الحزب الشيوعي:الماركسية و أشياء أخرى

الحزب الشيوعي:الماركسية و أشياء أخرى


08-07-2020, 05:28 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=510&msg=1596774490&rn=0


Post: #1
Title: الحزب الشيوعي:الماركسية و أشياء أخرى
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 08-07-2020, 05:28 AM

05:28 AM August, 06 2020 سودانيز اون لاين
محمد عبد الله الحسين-
مكتبتى
رابط مختصر

(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});إنت شيوعي؟؟

كلمة قالها لي أحد أقربئي في إطار معارضتي للبشير يوماً..بالرغم من أنه كان حزب أمة..مش غريبة؟
الاتهام بالشيوعية كثيرا ما تم عندما لا يجد الشخص خانة لوضع شخص ما أو عندما يحتار من تفسيراته أو مواقفه..

تحياتي و احترامي للأخ صلاح الزبير و للأخ عبدالعظيم عثمان..هذه اشارة عابرة لعدة تعليقات منهما أو بشكل ما هجوم أو نقد للحزب الشيوعي..,أو أداؤه ...

وقد يجوز أيضاً نقداً للشيوعيين..لا ذكر ...هذا ليس الموضوع و لكن الشيء بالشيء يذكر طالما نحن نتحدث في إطار المنبر...

فتلك ليست متابعة لصيقة ولكن لاحظت تكرار الهجوم مما يدل على موقف..أنا هنا لست بسبب الدفاع عنهم.....

.وكنت أتمنى أن يكون في المنبر،إن وُجِد،مَن يتحدث أو يدافع عن الحزب الشيوعي أو الشيوعيين ...

Post: #2
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 08-07-2020, 05:30 AM
Parent: #1

الغرض من هذا البوست أن أنبش في سيرة حزب له أكثر من نصف قرن...و له أتباع في الساحة.. كثروا أم قلوا.....

لكنه يجد هجوما كاسحا من كل الجهات..السؤال هل هو يستحق لك؟و لماذا؟ هل لمواقفهم السياسية؟

أم لأسباب أخرى ...سأتطرق إليها لاحقاً..وهل موقف الحزب من الدين و العقيدة أحد هذه الأسباب؟

وهل ما يعلنه الحزب دوما ويكرره بأنه يحترم الدين يراه البعض مقنعأ؟ أم هو مجرد مناورة؟

هل هناك فرق بين أن تكون ماركسياً أو شيوعياً؟

فقد قرأت مرة لدكتور حيدر أن قال بأنه ماركسيا و لا يزال..و كذلك قرأت لعدة أشخاص نفس التعبير..

فهل هناك فرق بين أن تكون ماركسي أو شيوعي...؟

هل للماركسية مستقبل في السودان؟ و في العالم؟ خاصة مع تنامي مد النيوليبرالية؟

Post: #3
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 08-07-2020, 07:16 AM
Parent: #2

في الحقيقة، من خلال هذا البوست أحاول طرح أسئلة أكثر من تقديم أجوبة وذلك للآتي:

أولا لأنني لا أملك ردودا كاملة، أو جازمة أو حتى مقنعة..

وثانية أود أن نستنطق الآراء في الهواء الطلق عن حزب موجود في الساحة ..

ولكننا لا نقدم له النقد الواضح بل مجرد انتقادات عابرة تصلح لأن تكون بطاقات جاهزة..

الغريبة حول هذه النقطة بالذات قد تكون حساسيتنا المفرطة تجعلنا بتقديم نقد لأي مكون حزبي في الساحة..

ثالثاً نود أن نستنطق من لهم معرفة بالشيوعية أو ممن هم موالون، او مناصرون، او حتى يتماهون مع طرح الحزب..

اعتقد اذ نجحنا في ذلك سنكون قطعنا شوطا نحو التعامل مع أحد من المكونات السياسية بشكل إيجابي

Post: #4
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: ABUHUSSEIN
Date: 08-07-2020, 08:57 AM
Parent: #3

سلام اخونا محمد
متابعة ....

Post: #5
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 08-07-2020, 10:34 AM
Parent: #4

أهلين بالأخ العزيز ابوحسين
شكرا على المتابعة
تسلم يا حبيبنا

Post: #6
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: Elawad Ahmed
Date: 08-07-2020, 10:55 PM
Parent: #5

وددت المشاركة بمقال كنت قد كتبته قبل فترة أرجو العذر بدءاً إن دخلت دون إستئذان، وإن لم يصب فيما تسعى له فلا تثريب عليك أن حذفته

Post: #7
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: Elawad Ahmed
Date: 08-07-2020, 11:00 PM
Parent: #6

الماركسية في السودان! صور متعاكسة! فمن هو الماركسي؟

تقديم،،،،،
في معية د. صديق الزيلعي، د. الشفيع خضر، د. صلاح آل بندر وفيما بينهم الإستاذ كمال الجزولي ود. حيدر إبراهيم، وليس لي إلا أن أتجاوز عبثية البعض!! المسكوت عنه.
ما دفعني في المقام الأول للخوض في هذا المسار الموحل ثلاثة أسباب، أولاهما، سماعي لفيديو ندوة أقامتها جماعة أجندة مفتوحة في لندن حول كتاب لدكتور صديق الزيلعي عن تجديد الحزب الشيوعي السوداني، و كنت قد قرأت المساهمات التي حواها الكتاب قبل أمد، ومن ثم صدف أن تصفحت مقال من جزئين لدكتور الشفيع خضر بعنوان " عشان ما ننسى لازم نعرف الحقيقة " وبالنهاية إطلعت على إصدارة محدثة لمنظمة مواطن تلك التي تنطق بمسيد آل بندر وبرعاية عارفها د. صلاح آل بندر.
إجتهد د. الزيلعي في جمع أطراف متنافرة بحثا عن حلٍ لمشكل لا يؤرق أكثر من دعاهم إن لم نقل كلهم، فكانت مساهمته في خاتمة كتابه هي النافذة الوحيدة التي لامست ما يروم له من مسار لحزبه، وسوف نأتي لذلك في وقت لاحق. " أنظر كتابه: حول تجديد الحزب الشيوعي"
عنا لي إن د. الشفيع وظف خروجه من الحزب أو إبعاده " سيان أيهما يمثل الحقيقة " ليبحر في المجتمع السوداني دون سقف أيديولوجي يحد حراكه، فإستدعى من مخيلته التنكنوقراط، بحثا عن حلول لإشكالات تؤرق مجتمعه، وكأني بدكتور جعفر محمد علي بخيت وعمر الحاج موسى يطلون من جديد! " راجع مقاله بعنوان: عشان ماننسى لازم نعرف الحقيقة"
إنطلق دكتور صلاح آل بندر من موقع مغاير في مقارباته إشكالات المجتمع السوداني، حيث أوجد لنفسه" أعني منظمة مواطن " منبراً أكاديميا ينهل فيما ينهل من مواقع بحثية وإستخبارتية تسترضع من وتغذي في ذات الحين النظام الرأسمالي، وهو ما يبدو متعارضا ومنطلق د. صلاح الفكري الذي يبرز من خلف ألواح، مسيده. " راجع مخطوطته: تشخيص السودان "
قبلها بوقت ليس بالبعيد أتحفنا الإستاذ كمال الجزولي وللمرة الألف بمقاله الفاصل بين ديمقراطية وإقتصاد ليبرالي، ومنذ أمد ليس بالطويل في عمر الشعوب إستنكر د. حيدر إبراهيم رفرفة الأجنحة الماركسية في سماء السودان.
بالعودة لدكتور صديق الزيلعي فهو لم يقل بالخروج عن المنهج الماركسي ولكنه تبنى هدم أحد أهم ركائز الماركسية اللينينية، ويمكن أن نختصر مبحثه لتجديد حزبه في إحجوة الديمقراطية المركزية أو المركزية الديمقراطية " سيان توصيفها " والتي يرى أنها قد أقعدت بالحزب الشيوعي من أداء دوره في مجتمعه، وعله قد تناسى في خضم ذلك إن المنهج الماركسي كان منهج عصبة الشيوعيين ولم يغدو منهج حزب شيوعي إلا على يد فلاديمير لينين حين زاوج بين المنهج والإطار التنظيمي للحزب وروحه التي تجسدت في هذه الديمقراطية المركزية المغضوب عليها، وسيان ما بين العصبة وحزب لينين من وهاد.
شارك في مدخلات تلك الندوة جمع مِن مَن يهمهم إظهار حدبهم على حزبهم!! فلم يأتوا بجديد، لكن مساهمة الأستاذ عبد العزيز الصاوي القيادي البعثي كانت قمة في النشاز، حتى من وحي إلتزامه، فقد دعا إلى تمثل ما قال أن قامت به دول من غرب أفريقيا بإعطاءها رسن قيادتها لمن تمرس من ليبرالي الغرب، وهي دعوة لعودة الإستعمار من الباب المشرع، وبدا له إن قد إنصلح حالهم حين ركنوا لمن عاس في أراضيهم نهبا إبان فترة العبودية القاهرة !!، وكأنا بإستاذ الصاوي قد فارق فكره القومي العروبي! الداعي لنعرات إثنية وتطلعات إشتراكية، بل وعجبت إن لم يدعم منطقه بطلب عودة نظام الفصل العنصري لجنوب أفريقيا التي غرق قاربها بعد وفاة مانديلا.
في الجانب الآخر بحث د. الشفيع خضر عن حل لإشكالات المجتمع السوداني من نقطة فشل الزمر السياسية في إستيعاب المشكل الذي يواجه المجتمع السوداني بعيد الإستقلال، وكأنا به يؤكد إن ما توصل إليه، حين غادر دياره مظهرٌ ينداح على كل القوى السياسية التي أفرزها المجتمع السوداني، فكان لابد له من أن يستدعي نطاساً من خارج البيت ليطبب ما أفسده أهل ملل السياسية السودانية.
ينطلق د. صلاح آل بندر من مسيده ليرفد إسهامات د. الشفيع بدعوته لنهج بحثي علمي لا يرتكز على أي إطار أيديولوجي، وذلك من خلال فتح المجال أمام العلماء " التكنوقراط " ليمهدوا الطريق لسودان جديد، فكأن بكل منهما " د. الشفيع و د. صلاح " يعلن من موقعه نهاية لعهد الأيديولوجية!! وهو ما أرجو ألا يكون سوى تكراراً لسقطة فاكوياما حول نهاية التاريخ التي تراجع عنها لاحقاً.
يعيب الأستاذ كمال الجزولي على الآخرين أن لم يستوعبوا الفارق بين ليبرالية سياسية واقتصادية، وعند الأعراب الذين نحتفي بلغتهم إن العفن الذي يصيب نصف التفاحة يدعونا أن نتخلص منها، والغريب إن ما أتحفنا به كارل ماركس " أبو المنهج الماركسي وإن تحلل من أن يكون ماركسياً " كان مخطوطته في نقد الاقتصاد السياسي، ويبدو أن علينا إعادة قراءة منهجه حتى نرى الحد الفاصل بينهما!، وحتى لا يحوج ضعفنا الإستاذ كمال الجزولي أن يقارب تنبيهنا مرة أخرى بعد الألف بمثلما فعلت المكلومة شهرزاد.
وتسآل د. حيدر عما إن كانت الماركسية قد رفرفت في سماء السودان، وإن كانت قد فعلت بعكس ما يوحي إليه تسآؤل د. حيدر، فهي حتما قد أظلت نفراً من أهل الدار قولاً والبعض فعلاً، وإلا ما أستعرت المنابر السودانية حول تجاوزها.
مساهمات جهابزة الفكر الماركسي هذه، في أرض كوش، تقودنا للتسآؤل عن من هو الماركسي، سواءاً في ثنايا هذا الحزب الشيوعي الكوشي أو من بين أولئك المغادرين طوعاً أو كرهاً .
فمن هو الماركسي، ولا نعني هنا من هو الشيوعي فذاك "راس ما عندنا ليه عمه"!
فمن هو الماركسي؟
قال إنجلز " الماركسية دليل للعمل وليس دوغما " ولاحظ تروتسكي " إن الماركسية قبل كل شئ هي منهج في التحليل، ليس تحليلاً للنصوص وإنما تحليل للعلاقات الاجتماعية ".
في كتاب”التاريخ والوعي الطبقي“ تسآءل لوكاش، عن ماهية الماركسية الأصيلة؟ وإستطرد قائلا: بإن الماركسية الأصيلة لا تعنى تسليما أعمى بنتائج بحث ماركس، ولا تعني الإيمان بنظرية أو بأخرى ولا تأويل كتاب مقدس، إن الأصالة نسبة إلى الماركسية ترجع على نقيض ذلك إلى المنهج الذي إختطه كارل ماركس (المنهج المادي الجدلي).
لكن التساؤل المنطقي هنا حول المنهج الماركسي!
هل يعني فقط ذاك الإطارا النظري الذي أختطه كارل ماركس أم إن هناك ممارسة عمليةً وجدت لها منفذاً في حزب لينين بعد عقود من الصراع حول النظرية؟
وأي الطريقين " طريق الحزب وطريق العصبة "يفترض أن نسلك في السعى لحل إشكالات تواجه مجتمع ينوء بعلاقات إجتماعية ممعنة في تخلفها؟
المنطق يقول أن تكون ماركسياً يستوجب أن تعتمد المنهج الماركسي ولكن من خلال هيكلية تنظيمية يمكن من خلالها أن تضعه في مقدمة عربة تطور العلاقات الإجتماعية، وهو ما يقودنا للخوض في الأساس الطبقي للماركسية.
الأساس الطبقي للماركسية،،،،
بالنسبة لماركس، ليس الوعي الاجتماعي هو الذي يحدد الوجود الاجتماعي، وإنما الوجود الاجتماعي هو الذي يحدد الوعي الاجتماعي وعليه لكي نستوعب ونطبق المنهج الماركسي علينا توضيح الوجود الاجتماعي الذي يشكل أساس الماركسية.
من هنا نصل إلى مربط الفرس في تعريف الماركسية كنظرية تعبر عن مصالح الطبقة العاملة وهو ما يتنافى والتضحية بالمصالح الكلية للطبقة العاملة لصالح مصالح مؤقتة لمجموعات معينة داخلها أو متحالفة معها، فهي ليست فقط نظرية مقاومة البروليتاريا للرأسمالية ونضالها ضدها، ولكن تحمل في أحشائها بذور أنتصارها على الرأسمالية وتوابعها.
إن النضال الطبقي يؤدي بالضرورة إلى سيطرة طبقة ما وهو ما يعني دكتاتوريتها حتى وإن تغلفت بمفهوم الديمقراطية ولن تنتفي ديكتاتورية الطبقة المسيطرة إلا بإنتفاء الطبقات من المجتمع البشري وهو ما تبشر به الماركسية في نهاية الصراع الطبقي. من هنا نصل لمقولة لينين " أن الماركسي ليس إلا شخصاً إنتقل من الإعتراف بالصراع الطبقي إلى الإعتراف بديكتاتورية البروليتاريا "
وهذا هو المحك الذي ينبغي على ضوءه إختبار الوعى الحقيقي بالماركسية ومنهجها....!
يؤكد كارل ماركس إن الطبيعية وقوانينها ليست من خلق الإنسانية ولكن القوانين التي تحكم المجتمع هي من صنع الإنسان والذي يحكمها هو تطور العلاقات الإنتاجية في المجتمع، وهو ما ينبئ بإمكانية تطوير العلاقات الإجتماعية، وخير دليل على ذلك " قانون القيمة الذي لا يؤدي إلى نفس النتائج بالنسبة للعامل والرأسمالي، ففي حين يفقر العامل فهو يراكم الثروة لدي الرأسمالي " وعليه يقوم العمال بمناهضته ويسعى الرأسمالي للحفاظ عليه وهذا هو جوهر الصراع الطبقي، وهو ما يقودنا إلى أن البرجوازي يسعى دوما لتبرير ما هو حادث ويرفض بث الوعي " المساس بالقوانين الإجتماعية " بين أفراد المجتمع حتى لا تختل معادلة سيطرته على بنية المجتمع الفوقية " تلك البنية التي هي جملة القوانين والعادات والأعراف والمعتقدات الدينية والأخلاق والفلسفة والقيم والنظام السياسي المسيطر على المجتمع " في حقبة دكتاتورية رأس المال أو حليفه البرجوازي.
إن الخطوة الأولى في تطبيق المنهج الماركسي كبنية فكرية وتنظيمية هو رفع طبقة العاملين إلى أن تكون الطبقة الحاكمة، أي أن تكسب معركة الديمقراطية ومن ثم تستخدم سيطرتها على بنية المجتمع الفوقية من أجل تحويل رأس المال ليكون في خدمة المجتمع ككل، سيطرة الطبقة العاملة على البنية الفوقية للمجتمع تجسيد لسيادتها وبالتالي فهي دكتاتورية لن تزول إلا بزوال الطبقات المتناحرة في المجتمع وهو ما تسعى له الطبقة العاملة من خلال تجسيد نظام العدالة الإجتماعية في توزيع الثروة، فالهيكل الاقتصادي للمجتمع هو الأساس القانوني والسياسي الذي تقوم عليه البنية الفوقية للمجتمع ومن يسيطر عليها يفرض دكتاتوريته بغض النظر إن كان ذلك من خلال ديمقراطية ليبرالية في الدولة البرجوازية أو ديمقراطية إجتماعية في دولة البروليتاريا ..!
طبقة العمال هي المنوط بها مواجهة هيمنة رأس المال والنضال لتحسين ظروفهم المعيشية عندما لا يكونوا مستعدين لتحدي النظام الرأسمالي ككل. ولكن في ظل هذا الوضع الذي يحمل تناقضا في التعايش بين طبقتين متصارعتين، تنشأ أيديولوجيات هجينة تحاول أن تلائم بين عناصر من الأيديولوجية البرجوازية وعناصر من الأيديولوجية الاشتراكية، تقود هذا التوجه دوما البرجوازية الصغيرة " أصحاب الأعمال الصغيرة، موظفي الدولة، بيروقراطي الحركات النقابية والعمالية والمزارعين أصحاب الملكيات الصغيرة " وهذه الفئة ترواح مكانها بين الطبقة العاملة والبرجوازية المسيطرة على رأس المال وهي تسعى دوما للصعود للآعلى وفي أغلب الأحوال على أكتاف الطبقة العاملة.
قال لينين " إن جدلية التاريخ تجعل الإنتصار النظري للماركسية، يجبر أعداءها على التنكر كماركسيين “!، وهذا ما تفعله حقا قوى البرجوازية الصغيرة .
والأمثلة على ذلك كثيرة بدءاً من كاوتسكي ونهاية بحركات التحرر الوطني في الماضي القريب، فقد أختصر كاو تسكي الصراع في ألمانيا على الصراع حول البرلمان البرجوازي، " الذي هو جزء من البنية الفوقية للمجتمع البرجوازي "، قال كاوتسكي وبدون مواربة " هدف صراعنا السياسي يظل كما هو حتى الآن، الاستيلاء على سلطة الدولة من خلال الحصول على أغلبية في البرلمان، ورفع البرلمان إلى وضع قيادي داخل الدولة وبالقطع ليس هدفنا تدمير سلطة الدولة، " ملخص توجه حزب كاوتسكي هو السعي للسيطرة على الدولة البرجوازية من خلال السيطرة على برلمانها وحكومتها وليس تحطيم الدولة البرجوازية وإستبدالها بدولة الكادحين حتى يتسنى تحقيق المجتمع اللاطبقي، ورغماً عن ذلك يطرح كاوتسكي حزبه كحزب ماركسي يلتحف بالمنهج الماركسي!..
السؤال المهم هنا هل يمكن إدخال أيديولوجية ضمن أخرى مناقضة لها؟
تخشى البيروقراطية العمالية الحراك الجماهيري الذي قد يخرج من السيطرة ويصيب التنظيمات النقابية بالاضطراب ويثير هجوماً مضاداً من الطبقة الحاكمة، " النظام البرجوازي " بما يقوض عملها في الموازنة بين طبقة العمال والسلطة الحاكمة لذا فهي في حاجة إلى أيديولوجية هجينة تجمع بين الاشتراكية قولاً والسلبية والحلول الوسط فعلاً.
وهذا هو عين ما تفعله قوى البرجوازية الصغيرة حين قيادتها لنضالات الطبقة العاملة وعينها على تكدس رأس المال لدي القوى البرجوازية.
في الجانب الآخر فإن إستبدال البروليتاريا بالفلاحين ليتقدموا صفوف تغيير النظام البرجوازي مناف لحقيقة الماركسية، وذلك لأن الطبقة العاملة ليست أداة الثورة حتى تستبدل!، وإنما الثورة هي أداة الطبقة العاملة في سعيها لتحطيم الدولة البرجوازية وفرض ديكتاتوريتها، والسبب إن الطبقة العاملة تجسد قوى وعلاقات الإنتاج التي يمكن أن تحمل الإنسانية إلى مرحلة إنتفاء الطبقات الإجتماعية ولنا فيما يحدث اليوم في الصين خير دليل على تغيير المفهوم الماركسي للنضال الطبقي وإقحام أيديولوجية طبقة البرجوازية الصغيرة الهجينة في الأيديولوجية الماركسية!.
فالهدف الطبقي الجوهري للفلاحين هو امتلاك الأرض، كما إن الهدف الجوهري للانتلجنسيا الثورية التي تشكل قيادة الحركات المسلحة هو الاستيلاء على سلطة الدولة لتحقيق التحرر الوطني، وبالرغم من أن الصراع الذي تقوده المجموعات المسلحة هو صراع تقدمي ويجب تأييده إلا أنه يظل أساساً مهمة الديمقراطية البرجوازية، فالدولة القومية البرجوازية هي نتاج النظام الرأسمالي، أما مهمة البروليتاريا فهي تحطيم بنيان هذه الدولة البرجوازية.
وعليه فإن حزب العاملين كي يؤدي المهام المنوطة به في التغيير فعليه أن يحتفظ بإستقلاله الطبقي.
إن الماركسية التي تغنت بها حركات التحرر الوطني وتلك التي سادت مثل الكاوتسكية والستالينية هي في أصولها ليست أيديولوجية ثورة البروليتاريا وإنما أيديولوجية قسم من البرجوازية الصغيرة تقف بين طبقة العمال ورأس المال وهو ما يتعارض والمنهج الماركسي الذي يحكم الحراك الإجتماعي في عرف من يتمثل الماركسية فعلاً لا قولاً !.
أن تكون ماركسياً فهو إنتماء فكري لطبقة العاملين وليس لهجين طبقي!!.
فأين يقف مفكرونا الأشاوس من الماركسية ومنهجها وأداة تجسيدها! بل من يحق لنا أن نعلق في عنقه حلقة كونه ماركسيا فعلاً لا قولاً!!!
و حتماً لا حجر على أحد أن يأخذ بقدر ما تتحمله ذاته، لكن يبدو أن قد إستمرأنا أفعال أهل الدين الذين لا يقبلون لفتاويهم تأويلاً أو تحريفاً ..!.
ونزيد هل هي عودة الوعي للحزب الشيوعي السوداني!!!.
د. العوض محمد أحمد لندن

Post: #8
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 08-08-2020, 05:49 AM
Parent: #7

د. العوض تحياتي

Quote: وددت المشاركة بمقال كنت قد كتبته قبل فترة أرجو العذر بدءاً إن دخلت دون إستئذان، وإن لم يصب فيما تسعى له فلا تثريب عليك أن حذفته


معقولة يا دكتور العوض؟ نحن وين لاقين موضوعات زي دي؟؟

ياخ مرحب و ألف مرحب..

