تـأملات في فقه السعادة والمشقة أو المراضة..

تـأملات في فقه السعادة والمشقة أو المراضة..


11-10-2020, 07:50 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=510&msg=1604991030&rn=3


Post: #1
Title: تـأملات في فقه السعادة والمشقة أو المراضة..
Author: HAIDER ALZAIN
Date: 11-10-2020, 07:50 AM
Parent: #0

06:50 AM November, 10 2020

سودانيز اون لاين
HAIDER ALZAIN-
مكتبتى
رابط مختصر



نشأت في ظروف اجتماعية جعلت كثيرين يعتبرونني ولدت لأتناول صفو الحياة بملعقة من فضة، لأنشأ ابن ذوات أشبه بما قالته الحكيمة السودانية شغبة لابنها حسين: انا ماني أمك وانت ماك ولدي، بطنك كرشت جسمك خرشك ما في. ولكن الذي حدث لي بالفعل أني تناولت الحياة فعلاً بملاعق من حديد حامٍ تشوي القلوب والجلود: سجنت 8,5 عاماً، وحوالي 12 عاماً منفى، ومصادرة مرتين، وحكم بالإعدام مرة، واتهامات عقوبتها الإعدام ثلاث مرات في يونيو 1970م، وفي مايو 2014، وفي أبريل 2018م.

وبدا لي أن الأذى في حد ذاته ليس مدمراً إلا إذا استقبلته نفس مهيأة لعذاب الذات، الذين (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ) هؤلاء يظنون بالله الظنون، وفي الغالب يستعينون بوسائل نفسية أو حسية هرباً من الحياة. بينما آخرون يرون المزايا في طي البلايا، والمنن في طي المحن، ويقيمون من المحن بركات على نحو مقولة نبي الرحمة “أشدكم بلاءً الأنبياءُ ثمَّ الأولياءُ ثمَّ الأمثلُ فالأمثل”، ففي علم النفس: اشتدي أزمة تنفرجي، الأزمة مفتاح الفرج، وفي علم الفيزياء: الماس فحم تعرض لدرجة قصوى من الضغط.

ما تعرضت له من مشاق دفعني لاجتهادات نضالية وفكرية غير مسبوقة في جيلي: انتخابات لرئاسات وأنا في نعومة أظفاري، ويعلم الله فرضت علي بإرادة الجماهير لا بتدابيري. وألفت من الكتب في شتى الموضوعات ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة، ووضعت على صدر مكتبي قول الحكيم:

على قدر فضل المرء تأتي خطوبه ويحسن فيه الصبر فيما يصيبه

فمن قل فيما يلتقـــيه اصطبـــاره لقد قل فيما يرتجيـــــه نصيبه

ولكن لا يمكن لشخص خاصة في بلادنا ينال حظاً مرموقاً ينجو من إبر النحل التي أحبطت بعض أحبابي، ولكن توالى غيث ضمد الإبر بالعسل، فأرسل لي حبيب بشارة منامية، سلمني رسالة مفادها (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ۖ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) ، وآخرون أرسلوا رسائل عزاء:

لا نبالي بحاسد وعدو فمن عادة الفضل أن يعادى ويحسد

وهضمت وقع النبال بأنها إما نقد يفيد من باب: رحم الله امرئ أهدى لنا عيوبنا، أو هي جائرة تدر عليّ عطفاً.

ومن أدهش ما منيت به مقولة: الصادق أعجوبة! وأنه لا يمرض.

ههنا أقف عند المحطة الراهنة في حياتي حيث أصبت بداء كورونا منذ 27 أكتوبر 2020م، فاجعة مؤلمة وضعتني في ثياب أيوب (إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين) . من ظن أنه لا يخطئ فقد أمن مكر الله. وأنا منذ دهر أردد في صلاتي: اللهم إنك تتودد إلي بنعمك وأتبغض إليك بالمعاصي، ولكن الثقة بك حملتني على الجراءة عليك فعد بفضلك وإحسانك علي إنك انت التواب الرحيم.

إن ألم المرض خير فترة لمراجعة الحسابات الفردية والأخلاقية والاجتماعية، ومن تمر به الآلام دون مراجعات تفوته ثمرات العظات.

في كل مناحي الحياة فإن الألم خير واعظ لصاحبه. النقد الذاتي من أهم أدوات الإصلاح، والرضا عن الذات يقفل باب النفس اللوامة.

نعم المرض مؤلم ولكن بالإضافة لتدابير العلاج، وهي مطلوبة، فالله قد خلق الداء والدواء، ومن امتنع عن الأخذ بالأسباب فقد جفا سنن الكون.

ولكن أمرين هما بلسم الحياة: الإيمان بالله بما في سورة الجن (فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا ) والثاني حب الناس:

إن نفساً لم يشرق الحب فيها هي نفس لم تدر ما معناها

صحيح بعضنا أحس نحوي في المرض بالشماتة ولكن والله ما غمرني من محبة لا يجارى، وقديماً قيل: ألسنة الخلق أقلام الحق.



الصادق المهدي

Post: #2
Title: Re: تـأملات في فقه السعادة والمشقة أو المراضة
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 11-10-2020, 07:55 AM
Parent: #1

صباح الخير حيدروف
رغم كل شيء..الصادق يمتلك ناصية التعبير ...كما أنه يجيد الاستشهاد بالمأثوةر من الأدب و الحكمة...
ولماح و ذكي في استخدام الإشارات و الإحالات...
مهما كان فهو رمز وطني لا يستهان به..
تحياتي يا ظريف

Post: #3
Title: Re: تـأملات في فقه السعادة والمشقة أو المراضة
Author: HAIDER ALZAIN
Date: 11-26-2020, 08:08 AM
Parent: #2

Quote: مهما كان فهو رمز وطني لا يستهان به..



نسأل الله له الرحمة والمغفرة وان يعامله بالفضل والإحسان وان لا يحرمنا اجره ولا يفتنا بعده ويجمعنا به في جنات النعيم وان يخلف على الامة خيراً منه ..

ولا حول ولا قوة الا بالله وانا لله وانا اليه راجعون..

Post: #4
Title: Re: تـأملات في فقه السعادة والمشقة أو المراضة
Author: نعمات عماد
Date: 11-26-2020, 08:19 AM

اللهم أرحمه و أغفر له و أسكنه جنتك.

كتابة معبِّرة أشبه بالعتاب قبل الوداع.

Post: #5
Title: Re: تـأملات في فقه السعادة والمشقة أو المراضة
Author: HAIDER ALZAIN
Date: 11-25-2021, 01:01 PM
Parent: #4



له الرحمة والمغفرة والعتق من النار.. نسأل الله ان ينبير قبره ويوسع مرقده وقد عادت ذكرى وفاته السنوية على الامة السودانية
وهي على ماهي عليه من فرقة وشتات وعصا قائمة وعصا نائمة ولعب على كل الحبال..

اللهم لا تفتنا بعدهم ولا تحرمنا اجرهم واجمعنا بجنات النعيم