ومؤلفه، وأضاف أنها فرصة ممتازة لإلقاء الضوء على ‏الجوانب المتعددة من حياة شخصية عبقرية كإدوارد سعيد، وأوضح أن صلته بالمفكر الراحل قد تعززت لأنهما تشاركا الدعم ‏للنضال الفلسطيني المشروع من أجل سلام عادل ودائم، قائلا إن إدوارد كان مثالا حيا لما ينبغي أن تكون عليه سيرة المفكر ‏الناشط بعد رحيل جان بول سارتر الذي أسس لتلك المدرسة، وأعرب عن سعادته لنجاح مؤلف الكتاب في تناول شخصية إدوارد ‏بكل تعقيدها وتناقضاتها؛ درامي وعظيم الذكاء ومرح للغاية وناقد حاد ومتحدث بليغ يسلب ألباب كل من يلتقيه. ‏
أضاف بروفيسور فوك أن إدوارد سعيد فاق مجايليه الأفذاذ من أمثال نعوم تشومسكي وهاورد زِن في اهتمامه البالغ بكل مناحي ‏الحياة، وأن السر في كاريزما شخصيته وتفرّده هو أنه كان قامة يحلق في سماء الفكر، وفي ذات الوقت يفهم الشعور البشري في ‏أدق تمظهراته اليومية، وأضاف أن سحر الشخصية وعظم الإنجازات الأكاديمية كانا العاملين اللذين جعلا المؤسسة الأكاديمية ‏الأمريكية تغفر له جرأته على المشروع الصهيوني، وقسوته في انتقاد سياسات وممارسات الدولة الصهيونية، ولذا اتسمت ‏علاقته بالمؤسسة الأكاديمية بالحب والكراهية في ذات الوقت. ‏
أوضح بروفيسور فوك أن لقاءه الأول وإدوارد سعيد جاء بمعية مفكر عظيم راحل كان معنيا بحقوق العالم الثالث، وهو إقبال ‏أحمد، بروفيسور العلوم السياسية في كلية هامبشير، وأن لإقبال تأثيرا ملحوظا على تفكير إدوارد، والذي استمد منه بعدا ‏عالمثالثيا أضاف إلى نظرته إلى القضية الفلسطينية.‏
وصف بروفيسور فوك ما أسماه واقعية إدوارد ونظرته العميقة قائلا إنها كانت القوة المحركة التي أطّرت نشاطه السياسي وحتى ‏علاقته لاحقا مع المؤسسة السياسية الفلسطينية في رام الله، وختم بالقول إن التماهي بين المفكر والناشط السياسي قد تطور كثيرا ‏لدى إدوارد وبلغ أوجه في السنوات الأخيرة من حياته، وأن الكتاب يفكك ماهية التحوّل بصورة جديرة بالإشادة.‏

أما بروفيسور برينن، ‏Timothy Brennan، مؤلف الكتاب، فأعرب عن استغرابه لمدى الاحتفاء به، خاصة وأن عشرين عاما ‏قد انقضت منذ وفاة إدوارد سعيد، وأضاف أن ذلك دليل قاطع على غنى الإرث المعرفي الذي تركه المفكر الراحل، وأن الساحة ‏الفكرية ما زالت تفتقده بشدة.‏
أضاف أنه سيتناول مسألتين بالتحديد في مداخلته، أولاهما الهدف الذي سعى لتحقيقه، وثانيهما ما تعرض له من مفاجآت أثناء ‏البحث في مادة الكتاب عن شخصية عرفها عن كثب لعقدين من الزمان، إذ كان إدوارد أستاذه ثم أصبح صديقه الشخصي.‏
قال برينن إن العقدين الماضيين شهدا صدور العديد من الكتابات الجيدة عن إدوارد سعيد، وكان لها دور ملحوظ في تنبيهه ‏لجوانب لم تخطر بباله، ومن ذلك تأثر إدوارد بالمفكر والدبلوماسي اللبناني اليميني الراحل، تشارل مالك، وأوضح أن كتابة ‏السيرة استدعت العناية بمختلف المسائل، علاوة على استنطاق شهود العيان الذين لم يسبق لهم الحديث عن مراحل مختلفة من ‏حياة إدوارد، والاطلاع على كتاباته في مراهقته، والتي أخضعها لمراجعة صارمة عندما كتب "خارج المكان"، وقراءة مراسلاته ‏الخاصة، والبحث في ملفات جامعات ستانفورد وكولومبيا.. إلخ.‏