بديت في قراءة الموضوع قبل ساعة...لكن لأنه دسم و مليان و بيلامس نقاط كثيرة بيحتاج لقراءة متأنية... فلم أوفق...فاستطعت أن أقرأ نصفه..

و ساواصل في القراءة و التعليق لاحقاً...

ولو عندك اي موضوعات او مقالات أخرى سواء منك أو من غيرك. ...فأرسلها...

نحن نريد إلقاء الضوء على حزب لا يجد أخيراً إلا تأييد صامتا و مناصرة صامتة.. في نفس الوقت يجد النقد بالصمت العالي..

نريد أن نبحث عن الحقائق لا غير..دون زيادة او نقصان..

تسلم عزيزي الفاضل...

Post: #9
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 08-08-2020, 07:27 AM
Parent: #8

مقالك الدسم يا د.العوض تراوح من خلال قراءة عجلى بين إيراد آراء عامة من بعض ممن ينتمون أو كانوا للحزب الماركسي أو الفكر الماركسي..

ثم عرج المقال لتقديم عرض للخطوط الرئيسية للفكر الماركسي...

وهي مقدمات مفيدة للولوج إلى لب الموضوع..

فيما يتعلق بالحزب الشيوعي السوداني...الملاحظ من خلال وجود الحزب الشيوعي في الساحة السودانية أنه فقد كثير من الاراضي.. خاصة بعد انقلاب يوليو 72 و موت

زعيمه عبدالخالق ..ثم تلا ذلك انهيار النموذج العالمي للشيوعية...فليس غريبا أن نجد خروج أو تساقط كثير من عضوية الحزب و حتى بعض كبار اعضائها..

فالمشكل على ما اعتقد بالرغم من عدم غوص ارجلي في تربة الحزب خاصة هو يلتزم السرية في ادائه وفي تحركاته) تتبدّى في عدم التمكن من تطويع مباديء و أسس

الماركسية في البيئة السودانية كما ينبغي.. وكما اشرت لتسرب عدد من أعضاء الحزب ،أيضاً نجد توقف تعثّر في استيلاد و ابتكار أفكار ماركسية ذات صبغة تنبع من البيئة

المحلية ..اي بمعنى اخر توقف النقد و الطروحات و الجدل الذي كان يزيّن الصحف ذات زمن خلال فترة الستيتنات و ما قبلها و ما بعدها..

أعتقد أن انقلاب مايو كان لحظة فارقة في تبيان هشاشة الايمان بالفكر الماركسي وفي مدى امكانية تطويعه للظروف الناشئة..و الأمر يشير إلى نقطة أكبر من ذلك هل النصوص

الماركسية جامدة أم مرنة وقابلة للتطور؟

ويببدو أن السؤال كان مطروحا دائما حتى في البلدان الأخرى..كما في امريكا اللاتينية و أوروباالحزب الشيوعي الفرنسي مثلاً وما تم ابتداعه و ادخاله في الأدبيات الماركسية

و في العمل الحزبي..

ارجو المواصلة يا د.العوض

أيضاً كنا نتمنى وجود الأخ أحمد طراوة الذي كان له مساهمات راتبة من قبل ...

و ننرحب كذلك بمداخلات الإخوة الذين لهم علاقة ما بالحزب الشيوعي..أو كل من يود المساهمة برأيه.


وهنا لا يسعنا إلا أن نرحب بأي مساهمات، منقولة أو مكتوبة من قبل أعضاء قديمة أو جديدة..الهدف هو إثراء النقاش المعرفي أولاً و أخيراً..

Post: #10
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: Elawad Ahmed
Date: 08-08-2020, 10:56 AM
Parent: #8

شكراً الأخ محمد عبد اله الحسين، وسوف أظل متابع حتى يتضح مسار الطرح في أي إتجاه بمشاركة المهتمين بواقع الحراك السياسي والإجتماعي في السودان

Post: #11
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 08-08-2020, 03:18 PM
Parent: #10

الأخ عوض الله أعتقد مسار الموضوع لا يخرج مما بدأنا به النقاش..وهو مدى نجاح الحزب في المؤامة بين المبادئ الماركسية والظروف التاريخية المحلية

والعقبات التي تقف دون ذلك ..كما يمكن تناول المحطات والمواقف البارزة للحزب في هذه المسيرة. و تحالفات الحزب مع القوى السياسية الاخرى..وبالطبع يمكن

التعرض للانقسامات و الخلافات الكبرى و الانسلاخات من الحزب.

ويلا ضير في الاستعانة بما كتبه الشيوعيون أو غيرهم حول أداء الحزب و رؤيته ومواقفه خلال الفترات التاريخية المختلفة..

Post: #12
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: Gafar Bashir
Date: 08-08-2020, 03:53 PM
Parent: #11

شكرا محمد عبدالله علي الموضوع
وشكرا لضيفك دكتور العوض

واظن انه قدم اسهام كبير لفتح نوافذ للحوار في الموضوع ده والسؤال المطروح حول الماركسية والشيوعية ، رجعنا لزمن كان فيهو وقت لقرايات فكرية ومنهجية ،
اتمني يتواصل الحوار من جهة المنهج
وبرضو اجابات شافية علي اسئلتك الخاصة بتاريخ ومسيرة ومواقفه الحزب الشيوعي في السودان

ومتبع معكم مسار الحوار

Post: #13
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: Elawad Ahmed
Date: 08-08-2020, 10:49 PM
Parent: #12

شكراً د. محمد عبد الله قصدت من معرفة المسار لأن في سودانيز أون لاين يبدأ موضوع في إتجاه وينتهي في شئ قد يكون مخالف أو مناقض له حسبما هي العلاقات والمشاركات سوف أواصل بمشاركة ثانية قد تلامس رؤيتي في بعض ما طرحت

Post: #14
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: Elawad Ahmed
Date: 08-08-2020, 11:06 PM
Parent: #13


في ذكرى رحيل نقد،،،،،،
هل سعى لتنظيم عقائدي أم سياسي....
تقديم،،،،،،،
كيف تطورت الماركسية من بناء فلسفي إلى هيكلية تنظيمية تحمل برنامجا سياسيا؟
وهل كانت العصبة الشيوعية إطار سياسي أم هيكلية فكرية تسعى لتأطير فلسفي يتجاوز النهج الفلسفي المثالي أو تحديداً جدلية هيغل؟
وإذا كان كذلك فهل حاد لينين عن هيكلية رفاق ماركس في العصبة الشيوعية؟
أم هل تطلب إعمال المنهج الماركسي في العلاقات الاجتماعية في روسيا القيصرية وجود هيكلية لحزب لينيني بنهج ماركسي ؟
تقودنا ضبابية الحاضر ونقد الماضي لأصل الخلاف بين غيرغوري بيلخانوف وفلاديمير لينين!، فهل كان خلاف على استيعاب المنهج الماركسي ام على أداة تطبيق ذاك المنهج؟
ولاحقا بعد انتصار الرؤية اللينينية! ما هي أوجه الخلاف بين الهيكلية التي إنتهجها لينين في نسختيها الإستالينية والتروتسكية؟
وهل يبيح ذلك أن نطبق المنهج الماركسي دون أن نصطدم بالالتزامات والصراعات العرقية والروحية في مجتمع شرقي يتجاوز انماط الانتاج الخمسة المعرفة ماركسيا.
فهل يعني تطبيق المنهج الماركسي، في سعينا لإحداث تغيير إجتماعي، أن نتعامل من خلال هيكلية تستند على طليعة القوى الثورية، أم يتطلب ذلك الإندياح وراء تنظيم الجماهيرفي إطار أعرض؟
وهو ما يطرح البحث عن أوجه الفرق بين تنظيم الطليعة وتنظيم الجماهير وتلك العصبة الشيوعية؟
وهو ما يقودنا لمقولة عبد الخالق " الوعي ما استطعت " إن كانت تتطلب تنظيماً ثورياً صفوياً؟
وهل يبيح لنا ذلك القول بإن الماركسية في صورتها اللينينية هي تعبير عن إطار صفوي؟
وبالمقابل هل يتيح حزب الطبقة العاملة وجود صفوة أم أن دكتاتورية البروليتاريا هي الصفوية بذاتها؟
فوق كل هذا وذاك، هل ما أوجب اللينينية في مجتمع روسيا القيصرية يمكن أن يفصل على مجتمعات القرن الحادي والعشرين..!؟.

يحدثنا التاريخ،،،،،،
من المعروف أن ماركس لم يطور مفهوما متسقا لحزب ماركسي. بل وفي أحيانا عديدة صرح برفض شبه كامل لفكرة التنظيم الطليعي، لكنه في ذات الحين صاغ مفهوماً معرفياً أسس لمقولة بث الوعي الاشتراكي الثوري وسط الطبقة العاملة.
وقد دافع ﺒﻠﻴﺨﺎﻨﻭﻑ لاحقاً ﻋﻥ ﻓﺭﻀية ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻑ ﺍﻟﻭﺜﻴﻕ بين ﺍﻟﺤﺯﺏ ﻭﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻠﺤﻕ ﺍﻟﻀﺭﺭ ﺒﺎﻟﺤﺯﺏ، ﻭرأى إن ﻤﻬام ﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﺎل في ﺘﺤﺴﻴﻥ ﻭﻀﻊ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﺩﺍﺨل ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻲ ﺒﻴﻨﻤﺎ يرى إن ﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﺤﺯﺏ " في صورته الأيديولوجية " ﻫﻲ ﺘﺩﻤﻴﺭ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ الرأسمالي ﺒﺤﺩ ﺫﺍﺘﻪ، ﻭمن هذا المفهوم كانت مناداته ﺒﺎﺴﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﺍﻟﺤﺯﺏ.
وقد كان ﺘﺼﻭﺭ ﺍﻟﻤﻨﺎﺸﻔﺔ إن ﻫﻨﺎﻙ ﺜﻭﺭﺓ ﺒﺭﺠﻭﺍﺯﻴﺔ ﺘﺘﻘﺩﻡ ﺴﺘﻨﺘﻬـﻲ ﺒﻤﻠﻜﻴﺔ ﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ، ﺃﻭ ﻓﻲ ﺃﺤﺴﻥ ﺍﻷﺤﻭﺍل ﺒﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ﺒﺭﺠﻭﺍﺯﻴﺔ، ﻭﻴﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺒﻘﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﻠﺔ ﺃﻥ ﺘﺩﻋﻡ ﻤﻤﺜﻠﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻨﻔﺴﻪ ﺘﻨﺘﺯﻉ ﻤﻨﻬﻡ ﻤﻭﺍﻗﻊ ﻤﻼﺌﻤﺔ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺃﺩﺍﺀ ﻤﻬﻤﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻤﺴﺘﻘﺒﻼ، وﻓﻲ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﻤﻁﺎﻑ يفترض ﺃﻥ ﺘﻔﺼل ﻓﺘﺭﺓ ﻁﻭﻴﻠﺔ ﻤﻥ الزمان ﺒﻴﻥ نجاح ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﺒﺭﺠﻭﺍﺯﻴﺔ ﻭتوفر الشروط الموضوعية لثورة إشتراكية.
المناشفة والبلاشفة كل منهم كان ينطلق من فهمه للمنهج الماركسي وآلية تطبيقة في مجتمع روسيا القيصرية.!.
ويقول الواقع الراهن،،،
في عهدنا الراهن يتضح إن معظم أفراد الطبقة العاملة يتضائل تفاعلهم السياسي فيما عدا فترات المد الثوري، الذي ما أن ينتهي زخمه حتى ينسحبوا عاجلا أو آجلا إلى الحياة الخاصة، أي الإنغماس في الحياة اليومية بمنعرجاتها. بينما تتميز طليعة الكادحين بإستمرارية النضال، وهو ما يؤهل لبروز فئة فاعلة تأخذ على عاتقها النهوض بمجمل البناء الثوري في فترات الخمود، والذي بدوره يفصل وجود فئة منتقاة تجير العمل الحزبي لنضالاتها ويمكن الإستدلال على ذلك بالحديث عن فترات الإعتقال وتصنيف زملاء العمل الواحد بناءاً على ما قدموه من تضحيات خلف السجون..!..
كما يجب التنبه إلى أن نضال العاملين وقواهم الطليعية لا يحقق وحدة بين الإطار النظري والممارسة العملية إلا حين إنطلاقها من مواقعها الذاتية وفقا لجدلية الحراك الاجتماعي، وهو ما أبرز لنا ظهور عوامل الأرث في المنظومة الثورية، أي ظهور العوائل في ذات التنظيم بل وتصعيدها للمواقع القيادية..!. وقد كان ذلك بارزاً حتى في بدايات الحزب الشيوعي السوفيتي!!
كل هذا يقودنا للتمعن في البرنامج السياسي للحزب والنهج الذي يتبعه، ومن ثم البنية التنظيمية التي يقع على عاتقها تنفيذ برنامجه السياسي!.
بالنظر لمسيرة الحزب الشيوعي السوداني، وفي ظل كل الإشكالات والإنقسامات التي نشأت منذ بدياته يتضح إن هناك خلط بين خطين أحدهما " سياسي " يسعى لطرح حزب يقود القوى الديمقراطية والتقدمية وثانيهما " أيديولوجي " يبحث عن تطور العلاقات الإجتماعية من خلال بث الوعي الإشتراكي. ينطلق الخط السياسي من الأشكالات التي تجابه المجتمع في حياته اليومية ويطرح برنامج سياسي يسعى لتحسين الأحوال المعيشية للمواطن، وهو ما يتطلب التعاون مع القوى السياسية الأخرى ويجعل التكتيك السياسي للحزب لا يتناسب مرحلياً مع الأهداف الإستراتيجية لمجمل النظرية الماركسية التي تنادي بصراع طبقي منتهاه دكتاتورية " الطبقة العاملة " أعني العامل الأساسي في البناء الإجتماعي اقتصادياً وسياسياً.!.
وينطلق الخط الأيديولوجي في إتجاه تعريف الفرد بمبتدأ حياته ومنتهي مماته من خلال معرفة دوره في مجتمعه، ما يمكن أن يقدمه أو يستطيع أن يقدمه، وحاجته ليعيش حياة كريمة تتوفر فيها كل المقومات بغض النظر عن قدرته على العطاء.!.
في حين يسعى الخط السياسي لإحداث تغيير من خلال المشاركة في التركيبة السياسية للدولة فهو يبعد أو يبتعد عن الأطر الأيديولوجية التي تشكل عائقاً بينه وبين القوى الإجتماعية الأخرى المشاركة في بناء الدولة، وهو ما يهيئ للشرخ داخل التنظيم في مقابل الخط الأيديولوجي الذي عادة ما يوصف بالدغمائية لتمسكه بحرفية المقولات الفلسفية التي تحلل الواقع الإجتماعي بمجمله وليس الموقف السياسي فقط.!.
تظل الضبابية التي لازمت تطبيق المنهج الماركسي تلقي بظلالها على كل الهياكل التنظيمية التي تنهج منهجاً يستقي من فرعه الأيديولوجي وتزاوجه بالموقف السياسي المتغير والمرتبط بطبيعة العلاقات التي تحكم المجتمع.!.
خاتمه،،،
سعى محمد إبراهيم نقد لتوطين المنهج والفكر السياسي في تربة المجتمع السوداني، وقدم لنا رؤيته التي إحبطها من تمترس حول موقفه سواء إكان من ضمن الصفوة الإيديولوجية أو مراهنوا الموقف السياسي. بإعادتنا لقراءة محمد إبراهيم نقد نستطيع أن نجتاز محنة إنهيار الإتحاد السوفيتي وحزبه الذي سعى لأن يمشى على عكازتين... فأطاحتا به..!.
فهل نبدأ نقاشاً جاداً يعيدنا للمسار؟؟؟؟؟؟؟
العوض محمد أحمد

Post: #15
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: صديق مهدى على
Date: 08-08-2020, 11:12 PM
Parent: #14

ودالحسين سلام اها شوف ود الصاوى وابوروضة وين
تحياتى

Post: #16
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: bakri abdalla
Date: 08-09-2020, 03:27 AM
Parent: #12

.
أتعجب عندما يقارن بعض اخواتنا و إخواننا هنا للحزب الشيوعي بعديمي الإنسانية ممن حكموأ السودان منذ ١٩٨٩ بقيادة البشير وحتى كنسهم بعد ثلاثين سنة
شكرا محمد عبدالله علي تطرقك لهذا الموضوع فلربما نسمع أرأء مغأ يرة يحل لنا اللغز

Post: #17
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 08-09-2020, 06:34 AM
Parent: #16

صباح الخير( بتوقيت الخليج)
بشغف نتابع ونقرأ... و نرحب بكل الاراءو المداخلات..
سأتواصل كتابة ما لدي و ما أدلى به آخرون..
بس عفوا.. سبب طاريء سيؤخرني قليلا..

Post: #18
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 08-09-2020, 11:37 AM
Parent: #17

شكرا الأخوة المتداخلين.. معليش انا برة و بكتب من الجوال
يا اخ علاء اعتقد من بين اهم المشكلات التي واجهت الحزب الشيوعي في السودان
وربما في دول عربية أخرى الجانب المتعلق بالفلسفة المادية.. يعني
هناك مشكلات بنيوية تتعلق بطبيعة المجتمع وقبوله.. بالاضافة لموضوع الالتزام بالديموقراطية المركزية
وكذلك البحث عن مسار للحزب يكون مرتبطا بالبيئة المحلية مما أحدث شروخ و انشقاقات..
معليش انا برة لكن بحاول لا انقطع.. وبحاول اذكر بنقاط يمكن تساعد في إدارة دفة النقاش.

Post: #19
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 08-10-2020, 06:28 AM
Parent: #18

اخونا العوض.. في انتظار مساهمات القيمة
سالحقك بك بس اخلص الموضوع الفي يدي ده..
رجاء واصل..

