كعب أخيل...قصة جديدة لعثمان محمد صالح

كعب أخيل...قصة جديدة لعثمان محمد صالح


07-17-2021, 05:49 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=510&msg=1626540565&rn=1


Post: #1
Title: كعب أخيل...قصة جديدة لعثمان محمد صالح
Author: mohmmed said ahmed
Date: 07-17-2021, 05:49 PM
Parent: #0

04:49 PM July, 17 2021

سودانيز اون لاين
mohmmed said ahmed-
مكتبتى
رابط مختصر



كعب أخيل


قبل ستة أعوام انتقلتُ للسُكنى في بيت يقع في نهايات الجزء الغربي من مدينة تِلبُرُخ، حيث ورثت من قدامى مكتريه حوضاً لتربية
أسماك الزينة مصنوع من اللدائن، مدفون في تربة الحديقة الخلفية للدار، لاتبرز منه إلا الحواف، مزوّد بفلتر لتطهير
الماء، تظله عريشة عنب، وتحفّه من الجوانب زروع صغيرة عديدة أطولها السرخس.

ورثت الحوض فارغاً فغمرته بالماء، وأودعت فيه ثلاث سمكات ذهبية صغيرة الحجم ابتعتها من متجر متخصص في بيع أسماك الزينة. وجعلت من عادتي الثابتة قبل الخروج إلى العمل صباحاً أن اتفقد السمكات الثلاث، ثم أطعمها بطعام راتب عبارة عن كريّات خفيفة الوزن ملونة تتضمن ماهو لازم من المواد الضرورية لتغذية السمكات. أشتّت حفنة من الكريّات الملونة على ماء الحوض مرّة في اليوم فتظل الكريات طافية مبعثرة تتلاعب بها الفقاعات الناتجة عن عمل الفلتر في أعماق الحوض، حتى تخرج إليها السمكات وتلتقطها بسرعة وتغطس بها في الحال. كل هذا كان يجري في غمضة عين.

مثّل الحوض نقلة ذات خطر في حياة السمكات الثلاث، حيث وجدت نفسها لأول مرّة في فناء بيت
غريب، يطعمها فيه شخص غريب ينحني فوق الحوض تحت سماء مريبة تنتشر فيها طيور كبيرة الأحجام طويلة الاجنحة حادة المناقير، تطوّف فوق بيوت الحيّ ثم تتفرق، فالغربان منها تطير إلى أشجار الصنوبر القائمة في الميادين العامة، بينما تعود النوارس إلى المياه الجارية في قناة دونقنسكنالدايك القريبة من الحيّ، وتبقى طيور البلشون وحدها بمناقيرها الطويلة المميزة مرابطة في السماء.

منذ يومها الأول في الحوض لزمت السمكات جانب اليقظة والحذر، محتمية بالقاع
لاتصعد منه إلّا لالتقاط الطعام الذي كنت اشتته لها، ثم تعاود الغوص من جديد متهيّبة من ظلي المرسوم على سطح الماء. ولازمتها هذه الريبة أشهراً طوال حتى ظننت أنّها لن تثق بي أبدّاً، حتّى كان يوم لاحظتُ فيه حدوث تغيّر مفاجيء في سلوكها، إذ لم تعد تخشى ظلي. فبعد أن كانت لاتصعد إلى السطح لالتقاط رزقها العائم المنثور إلّا بعد أن ابتعد عن الحوض بمسافة كافية ينحسر فيها ظلي عن الماء بالكليّة، صارت لاتخشى ظهوري فوق الماء، بل والأعجب من ذلك أنها صارت تفارق القاع حالما تراني منحنيّاً فوق الحوض. لقد أذهب الجوع واللهفة التقاط الطعام الخوف من السمكات. كان خوفها الغريزي منّي هو بمثابة الحصن الحصين لها في عالم كبير وغادر يعجّ بالمفاجآت، كان الخوف هو سبيل نجاتها الأوحد والصَدَفة الواقية لها من اية شرور قد تتمخض عنها الظلال المنعكسة على ماء الحوض، كلّ الظلال بلا استثناء، مادبَّ منها وما طار. أمّا وقد ذهب الخوف من ظلي، فإنّ كعب أخيل ساكنات الحوض قد صار مكشوفاً تحت الماء.

انقضت أعوام وحوض الأسماك ساكن لم تعد تغرقه إلّا مياه الأمطار، ولم تعد تطفو على سطحه كريّات خفيفة تلوّنه،
، ولم يعد فلتر مائه يعمل، ولم تعد تحلّق فوقه طوال اليوم ناشرة ظلالها طيور البلشون.

عثمان محمد صالح،
تلبرخ، هولندا،
17.07.2021

Post: #2
Title: Re: كعب أخيل...قصة جديدة لعثمان محمد صالح
Author: mohmmed said ahmed
Date: 07-19-2021, 02:20 PM

مشهد صغير يومى وعادي
لحوض أسماك فى حديقة خلفية لمنزل
يمكن أن يمر عليه الالاف دون أن يثير الاهتمام
وحده الفن من يتوقف
ليتامل فى البداية الحوض
ثم انبعاث الحياة داخل الحوض بالماء وثلاثة أسماك ذهبية
ثم وصف بديع لانتقالات الطيور المختلفة
الغربان إلى أشجار الصنوبر في الميادين
الفوارس إلى البحيرة
طيور البلشون تحلق فى السماء

علاقة الأسماك بصاحب الحوض تبدأ بالتوجس والخوف وانتهى بالامتحان

حاله وجدانية فى علاقة الإنسان بالكائنات السمكية


تعود الدورة التى بدأت بالماء والحياة
إلى نهاية بجفاف الحوض والموت