كانت حصيلة تلك المراجعات، يضيف برينن، أن الفكرة تبلورت بشكل أفضل في ذهنه؛ عن التكامل بين الجوانب المختلفة ‏للشخصية والمشروع في حياة إدوارد سعيد، ففي حين يعلم الكثيرون عن إسهاماته في مجال ديموغرافية ومناهج الجامعات، إلا ‏أن القليلين يعرفون عن تجاربه في حقل الموسيقا الكلاسيكية، وفي حين يتوقف الكثيرون عند دوره السياسي متحدثا فكريا باسم ‏القضية، إلا أن القليلين يدركون أن ذلك الدور نهل واستند إلى دراسته للأدب. ‏
ثمة قضية أخرى تناولها بروفيسور برينن وهي العلاقة بين المكوّن العربي والأمريكي في تفكير وشخصية إدوارد سعيد، وأن ‏المكوّنين تلاقحا في بوتقة صاغت آراءه عن فلسطين، والموسيقا، والمفكرين الناشطين، والأدب، والإعلام- وفي ذات الوقت فإن ‏نجاح إدوارد سعيد في التحليل السياسي والنشاط الحركي قد ارتبط بشكل لا تنفصم عُراه عن تأهيله ناقدا أدبيا، وأن ذلك تطلب ‏منه جهدا واعيا لقولبة طرائق تفكيره الأدبية والنقدية وتوظيفها في دور الناشط السياسي.‏
أوضح برينن أن صياغة سيرة فكرية لإدوارد سعيد تقتضي تحليل الحياة اليومية للشخصية، وأنه تذكر رأي إدوارد سعيد بهذا ‏الخصوص، والذي كان يؤمن بصورة قطعية بالصيغة الحركية التي يجدر بالمفكر اتخاذها إزاء المؤسسة الرأسمالية التي تحكم ‏أمريكا، ولذلك التزم إدوارد دور المفكر الإنساني الذي يحرص على السجل التاريخي، وينتج الأجندات الاجتماعية الجديدة.‏

أما المسألة الثانية فكانت المفاجآت التي واجهته أثناء البحث في مادة الكتاب، ومن أهمها أن القليلين للغاية من خلصاء وأقارب ‏إدوارد سعيد كانوا يعلمون أنه شرع في كتابة روايتين في مراحل مختلفة من حياته، وأرسل قصة قصيرة رفيعة المستوى إلى ‏مجلة "نيو يوركر" للنشر، وأنه نشر بعض الأشعار. الغريب في الأمر أنه كان عندما يُسأل عن سبب إحجامه عن نشر الأعمال ‏الأدبية، فإنه كان يتملص بالقول ما الذي يمكن الكتابة عنه!‏
أوضح برينن أن قيمة الكتابة الأدبية لدى إدوارد سعيد لا تقتصر على التعبير عن إمكانياته الفكرية والكتابية الرائعة فحسب، بل ‏أنها تتصل أيضا بفكرة شائعة كان يحاربها طيلة مسيرته، وهي أن الكتّاب والشعراء هم الأصل، أما النقاد فهم مجرد معلقون على ‏أعمالهم. لقد حارب إدوارد ذلك المفهوم بضراوة، وهذا ما دفعه لعدم إكمال الروايتين، وقال برينن إنه يعتقد أن دراما الصراع بين ‏الكاتب والناقد في دواخل إدوارد سعيد هو أحد القضايا التي لم يُسلط الضوء عليها حتى الآن.‏
قال برينن إنه على الجانب السياسي، فإن الاطلاع على مؤلفات الأشخاص المحيطين بإدوارد سعيد، ومن ثم مضاهاتها مع ‏حوارات أُجريت مع أقاربه وأصدقائه عن مرحلة طفولته، قد دفعه لاكتشاف أن القضايا الرئيسة في كتابات إدوارد، وتشمل ‏الاستشراق، جاءت استلهاما لكتابات رجل الدولة اللبناني تشارل مالك، وهو صديق الأسرة وزوج إيفا قريبة والدته، وأن أفكار ‏تشارل مالك المسيحي المتعصب والكاره للشيوعية هي النقيض تماما لما صار عليه إدوارد سعيد، واستنتج برينن أنه يعتقد أن ‏صورة المفكر الذي كان في ذات الوقت سياسيا ممارسا هي ما أُعجب به إدوارد لدى تشارل مالك.‏