Post: #20
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 08-11-2020, 12:31 PM
Parent: #19

قبل ان اواصل في الكتابة عن الحزب الشيوعي والماركسية ووجوده في الساحة السودانية..أود أن أؤكد أن البوست هدفه تنويري

واستقصائي ومعرفي فقط ..وليس الهدف منه تلميع الحزب أو عمل دعاية له. كما أن الهدف منه ليس الترويج له أو الحط منه أو من

ادائه او فاعليته او دوره كحزب..

فأنا لست في موقع يؤهلني للقيام بذلك. ولا ينبغي لي..

كذلك ليس الهدف من هذا البوست رفع أو الحط من شأن أي من رموزه التاريخيين أو الحاليين أو السابقين..

رأيت البدء بتقديم فذلكة تاريخية مختصرة لنشأة الحزب ومعرفة الظروف التي نشأ فيها..حيث أن ذلك قد يكشف إلى حدا ما عن

طبيعة الحزب وعلاقته بالخارج و محاولات تثبيت أرجله في التربة الداخلية..فالتعريف بنشأة الحزب قد يوضح كذلك المسار الذي

ابتدره بداءة مع كمون بذرة التناقضات والاختلاف منذ البداية مع تحمّله بكل تناقضات البيئة المحلية وصفات الشخصية السودانية

المعروفة.فالنشأة تتضمن كذلك رؤى الجيل الأول من قيادات الحزب..ومعايشة صعوبة ادخال حزب جديد بثقافة مغايرة أو مختلفة أو

متناقضة كيفما كان الوقع لدى البعض......وتحكي بالتالي صعوبة البذر في تربة غريبة لم تكن مهيأة لذلك النوع من الشتل..كما أن

البداية تحكي عن مدى تماهي وفهم واستيعاب النظرية كما وردت في متونها الاصيلة العتيقة .بالإضافة لتأثيرات البلد المطبِّق

وتأثير كبار أساطينه المبشرين بالنظرية قبل أن تؤتي أُكلها على أرض الواقع.في ختام هذا الجزء أود أن أذكر أن البوست مفتوح

لكل من يود المشاركة و إثراء النقاش و توسيع دائرة الجدل.

نواصل

Post: #21
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: علي عبدالوهاب عثمان
Date: 08-11-2020, 12:58 PM
Parent: #20


وليس الهدف منه تلميع الحزب أو عمل دعاية له. كما ليس الهدف منه الحط من اداؤه او فاعليته او دوره كحزب
=============================
دكتور محمد .. تحياتي ..
شكرا على البوست الهاديء
والتحية للاستاذ العوض أحمد وشكرا للاثراء والعمق
قراءة واحدة لا تكفي لمقالات الاستاذ العوض

طرحكم جميل وبأسلوب حضاري

تحياتي لكم الاحباب الكرام
كالعادة دكتورنا محمد بوستات مفيدة وهادئة وهادفة
اتمنى ان يستمر الاستاذ العوض

مودتي الاحباب



Post: #22
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 08-12-2020, 06:42 AM
Parent: #21

حبيبنا علي شكرا على المتابعة والمؤازرة و التشجيع ورفع المعنويات..

سنواصل
********************************************
الأخ عبدالمنعم عثمان شكرا على المتابعة (ضمن تعليقات الإخوة المتابعين أسفل المداخلات)..ب

عد إشارتك لمقالاتك القيمة راجعت محتوى مقالاتك بنظرة عاجلة و لكنها كانت كافية لاكتشف تنوعها وامكانية

اثراء الجدل حول الموضوع المطروح..

أعدك سأعمل على تنزيلها...وأشكر لك حدَبَك وجهدك المبذول في كتاباتك..

Post: #23
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 08-12-2020, 01:46 PM
Parent: #22

نشأة الحزب الشيوعي
تشير نشأة الحزب الشيوعي السوداني الى الظروف التي وجد نفسها فيه حيث كان لطبيعة وظروف وديناميات المجتمع السوداني في ذلك الوقت ممثلة في قواه الاجتماعية

والسياسية تأثير كبير على شكله التنظيمي واداؤه وتكتيكاته وتحالفاته مع القوى المحلية والاقليمية كما سياتي شرحه:

يمكن القول أن تأسيس الحزب الشيوعي السوداني ارتبط بالحركة الشيوعية المصرية. حيث كانت بداية أول نواة للحزب الشيوعي السوداني في جامعة القاهرة بين الطلبة السودانيين

الدارسين هناك الذي استقطبتهم “الحركة المصرية للتحرر الوطني” المعروفة باسم (حدتو)..و التي أسسها عام 1942 هنري كورييل اليهودي المصري من أصل إيطالي.

وقد اصبحت (حدتو) فيما بعد التنظيم الشيوعي المصري الرئيسي . ويقول محمد عمر بشير في كتابه (تاريخ الحركة الوطنية في السودان: (أنه خلال الفتر الاولى لاجتماعات نواة الحزب

الشيوعي كان يتم الاطلاع على الأدبيات الماركسية حيث يقوم الجندي البريطاني " ستورى " عضو الحزب الشيوعي الإنجليزي بإرسال المؤلفات الماركسية لعدد من أصدقائه ،

لكل ذلك فانه لما تكونت الحركة السودانية للتحرر الوطني في عام 1945 “ الدقيق 1946 " كانت جذور الفكر الاشتراكي وتعاليمه قد سبق بذرها في التربة السودانية ) .

انخرط الطلبة السودانيون في إطار الحركة المصرية والتي اصبح عبد الخالق محجوب عضواً في لجنتها المركزية. اهتم (كورييل) بتحويل القسم السوداني في تنظيمه إلى شكل

مستقل لتكوين تنظيم مستقل “الحركة السودانية للتحرر الوطني” (حستو) في 16 أغسطس 1946، عند عودة الطلبة السودانيين الدارسين في القاهرة في إجازتهم الصيفية.

وقد أصبح من بين هؤلاء من أصبح لاحقاً من قادة الحزب الشيوعي السوداني،مثل: عبد الماجد أبو حسبو، حسن الطاهر زروق، عوض عبد الرازق، عبد الخالق محجوب، عز الدين علي

عامر، التيجاني الطيب…إلخ). فتم انتخاب عبد الوهاب زين العابدين عبد التام مسؤولاً سياسياً لـ “حستو” و تم استبداله بعوض عبدالرازق في أغسطس 1947.

تم الاجتماع التأسيسي في الخرطوم للحركة(حستو) في 16 أغسطس 1946في ذلك الاجتماع تمت إجازة لائحة الحزب الذي كانت أهدافه منحصرة في النضال من أجل تحرير السودان

من الاستعمار البريطاني وتحقيق التقدم الاجتماعي والرخاء للشعب السوداني. وكان شعار الحزب الكفاح المشترك بين الشعبين المصري والسوداني ضد الاستعمار، والجلاء وحق

تقرير المصير للشعب السوداني. ويقول عبد الخالق محجوب سكرتير الحزب الشيوعي في كتابه "لمحات من تاريخ الحزب" فإن الحركة: "ارتبطت منذ تأسيسها بالنضال والمظاهرات

ضد الاستعمار، وقدمت الحركة عموميات الماركسية باللغة العربية، وجذبت عددا من المثقفين الوطنيين والعمال لصفوفها، وارتبطت بالحركة الوطنية التحررية منذ نشأتها .

من خلال تمثل الوقائع المكتوبة عن نشأة الحزب الشيوعي، قد لا نبعد النجعة إن قلنا بتأكيد عدم استيعاب الكادر المؤسس لأدبيات الماركسية بما يكفي، وعدم التعمق فيها في الفترات

الأولى للتأسيس (ولربما لفترات لاحقة).كما ان سمة استلهام التجربة والخبرة والتوجيهات من الخارج يشير إلى أن لين العود وضعف الخبرة و بكارة التجربة كان لها دورها في تشعب

الآراء ونمو بذرة الخلافات بين الكادر المؤسس و عدم بروز قيادة بارزة تحوز على ثقة و اجماع الجميع ..حيث أن جميع أفراد الطليعة المؤسسة كانت تقريباً في نفس المستوى من الدربة

والخبرة و المعرفة و الحنكة..

ويمكننا تخيّل الظروف والصعوبات التي عان منها طلاب مثل اوليك: حديثي التخرج، وهم في اعتاب سنوات الشباب الاولى يحملون فكراً غريباً وتوجهات لم تكتمل لديهم أبعادها أو

تصورات تنزيلها لأرضِ واقعٍ غريبٍ عليها . وكل ذلك في سياق يتحكم فيه خبث المستعمر، وتسيطر عليه قوى تقليدية وطائفية ورأسمالية، لها حنكتها وخبرتها وفهمها للواقع المحلي

ولجميع مكوناته، بشكل يجعل لها السيادة والغلبة على ما عداها..

أرجو أن أكون قد وفقت في تقديم صورة مختصرة للظروف التي صاحبت نشأة الحزب الشيوعي..حيث سأقوم في المرحلة التالية مالم تصل مساهمة ما باستعراض البدايات الاولى

لتلمس الطريق في الواقع السوداني في ظل وجود سلطة مستعمرة و احزاب تقليدية وأخرى ذات جذور طائفية.

Post: #24
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 08-13-2020, 07:34 AM
Parent: #23

قد لا اكون ابتعد من الخط الذي التزمت به إن رأيت أنه من الأصوب أن أتّبع ترتيباً في عرض الأحداث والأفكار ينبني على ترابط وتسلسل منطقي للأحداث والأفكار كما سأوضحه

لاحقاً فيما يلي. فقد رأيت أن أبدأ باتباع ترتيب أقدم من خلاله فكرة عامة وموجزة للفكر الماركسي والتي تأسس بموجبها الحزب الشيوعي ..

ثم أقدم من بعد عرضاً لاندياح الماركسية على نطاق العالم وتفاعل السياسيين والفلاسفة والعلماء معها. مما ساهم في تطور الفكر الماركسي من خلال تناسل العديد من النسخٍ

المُطوَّرة أو المُستَحدثة، أو المُعدَلة للماركسية، في مختلف بلدان العالم. ثم أدلف أخيراً إلى الحزب الشيوعي السوداني لنرى كيفية تأثره وتفاعله، أو تماهيه مع التطورات في الماركسية

في نسختها الكلاسيكية.

النظرية الشيوعية موضة القرن التاسع :
احدثت النظرية الماركسية عند ظهورها الفعلي في بداية القرن العشرين زلزالاً في وتوابع َ في الفكر الاقتصادي والسياسي على حد سواء ..ثم استتبع ذلك تفتَّقاً في الأفكار والرؤى

والاتجاهات والنظريات في مجال الاجتماع والثقافة والفن، والتي انبثقت متأثرة بالنظرية الماركسية في نسختها الأصلية.

طُرحت الرؤية الماركسية رؤيتها للمجتمع والتاريخ في " البيان الشيوعي" (1848) واصفةً كيفية صعود وتطور الرأسمالية والمجتمع البرجوازي و ضرورة تغيير الرأسمالية بواسطة

البروليتاريا الصناعية. ولقد طوّر كتاب "رأس المال" والنصوص الماركسية الكلاسيكية الأخرى نظرة نقدية إلى الرأسمالية فحواها
أن الرأسمالية الصناعية الحديثة من خلال تطورها تُحدِث تطوراً ضخماً و متواتر اًلوسائل الإنتاج، وكذلك تدمير تام لكل ما هو قديم وخلق لما هو جديد، وكل ذلك يحدّث ويحوّل على

نحو مستمر للمجتمع البرجوازي. يصف البيان الشيوعي التاريخ والتطور في أحد أشهر عباراته: “إن تاريخ كل مجتمع موجود حتى الآن هو تاريخ صراع الطبقات

تنبأ ماركس بأن تطور الرأسمالية من شأنه أن يؤدي حتما إلى تركيز رأس المال وتراكم هائل للثروة في جهة، وتراكم مشابه للفقر والبؤس والكدح في الجهة الأخرى من المجتمع.


بعد وفاة ماركس وأنجلز ظهرت هناك نسخ مختلفة كثيرة من الماركسية. ففي حين إتخذ الجيل الأول من المنظّرين والناشطين الماركسيين منحى التركيز على الإقتصاد والسياسة،

فإن أجيالاً لاحقة من الماركسيين الغربيين ظهرت في أوربا بعد الثورة الروسية وطورت نظريات ماركسية عن الثقافة، الدولة، المؤسات الإجتماعية، علم النفس، وموضوعات أخرى

لم يتم التعامل معها بطريقة منهجية من قبل جيل الماركسية الأول.

لقد قام ماركس بتقديم قانون حركة مجتمع محدد: هو المجتمع الرأسمالي، موضحا كيف نشأ، وكيف تطور وكذلك سيرورة وصيرورة هذا النظام. لقد أنجز هذه المهمة الضخمة في المجلدات

الثلاثة من كتاب رأس المال .

وقد ورد في أحد نصوص (ماركس وإنجلز، العائلة المقدسة، الفصل السادس). إن الماركسية لا تنكر أهمية العامل الذاتي في التاريخ والدور الواعي للبشرية في تطور المجتمع.

ويصنع الناس التاريخ لكنهم لا يفعلون ذلك باتفاق كامل مع إرادتهم الحرة ونواياهم الواعية. وبعبارة ماركس: «”التاريخ لا يفعل شيئا”، إنه “لا يمتلك ثروة هائلة”، و”لا يخوض المعارك”.

إنهم البشر، البشر الحقيقيون هم من يفعلون كل ذلك، هم من يملك ويتصارع؛ إن “التاريخ” لا يستعمل البشر كوسيلة لتحقيق أهدافه الخاصة، كما لو أنه شخص قائم بذاته؛ إن التاريخ

ليس سوى نشاط البشر الذين يتبعون أهدافهم».
يمكن القول بأن الماركسية تدرس العوامل الرئيسية الخفية التي تكمن وراء تطور المجتمع البشري، منذ المجتمعات القبلية الأولى حتى العصر الحديث. وتقدم تفسيرا لوصف حركة التاريخ

بالمفهوم المادي للتاريخ. تمكننا هذه الطريقة العلمية من فهم التاريخ، ليس على شكل سلسلة من الحوادث المترابطة والمفهومة بشكل واضح. إنها سلسلة من الأفعال وردود الأفعال

التي تشمل السياسة والاقتصاد وكل مجالات التطور الاجتماعية. فالمادية التاريخية كما تقدمها الماركسية هي عبارة عن اكتشاف العلاقة الجدلية المعقدة بين كل هذه الظواهر هي

مهمة ما سُمِيَ بالمادية التاريخية .

Post: #25
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: Hamid Elsawi
Date: 08-15-2020, 06:09 AM
Parent: #24

شكراً محمد علي البوست الهادي
Quote: ودالحسين سلام اها شوف ود الصاوى وابوروضة وين
تحياتى


صديق مهدي شهادتي في الحزب مجروحة عشان كدة مستمتع بالمتابعة
لنها مفيدة لكل البحاثين عن المعرفة و قراءة التاريخ بمختلف الزوايا ...
و لكن لا بأس برفع البوست بمداخله خاطفة ... و قبل ذلك التحية لزوار و قراء البوست.

كنا صغار في السن ... عقولنا في مرحلة البناء و البحث ...
كان كبير في السن ... يحب القراءة و يتمتع ب حضور لما يتمتع به من
معارف متنوعة و لدرجة أن الأغلبية تبصم علي كلامه دون تفكير.
كان كثير الحديث عن الماركسية و الشيوعية و ينتقدها بعنف و الجميع لا يملك
إلا أن يأخذ الحقيقة من لسانه خاصة عندما يطعم الكلام ببيت شعر للمتنبي
.... و في مرة كان يتكلم عن مؤلفات ماركس و انجلز أصل العائلة و رأس المال.
و كان الجميع لا يملك الا أن يوافق علي ثقة من أنه ( لا ينطق إلا عن معرفة تامة)
لسوء حظه و لحسن حظنا كان من بين الحضور طالب يدرس بالخارج في اجازة
سأله ... هل انت قريت رأس المال و أصل العائلة؟؟؟
رد بعنف ... أنا ما بضيع وقتي في قراية كلام الكفار و الملاحدة دي كتب مفروض
يتم حرقها وووو و كان منفعل جداً.... و واصل نقده للكتب التي هو ما قراها أصلاً
لم نستطيع أن نقول له طالما انت ما قريتها بتنتقدها كيف؟؟
لأن السؤال كان يعتبر قلة أدب ... لكن طلعنا بدرس مهم ... أن أغلب الذين يتحدثون عن الماركسية
لم يطلعوا عليها ... و أغلبهم يرددون ما سمعوه ببغاوية مفرطة ... و كان ذلك أحد الأسباب
التي دفعتني و عدد من الاصدقاء للبحث بجد و همة لمعرفة الفكر الماركسي
و حدس ما حدس....
متابعة

Post: #26
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 08-15-2020, 02:35 PM
Parent: #25

ود الصاوي شكرا للمتابعة ورفع البوست .فعلا البوست محتاج لرفع البوست كما تفضلتَ ، ليس لزيادة المتابعين و لكن لزيادة المشاركات..

كما تعرف البوستات الدمها تقيل زي دي، عادة تفتقر للمشاركات والتجاوب .أول أمس لما رأيت قلة القراء( من خلال سجل القراء) قررت أن أتوقف عن الاستمرار في الموضوع.

لأنه إذا كان الموضوع لا يجد العدد المقنع من المتابعين،فمن العبث الاستمرار فيه.. لكن فجأة بعد عدة ساعات زاد عدد الناس..فقررت الاستمرار.

أما بخصوص تعبيرك(شهادتي في الحزب مجروحة)، اعتقد إنه بالعكس...لأنها بتكون مفيدة للجميع ،خاصة أنها من شخص من داخل البيتinsider , وده بيعطي للموضوع

بعد مهم،ونكهة خاصة ومصداقية، وبيحفز آخرين للمشاركة..

برضه حكاية الإحجام عن المشاركة شيء متوقع من حزب عقائدي يقوم على السرية كما حزب الاخوان المسلمين.فخروج العضوية منه ينظر إليه كأنه جريرة..

أما التحدث وإفشاء الأسرار فهوالخيانة بعينها..

بعد المقدمة الطويلة دي، التي جاءت عفو الخاطر أتمنى أن تحكي ذكرياتك عن وجودك في الحزب..

و هي كذلك دعوة للأخرين..نفحن لا نريد أسرارا ولا إشانة سمعة و لكن نريد أن نستلهم التجارب و نراكم الخبرات فهي في الآخر رصيد للجميع و ليست لحزب بعينه..

Post: #27
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: Hamid Elsawi
Date: 08-16-2020, 02:33 AM
Parent: #26

شكراً الأستاذ محمد عبدالله الحسين
كما ذكرت لك دفعنا الفضول للبحث و كذلك حب القراية بعد أن تخطي سقفنا المعرفي المغامرين الخمسة
و الشياطين ال 13 و ارسين لوبين و اجاثا كرستي.... انتقلنا الي الشعر و المدارس الشعرية الحديثة
نزار قباني , بدر شاكر السياب. توفيق زياد محمود درويش, و دفعتنا معاني الكلمات و شعورنا بصدقها
للبحث أكثر ... و بصدفة عثرنا علي مقال للشهيد عبد الخالق محجوب .... و تبادلناه بسرية تامة و ناقشناه
كذلك بجدية ... و عندما علم أحد أعمامنا باننا نناقش مقال عبد الخالق قال جملة شهيرة
قال الحقوا الاولاد عاملين ليهم حلقة ماركسية. و تعرضنا لمضايقات كثيرة و عقوبات غير مباشرة
و محاولات بائسة للحيلولة دون أن نطلق لعقولنا عنان التفكير و البحث و بدينا نسمع الشيوعيين بيتزوجوا اخواتهم
و ما عندهم اخلاق و كفار وووو و كنا نضحك و نسأل (الجابرهم علي الكذب شنو؟؟؟؟)
أسمح لي أن أنقل المقال في هذا البوست ... و أواصل لاحقاً حين ميسرة

Post: #28
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: Hamid Elsawi
Date: 08-16-2020, 02:38 AM
Parent: #27

Quote:
في العام 1954م اصدرت مجموعة معادية للشيوعيين بيانا مزورا ممهورا بإسم الشيوعيين السودانيين ، يدعو فيه إلي مهاجمة الدين الإسلامي وإسقاطه،
وحاولت إثارة فتنة في الجوامع ، ودعت إلي مهاجمة الشيوعيين عقب صلاة الجمعة، أخمدها الإمام عبد الرحمن المهدي في جامع ود نوباوي ،
ودعي إلي عدم إيقاظ الفتنة النائمة، وأشار إلي أنه يعرف الشيوعيين السودانيين عن كثب ، وهذه ليست لغتهم واسلوبهم:
وكتب عبد الخالق محجوب مقالا نشر في الصحف يرد فيه علي هذه المجموعة بعنوان
" كيف اصبحت شيوعيا"، فإلي نص المقال:
عبد الخالق محجوب .. كيف أصبحت شيوعيا؟
* الرجل الشريف يحارب الفكرة بالفكرة..
نص جدير بالقراءة
إن هذه الحوادث لها خطورتها وهي في رأيي تمسني شخصياً لأنني أنتهج السبيل الماركسي في ثقافتي وتصرفاتي وأومن بالنظرية العلمية الشيوعية،
وكل معارفي وأصدقائي يعرفون منذ زمن بعيد هذه الاتجاهات والثقافة التي احملها، وأنني أتحمل مسؤولية إزاء هؤلاء الأصدقاء والمعارف
وبينهم من يحمل اتجاهات معادية لأفكاري وبينهم من حضي بثقافة إسلامية أو مسيحية، وبينهم الشخص العادي الذي يضطرب في الحياة دون فلسفة أو ثقافة.
إن انزعاج هؤلاء الأخوان يضع على عاتقي مسؤولية أدبية في توضيح رأيي وفق الثقافة التي اعتنقها ثم أن المدرسة الثقافية الشيوعية
من المدارس الفكرية التي تعيش في بلادنا منذ فترة طويلة...... إن اهتمامي الكبير بمصير هذه الثقافة التي اعتز بها وأكن لها كل احترام .....
يلقي عليّ أيضاً مسؤولية في توضيح موقفها إزاء الحوادث الأخيرة.
عبد الخالق محجوب
لكي أوضح الموقف وغوامضه استميح القارئ عذراً إذا بسطت له جزءاً من تجربتي المتواضعة: كيف أصبحت شيوعياً؟
تجاربي
في نهاية الحرب العالمية، عندما دبّ الوعي الوطني في أرجاء بلادنا انتظمتُ كغيري من الطلبة المتحمسين في غمار هذه الحركة يحدوني أمل
هو المساهمة في تخليص بلادي من النير الاستعماري، تحدوني حالة الفقر والبؤس التي كان وما زال يحس بها جميع المواطنين المتطلعين
إلى مستقبل مشرق مليء بالعزة والكرامة، وقد علقت الآمال حينذاك على زعماء حزب الأشقاء في تحقيق تلك الأهداف التي أمنت بها.
وهكذا وبهذه الآمال العريضة ودعت وفد السودان في مارس (آذار) من عام 1946 .
ولكن هذه الآمال العراض والأماني الحلوة ابتدأت تتضاءل أمام ناظري في القاهرة، وبعيدا عن أعين السودانيين دب التراخي في بعض هؤلاء الزعماء
واستسلموا للراحة الشخصية. وفي غمار هذه الحياة الجديدة تناسى هؤلاء الزعماء ما قالوه بأن " قضيتنا لا يحلها اى من الذين ودعونا في الخرطوم واستقبلونا في القاهرة".
.... تساءلت ضمن عدد من الشباب الحر، لماذا يتنكر الرجال لما قالوه بالأمس؟ ما هو السر في هذه التحولات التي طرأت على الزعماء ولا يدري الشعب كنهها.
نظرية سياسية
وبمجهودي المتواضع وحسب حدودي الفكرية اتضح لي أن هؤلاء الزعماء لا يحملون بين ضلوعهم نظرية سياسية لمحاربة الاستعمار وإنهم ما أن دخلوا غمار مجتمع متقدم
معقد كمصر حتى صرعتهم النظريات المتضاربة فأصبحوا يتقلبون كما تشاء مصالحهم، عرفتُ أن الاستعمار له نظريته السياسية التي يحارب بها الشعوب الضعيفة وان
هذه النظرية نشأت على تطور الرأسمالية الأوربية خلال القرن الخامس عشر. وإذا كان لشعبنا المغلوب على أمره أن يتحرر فلابد أن يسير على هدى نظرية توحد صفوفه
وتصرع الاستعمار - على هدى نظرية تسلط أضوائها على كل زعيم أو متزعم ولا تترك له الفرصة لجني ثمار جهاد الشعب لنفسه - على هدى نظرية سياسية تخلص
الشعب من الجهل والكسل الذهني الذي يتركه كقطع الشطرنج تحركه أيادي الزعماء أينما شاءت.
لقد هداني هذا الجهد المتواضع إلى النظرية الماركسية - تلك النظرية السياسية التي نشأت خلال تطور العلم والتي تقوم على أساس اعتبار السياسة والنضال من اجل الأهداف
السياسية علما يخضع للتحليل. ولأول مرة عرفتُ أن الاستعمار ليس شيئا أبديا وإنما هو تطور اقتصادي للرأسمالية الأوربية وانه كبقية الأنظمة خاضع للتطور أي انه سينتهي
ويحل محله نظام جديد. وهكذا عرفت أن جميع الزعامات السياسية التي لم تهتد إلى هذا التحليل العلمي للاستعمار واكتفت بإثارة العواطف ضد "الأجانب" لم تصل إلى
أهدافها ولم يجن الشعب المؤيد لها ما كان يصبو إليه، أسماء كثيرة تحضرني - سعد زغلول وغاندي ومصطفى كمال أتاتورك وغيرهم. واقتنعتُ بأن زعمائنا يسيرون
في نفس الطريق وإننا لن نجني من ورائهم أكثر مما جنت الشعوب الأخرى التي سارت وراء تلك الأسماء.
تناسق الماركسية
وكشخص وضعته ظروف الحياة لا كزارع أو صاحب أملاك - بل كمتعلم نال من بعض التعليم المدرسي، كان لابد لي كغيري أن أقوم بجهد لأنال شيئا
من الثقافة ينفعني في تطوير فكري وتوسيعه. ولم أكن أهدف إلى أي ثقافة ولكن الثقافة التي تعطي تفكيرا غير مضطرب أو متناقض للظواهر الطبيعية والاجتماعية...
إن النظرية الماركسية تمتاز بالتناسق ولأول مرة تضع قيماً عالية للأدب والتاريخ والفن والفلسفة مما كنا نعتقد أيام الدراسة إنها بطبيعتها لا يمكن أن تكون لها قيم
أو تستعملها قواعد وإلا فقدت طبيعتها. إني كفرد يحاول تثقيف نفسه وجدت في النظرية الماركسية خير ثقافة وأنقى فكرة.
إن تجربتي البسيطة توضح أنني لم اتخذ الثقافة الماركسية لأنني كنت باحثا في الأديان، ولكن لأنني كنت وما زلت أتمنى لبلادي التحرر من النفوذ الأجنبي -
أتمنى وأسعى لاستقلال بلادي وإنهاء الظروف التي فرضت علينا منذ عام 1898، أتمنى واسعي لإسعاد مواطني حتى تصبح الحياة في السودان جديرة بأن تحيا -
ولأنني أسعى لثقافة نقية غير مضطربة تمتع العقل وتقدم البشرية إلى الأمام في مدارج الحضارة والمدنية.
الشيوعية والإسلام
هل صحيح إن الفكرة السياسية الشيوعية في السودان تدعو لإسقاط الدين الإسلامي؟ كلا أن هذا مجرد كذب سخيف. إن فكرتي التي أؤمن بها تدعو إلى توحيد صفوف السودانيين
... ضد عدو واحد هو الاستعمار الأجنبي وبهدف واحد هو استقلال السودان وقيام حكم يسعد الشعب ويحقق أمانيه، وان القوى التي تقف حائلا دون إسعاد وحرية السوداني المسلم أو المسيحي
... لا يمكن أن تكون الإسلام لأننا لم نسمع أو نقرأ في التاريخ إن الجيش الذي غزا بلادنا عام 1898 هو القرآن أو السنة ولم نسمع أو نقرأ في بوم من الأيام إن المؤسسات الاحتكارية البريطانية
التي تفقر شعبنا جاءت على أساس الدين الإسلامي أو المسيحي. إن الفكر الشيوعي ليس أمامه من عدو حقيقي في البلاد سوى الاستعمار الأجنبي ومن يلفون حوله، فأين هذا الهدف من محاربة الدين الإسلامي؟
إن الفكرة الشيوعية تدعو في نهايتها إلى الاشتراكية حيث يمحي استغلال الإنسان لأخيه الإنسان. أين هذا الهدف من محاربة الدين الإسلامي؟
إن الفكرة الشيوعية تدعو إلى إخضاع العلم والمعرفة لحاجيات البشرية من بحوث علمية وطبية وأدبية وتشذيب الإنسان من الخوف والحاجة بإنهاء الظروف الاقتصادية
والفكرية التي تنشر الخوف من المستقبل وتدفع الإنسان تحت ضغط الحاجة إلى درك لا يليق بالبشر من سرقة ودعارة واحتيال وكذب. أين هذا الهدف من محاربة الدين الإسلامي؟
بقي أن أقول للدوائر التي أصدرت هذا المنشور: إن الرجل الشريف يصارع الفكرة السياسية بالفكرة السياسية ويعارض فكرة معينة بالحجة والمنطق
. إن محاولة تزييف أفكار أعدائكم - أو من تتوهمون إنهم أعداؤكم - بهذه الطريقة الصغيرة لا تليق، فوق أنها عيب فاضح.
أما أساليب الدس فهي من شيم الصغار جداً حتى ولو كبرت أجسامهم وتوهموا في أنفسهم علو المقام.



منقول

Post: #29
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: Hamid Elsawi
Date: 08-16-2020, 06:15 AM
Parent: #28

شكلت هذه الرسالة محطة مهمة و مدخل لكثير من البحث و نحن ننتقل الي المرحلة الثانوية
أعجبنا اسلوبها الراقي و لغتها الرفيعة و تماسكها اللغوي و فكرتها الجريئة ... و تحسرنا علي رحيل هذا المفكر و لكن مايو بصلفها و عنجهيتها
لم توفر بيئة صالحة للمعرفة و كان هذا تحدي كبير ... و استطعنا أن نحصل علي ديوان الاطفال و العساكر ل محجوب شريف
قرأنا غني يا خرطوم و غني
شدي أوتار المغني ...
ضوي من جبهة شهيدك
امسياتك و إطمئني
فإطمئنت قلوبنا و عرفنا ان افكار عبد الخالق لن تموت
و هناك من يحمل الراية ....
أبيات الشاعر صلاح عبد الصبور
حسبوه سيساوم عندما يدنو المصير
وجدوا حراً يقاوم و هو في النزع الأخير
كان لها وقع خاص في نفوسنا ...
و حفظنا كثير من الأشعار الثورية لكثير من الشعراء
فطرق بعضنا باب الحزب .... بعد أن اكمل 18 عام
و اكتفي البعض بالجبهة الديمقراطية و اتحاد الشباب السوداني (و شخصي كان منهم في ذلك الوقت)
و اختار البعض البعد عن طريق السياسة و كانوا يسخرون مننا
و ان ما نفعلة مضيعة وقت ...
شكرأ محمد لإتاحة هذه المساحة للحديث و نبش الماضي الذي نفتخر بإيجابياته
و نأخذ الدروس و العبر من سابياته ... و نشكر كل من يقدم النقد لان حلول مشاكل
البلد بيد الجميع و ليست بيد حزب و كيان واحد ...

Post: #30
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 08-17-2020, 06:11 AM
Parent: #29

تحياتي استاذ الصاوي
بداية موفقة ...متابعين
و ننتظر المزيد
بالنسبة لي سأحاول دون أن يكون هناك أي تأثير على سردك أو سرد الآخرين بأن لتزم بخط عام اوضح في الظروف التي اكتنفت المسيرة داخليا و خارجياً...

فذلك يضيف بعدا مهما على مسيرة الحزب و اداؤه...

ورجاء لكل من يرى أن هناك وجهة نظر مخالفة او اضافة ان يتكرم بتقديمها..

واصل استاذ الصاوي

بالنسبة لي عندي شغلة بسيطة و سأعود

Post: #31
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 08-17-2020, 06:37 AM
Parent: #30

فيما يلي فقرة مهمة عن الفلسفة الماركسية رأيت أنها قد تكون مفيدة لإلقاء المزيد من الضوء على الفكر الماركسي

الفلسفة الماركسية

يقودنا هذا إلى السؤال المركزي للفلسفة الماركسية. لا نجد في كتابات ماركس وإنجلز نظاما فلسفيا مثل ذلك الذي نجده عند هيغل، بل سلسلة من الأفكار والمؤشرات العميقة،

والتي من شأنها، إذا ما تم تطويرها، أن تقدم إضافة قيمة لترسانة المنهجية العلمية. لكن للأسف، لم يتم أبدا الاضطلاع بمثل هذا العمل بشكل جدي.

هناك صعوبة تواجه كل من يرغب في دراسة المادية الجدلية بشكل دقيق. فعلى الرغم من الأهمية الكبيرة لهذا الموضوع، ليس هناك ولو كتاب واحد لماركس وإنجلز يتعامل مع هذه

المسألة بطريقة شاملة. ومع ذلك فإن الأسلوب الجدلي موجود بشكل ملموس في جميع كتابات ماركس. وربما كان أفضل مثال على تطبيق الجدل في حقل معين (الاقتصاد السياسي

في هذه الحالة) هو المجلدات الثلاثة من كتاب رأس المال.

كان ماركس قد خطط طويلا لتأليف كتاب عن المادية الجدلية، لكن اتضح أن ذلك مستحيل بسبب اشتغاله على كتاب رأس المال. وبالإضافة إلى هذه المهمة الضخمة، أنتج

ماركس العديد من الكتابات السياسية وكان منخرطا باستمرار في المشاركة الفعالة في الحركة العمالية..


(مقتطف من الموقع العربي للتيار الماركسي)



Post: #32
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: عبدالوهاب احمد صالح
Date: 08-17-2020, 08:03 AM
Parent: #31

سلامات للجميع
بوست مفيد يشبه الظرف التاريخي الذي تمر بها البلد كمساعدة في رفع الوعي ونشر قيم الحوار والراي والراي الاخر. نحتاج كثيرا لمثل هذه الحوارات مقابل التهريج وسيادة الفكر الاحادي ونحن نبني في دولة الديمقراطيه والتعدد والتنوع.

Post: #33
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 08-18-2020, 05:46 AM
Parent: #32


الأخ عبدالوهاب أحمد صالح

شكرا للمتابعة والمداخلة و الإشادة


Quote: سلامات للجميع

بوست مفيد يشبه الظرف التاريخي الذي تمر بها البلد كمساعدة في رفع الوعي ونشر قيم الحوار والراي والراي الاخر. نحتاج كثيرا لمثل هذه الحوارات

مقابل التهريج وسيادة الفكر الاحادي ونحن نبني في دولة الديمقراطيه والتعدد والتنوع.


لك الود و الاحترام

Post: #34
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 08-18-2020, 12:52 PM
Parent: #33


قبل أن نستمر في الموضوع قرأت مقال يعبّر إلى حد بعيد إلى واقع نصادفه أحيانا..وهو ليس بعيد من نظرية المؤامرة و يحمل شيئاً من

ملامح (المكارثية) الشهيرة و هو الاتهام بالشيوعية فيما يشبه التنمر او التهديد الخفي...

وهو ما قد اشرت إليه في أول البوست، حينما أتهمني قريبي بأنني شيوعي..

المقال للكاتب الساخر الفاتح جبرا...بعنوان(لياقة سلسيون)

Post: #35
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 08-18-2020, 12:58 PM
Parent: #34

لياقة سلسيون !

18 أغسطس، 2020


الفاتح جبرة

عندما فكر العبدلله في كتابة هذا المقال تذكر أحد رفقاء الطفولة من الذين مهما شاخت الذاكرة وعلاها غبار الزمن إلا أنهم ما يزالوا ملتصقين بها ، محفورين على جدرانها ، كان ذلك في المرحلة (الأولية) وأعمارنا لم تتجاوز العشر سنوات بعد ، كنا نطلق عليه (حسن سلسيون) والسلسيون يا سادتي مادة بتروكيمائية شديدة اللزوجة وقد كان صاحبنا لزجاً و(لايوقا) إلى درجة لا تحتمل فعلى الرغم من ضعف بنيته الواضح وهزاله الذي لا تخطئه العين إلا أنه (لو إتشبك فيك) إلا يحلك (الحلا بله) فمهما تكيل له من الضرب ومشتقاته إلا أنه يظل متشبثاً بك (ومعنكل فيك) حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا .
تذكر العبدلله (لياقة) حسن سلسيون وهو يحاول الآن التعايش مع هذه (اللياقة) واللزوجة المفرطة التي دأبت عليها شرذمة من فلول النظام الكيزاني المباد (مدفوعي الأجر) الذين تم تسليطهم علينا معشر الكتاب ، فما أن ينشر لنا مقال على موقع الصحيفة الاليكتروني حتى تأتي تعليقاتهم وهي (تؤكد) بأن العبدلله (شيوعي) ومن عتاة أهل اليسار متبوعة بسيل من النعوت إياها والإتهامات التي درجوا على توزيعها ، وعلى الرغم من نفينا لهذه (الفرية) المتكررة إلا ان القوم كما (حسن سلسيون) يزدادون كل يوم (لياقة) فقد أضحى الأمر بالنسبة لهم برنامجاً فيما يبدو و(هواية) بعد أن زال إلى غير رجعة ملكهم (العضوض) وأصبح سلطانهم أثراً بعد عين ، فما من أحد يتحدث عن سنوات بطشهم وعقود حكمهم البغيض الممتلئ فجوراً وظلماً وفسادا ولصوصية وسرقة حتى (قاموا عليه) وأعملوا فيه فتاوى التكفير وأتهموه بالعلمانية والكفر والإلحاد والزندقة :
– إنتو يا جماعة الخير القال ليكم أنا شيوعي منووو؟
– شفيق ياااا راااجل … كمان عاوز تنكر؟
– يا جماعة القصة ما جابت ليها نكران لأنو أنا (أساسن) ما شيوعي !
– يا زول من كتاباتك دي شيوعي وستين شيوعي !
– يا جماعة أنا ماشي على (السبعين) ، طيب لو شيوعي مش مفروض لي هسه أكون عضو لجنة مركزية؟
– كان بليد وما (إتصعدتا) نعمل ليك شنوووو؟
– طيب خليكم من كده .. حصل قريتو إسمي ده ضمن أي حاجة ليها علاقة بالحزب الشيوعي؟ في زول فيكم شافني في إجتماع وللا ليلة سياسية ، طيب عندكم ليا صورة مع (نقد) وللا (صديق يوسف) وللا زول؟ حصل شوفتوني يوم كاتب مقال في (الميدان)؟
– نشوف ليك شنو؟ نوعك ده بيكون كادر سري !
ألم أقل لكم إن القوم كما (حسن سلسيون) في اللزوجة ؟ (الشاهد) أن العبدلله (شخصياً) لا يضيره أبدا أن يوسمه القوم بالشيوعية التي أصبح القوم يزجون بها كمحاولة لتنفير (البسطاء) من عدوهم اللدود، فالإخوة الشيوعيين قد عرفوا على النطاق الإجتماعي بانهم يتحلون بالكثير من مكارم الأخلاق والفضائل ونظافة اليد واللسان والشجاعة و(الثبات عند المشانق) ولا أظن (بل أجزم) أنه ليس هنالك شيوعياً واحداً (حرامي) أو (لص) أو قبض عليه يمارس الزنا في نهار رمضان أو حتى شعبان !
هذا المقال نكتبه حتى يتوقف هذا (السخف) وهذه اللزوجة التي يبديها هؤلاء القوم و (اللياقة) الغريبة والإصرار (الحامض) المتواصل على (القصة دي) ونضيف لهم (متبرعين من عندنا) بألا يجهدوا أنفسهم في البحث لنا عن حزب ينسبون لنا عضويته إذ لم نتشرف خلال عمرنا الذي لم يتبق منه الإ القليل بالإنضمام إلى أي حزب أو جماعة أو تنظيم (يساري أو يميني) ، تقدمي أو رجعي فحزبنا هو (السودان) ومن (الليلة دي) شوفوا ليكم (لياقة) تانية وكده .. !!
كسرة :
ليهم حق (يهضربو) فقد كانت الضربة موجعة والفطام حاااار ..!
كسرات ثابتة :
• أخبار الخمسة مليون دولار التي قال البشير إنه سلمها لعبدالحي شنوووووو؟
• أخبار القصاص من منفذي مجزرة القيادة شنووووووووووووو؟
• أخبار ملف هيثرو شنوووووووووووووووو؟ (لن تتوقف الكسرة حتى نراهم خلف القضبان).
• أخبار محاكمة قتلة الشهيد الأستاذ أحمد الخير شنووووو؟ (لن تتوقف الكسرة إلا بعد التنفيذ).
الجريدة

Post: #36
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 08-22-2020, 07:30 AM
Parent: #35

نواصل

Post: #37
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: Hamid Elsawi
Date: 08-23-2020, 06:13 AM
Parent: #36

كانت هناك أسئلة كثيرة تدور بذهننا و كان البحث عن إجابة
يتطلب بحث و تحرير العقل من الاستعمار الثقافي و العقلي الذي
فرضته آلة التلقين و ما يسمي محاربة الشيوعية.
كما ذكرت أعداء الفكر المركسي لم يكلفوا نفسهم عناء الاطلاع علي
هذا الفكر حتي ينتقدوه علي دراية و علم.. و كل حديثم ينصب في مقولة
الشيوعيين كفار و ماركس قال الدين أفيون الشعوب ... نفس الجملة يكرروها
ببغاوية و غباء ...
من هذه الأسئلة هل الشيوعية دين؟ و هل يتطلب الدخول للحزب الشيوعي
ترك الدين؟ و لكن وجود شيوعيين مسلمين و شيوعيين مسيحين و يهود
أكد لنا ان الرابط هو ليس دين انما فكر .... و مقارنة الفكر الذي هو قابل
للنقد و الاضافة و التطوير ليس دين. و مقارنته بالدين مقارنة غير منطقية
و ساعدنا في ذلك اننا لم نجد ما يسئ للدين الاسلامي في كل ادبيات الحزب
بل وجدنا دعوة لاحترام الاديان كلها و المعتقدات الروحية ...
و الاساءة للدين هي الكذب و النفاق ... و قد أكدت لنا الأيام فعلياً بعد 30 عام
من حكم الأخوان المسلمين حقيقة دعوتهم التي تتحدث عنها دولة المشروع
الاسلامي ... و لا تحتاج لمن يتكلم عنها.