أضاف برينن أنه على الرغم من أن إدوارد سعيد كان يصف نفسه بالملحد، إلا أنه يعتقدُ أن ذلك كان جزءا من دعوته للنقد ‏العلماني، وأن حياته تأثرت في الواقع، وبشكل كبير، بمبادئ وطقوس وأسلوب حياة الطائفة الأنلغيكانية التي ينتمي إليها، ومن ‏المدهش أن ذلك الجانب في تكوّن وتطوّر شخصيته، ومدى تأثيره على كتاباته لم يحظ بالدراسة الوافية.‏
أوضح برينن أن ثمة جانب آخر يتصل بالعلاقة الشائكة بين الكاتب والناقد لدى إدوارد سعيد، إذ أن القليلين يعلمون عن علاقته ‏الوطيدة مع اثنين من الروائيين الفائزين بجائزة نوبل، وهما نادين غورديمر وكوسابورو أوين، وأن غورديمر كانت ترسل إليه ‏رسائل أشبه بما يبعثه مشجعي الكرة إلى أبطالهم، بل إنها تأثرت كثيرا بطروحاته السياسية وأفكاره عن الإبداع والفكر، وهذا ‏دليل على نجاحه فيما كان يُبشر به دائما أن المفكر والناقد هما الأساس في العالم الأدبي، وأن الشعراء والأدباء هم الذين يتبعونهم.‏

عقّب بروفيسور مكرم خوري- مخّول بأن جزئية من مداخلة بروفيسور برينن ذكّرته بما جاء في كتاب بروفيسور فوك عن ‏العلاقة المعقدة بينه وإدوارد سعيد من جهة، وفؤاد عجمي من جهة أخرى، وطلب من برفيسور فوك إلقاء الضوء عليها، والذي ‏أجاب أنه عرّف فؤاد عجمي على إدوارد سعيد، ورغم امتعاضهما المتبادل، إلا أن إدوارد رحب حينها بفؤاد كديدنه مع النابهين، ‏ولكن العلاقة انقطعت عندما انضم فؤاد عجمي إلى وزارة الخارجية.‏

أما بروفيسور أسعد أبو خليل، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ولاية كاليفورنيا في مدينة ستانيسلاوس، فأعرب عن استمتاعه ‏البالغ بقراء الكتاب، وأنه يُعدُ سلسلة من المقالات عنه. كما امتدح الكاتب لما أجراه من بحث متعمق، ووصفه بأنه حقق مستويات ‏مختلفة من النجاح في تناوله للجوانب المتباينة من حياة إدوارد سعيد: الناقد والإنسان والسياسي والمتذوق للموسيقا، ووصف ‏علاقته الشخصية بالمفكر الراحل بالسطحية عموما، وأضاف أن بروفيسور برينن حقق نجاحا في تناول الجانب الأكاديمي من ‏إدوارد سعيد، ولكنه فشل في مقاربة الناحية السياسية، موضحا أنه كان يتوجب على الكاتب إجراء المزيد من المقابلات، خاصة ‏وأنه اتضح تركيزه على إجراء مقابلات مع الشخصيات المعادية لإدوارد، وضرب مثالا بتأثر الكاتب البالغ بصادق العظم، ‏وأوضح بروفيسور أسعد أن إدوارد سعيد كان يكن كراهية بالغة لصادق العظم لا يفوقها إلا كرهه لفؤاد عجمي، ونفى ما جاء في ‏الكتاب بأن إدوارد سعيد معروف في العالم العربي بنشاطه السياسي وليس بإسهاماته الأدبية، وتساءل عن مصدر تلك الفكرة ‏واصفا إياها بالمخالفة للواقع.‏
كما وصف بروفيسور أسعد المفكر الراحل بأنه كان محبوبا من كل التيارات السياسية في الشارع العربي، وأن أفكاره السياسية ‏تعرضت لتطور ملحوظ عبر السنين، وفنّد بروفيسور أبو خليل بعض المعلومات الواردة في الكتاب عن علاقة إدوارد سعيد ‏بالجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ومدى اقتناعه بحل الدولتين، وشخصية تشارل مالك، وأقدمية إدوارد سعيد في العمل ‏السياسي الفلسطيني.‏
تطرق بروفيسور أسعد إلى تعاظم الاعتزاز بالعروبة لدى إدوارد سعيد مع مرور الأيام، وأضاف أن هذا المنحى كان سمة أيضا ‏لدى مفكرين آخرين مثال هشام شرابي وحنا بطاطو، وأوضح أن إدوارد كان يقضي ساعات في مشاهدة القنوات التلفزيونية ‏العربية على حساب الناطقة بالإنجليزية في السنوات الأخيرة من حياته.‏