Post: #38
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: Hamid Elsawi
Date: 08-23-2020, 06:14 AM
Parent: #37


محطة أخري وقف بها قطار البحث هي ثورة أكتوبر...
دفعنا الفضول المعرفي للتأمل بها و معرفة تفاصيلها ... و ما كانت تطرحه الحركة السياسية
في تلك الفترة ... لم يكن من الصعب علينا أن نعلم أن فوز الشيوعيين في 11 دائرة من
مجمل 15 دائرة هي دوائر الخريجيين قد أرق منام الملك فيصل في السعودية
و ( CIA) في أمريكا
قبل أن يؤرق منام الاحزاب التقليدية المنافسة للحزب
و وقفنا علي نكبة ذبح الديمقراطية و حل الحزب و طرد نوابة من الجمعية التأسيسية
و ما أدهشنا أكثر هو و بعد قرار المحكمة الدستورية ببطلان حل الحزب عدم
احترام الحكومة لقرار المحكمة و كان ذلك هو الذبح الثاني للديمقراطية.

Post: #39
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: Hamid Elsawi
Date: 08-23-2020, 06:23 AM
Parent: #38

الوفاء دفعنا أيضاً لمعرفة الشهداء فلم يكن القرشي هو الوحيد الذي استشهد فعرفنا
دقين ماجوك , و بابكر حسن عبد الحفيظ و بخيتة المبارك الحفيان و في مستشفي كردفان
فاضت روح محمد عباس التيجاني. و في مستشفي الفاشر استشهد صالح عبدالله أحمد
و من مدني (دردق) استشهد حسن أحمد عبد الله يسن ... ومن امام القصر الجمهوري
عدد منهم النور التنقاري , مصطفي العتباني وغيرهم
و من ساحة الشهداء ميبور شول و لورنس ديمتري.
غير المصابين الذين زرنا بعضهم و استمعنا الي حكاويهم من باب الفضول و الوفاء
و البحث ..... و من هنا اتوجه بالدعوة للباحثين و الطلبة للكثير من التوثيق لتلك السنوات
و خاصة أنه و في كل بقعة من بقاع السودان من عاصر تلك الفترة .

Post: #40
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: Hamid Elsawi
Date: 08-23-2020, 06:40 AM
Parent: #39

كنا نحتفل بثورة أكتوبر سراً و نجمع ما حاول الاعلام المايوي من إخفاءة قسراً عن
عقولنا و عن التاريخ ... من معلومات و مواقف و هناك ذكريات و صعوبات
و مواقف كثيره لا يسع المجال لذكرها.
أما احتفالنا العلني كان هتاف عائد عائد يا أكتوبر
كنا نهتف به في فسحة الفطور حتي أصبح عادة يرددها حتي طلاب الابتدائي و المتوسط
عندما يشاهدون المدارس الثانوية في الشوارع تحيي ذكري اكتوبر
و الذي تحول لمظاهرات طلابية هادرة
ارقت منام مايو و أدت الي اغلاق المدارس مرات كثيرة.
و هنا أتحدث عن جيل و ليس عن نفسي ... عن زملاء و أصدقاء قادهم مسيرتهم
لتنظيمات مختلفة ... لهم التحية جميعاً ...
لي عودة حين ميسرة

Post: #41
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: Hamid Elsawi
Date: 08-23-2020, 07:02 AM
Parent: #40

مرسي صالح سراج كتب شعراً جسده العملاق وردي
في نشيد كان له أثر في تكويننا قبل أن أواصل اترككم في استراحة


Post: #42
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: Hamid Elsawi
Date: 08-23-2020, 07:04 AM
Parent: #41

ثائرٌ إذ هبَّ من غفوتِهِ
ينشدُ العلياءَ في ثورتِهِ
كاندفاع السّيلِ في قوّتِهِ
عجباً مَن لهُ جندٌ على النّصر يُعين
كُلُّنا نفساً ومالاً وبنين

نـحنُ في الشِّدَّةِ بأسٌ يتـجلَّىَ
وعلى الوُدِّ نـضُمُّ الشّملَ أهلا
ليسَ في شِرعتِنا عبدٌ وموْلَىَ
قسَماً سنرُدُّ اليومَ كيدَ الكائدين
وحدةً تَقْوَىَ على مَرِّ السّنين


Post: #43
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 08-25-2020, 07:38 AM
Parent: #42


شكرا الأخ الصاوي على متابعة التوثيق و التأريخ...

كما نعد الأخ عبدالمنعم عثمان بنشر مساهمتك القيمة حول هذا الموضوع..

و نرحب كما هو الدأب دائما بمساهمات كافة الأعضاء..

Post: #44
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 08-25-2020, 07:42 AM
Parent: #43

نشأة و تاريخ الحزب الشيوعي:

كثيرة هي الدعوات لكتابة التاريخ و التوثيق ..فنحن كسودانيين ينقصنا كثيرا الاتجاه للتوثيق لأسباب كثيرة، بعضها ذاتي وبعضها موضوعي..من بينها

الحساسية تجاه النقد لذا كثُر في مجتمعنا المسكوت عنه..الأحزاب العقائدية(الحزب الشيوعي و الاخوان المسلمين بنسخها المتعددة على المستوى المحلي)
هي أكثر الأحزاب والتنظيمات ميلاً للسرية و التخفّي، وذلك بحكم تكوينها وبحكم ما تخشاه من تعقب ومطاردات فإن تنظيماتها و كذا اسرارها التنظيمية

ومداولاتها للسرية تكون دائماً في معزل من العلنية و تظل ضمن سياج منيع من التكتم و السرية.
و الجدير بالذكر حتى مكتباتنا تفتقر للكتابات الفكرية لدى احزابنا العقائدية يمينا و يسارا..وتفغر فاها بشكل بائس منذ عقود لقراءة ما يُكتب في الخارج ..
لذلك تجد أن الكتابات التوثيقية وحتى التي تشير للتحولات الفكرية للحزب خجولة و مبتسرة..
من بين الكتب النادرة التي توثق لنشأة و تطور الحزب الشيوعي،كتاب (من التأسيس إلى التجديد- أضواء على تجربة الحزب الشيوعي السوداني) للباحث

عبدالقادر إسماعيل أحمد. الكتاب صادر من مركز عبد الكريم الثقافي، ومطبوع في شركة مطابع السودان للعملة، تقديم الدكتور عبداللطيف البوني،.
ويصف موقع الحزب الشيوعي الكتاب بما يلي:
(وهذا الكتاب امتداد لتوثيق الباحثين والمفكرين لتجربة الحزب الشيوعي السوداني. حيث شكلت الدعوات المتكررة لمواصلة التوثيق لهذا الحزب، أحد أهم

دوافع الكتابة في هذا الموضوع، ولعل إشارة د: محمد سعيد القدال، إلى أهمية هذا العمل ودعوته للباحثين في مقدمة كتاب معالم في تاريخ الحزب

الشيوعي للمواصلة في التصدي لمهمة التوثيق للحزب الشيوعي السوداني كانت أهمها، وهي دعوة سبقه إليها الأستاذ/عبدالخالق محجوب في تقديمه
لكتاب لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني"، حين قال:
:(من المهم أن تكون لدينا دراسة لتاريخ الحزب، نشأته وتطوره، وما خاض من معارك في الخارج وبين صفوفه، يضاعف هذه الأهمية أن الكثيرين

ينضمون إلى صفوف الحزب وهم يجهلون هذا التاريخ، وهذ يضعف من وعيهم ويعقد بهم دون المساهمة الجادة في تطور الحزب، ولا يؤهلهم من

الناحية الفكرية لحرب التيارات الانتهازية التي يتعرض لها الحزب خلال نضاله).

وعاد ليكرر نفس الدعوة ويشدد على أهمية تسليط الضوء على المعالم الفكرية في تاريخ الحزب. الاستاذ الخاتم عدلان، حين قال: "كثير من الوثائق الحزبية

المهمة التي تعتبر معالم فكرية في تاريخ الحزب الشيوعي السوداني ودلائل على قدرته على التقييم السياسي والفكري وموقعه المستقل نسبيا، لولا اسلوب

الاخراج الذي جعل كثيرا منها في غير متناول يد الجماهير وحصرها في نطاق عضوية الحزب، لكان الأثر الفكري والسياسي أبعد مدى، مما حدث بالفعل".
كما جددت دورة اللجنة المركزية للحزب في ديسمبر1997م نفس الدعوة في المحور الثالث النقطة(ا) من إطار المناقشة العامة حين قالت بضرورة التقويم
الموضوعي الناقد لمحصلة تجربة الحزب الشيوعي السوداني.


Post: #45
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 08-29-2020, 08:25 AM
Parent: #44

و أنا أبحث في قوقل عن أي إشارات لحمودة العركي حلاق الجامعة إذ بي أعثر على خطاب وثائقي ذي قيمة كبيرة كتبه د. عبدالله على ابراهيم..الخطاب يلقي الضوء على بعض محاور الاختلاف التاريخية داخل الحزب الشيوعي .
.كما يتضمن إشارات كنت قد اشرت لها و هي تتعلفق بضعف العمل الاستراتيجي المبني على العمل الفكري والبحثي و الكتابات النقدية حول الايديولوجيا و التطبيق ال(إلا نادراً، في شكل مقالات أو تعليقات في الصحف) و هو الجانب الذي يعاني من الضعف البائن في كل احزابنا مقارنة بالجانب التنظيمي و التعبوي او التكتيكي..و رغم طول الخطاب إلى أنه مفيد كمرجع يمكن الاستشهاد به لاحقاً أو التعليق عليه أو مخالفته إن دعى الأمر..بالتالي فقد وجدت أنه من الأفضل أن أنزله حالياً بالرغم من أنه سيؤثر على خط السير التاريخي للتناول..

Post: #46
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 08-29-2020, 08:26 AM
Parent: #45

د. عبد الله علي ابراهيم
07-30-2016 02:49
صحيفة الحوش السوداني


رسالة من عبد الله علي إبراهيم إلى المؤتمر السادس للحزب الشيوعي: المثقف والحزب
د. عبد الله علي ابراهيم

صحيفة الحوش السوداني

إلى الزملاء في المؤتمر السادس للحزب الشيوعي السوداني

إلى عموم أهلي من الشقتاب والإزيرقاب وقراباتهم
إلى أبنائي وبناتي واخواني وأخواتي بحي الداخلة بعطبرة وسائر أهل المدينة
إلى كتلة اليسار والدمقراطيين التاريخية
إلى سائر شباب السودان وشباب العمال خاصة

هذه رسالة أبين فيها لماذا خرجت على الحزب الشيوعي في 1978 بعد عضوية فيه منذ 1960 أنفقت منها ثمان سنوات بين الاعتقال التحفظي والمخابئ. وقد ظللت احتفظ بما دفعني لهذا الخروج حرصاً مني على ألا يكون خبراً تذروه الألسن. وبالطبع من وراء خروجي ما قد تتغذى به هذه الألسن. ولكني أردت أن يكون بياني عن هذا الخروج في وقتي المناسب لأؤسس للقضية الجوهرية فيه وهي علاقة الحزب الشيوعي بمن عرض أن يعمل كمثقف في أروقته و"بشاتن حاله" بعدها. وكانت مقاصدي من هذه الوظيفة أصلاً خدمة الطبقة العاملة السودانية، التي ترعرعت في كنفها في مدينة عطبرة، وسائر الكادحين. ومما يجعل رسالتي في شأن الحزب والمثقف ماسة بيومنا قبل أمسنا تفشي آفة الاستهانة بالمثقف في سائر الأحزاب السودانية كما رأينا أخيراً. فساقنا إلى كساد عظيم وبوار غربة المثقف في حركة سياسية اختارها رافعة لاجتهاداته في ترقية الوطن. فأنطفأ نور الأحزاب بأفواهها وأظلمت ظلمات:
وفوانيس البندر البيوقدن ماتن

إنني لسعيد الحظ أن امتد بي العمر إلى اليوم الذي اتفق لي أن آوان مثل هذا البيان عن خروجي عن الحزب الشيوعي قد آن.

(1)
في ليلة من أبريل 1978 انتظرت في جنح الظلام التجاني الطيب، عضو سكرتارية الحزب الشيوعي، في ميدان ما بالديوم الشرقية. وسلمته خطاباً أنهيت به تفرغي بالحزب الشيوعي واستقالتي من عضويته. وكلمته عن محتواه الذي لم تزد عبارته عن بيت المتنبئ:
إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا ألا تفارقهم فالراحلون هم

ولم أزد. واحتواني الظلام منصرفاً إلى مخبأي (وكري) الشيوعي بالحلة الجديدة أرتب لرحلة ليلة الغد لبيت شقيقي زين العابدين الذي أخذ علماً برحيلي عمن لم يقدروا ألا أفارقهم. وناديت من أثق فيه أستأمنه العهدة الحزبية ليسلمها لمندوب الحزب الذي أطلعته بوجودها بطرف المُسْتَأمن. وكانت عبارة عن سرير ومرتبة وملاية، وطاولة كتابة لبنية، وكرسي، وأوراق ما (ليس بينها مطبوعات حزبية لأني احتفظت بها) وثلاجة. وهي الثلاجة التي رأيتها على صفحات الصحف الأولى بعد الضربة (وهي اكتشاف وكر شيوعي في لغة الشيوعيين) التي أدت إلى اعتقال التجاني الطيب في وقت ما من الثمانينات. .
كان قراري بإنهاء تفرغي وعضويتي بالحزب عزيمة صميمة لم تختلج بلجلجة أو أسف. وكنت اتخذتها في بداية اجتماع لمكتب التعليم الحزبي انعقد بمخبأي لتعذر عقده في موضع آخر. وهذه من محرمات عمل تحت الأرض الحزبي. وستتضح قيمة هذه المعلومة في رسالة أخرى. وضم الاجتماع شخصي والتجاني الطيب، مسؤول لمكتب السياسي، وسليمان سيد أحمد. وما بدأنا الاجتماع حتى فوجئت بالتجاني يخطرنا بأن المكتب السياسي قرر حجب كتابنا "مسائل في التعليم الحزبي" (يناير 1978) بعد طباعته. وانتظرت تعليلاً منه فلم يأت بشيء. وانتظرت احتجاجاً من سيد أحمد فلم يزد عن قوله "طيب نمشي للبند البعدو". واقشعرت نفسي. وبدا لي أنني صرت وقتها بين من صاروا غرباء عني فجأة، وتقطعت الحبال بيني وبينهم. ولم أحتج على الحجب لفساد الأمر كله. فقد سهرنا على هذا الكتاب سهراً. بدأناه بإعداد 4 محاضرات (كان نصيبي منه محاضرة "الانقسام وقانون نمو الحزب الشيوعي"). وطبعناها. وألقينا محاضراتها على مدارس حزبية في مدن الخرطوم. ودونا ملاحظات الزملاء، ثم علقنا عليها، ونشرنا الملاحظات والتعليق في الكتاب الذي قررت سكرتارية الحزب مصادرته بغير شفقة. وسبق لي أن عرضت أفكاراً حول وجوب اتباعنا هذا النهج الحواري في تعليمنا الحزب في مقال عنوانه " كيف نفهم ونعالج ظاهرة التباين في التعليم الحزبي" نشرته "الشيوعي" في عدده رقم 140 (يناير 1974). ووجدت بطرفي مقالاً عن تقويم المدرسة التي انعقدت حول الكتب المنهجية لا أذكر إن قدمته ل"الشيوعي" ورفضته أم ماذا. ولكن كنت أمارس وظيفيتي الثقافية وفي ذهني النشر في "الشيوعي" مجلة الحزب النظرية.


(2)
اتفق لي وقتها أن هذا القرار من باب الاعتداء على مثقف أثناء أداء واجبه. فقد تفرغت للحزب في إطار خطة للحزب بجذب مثقفين يعملون كمثقفين بداخله. وجاء بيان هذه الخطة في تقرير المؤتمر الرابع (1967) المعنون "الماركسية وقضايا الثورة السودانية" وفي وثيقة لاحقة هي اعمال اللجنة المركزية لدورة يونيو 1968 وعنوانها "قضايا ما بعد المؤتمر الرابع". ونظر الحزب لمسألة المثقف والحزب من باب اعترافه بالفشل في اجتياز امتحان ثورة أكتوبر التي استدعت منه، لوجوده في الحكم أو في دائرة للمعارضة أوسع مما سبق له، مشروعات مدروسة لتقدم البلاد والثورة. فواجه الحزب ذلك التحدي وهو أسير ما أسماه "نواقص في عمل الحزب". وهي بالاسم 1-تواثق عضويتنا على البرنامج السياسي دون الإيدلوجي. فلقينا نظام 17 نوفمبر كنظام ديكتاتوري نناضل ليعود للثكنات لا كنظام اجتماعي أداته العسكرية. ولم نحفز بذلك مثقفين منا للغوص في مثل ذلك النظام الاجتماعي العسكري لأن "الجو العام (كان) ما يزال محبوساً في إطار الخلاص من الديكتاتورية العسكرية والرغبة في التخلص منها وحسب". 2-تَطَّبع الحزب في عمله المعارض بالمعارضة اليسارية التي تنصرف إلى العمل بالإثارة البحتة وبالتقديرات الذاتية للمعارك اليومية". وهي نواقص ساقت زهرة كادره إلى اليأس. فبقي الحزب حبيس فكرة المعارضة المتطرفة مما حال دونه ودون "أن يرتبط بالحياة في أكثر من أفق وأن يقود بهمة وجراءة النضال الثوري".
وانعكس هذا في شح مخل في أعداد المثقفين الراغبين في خدمة الحزب كمثقفين. وكان جيلهم الأول أعان الحزب في أطواره الباكرة منغمساً "مع الشعب". فهجروا الحزب لأنه لا دور أنتظرهم لتوظيف ملكاتهم لطغيان المعارضة اليسارية وغيبة الوعي الطبقي بالنظام الذي أردنا اسقاطه.
وأحصت الخطة الجبهات التي كانت استدعت حضور المثقف في الحزب ومساهمته وهي: 1-قيام مركز عالمي للتطرف اليساري تجسدت في الماوية (ماوتسي تونغ) بجاذبيتها للبرجوازية الصغيرة في تبسيطها لمعارج النضال 2-انتهاج الإخوان المسلمين وأضرابهم فرض تربية مدرسية لقطع طريق التقدم بالدين. مما استوجب أن يدخل الحزب بين الطلاب "لا بصفته داعية للنضال السياسي بل كقوة فكرية تتصدى لهذا الخطر وتواجهه بخط يضع الدين في مكانه من حركة الشعوب."
وبصورة عامة كانت مستجدات شتى حلت بالحقل الثقافي. فتدفق الكِتَاب كما لم يحدث ذي قبل. وتناول بعضه الماركسية نقضاً بالطعن والتشويه. وجاءت في الأثناء الفكرة الوجودية بحمولتها من الإنسانية الأوربية الممزقة. ومع خبراتنا في التصدي لمفاهيم للخصم الفكري كما فعلنا مع الليبرالية الإنجليزية، التي اكتنفت جيل المثقفين الباكر، إلا أن الوضع غير الوضع. كما دخل الكتاب العربي بصورة واسعة بفضل ارتباطنا بالثورة العربية. وجاء في وقت كنا نرزح تحت ديكتاتورية عبود. وقد أحسنا صنعاً بأننا لم نلاق هذا الكتاب بالعداء. فقد رأينا أنه، بدعوته للاشتراكية، سيقرب قطاعات من شعبنا قد يصعب وصولنا بأنفسنا إليها بهذا المثال. كما أنه لم يرتج علينا بدخوله لأننا حزب مالك لزمام نفسه قديم وموطد بين شعبه. ولكن لا ينبغي أن يحجبنا هذا عن شغل دقيق للتمايز الفكري عن الاشتراكية العربية حتى لا ينشأ حائط بين الماركسية وجماهير شعبنا. فلا سبيل للحزب أن يربع يديه معزياً نفسه أن هذه الأفكار لن تصل جمهرته العمالية والكادحين. فهي أفكار تستهوي البرجوازية الصغيرة في ظروف النكسة السياسية في البلاد وستتسرب منها إلى الجماهير الشعبية. وخلص إلى أن:
"ما أصبح من الممكن اخذ الماركسية كمسلمات لقيادة النضال العملي بل أصبح هناك ميدان واسع للنضال الفكري في كل الجبهات الثقافية والعملية والفن والمسرح وهكذا. ومن المهم أن تتولى الماركسية عن طريق كادرها قيادة هذه الميادين وهزم الاتجاهات المختلفة الاخرى وتنمية مستوى العمل الثوري بين هذا الميدان".