بدورها، قالت الدكتورة نهى العيسى تادرس خلف، الدبلوماسية السابقة والأكاديمية، إنها اطلعت على مؤلفات إدوارد سعيد الفكرية ‏ثم قرأت "خارج المكان" في زمن لاحق، وتمخض عن ذلك كتابتُها لمقالة بعنوان "السعي الأنثروبولوجي للهوية"، أوضحت فيها ‏أن إدوارد سعيد كان يعاني بسبب ازدواجية الهوية؛ العربية والأمريكية، مما دفعه لصوغ سيرته الذاتية، علاوة على أن انتمائه ‏إلى الطائفة الأنغليكانية؛ الأقلية ضمن الأقلية المسيحية، قد ترك بصمته على تركيب شخصيته وتكوينها. كما أعربت الدكتورة ‏نهى عن دهشتها للحيز المحدود للغاية الذي أفرزه الكاتب للعلاقة بين إدوارد سعيد ومحمود درويش رغم أن تجربة لقائهما، والتي ‏جاءت بمبادرة من درويش، كان لها تأثير ضخم متبادل، بل وأدت إلى كتابة محمود درويش لقصيدة عصماء عن إدوارد سعيد، ‏بثّه فيها هموم الاغتراب الجغرافي والمعنوي.‏
تساءلت الدكتورة نهى عن دلالة العنوان، وما الذي رمى إليه المؤلف من استخدام مفردة "المكان"، وما إذا كانت الأماكن بالمعنى ‏المجازي أم الملموس. كما تطرقت إلى علاقة إدوارد سعيد بالفلاسفة الفرنسيين، قائلة إنها تركت تأثيرا كبيرا عليه، وخاصة ‏حواراته مع ميشيل فوكو، مما حفّزه على تخصيص حيز كبير من كتاباته لدور المثقف. كما طرحت الدكتورة نهى أيضا تساؤلا ‏عن العلاقة بين إدوارد سعيد وأنور عبد الملك، خاصة وأن الأخير كتب عن الاستشراق قبل إدوارد سعيد. ‏

عقّب المؤلف بروفيسور برينن على المداخلات قائلا إن مسألة الانتماء إلى المكان من القضايا التي عالجها إدوارد سعيد ببلاغته ‏المعهودة في مجموعته "‏After the Last Sky‏" التي زاوجت بين النص والصورة، فالقضية هي المكان الذي لا يوجد به ‏الشخص فيزيائيا، ولكن بدافع الانتماء، وهذا ما سعى محمود درويش أيضا إلى تحقيقه في قصيدته "رسالة من المنفى"، وقال ‏برينن إن من مسائل التجديد لدى إدوارد سعيد أنه تجاوز التفكير الذي كان سائدا في دوائر اليسار بالتركيز على التاريخ والزمن، ‏وانتقل بنفسه إلى دائرة أقل تقييدا وهي الجغرافيا والمساحة، وبالتالي انصب تركيزه طيلة حياته على الجغرافيا، خاصة وأن ‏الاحتلال هو في واقع الأمر انتزاع للأرض، وتلك هي الذاكرة الجغرافية التي اشتغل عليها إدوارد في كتاباته.‏
كما فنّد بروفيسور برينن الاتهام الآخر الذي كانت تطلقه الدوائر اليسارية على إدوارد سعيد بأن كان مثاليا يترفع عن أرض ‏الواقع، موضحا أن نظرة إدوارد إلى الأمر كانت تضع الأفكار في المقدمة باعتبارها الدوافع المحفزة للتصرفات أيا كانت. ‏
وصف بروفيسور برينن علاقة إدوارد سعيد وأنور عبد الملك بأنها كانت علاقة احترام متبادل، مضيفا أنه أشار إلى هذه المسألة ‏في الكتاب لينفي الاتهام الجائر عن إدوارد سعيد بأنه كان يقتبس من أفكار سابقيه في دراسة الاستشراق دون أن ينسب الفضل ‏إليهم. أما صوغ إدوارد لكتاب "خارج المكان" فقال برينن إنه كان بديلا لعدم استكماله للرواية، وأوضح أن إدوارد أخفى الكثير ‏من تفاصيل حياته من تلك السيرة الذاتية، إذ لا يذكر على سبيل المثال أي معلومات عن أخواته، مما يدل على أنه أخضعها ‏لمقياس ذاتي صارم.‏