(3)
في 1970 تقدمت بطلب للتفرغ للحزب. كنت أريد أن أعزز خطة أستاذنا عبد الخالق في الصراع الحزبي الذي تفجر حول الموقف من انقلاب مايو 1969. وهو تعزيز بمثابة رد للجميل. فكانت أعوام ما بعد نكسة ثورة أكتوبر 1964 سنوات شقاء كبير لنا شباب الشيوعيين. فبدأ التلاوم والبحث عن كباش فداء من فرط الإحباط. وبدأ رمي الحزب بالسهام تعويضاً وتنفيساً. ولم أقصر أنا. يقصر الملح. وكان عام 1968 أكثرها كآبة لأنه موسم النيل من أستاذنا من باب زواجه. وكنت أحمل له لواعجي عن الخيبة. وكان ودوداً صبوراً حمولاً ماهلاً. وجاء يوم في آخر 1968 قال لي: "هذه جريدة "أخبار الأسبوع" تحت تصرفكم تحررونها كيف شئتم. لا تتركوا حجراً في استراتيجية الحزب على حجر. فلفلوها. فالسقف هو السماء كما يقولون" واشترط علينا شيئاً واحداً هو التقيد بتكتيكات الحزب المعتمدة وكانت هي العمل الجماهيري الصبور ومراكمة المعارضة للنظام القائم على سنة البرلمانية. وبالطبع كان يعرف أن هناك من الشيوعيين من بَيّت الانقلاب. وتوليت المهمة كرئيس تحرير للجريدة من الباطن. وجمعت حولي جماعة من شباب اليساريين. وتلك ورطة جعلتني لا أملك حق التسخط المجاني والنقد من على البر. وساقني ذلك تدريجاً للتفرغ بعد انقلاب 25 مايو وبخاصة وقد رأيت رفاقي يخلعون بردة البستهم جمهرة الكادحين لأخرى في نعيم البرجوازية الصغيرة المنتصرة.
سيظل ما قاله أستاذنا عن خطابي للتفرغ في رواية صدقي كبلو في كتابه عن سنوات الاعتقال في كوبر وشاحاً على صدري. ولكنه التقى بي ليحاضرني عن وظيفتي الجديدة بغير رحمة. ف"دَلَّى" لي خطة الحزب عن المثقف في الحزب كما وصفتها أعلاه بحذافيرها. وحذرني، موظفاً ذراعه القصيرة النشطة، ألا انصرف عن الكتابة في الشأن النظري للحزب إلى مشاغل أخرى على المنابر أو العمل السياسي المباشر. وقال لي بالحرف الواحد: "لا نريدك في LIMELIGHT ". بالإنجليزية. وهي "دائرة الضوء" الذي هو حظ الكادر السياسي والمنبري. ووجهني مباشرة لتولي إدارة دار الفكر الاشتراكي ومكاتبها جنوب البنك الصناعي بالخرطوم. وفعلت علاوة على عملي المستتب في مكتب التعليم الحزبي وصحيفة اخبار الأسبوع والمبدعين.

(4)
كثيراً ما قلت بإيجاز لمن سألوني لماذا ترحلت عن الحزب الشيوعي إنهم لم يحترموا التعاقد بيني وبينهم كما وقع عليه أستاذنا. وبدأ خرق هذا التعاقد قبيل يوليو 1971. فقد فوجئت في اجتماع لكادر الشباب قبيل المؤتمر الثالث لاتحاد الشباب بمحمد إبراهيم نقد يرشحني لسكرتارية الاتحاد. وبدا لي الخرق عياناً. وقبلت على مضض. ولكن وضح لي منذها أن نقد لم يطلع (أو يلتزم) بخطة الحزب حول المثقف يعمل في الحزب كمثقف. ولكني تمسكت بالعقد. لم تراودني ولا خاطرة الترقي في قيادة الحزب التي لم أتجاوز فيها عضوية مكاتب مركزية للتعليم والصحافة والمبدعين. وأنشأت سلسلة "كاتب الشونة" تطبع من جهاز الحزب. فصدر منها مطبوعان. علاوة على الكتابة الراتبة في جريدة الميدان السرية والشيوعي. بل والنشر في الصحف السيارة باسم "على إبراهيم" مما نشرته في كتابي "أنس الكتب".
لم تكن حادثة مصادرة "مسائل في التعليم الحزبي" هي الأولى في التعرض لمثقف حزبي أثناء تأدية واجبه. فقد رفض نقد، رئيس تحرير الشيوعي، نشر تلخيصي لوثيقة اللجنة المركزية "قضايا ما بعد المؤتمر الرابع" بدون إبداء للأسباب. وهي الوثيقة التي نسخت كثيراً مما ورد في تقرير المؤتمر الرابع "الماركسية وقضايا الثورة السودانية" (1967). وعز وجودها وسط الحزب فأردت تعميم المعرفة بها. وأكثر أزمات الحزب في الممارسة والفكر لعقود وإلى يومنا مما يعزي لغياب معارف هذه الوثيقة الغراء من وعي الشيوعيين.
ولكن كانت مصادرة "مسائل في التعليم الحزبي " فوق ما احتمل. وانتفض الكاتب فيّ على الحزب. ولم تكن هذه المرة الأولى. فقد ثرت في 1965 لحجب الميدان مقالات نقدية لي منصفة لصلاح أحمد إبراهيم وديوانه "غضبة الهبباي". فلم يمنعني من انصافه أنه وصف حبيبنا وأستاذنا عبد الخالق ب"أنانسي" وهو "أبو الحصين "الماكر في قصص شعب الأشانتي الأفريقي، أو الهزء بعمر مصطفي المكي، رئيس تحرير الميدان، بقوله إن انتهازيته متمكنة منه تمكن شلوخه الغراء به. واستنكرت شغب صلاح ولكن عالجت شعره بمهنية حتى أخرس الهجمة السياسية الشيوعية الرعناء التي طالته بسبب الديوان. وعرضت المسألة على أستاذنا وعالجها بحكمة كتبت عنها في مواضع أخرى كثيرة.
كنت الضحية الأولى لانقلاب الحزب بواسطة كادره السياسي والتنظيمي على تعاقده مع الكادر الثقافي الذي تقرر أن يعمل كمثقف في رحابه. وهذه ردة عظمي أطفأت فانوساً أراد الحزب ايقاده ليتخطى به عموميات الماركسية، التي اقتحم بها الساحة الوطنية في آخر الخمسينات، إلى ما طمع فيه من تغلل للماركسية عميقاً في التركيب الاجتماعي لمجتمعنا وتنمية مستوى العمل الثوري لتغييرها. وظللت أتتبع مصائر جماعة من هذا الكادر ممن تركتهم خلفي أو جاؤوا بعدي. ووجدت خرق الحزب لتعاقده مع الكادر المثقف يتسع ويغلب الراتق. فتجده لا يزجهم زجاً في متاعبه السياسة والتنظيمية الملحة فحسب بل ينقلب عليهم في توقيت خاص به لتذكيرهم بأصل مهمتهم التي خلعهم منها هو ذاته. وما هجروا المهمة إلا بتشجيع منه، أو إغضاء. ولم يجد هذا الكادر الشجاعة في نفسه ليرفض أداء هذا الشغل الذي ليس في وصفه الوظيفي كما تقدم. بل لربما سرهم حين وضعهم في limelight (دائرة الضوء) بعيداً عن شغل المثقف العصيب.

5

اتبع الحزب فيمن جاؤوا بعدي من المثقفين خطة شقية. فهو يسخرهم في مسؤوليات لم ترد في وصفهم الوظيفي ثم ينقلب عليهم في توقيته الخاص ليسخر منهم لاستغراقهم في نشاط سياسي أو تنظيمي لم يخلقوا له، ويردهم إلى المسؤولية الثقافية صاغرين.
وتجد هذا التسخير والسخرة في تجلياته العظمي في بيان السكرتارية المركزية عن خروج الخاتم عدلان والحاج وراق في إبريل 1996. وكانت نشرته جريدة السودان الحديث في 19 يونيو 1996. فوصف الحزب الملابسات التنظيمية التي حفت بخروج وراق. ورجع التقرير بها إلى نهاية 1994 ليعرض تغييرات تنظيمية (دورة اللجنة المركزية في فبراير 1995) انتهت باستبعاد وراق من وظائف سياسية عليا في الحزب هي عضوية سكرتارية الحزب المركزية المؤقتة وقيادة منطقة أم درمان. فقرر الحزب في تلك الدورة إنهاء عمله في السكرتارية المؤقتة للحزب، وإنهاء مهمته في قيادة مديرية الخرطوم الحزبية التي قال وراق نفسه إنه شغلها لعامين مع أن التكليف الأساسي له، بعد ضربة موقع للحزب وكادر بحي اللاماب بحر أبيض، أن يبقي فيها لمدة ستة أشهر.
وأتجه قرار تلك الدورة إلى بعث دور اللجنة المركزية التي تهمشت نتيجة عمل تلك السكرتارية. وتم هذا التغيير على ضوء نقد للخطأ الذي وقع فيه الحزب بتصعيد كادر لتلك السكرتارية من خارج اللجنة المركزية. وكان ذلك التصعيد تم بقرار من قيادة الحزب في ملابسات شفقة تضعضع فيها العمل القيادي نتيجة ظروف الإرهاب والسرية المطبقة، وتواتر اعتقالات الكادر الأساسي. ومهما يكن، في رأي دورة فبراير 1995، فلا يصح معالجة ذلك الضعف "بتخطي المبادئ والقواعد التنظيمية سواء في تقييم الكادر المصعد لتولي مسؤولية أو تخطي الهيئات التي من حقها أن توافق أو ترفض حيثيات التصعيد".
ثم تأتي السخرية بعد السخرة. فلم يتم إنزال وراق من السكرتارية بعد الشرح الضاف الحزبي الوصائي المعروف للحيثيات فحسب، بل طمأنته بأن فرصه في التصعيد للمواقع القيادية مفتوحة ولكن "وفق أسس وضوابط مبدئية وتنظيمية". وطلبوا منه بعد خلعه من قيادة المديرية التي احتلها مؤقتاً للضرورة أن يعود "للمهام التي تفرغ من أجلها وهي مهام الجبهة الثقافية". ومن جهة أخرى طلب مركز الحزب من مديرية الخرطوم "الإسراع بإنهاء مسؤولية أبو ذر (وراق) في قيادتها التي صعد لها بعد ضربة اللاماب. وكان محدداً لمهمته في قيادة المديرية فترة ست أشهر كيما يعود للمهام التي تفرغ من أجلها وهي مهام الجبهة الثقافية."
وياعجبا! فأنظر لقيادة تفلق وتداوي. فزعم الحزب أن قرارته بحق وراق حكيمة بالنظر إلى خبرته مع الكادر الثقافي. فالحزب، الذي لم يحسن إلى الكادر الثقافي ويسخره كما رأينا، يتصنع الرأفة به وله خبرة معهم يظنها حسناء وهي عوراء. فزعم أن "تجارب العمل السري الطويلة أثبتت خطأ إقحام كادر الثقافة في مهام العمل السري التنظيمي والإداري الذي يتميز بالتعقيد والارهاق". ثم أنظر تصعير خد الكادر السياسي والتنظيمي للكادر الثقافي. فهم رجال المهام العسيرة والصبر على المكاره، والمصابرة. أما الثقافي فيجرح النسيم خدوده. وقد جربت هذا الكادر تحت الأرض ولم أجد فيهم بسالة لم أجدها في نفسي "المثقفة"، إن لم أفقهم فيها. وتلك قصة نعود لها في يوم آخر.
واستغربت دائماً لهذا الحديث الحزبي من عل يستمتع قائله بسخف نفسي ذي ضغط عال. قال الحزب أنهم بعثوا بقيادي من سكرتارية الحزب لوراق لإجراء مناقشة "مستفيضة حول القضايا والمهام التي تواجه الحزب، وضرورة تحديد الأسبقيات في العمل القيادي ومنهج النفس الطويل وعدم تعجل النتائج في معالجة القصور في العمل القيادي. كل ذلك تمهيداً لأن يمارس (وراق) مسؤوليته في جبهة الثقافة وإعادة تنظيم هذه الجبهة التي اندثرت تماماً في حياة الحزب. وكان أول سؤال وجه إليه (وراق) في المقابلة الأولى عن مدى استعداده لمواصلة الاختفاء ومشاقه (التشديد مني)، وأن الحزب يسعى بصبر لتخفيف أعباء الاختفاء وتقليل عدد المختفين وعودة بعضهم للحياة العادية دون متاعب أو خسائر، وأن جبهة الثقافة لا تستدعي الاختفاء. كما سئل وراق عن وضعه الأسري ومشاكل حياته واحتياجاته. وتجربة الحزب في حل مشاكل ضغط الأسر على المختفين والمعتقلين وتفادي تصدع العلاقات الأسرية، وأن الحزب يسعى لتجنب سلبيات الاحتفاء الطويل كما حدث في عهد مايو، وأن مهامه في جبهة الثقافة تقتضي أن توفر له فرصة للسفر للخارج في حالة انفراج سياسي ليجدد أفكاره ويزداد تأهيلاً الخ. وكان الاهتمام بتلك التفاصيل ضرورياً من ناحية عامة بحكم التجربة التي اكتسبها الحزب كيلا تتكرر سلبيات وخسائر نتجت عن الأثر السلبي للاختفاء على كادر المثقفين وجبهة الثقافة حتى تساقط أغلبه. ومن ناحية خاصة كان الاهتمام بتلك التفاصيل ضرورياً مع وراق بالذات تقديراً لتحمله مشاق الاختفاء وتعرضه لتجربته التي ما كان يجب أن يتعرض لها ولا تستدعيها مهام جبهة الثقافة. وكان لابد من تلك التفاصيل." والتقى القيادي بوراق مرتين لاستكمال توطينه في جبهة العمل الثقافي. ولم يتم اللقاء الثالث لأن وراق طلب إنهاء تفرغه.
ولا طائل للتعليق على هذه الذكورية الشبقة للكادر السياسي يباهي بها الكادر الثقافي
الذي "يجرح النسيم خدوده". وأنظر إلى مطلقاتهم مثل قولهم إن العمل الثقافي لا يستدعي الاختفاء كأن عين الأمن على الكادر السياسي بينما لا خطر من الكادر الثقافي. بل تجدهم يشيدون بأنفسهم كحماليّ ثقيلة بينما تساقطهم خلال المهمة مشهود ومعروف.
6
لم يرد في خطاب الحزب الشيوعي حول خروج الخاتم ووراق تعييناً لصفة الخاتم في الحزب كما تم بخصوص وراق الذي قالوا عنه أنه كادر ثقافي ضل طريقة إلى القيادة السياسية. فأعادوه سكته الأولى. وبدا الخاتم في الخطاب ككادر سياسي "يراوغ ويخادع" ليستولي على قيادة الحزب ويفرض وجهة نظره، أو يؤسس لحزب جديد مع وراق. وبدا من مكتوب للسر بابو أن الخاتم تصعد بالخطأ إلى السكرتارية المؤقتة التي رأيناها تنشأ لتملأ فراغ الاعتقالات التي طالت أعضاء السكرتارية الأصل. ووصف بابو التصعيد بأنه تم "بطريقة فردية" منافية لأصول العمل الحزبي". وزاد الطين بلة أن المصعدين، الخاتم ووراق، ليسوا أعضاء في اللجنة المركزية التي تأتي السكرتارية من ضمن عضويتها. وشمل الخاتم التنزيل من السكرتارية كما شمل وراق.
بدا لي دائماً أن الخاتم ضل طريقه للخدمة السياسية في الحزب على أنه من ضمن وقع نظر الحزب عليهم للخدمة الثقافية، وفي أخطر جبهاتها قاطبة: الفلسفة. فلم يصدر عنه كتاب منير خلال سني خدمته التي قاربت ربع القرن قضى أغلبها في خلوة المخابئ. فأشهر ما كتب كانت خطبة وداعه للحزب والماركسية المسماة "آن أوان التغيير" (1994). ثم صدر له كتاب بعد وفاته عنوانه "ما المنفي؟ وما هو الوطن؟" (2006) أبرز ما فيه مقابلات صحفية مع عدد من الصحف السودانية. وبلغ شح مكتوبات الخاتم درجة اعترف بها من قدّم كتابه نفسه: " لم يجد الخاتم وقتاً ليؤلف وينشر، ويرى اسمه مطبوعاً على أغلفة الكتب. بيد أنه في سنوات نضاله الطويل ترك تراثاً كبيراً منثوراً على نطاق واسع، يحتاج إلى بحث، وتجميع، وهذا ما عقدنا العزم عليه". ولم يصدر شيء منه بعد عقد من الزمان بوعد مقدمه، الباقر العفيف، الذي وصفه ذات يوم بأنه مفكر في مقام كارل ماركس.
وهذه جناية كبيرة من الحزب بحق مشروع مثقف قرأنا له في سنواته بجامعة الخرطوم جدله الراقي مع الفكرة الجمهورية. وهي الجناية التي وصمت تربية الحزب لكادره الثقافي الذي جاء ليعمل كمثقف فمسخوه. وهي جناية هذا الكادر على الحزب لأنه لم يتمسك بالعروة الوثقى من وصفه الوظيفي في التعاقد معه. ولا داع بالطبع للقول بأن جنايتهم على أنفسهم أفحش. فيوصف في عرف المهنة بالإلحاد من لا ينشر بينما لا يقوم عمله بغير الكتابة.
ولا يتضح استسلام الكادر المثقف لكفيله الكادر لسياسي مثل سوء نقل الخاتم عن أستاذنا عبد الخالق في "قضايا ما بعد المؤتمر" بشأن دور المثقف كمثقف في الحزب. فكان الحزب علق في تقريره أهمية كبرى لجذب المثقفين إلى صفوف الحزب لرفع فعاليته داخله. وقال الخاتم ناظراً إلى "قضايا" إن هذا الجذب سيتم:
"بوضعهم في المكان المناسب داخل الحزب، وفتح المجال لتوليهم المسئوليات القيادية حسب مقدرتهم (التشديد مني)، وعدم إخضاع ذلك للعمر الحزبي، أو سجل التضحيات وبمنع طغيان النشاط السياسي على النشاط الفكري والثقافي بالنسبة لهم. وبالتطبيق السليم للمركزية "الديمقراطية" لضمان الحرية الفكرية، وبحيث تترك آراء وانتقادات لمثقفين أثرها في تطور الحزب واتخاذ قراراته ورسم سياساته. وذلك لأن حركة التثقيف والثقافة لا يمكن أن تنمو في جو تصادر فيه حرية النقد وتصادر فيه حرية التفكير، كما جاء في وثيقة "قضايا ما بعد المؤتمر".
ولم يأت في نص عبد الخالق أياً من اشتراطات الخاتم لترقي الكادر المثقف من مثل "حسب مقدرتهم" و"منع طغيان السياسي على الفكري". فالكادر المثقف سيوجد في الحزب بشروط الثقافة ويترقى بداخله في شروطها أيضاً بغير نظر لمساهمته في الشاغل السياسي المباشر للحزب. وهذه عبارة التقرير الذي كتبه أستاذنا عبد الخالق بنصه:
"الشيء الذي يضع المصاعب أيضا في هذا الاتجاه (جذب المثقف) هو المشاكل التي توضع أمام تنمية وترقي الكادر المثقف في داخل الحزب الشيوعي والحركة الثورية. بمعنى أننا، وقد قررنا في المؤتمر أنه لابد من أن تُدعم قيادة الحزب واجهزته المختلفة بمثقفين يعملون في داخله كمثقفين، لابد أن توجد مقاييس جديدة لترقى هذا النوع من الكادر والا يوضع الاعتراض التقليدي: أن هذا لم يعمل في الحركة الثورية من قبل، وأنه لم ينشط من قبل في النشاط العملي وأنه لم يعمل في الميدان السياسي بتضحيات وهكذا. ولكن حاجة الحركة الثورية وحاجة الكادر السياسي للمثقفين العاملين في هذه الميادين الثورية كمثقفين. نحن نحتاج إليهم. والحزب في نفس الوقت له القدرة ان يمنحهم الصفات الثورية التي لا تأتي بين يوم وليلة بل تأتي بالصراع الأيدولوجي ضد الاتجاهات الفردية وضد روح الاسترخاء في بعض الاحيان وبالصراع العملي".
فبينما يرهن الخاتم ترقية الكادر الثقافي في الحزب ب"حسب مقدرتهم" لا تجد هذا الشرط عند عبد الخالق. كما أنه يتكلم عن وظيفة سياسية وثقافية للمثقف لا تُرَجِح السياسة على الثقافية بينما هو عند عبد الخالق ثقافي بحت والحكم عليه بشغله الثقافي. لقد قبل الخاتم في 1994 بوصاية السياسة وكادرها على المثقف بغير تسويغ من الوثيقة الصادرة في 1968
7
وبلغت دراما (مأساة) السخرة للمثقف والسخرية منه أوجها فيما وقع لفاروق كدودة. وما حزنت مثل ما حزنت لكدودة، وهو من أوائل من بعثهم الحزب للتخصص في الاقتصاد السياسي، الذي انتهى في الشوط الأخير من عمره ناطقاً رسمياً للحزب. وحدث أن اختلف مع الحزب في أخريات 2004 حول تصريح أدلى به لجريدة الرأي العام قال فيه إن الواقع السياسي الجديد (ما بعد بروتكولات نيفاشا) يبرر الدخول في تحالفات جديدة تضم المؤتمر الشعبي. فنشرت الميدان السرية (يونيو 2004) تحت عنوان "تكذيب" كلمة تنصلت فيه عن تصريح ناطقه الرسمي.
ورد كدود في الميدان (سبتمبر 2004) على "تكذيب" جريدة حزبه قائلاً إن المنسوب إليه (الرأي العام 15 يونيو 2004) ليس خبراً يُكذب بل رأياً ينقد ويناقش ويصحح ويصوب. وأضاف أنه، على علم الحزب بهذه القاعدة "اخترتم الكلمة غير اللائقة والأقل ملاءمة لأدب التعامل مع الآخر وخاصة أن هذا الآخر زميل درب. يبقى السؤال: لماذا كلمة "تكذيب". وزاد بأن بيان الحزب عما سيكون بعد نيفاشا نشر في صحف أوسع من الميدان مما لا حاجة له به لتكذيب جريدته الأقل توزيعاً. ومن رأيه أن التكذيب في الميدان كان رسالة لأجهزة الأمن والإعلام والدبلوماسية من أن فاروق "الذي تتعاملون معه ليس محترماً عندنا كما (يبدو) إنما كاذب". وواصل قائلاً إنه "في تاريخ الحركة السياسية السودانية هناك قصص عن اغتيال الشخصية بدوافع كثيرة فهل يا ترى ما قمتم به من نشر بداية لهذه الممارسة الشريرة". ثم طلب "نشر هذا التعليق كما هو دون تعديل أو الامتناع عن نشره وإعلاني بذلك ولكم مني التقدير".
ثم أنظر غضبة الكادر السياسي وإزرائه بالمثقف الحزبي. فجاء رد هيئة تحرير في الميدان (أكتوبر 2004):
"ناسف للحديث الذي ورد في رسالة الزميل فاروق كدودة عن (اغتيال الشخصية) و(الممارسات الشريرة). كما لا نرى وجاهة في احتجاجه على كلمة (تكذيب) التي وردت في عنوان تصحيحها السابق لما ورد في بعض تصريحاته الصحفية. ونأمل أن يتقبل الزميل كدودة الانتقادات الموجهة له من قِبَلها (أي الميدان) تماماً كما تقبل من بصدر رحب النقد الذي وجه له سابقاً من الهيئة الحزبية التي يعمل فيها حول التناقضات في بعض تصريحاته الصحفية مع مواقف الحزب في بعض القضايا. لقد أكد تراكم التجربة أن الحزب أو الحركة الجماهيرية لا يُبنيان عبر التصريحات الصحفية بل من خلال المقالات والدراسات العميقة المثابرة. وعلى وجه العموم فإن أعضاء الحزب وجماهير الشعب السوداني لا يميلون كثيراً للتصريحات المتكاثرة، خاصة عندما تتكرر وتتناقض مع خط الحزب الأساسي فتحدث ارتباكاً. وقد شرح الحزب موقفه من التحالفات التي لن تشمل بحال من الأحوال المؤتمر الشعبي إلا بعد بيان واف عن الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب. ونفى الحزب كذلك معلومة أخرى خاطئة في تصريح آخر لكدودة عن قبول حركتي تحرير السودان والعدل والمساواة في التحالف المعارض. وقال "فهو تصريح مجاف للحقيقة تماماً" فالصحيح أن من قُبل هو حركة تحرير السودان فقط.
وترون أن الحزب رد فاروق بلؤم سفلي إلى مهمته وهي الكتابة والنشر لا النطق رسمياً للحزب. والحق أنك لا تجد لفاروق نتاجاً أكاديمياً من أي مستوى في سوق الكتاب والمعرفة. وعرضوا يوم تأبينه كتابين صغيرين حويا مقابلات صحفية له لا غير. وهذا غير مبرئ للذمة لمن خدم في الجبهة الاقتصادية في الحزب سنوات عمر طويل. وكان أولى بالحزب، لو صدق مع نفسه وخطته لاستقدام المثقفين لساحته واستبقائهم، ألا يكلف فاروق أصلاً بمهمة سياسية لا تقع في دائرة الوصف الوظيفي للمثقف. واختار بدلاً عن هذا الضبط والربط في الاختصاص الحزبي أن يسخره ثم يسخر منه.
خلافاً لمثقفين بالحزب تمسكت بوصفي الوظيفي بينما طأطأوا الرأس للحزب الضال عن مشروعه الثقافي. فهجروا شغل الثقافة الذي هو ل"طويله" كما قال أنطونيني قرامشي وطاروا نحو مراكز الضوء السياسي. وخرجت في توقيتي دفاعاً عن حرية المثقف الذي استدعاه الحزب ليعمل كمثقف. وخرجوا في توقيت اختاره لهم الحزب بعد سخرة وسخرية. وصار الحزب بعدنا كلنا "خالي ذهن"، في قول حمودة العركي حلاق جامعة الخرطوم في الستينات، الذي سارت بحكمته الركبان. والذهن الكسول الخالي هو مرتع أو ورشة الشيطان. والعياذ بالله.

اتلوم الحزب الشيوعي فيّ وفي سائر كادره الثقافي. والفيهو اتعرفت. وقلت لما خرجت منه: أرض الله واسعة. ولم ألوا جهداً خلال نحو الأربعين عاماً منذ ترحل الحزب الشيوعي عني في الحفاظ على سمت المثقف والنهوض بتبعاته ملتزماً جانب الطبقة العاملة وغمار الناس و"غبش" عبد الله رجب صاحب جريدة الصراحة. وقد أعانني نساء ورجال أفذاذ من كل الطيف السياسي والاجتماعي على أداء التزاماتي تجاه وطني وشعبي. يعرفون أنفسهم بالجماعة والاسم. ويعرفون ما أكنه لهم من حب لله ورسوله والوطن. وقد وقف حجرة عثرة في طريقي من الأقربين الأشقياء ما محنني في بعض خلق الله من هم أذى الطريق. لعنهم الله في الدارين.
ولا أريد من رسالتي هذه للحزب الشيوعي سوى استصحاب هذه الخبرة في تعزيز الثقافة والمثقفين. لا أطلب شيئاً ولا نادماً على شيء.

Post: #47
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 09-05-2020, 10:16 AM
Parent: #46

الصراعات و التحالفات داخل الحزب:

جرثومة الخلافات والانشطارات لم تسلم منها كل أحزابنا حتى العقائدية منها ،كما يحفظ لنا التاريخ ذلك. وذلك بالرغم من وجود قيادات تاريخية على رأس تلك

الأحزاب.وهي قيادات ملهمة وكارزمية ظلت جاثمةعلى سدة الحزب عقوداً عددا، و ليس سنيناً عددا.

فهل يا ترى وجود تلك القيادات هي من يسد الطريق أمام التجديد و المراجعات و النقد؟ ذلك يحتاج لبحث منفصل، وسنقصر حديثنا على سيرة الخلافات
والصراعات داخل الحزب الشيوعي.


وقبل استقلال السودان دار وسط الشيوعيين السودانيين صراع فكري حول: هل يظل الحزب الشيوعي مستقلا سياسيا وفكريا وتنظيميا أم يكون جناحا يساريا داخل الأحزاب الاتحادية وكان من نتائج هذا الصراع أن ساد اتجاه الوجود المستقل للحزب، لكنه تسبب في أول انشقاق بالحزب بخروج سكرتيره التنظيمي عوض عبد الرازق الذي دعا إلى تحجيم الخط اليساري
المتعجل، ووصف التحول إلى حزب ماركسي لينيني بأنه "طفولة يسارية
أصبح عوض عبد الرازق سكرتيرا للحزب عام 1948 بعد أن عاد نهائيا من مصر في يونيو من العام نفسه. عوض عبد الرازق ظل عضوا بالحزب وحضر المؤتمر الثاني
في أكتوبر 1951 الذي رفض اطروحاته ومجموعته التي كانت تعارض تكوين حزب شيوعي لضعف وجود الطبقة العاملة في السودان ، ودراسة النظرية أولا ثم
التوجه لبناء الحزب وسط فئات “ المزارعين .الخ” ، وبعد المؤتمر وضع عوض نفسه خارج الحزب بعد أن دبر مع مجموعته انقساما في فبراير 1952م،وكان من
أهم ما أشارت إليه تلك السياسة الرشيدة للحزب السوداني تشكيل الجبهة المعادية للاستعمار، التي خاض الحزب باسمها أول معركة انتخابية في ظل الاستقلال،
وأرسل إلى البرلمان المنتخب أول نائب شيوعي سوداني هو حسن الطاهر زروق أحد قادة الجبهة المشار إليها. كن الاهتمام الأكبر في كل تلك الاجتماعات
والمؤتمرات، وفي تقارير محجوب المقدمة إليها، كان يصب في مسألتين أساسيتين: المسألة الأولى هي المسألة المتصلة بدور الشيوعيين في النضال لاستكمال
تحرر السودان وتعزيز استقلاله، وذلك تحت شعار الثورة الوطنية الديمقراطية، التي كان يريد الحزب أن يقودها الاتحاد الوطني الديمقراطي.
".

وبعد خروج عبد الرازق ومجموعته، وإعلان استقلال السودان 1956م، خرج حزب يجاهر لأول مرة إلى العلن بتوجهه الشيوعي ، وبدأ في تأسيس هيئة للعمال،
وتنظيمات "رابطة الطلبة الشيوعيين" و"مؤتمر الطلبة" و"الجبهة الديمقراطية للطلاب"، و"رابطة النساء الشيوعيات" و"الاتحاد النسائي"، و"اتحاد الشباب"،
واتحادات العمال والمزارعين والموظفين والمعلمين..الخ.
يشير اسماعيل، الذي أصدر كتابا بعنوان "من التأسيس إلى التجديد.. أضواء على تجربة الحزب الشيوعي السوداني"، إلى أن بداية الحزب كانت سرية متأثرة
بالنشاط السري للحركة المصرية للتحرر الوطني؟.
في موقع الشيوعي السورينقرأ ما يلي، مع ملاحظة دقة التحليل و متابعة السيرورات بكل دقة، مع حصافة في رصد ومتابعة التحليل:
(في صيف 1946 ظهر أول تنظيم للعمال وكانت نواته مؤلفة من عمال السكك الحديد في عطبرة، وهو “هيئة شؤون العمال” وكان قادتها من القياديين
اللاحقين للشيوعيين السودانيين مثل (قاسم أمين، الشفيع أحمد الشيخ، إبراهيم زكريا، الجزولي سعيد) لتعترف بها الإدارة البريطانية بعد صراعات وإضرابات
عديدة في عام 1947، إلى أن تم اكتمال ذلك مع إنشاء “الاتحاد العام لنقابات عمال السودان” في المؤتمر التأسيسي (تشرين الثاني عام 1950)، وفي
المؤتمر الأول للاتحاد (كانون الأول عام 1951)، الذي تم فيه انتخاب (محمد السيد سلام) رئيساً له و(الشفيع أحمد الشيخ) سكرتيراً للاتحاد.
نواصل

Post: #48
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 09-07-2020, 07:27 AM
Parent: #47

النقاط التالية فيما يلي منقولة من موقع الحزب الشيوعي السوري: لاحظوا عمق التحليل(والذي ربما يكون أيضا منقول من المقربين للحزب الشيوعي السوداني)..

و لكنه في كل الأحول يتضمن نقطتين جديرتان بالاهتمام ..تتعلق أولاهما بمواصفات قيادات الشيوعي السوداني و اخراهما تتعلق بنجاح تغلغل الحزب الشيوعي داخل
المجتمع السوداني:

ان الحزبين الشيوعيين في العراق والسودان، هما الوحيدان اللذان وجدا مرتكزات اجتماعية محددة، بخلاف باقي الشيوعيين العرب: (موقع الحزب الشيوعي السوري)
..أتت قوة الحزب الشيوعي السوداني من خلال سيطرته على التنظيمات الفئوية الحديثة ومن عملية تحويل الأخيرة إلى أداة لتغلغل الحزب في الوسط الاجتماعي المعني
، أو إلى وسيلة لممارسة الضغط السياسي بهذا الشكل أو ذاك، والملفت للنظر أن قيادات الشيوعيين السودانيين، الذين لم يتجاوزوا معظمهم عمراً يتجاوز الخامسة وعشرين
في النصف الثاني من عقد الأربعينيات، قد وجدوا أنفسهم مسيطرين على أدوات اجتماعية ضخمة وعريضة مما جعلهم يملكون نفوذاً سياسياً-اجتماعياً كانت تتخلله نقص
الخبرة والثقافة وضعف التكوين السياسي، وإن ترافق ذلك مع إدخالهم لأول مرة في تاريخ السودان السياسي لآليات الحزب السياسي من هيكلية تنظيمية مراتبية، إلى
استخدام الطباعة الحزبية كوسيلة للانتشار وتوزيع النفوذ، إلى المنشور مما كان مفتقداً عند الأحزاب السودانية الأخرى التي ظهرت معظمها بالتزامن معه في الفترة
الفاصلة بين 1940-1945.-
ما يلفت النظر أن الحزب الشيوعي السوداني الذي وجد الكثير من امتداده الاجتماعي في إطار طائفة الختمية، وبالذات وسط مدينة عطبرة معقل عمال السكك الحديد
وورشاتها أو في مناطق أم درمان وشمال الخرطوم، قد وجد نفسه خارج دائرة أطروحات “وحدة وادي النيل”، وإن كان ذلك لم يتم بدون صراعات ضد (عوض عبد الرازق)
السكرتير السياسي لـ”حستو” (منذ آب 1947) الذي كان مؤيداً لتلك الطروحات وميالاً للتعاون مع الأحزاب الاتحادية (الأشقاء-الأحرار) إلى حد قبوله بأن يكون الحزب
الشيوعي “الجناح اليساري في حزب البرجوازية”(1) على حد تعبير عبد الخالق محجوب أمام المؤتمر التداولي للحزب في آب 1970) الأمر الذي أدى إلى تهميشه منذ
شباط 1948، وصولاً إلى إبعاده في المؤتمر الثاني لـ”حستو” عام 1951.ا
نواصل


Post: #49
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 09-07-2020, 08:12 AM
Parent: #48

نواصل التحليل للاختلافات و التحالفات..كما لخصها موقع الحزب الشيوعي السوري..
مع ملاحظة أن التحلي و سرد الوقائع و الخلفيات تتسم لربما بالوضوح الذي قد لا نجده من أعضاء الحزب القدامى أو الحاليين،إلا
في حالات نادرة.
...........عبد الرازق, الذي كان ميالاً إلى شكل تنظيمي مرن وليس إلى الشكل المغلق الحديدي للتنظيم وفقاً لمعايير لينين في “ما العمل؟”، قد وجد نفسه معزولاً
وسط الحزب الذي كان ما يزال يتلقى تأثيرات الشيوعيين المصريين وعبرهم الحركة الشيوعية العالمية التي مالت بعد بداية الحرب الباردة عام 1947 إلى التصلب
اليساري (مثل أجواء 1928-1935 في الكومنترن) مما أدى إلى مواقف متشنجة تجاه ظواهر مثل (غاندي) و(نهرو) أو الحركة القومية العربية (كما يظهر من تقرير
خالد بكداش في عام 1951) الأمر الذي ترافق مع صدام ستالين مع (تيتو) في عام 1948 واتجاهه إلى تصفية أية ظواهر للاستقلالية المحلية أو القومية عند أحزاب
أوروبة الشقية (إبعاد غومولكا في بولونيا، إعدام راجيك في المجر عام 1949، ومن ثم إعدام سكرتير الحزب التشيكوسلوفاكي سلانسكي في عام 1952.
رفعت “حستو” شعارات “الكفاح المشترك للشعبين المصري والسوداني ضد الاستعمار” و”حق تقرير المصير للشعب السوداني” مما جعلها في الضفة الأخرى عن
“الاتحاديين”، ومع حزب “الأمة” الذي نادى بانفصال السودان عن مصر.
ولو أن الشيوعيين قد ظل حرصهم قائماً على عدم الصدام مع البيئة الطائفية أو مع المعتقد الصوفي للختمية، الشيء الذي جعل الأمر يتحول إلى شكل سياسي غير
عقائدي من الصدام وليأخذ شكلين من الحساسية الحزبية ومن الاصطفاف في جبهتين مضادتين تجاه موضوع “وحدة وادي النيل” إضافة إلى شكل نقابي جعل
الانتماء الطبقي فارزاً لنفسه ضمن جسم وسط تقليدي طائفي عن بقية الطائفة ولو أن ذلك لم يصل عند شيوعيي النقابات أو الموالين لهم إلى الصدام مع تقاليد
وعقائد الطائفة المعنية أو الانشغال بهذا الموضوع.
على خلفية الصراع ضد “الاتحاديين” يمكن فهم عملية إبعاد عوض عبد الرازق وكذلك من أيّده مثل كامل محجوب –عضو المكتب السياسي لـ”حستو” وعثمان
وتى- مسؤول الدعاية، وعبد الماجد بو حسبو الذي تحول إلى قيادي في “الوطني الاتحادي” بالستينيات، وقد كان توجه هؤلاء هو الانخراط في إطار جبهة عريضة
مع “الاتحاديين” ضد البريطانيين وضد حزب الأمة والقوى القبلية الموالية للبريطانيين، الأمر الذي ترافق عندهم مع نزوع إلى الابتعاد عن التنظيم المغلق، لصالح
تنظيم مفتوح غير حديدي، ومع اتجاه سياسي يرى نفسه أكثر في صفوف اتجاه “وحدة وادي النيل” إضافة إلى ابتعادهم عن العصبوية الحزبية التي تتجه إلى
الاستقطاب التنظيمي والسياسي ضد أطراف منافسة على نفس الوسط، مما يجعلها من أجل تحقيق ذلك تتجه إلى برامج مفارقة توضع ليكون هدفها الأساسي
تحقيق الأمر المذكور.
ي فترة 1949-1950، عاد “عبد الخالق محجوب، التيجاني بابكر الطيب (أدب انكليزي)، عز الدين علي عامر (طب)” بعد أن تخرجوا من جامعة القاهرة ليشكلوا مركز
الثقل الجديد الذي رجح الكفة في ابتعاد “حستو” وتنائيها عن الأحزاب الاتحادية، وقد شكل الثلاثة لولب قيادة الحزب الشيوعي السوداني، في الخمسينات والستينات
، إضافة إلى (الشفيع الشيخ) و(المحامي أحمد سليمان)، فيما بانت سياسة الشيوعيين، بعد مؤتمر “حستو” الثاني في عام 1951، باتجاه الابتعاد عن “الاتحاديين”.