تطرق برينن إلى ازوداجية الهوية لدى إدوارد سعيد، واصفا إياها بالظاهرة الملحوظة بلا شك، وأضاف أن الانتماء الأول ‏لإدوارد سعيد كان عربيا، مؤكدا أنه كان يحرص على التعبير عن ذلك الانتماء بشكل واع، وأن الظروف قد حرمته الالتحام ‏المباشر مع تلك الهوية العربية، مما جعل إدوارد يحتاج للدعم من ابنه وديع أثناء زياراته إلى فلسطين، وخاصة للإجابة على ‏تساؤلات مُلحة كانت تغيب عنه بحكم غيابه الطويل عن المشهد المحلي.‏
وصف بروفيسور برينن النقد الذي وجهّه بروفيسور أبو خليل للكتاب بالحاد، وأرجعه إلى اختلاف التخصصات، أو طرائق ‏التفكير، وأكد أن بعض النقاط التي ذكرها بروفيسور أسعد لم ترد إطلاقا في الكتاب، علاوة على أن بعض الاتهامات غير دقيقة ‏وتخالف الواقع، ومن ذلك الاتهام له بأنه استقى من أعداء إدوارد سعيد أكثر من أصدقائه. ‏
كما نفى بروفيسور برينن قبوله لرأي صادق العظم عن إدوارد سعيد، خاصة وأن ذلك الرأي السلبي أعقب صداقة رائعة تحولت ‏إلى عداوة دامية بسبب الهجوم الشرس الذي شنّه العظم على إدوارد سعيد، ومن ذلك اتهامه بالتواطؤ لصالح الولايات المتحدة. ‏
ختم بروفيسور برينن مداخلته بالإشارة إلى أن رغبته في تناول كل القضايا بالتفصيل تعارضت مع اعتبارات الناشر مما جعله ‏يلجأ للاختصار النسبي، مع الحرص على تناول كل المسائل المهمة في الكتاب.‏

أما القس الأنغليكاني والأكاديمي الفلسطيني د. يزيد سعيد، فذكر أن الإرث الأعظم الذي تركه إدوارد سعيد هو توضيح أهمية ‏المثقف الناقد والتأطير لمفهومها، خاصة وأن الثقافة السائدة لا تحتفي بذلك الدور، وأضاف أن الفكر الناقد يصب في المصلحة ‏العامة للمجتمعات، وأن ذلك التوجه يتسق وآراء المفكرين الأنغليكانيين، وضرب دكتور يزيد مثالا بكتاب "لماذا ندرس الماضي؟" ‏الذي صاغه أحد رعاة مركز كيمبردج، القس روان وليمز، كبير أساقفة كانتربري سابقا، والذي تطرق في كتابه المذكور إلى ‏قضايا مماثلة لما تناوله إدوارد سعيد. ‏
قال د. يزيد إن مقاربات إدوارد سعيد تنحو إلى طرح تساؤل جوهري: لماذا الحرص على دراسات الاستشراق؟ وأن الإجابة تكمن ‏في الصراعات بين القوى التي تسعى للتأسيس المعرفي، وفي هذه الحال فإن الصراع الرئيس هو كيفية تعريف الغرب لهويته ‏وتأسيسه لفوقيته. ‏
أكّد دكتور يزيد سعيد أنه رغم الهجوم الحاد الذي تعرض له إدوارد سعيد من مثقفين فلسطينيين، مثالا الباحث وائل حلاق في ‏جامعة كولومبيا، والذي أشار إلى أن إدوارد سعيد نفسه نتاج للحداثة الغربية، إلا أن نظريات المفكر الراحل تظل أرضية منهجية ‏رصينة، وأضاف أن القيمة التنويرية والتأطير الحداثي اللذين طرحهما إدوارد سعيد يمثلان أساسا معرفيا في المقاربات الأكاديمية ‏المستقبلية.‏
‏ ‏
في كلمة العرفان المعهودة وفقا لتقاليد مركز كيمبردج لدراسات فلسطين، وجّه الدكتور كمال خلف الطويل، الكاتب والناشط ‏السياسي، الشكر للمركز ومديره وضيوف الندوة، واختتمت الفعالية بالبروفيسور مكرم خوري-مخّول الذي شكر الجميع على ‏المشاركة، وخصّ منهم بالذكر فريق العمل، مشيرا إلى أن المركز سيعقد ندوات أخرى حول إدوارد سعيد في المستقبل المنظور.‏



‎‘Places of Mind- A Life of Edward Said’ by Timothy Brennan
Cambridge Centre for Palestine studies
http://http://www.ccps21.orgwww.ccps21.org