Post: #50
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 09-14-2020, 01:54 PM
Parent: #49


هذه مقالة ضمن سلسلة مقالات يقوم بكتابتها الدكتور حامد فضل الله -من برلين

وجدتها تناسب موضوع البوست ..لأنها تلقي الضوء على جزء من التاريخ السياسي و الممارسات التي كانت سائدة..
****************************************************************


ومضات من حقيبة الذكريات (8) بقلم حامد فضل الله


01:27 PM September, 06 2020

سودانيز اون لاين
حامد فضل الله-برلين-المانيا
مكتبتى
رابط مختصر



\ برلين
يساري مستقل وعلماني معتدل
(أذا جاز التعبير)
لقد حدث لي في المانيا الديمقراطية غسيل مخ أو نظافة مخ والله أعلم- لعل النظافة لم تكن كاملة لأنني انضممت الى زمرة المستقلين وبقيت في هذا الموقع ثابتا ثبات دومة ود حامد(شجرة الدوم) في شمال السودان وثبات أبو الهول على أرض الجيزة في مصر .
الاستقطاب والدفع مقدماً
بمرور السنين ازداد عدد الطلاب السودانيين. لقد أصبحنا صورة مصغرة من جامعة الخرطوم الجبهة الديمقراطية "الشيوعيون" الإخوان المسلمون "الكيزان" المستقلون "البيبسي كولا" ودخلنا في دوامة الصراعات السياسية وبدأت الجبهة الديمقراطية في استقطاب الطلاب الجدد عن طريق الترغيب تارة وعن طريق الترهيب تارة أخرى، حتى كبر الكوم وأصبحت القوة السياسية المؤثرة، مع ظهور بوادر الستالينية في القيادة وتضخيم شخصية القائد بصورة هذلية تدعو للضحك والتندر وكانت الجبهة تفوز دائما بقيادة اتحادنا وكنت ضمن مجموعة صغيرة، في صراع دائم مع قيادة الجبهة الديمقراطية ونرفض الأغلبية الميكانيكية ونطالب بالتمثيل النسبي وكان قاسم بشير وهو أحد قيادي الجبهة الديمقراطية ينتقد مسلك حزبه داخل التنظيم وفي العلن مما أدى إلي عزله في اتخاذ القرارات ولكن لا حياة لمن تنادي فتفرقنا وضعف اتحادنا حتى أطل علينا خالد المبارك مبعوثاً من الحزب الشيوعي للدراسة في ألمانيا بعد أن تم فصله من جامعة الخرطوم مع قيادة اتحاد الطلاب لمعارضتهم للحكم العسكري الأول بقيادة الجنرال إبراهيم عبود. استطاع خالد في فترة وجيزة أن يلم شملنا وأن يتم انتخابه رئيساً لاتحادنا بالإجماع ،فأثبت في سن مبكرة مقدرته القيادية والتنظيمية وفهمه الواسع لمعنى الديمقراطية واحترام الرأي الآخر والتعامل مع الخصم السياسي. أما بعض القياديين من الزملاء رغم سطوتهم لم يصمدوا نفسياً عندما تم فصلهم من الحزب تنفيذاً لقرار الحزب الشيوعي العجيب، الذي يمنع الزواج بالأجنبيات.
في عام 1961 كنت ضمن المبشرين للمشاركة في مهرجان الشباب العالمي بهلسنكي عاصمة فنلندا،
وكانت فرحتي طاغية أن أشارك لأول مرة في إحدى هذه المهرجانات التي كنا نسمع عنها كثيرًا وكانت قيادة الجبهة الديمقراطية تتحكم في الاختيار وجاءت قائمة الأسماء خالية من اسمي وكانت الرسالة واضحة لكل ذي عينين. وسافر ضمن الوفد بعض الذين كانوا دائماً على استعداد للنفاق وركوب الموجة وتسلق السلم .بعضهم خلع رداء الماركسية بعد أن تحصل على شهادته الدراسية وقبل أن تحلق الطائرة متجهة إلى سماء الخرطوم وبعضهم ركز "ولبد" في الداخل مترصداً الوظيفة أو البعثة فوق الجامعية.
ولكن ألا يوجد في المقابل الشخص المنتمي حقيقة لفكره الماركسي، والذي يؤمن بقضيته ويدافع عنها ويتحمل في سبيلها المصاعب؟ والإجابة بكل تأكيد هي: نعم. عندما كان أمثالي من المثقفين السودانيين يجمعون المال وينجبون العيال كان محمد سليمان نزيل سجن الأبيض وعندما انتقلت من ألمانيا الديمقراطية إلي برلين الغربية "جنة الرأسمالية" كان محمد مراد الحاج يُنقل من سجن كوبر إلى سجن بورتسودان وعندما تحصلت على وظيفة العمر في كلية الطب بجامعة برلين الحرة للتخصص، كان عثمان حمد قد ركل البعثة الحكومية فوق الجامعية في برلين وضحى بمستقبله الأكاديمي والوظيفي، فاضحا بالعلن سياسة الطاغية نميري، والأمثلة لا تحصى ولا تعد. .
دار بخلدي كل ذلك وتذكرت المثقف الحائر كمال أحمد عبد الجواد بطل ثلاثية نجيب محفوظ الخالدة خلود كاتبها. "كمال أستاذ المدرسة الثانوية رفض العمل السياسي والالتزام الحزبي جريا وراء المعرفة وتقصي الحقيقة، قرأ الفلسفة وعلم الاجتماع، الإسلام والمسيحية، الاشتراكية الفابية والماركسية والبوذية، الكيمياء والرياضيات والفيزياء وظل يلهث وراء المعرفة وحقيقة الأيمان حتى تم القبض على أبني شقيقته خديجة، عبد المنعم الأخ المسلم و أحمد الشيوعي، تم القبض عليهما من نفس الحكومة ودخلا نفس السجن وبنفس التهمة "محاولة قلب نظام الحكم" الذي يعبد الله والذي لا يعبده .
قال أحمد لخاله كمال قبل أن يتم ترحيلهما إلي معتقل الطور "أن الحياة عمل وزواج وواجب أنساني عام، أنى أومن بالحياة وبالناس وأرى نفسي ملزما بإتباع مثلهم العليا ما دمت أعتقد أنها الحق إذ النكوص على ذلك جبن وهروب، كما أرى نفسي ملزما بالثورة على مثلهم ما اعتقد أنه باطل إذ النكوص عن ذلك خيانة، وهذا هو معنى الثورة الأبدية" !
ورغم الخلاف الفكري بين أحمد وعبد المنعم، كان هناك جسراً مشتركاً بينهما من الأيمان في طريق المثل العليا .
قال كمال "فأني أعلل تعاستي بعذاب الضمير الخليق بكل خائن، قد يبدو يسيراً أن تعيش في قمقم أنانيتك ولكن من العسير أن تسعد بذلك إذا كنت أنسانا حقا.". (الثلاثية-السكرية).
التعصب وضيق الأفق وعدم الخبرة السياسية
ــ كان سيد أحمد نقد الله الصحفي المشهور قد حضر ضمن المجموعة الأولي الى الدراسة في المانيا الديمقراطية. كان الترشيح يتم عن طريق وزارة المعارف (وزارة التربية والتعليم الآن). أكمل سيد أحمد نقد الله دراسته في كلية الآداب، جامعة لايبزج وأوشك على الرحيل صوب الوطن. عقدت قيادة الجبهة الديمقراطية (واجهة الحزب الشيوعي) اجتماعا في مدينة لايبزج، واتصلت بعده، ببعض المسؤولين الحزبيين الألمان وطالبت بسحب ماجستير الدراسات الاجتماعية من سيد أحمد، بحجة أنه لا يستحق شرف أن يكون أحد خريجي جامعات المانيا الديمقراطية. كان سيد أحمد قد ترك الحزب الشيوعي مبكرا لخلافه مع عبد الخالق محجوب. فالشيوعيون السودانيون يناصبون العداء كل من يغادر سفينتهم. وفي جلسات السمر والسكر تسرب الخبر إلى مسامع نقد الله، أو أُريد له أن يتسرب. ذهب نقد الله إلى وزاروه التعليم العالي في برلين ودفع غاضباً شهادة الماجستير إلى المسئولين، وقال أنه زاهد في ذلك، مادام الطلاب السودانيين هم الذين يتحكمون في الشهادات الجامعية لألمانيا الديمقراطية، وأردف بأنه قبل الحضور الى المانيا، كان يعمل بالصحافة السودانية، وسوف يعود الى بلاده ايضا كصحفي وهذا الماجستير لن يغير كثيرا في واقع حياته المهنية.
حضر مستر لانجه بنفسه إلى لايبزج، وهو أحد كبار المسئولين في الوزارة، رجل صعب المراس ووضع الأمور في نصابها، "أخذنا علقة ساخنة"، وتعلمنا درسا لا ينسى. وبدون مبالغة، لقد تعرف المواطن السوداني على جمهورية المانيا الديمقراطية عن طريق مقالات نقد الله، التي كان تنشر في صحيفة الرأي العام، تحت عنوان " رسالة لايبزج". وعلى عكس ما تصور نقد الله، فأنه استفاد من شهادته الجامعية، إذ عاد إلى جامعة الخرطوم العريقة أستاذا، بعد أن غادرها مفصولا كطالب، بسبب نشاطه السياسي ضد الحكم البريطاني.
ذكر لي الصديق نقد الله أنه عندما ذهب كصحفي إلي الاتحاد السوفيتي عام 1957 لتغطية أخبار مهرجان الشباب العالمي في موسكو للصحافة السودانية اشترك في ندوة للمجموعة العربية، وكان الخلاف السوفيتي الصيني في قمته، فعلق نقد الله على ذلك بقوله: أن الخلاف السوفييتي الصيني سيؤدي إلي إضعاف المعسكر الاشتراكي، والصين الشعبية سوف تتحمل المسئولية الكبرى في هذا الصدد. فانبرى له أحمد سليمان قائلا بأن حذاء الصيني أقيم وأنظف وأشرف من وجهك.
أحمد سليمان بقدر ما يتمتع به من شهامة وأريحية إلا أنه يخرج أحياناً عن الطور عندما تتغلب الايدلوجيا وتطفوا الخلافات القديمة على السطح. ويتنكر أحمد سليمان لاحقاً لتاريخه ويندب جاهليته الأولى.
طاهر وحسُنُ
ــ حضر الأستاذ حسن الطاهر زروق إلى برلين الشرقية عام 1969، مشاركاً في مؤتمر مجلس السلام العالمي، وكان السودان وقتها قد أعترف بجمهورية المانيا الديمقراطية وتم التبادل الدبلوماسي الكامل بين البلدين. وكانت أسئلة الصحفيين تدور حول هذا الحدث الهام. فرد عليهم حسن الطاهر ببديهة وفطنة حاضرتين: "لقد اعترف السودان بجمهورية المانيا الديمقراطية في الخمسينيات، وكان يعني بالتورية، يوم دخول اليسار السوداني أول برلمان وطني". كان حسن الطاهر أول نائب شيوعي في السودان وأفريقيا، ممثلا للجبهة المعادية للاستعمار(الحزب الشيوعي لاحقا)، عن دوائر الخرجين (1955).
عندما وصلنا خبر وفاته في بغداد عام 1980، كتبت في نفس العام مقالا موسعاً في "مجلة السودان البرلينية"، جاء في بعض فقراته: حين وصلني نبأ نعيك، لم ترهبني كلمة الموت، فهي عالقة في ذهني كل يوم بحكم مهنتي، ولكن كانت ساعات من الرهبة، ساعات من الخشوع وجيشان الخاطر وفرط الحزن العميق. لقد عانيتَ سنوات الغربة المريرة، سنوات المنفى وعذابه. كنت اتابع أخبارك عن طريق قادم من القاهرة أو بيروت أو بغداد وكانوا يذكرونك بالخير وأنك لا تزال ثاقب الذهن، حاد النظر بالرغم من المرض والوهن. وأضفتُ، إذا اختفيت الآن من حياتنا، ستبقى ايضاَ حاضراً بيننا، لأن اسمك محفور في ذاكرة الطالب في مدرسة ام درمان الأهلية ومرسوم في قلوب عمال عطبرة ومزارعي الجزيرة وكل المسحوقين في بلادنا، الذين من أجلهم ناضلت وسجنت وتشردت وتغربت. وفي يقيني، عندما يكتب تاريخ السودان بأمانة وموضوعية، سيكون اسمك ضمن الرواد الذين صنعوا هذا التاريخ وساعدك الأمين، ضمن السواعد التي شاركت في بناء السودان الحديث.
حامد فضل الله
E-mail: [email protected]



Post: #51
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 09-19-2020, 07:04 AM
Parent: #50

كما وعدت الأخ عبدالمنعم عثمان الذي طلب عرض بعض موضوعاته حول الشيوعية ،،هذا أحد موضوعاتهالتي نشرها
في الراكوبة..
هل توقفت الرأسمالية عن حفر قبرها بيدها ؟!
16 أغسطس، 2016
0
فيسبوك تويتر

عبدالمنعم عثمان

لا يستطيع أحد ان ينكر دور الدكتور الشفيع التاريخى فى الحزب ولا فى النضال الشعبى العام ، ولا احاديثه ومواقفه الموضوعية مماحدث اخيرا ، ولكنى اخشى ان تدفعه بعض المرارات الى مواقف فكرية متعجلة فى بعض الاشياء . صحيح ماقاله من ان ماتوقعه الماركسيون الاوائل بقرب نهاية الرأسمالية لم يحدث حتى الآن ، ولكن هذا لايعنى خطأ التحليل الذى بنى على الواقع الماثل وقتها ، ولكنه يعنى ان الماركسيين اللاحقين لم يعيدوا التحليل ؟بنفس الاداة الديلكتيكية ؟ للواقع المتغير . ولعلهم لو نظروا فقط لآراء لينين ، الذى لم يأخذ برأى ماركس من ان الاشتراكية ستحدث فى اعلى البلدان الرأسمالية تطورا فى وقتها ، أى انجلترا، مماكان سببا فى نجاح الثورة الاولى فى روسيا المتخلفة ، لان لينين رأى ان التطورات اللاحقة جعلت تناقضات الراسمالية تتجمع فى روسيا ، لعلهم لوتفكروا فى ذلك ومثله ،لوجدوا اساس التخلف ليس فى اساس الفكر الماركسى المتجدد بطبيعته ، وانما فى من جعلوا الماركسية دوغما ، أو كما قال د. الشفيع نفسه . ولابرهن على ان الرأسمالية مستمرة فى حفر قبرها بيدها ولوطال الزمن ،أورد هذه المقتطفات من كتاب ” هل للراسمالية مستقبل ؟” تحت عنوان : أفول الرأسمالية :

( أوضحنا فى الجزء السابق ،ان عنقاء الاشتراكية قد انتفضت من تحت الرماد فى الف ماركسية والف اشتراكية ، بالعودة الى اصول الفكر الماركسى المادى الجدلى ، وبالاستفادة من التجربة التى كانت ، والتى برغم انهيارها المذهل ، الا ان ايجابياتها لم تكن قليلية . فقد ساهمت بضغطها على الراسمالية ، فى ظهور الرأسماليات الشعبية ودولة الرفاه …ألخ ، وكذلك فى المساعدة على استقلال دول العالم الثالث وفى معاركها ضد الاستعمار والامبريالية.

والآن نواصل الحديث عن مستقبل الماركسية بالدليل على مظاهر أفول الرأسمالية ، التى هى اليوم ابعد ما تكون عن النظام الذى سينتهى عليه التاريخ كمايزعمون :

أولا :ما اوردنا سابقا عن أزمة 2008 ، التى قيل انها ازمة مالية ، ولكن اتضح من بعد انها ازمة اقتصادية كاملة الدسم ، لاتزال آثارها تعمل حتى اليوم ، بله قد بدأت الآن ازمة طاحنة جديدة ظهرت معالمها فى تدنى اسعار البترول وانهيار البورصات على مستوى العالم . وهكذا نرى صحة مقولات ماركس ، من حيث المبدأ ، عن الرأسمالية وتكرر ازماتها المعبرة عن التناقض الرئيس للنظام الرأسمالى ن، والتى لن تنتهى الا بنهاية النظام الراسمالى . ولعلنا نلاحظ قصر المدى بين الازمات الحالية .

ثانيا : وصلت الراسمالية المعبر عنها براس رمحها ” تحالف امريكا والاتحاد الاوروبى واليابان ” الى مرحلة التوحش ، بعد ان خلا الميدان من المنافس الاشتراكى ، الذى فرض بعض مظاهر العدالة الاجتماعية وفى العلاقات الدولية . وقد عبرت الراسمالية عن هذا التوحش فى العديد من الاشكال :
– الغزو المباشر للدول وباسباب غير حقيقية ، مثلما حدث فى العراق وكذبة اسلحة الدمار الشامل . ومايحدث الآن فى العالم العربى من نتائج ” الفوضى الخلاقة “!

– السيطرة الاقتصادية بوسائل غير اقتصادية . فقد فرضت امريكا ، من خلال القوة العسكرية والاقتصادية ، الدولار كعملة تداول عالمية اولى ، وبدون غطاء ، فوضعت العالم كله أمام أمرين احلاهما مر : أما الاحتفاظ باوراق خضراء لاقيمة حقيقية لها ، أو ارجاعها الى المركزى الامريكى ، بما يؤدى الى انهيار قيمة الدولار بما لذلك من اثر مدمر على الدول التى تحتفظ باحتياطيات ترليونية منه!

ولعل مااورده ( Trading Report ) الامريكى فى المقارنة بين الدولار والروبل الروسى ، الذى يعتبر الآن فى أسوأ حالاته ، ما يؤيد ما ذهبنا اليه ، يقول التقرير الوارد بتاريخ 18-2-2014 : (ان نسبة راس المال “الاصول ” المملوكة للمركزى الامريكى لاتزيد عن 1.26 % متدنية عن 4.5 قبل سنوات قليلة ، وذلك من ميزانيته الكلية ” Balance Sheet ” ، وهو مايعنى انه لو هبطت الاصول بنسبة 1.26 % ، فان المركزى الامريكى سيصبح دون سيولة ” insolvent ” . هذا فى الوقت الذى تبلغ فيه هذه النسبة للمركزى الروسى 12% ! وهو دليل على ان الروبل أقوى من الدولار فى الوقت الحاضر !” لولا الوسائل غير الاقتصادية “.

ثالثا : فى السنوات الاخيرة اصبح انتقال الصناعات الامريكية الاساسية للخارج وبخاصة الى الصين ، يحدث بشكل مستمر ، مماجعل الولايات المتحدة مستوردة لكثير مماكانت تصنع ، وبالتالى أصبح الاقتصاد الامريكى شبه طفيلى ،يعيش على بعض الخدمات ، واصبح الدين الداخلى والخارجى يحسب بتريليونات الدولارات . ومع ذلك فالولايات المتحدة تستورد احتياجاتها بدون تكلفةتقريبا ، لان مدفوعاتها بالدولار لاتزيد عن تكلفة طباعة تلك الاوراق الخضراء وتوزيعها !

رابعا :بينما تدعو امريكا شعوب العالم الى الحرية الاقتصادية عموما والتجارية بشكل خاص ، الا انها اصبحت مؤخرا تتخذ اجراءات حمائية لماتبقى من صناعاتها ” اشترى الامريكى ” .
وتعليقا على هذا الذى يحدث للرأسمالية يقول لوسيان سيف :”… فى نهاية الامر : هل من الممكن ان يحجب الغبار الناهض من بين انقاض اوروبا الشرقية ، وفى نظر الماركسيين لاسباب أقوى ، التناقضات الضخمة والمحطمة الجارية فى امبراطورية راس المال الحديثة . ان التعاظم الحتمى للنشاطات غير المنتجة والتى لاتتجسد فى منتوجات ، أو على اقل تقدير لايمكن ان تختزل اليها دون كارثة ، يميل الى تفجير شكل السلعة التى تقوم عليها عملية رفع رأس المال .”

وأقول : اليس هذا استمرار لتعميق تناقضات الرأسمالية فى شكلها الاكثر تطورا ، وهو مايتفق مع ماذهب اليه ماركس فى الاساس فى تحليله للنظام الراسمالى ، وأكد عليه لينين فى تتبعه لتطور هذه التناقضات ؟ ثم يجئ اليوم ماركسيون جدد للحديث عن التناقضات الحديثة لرأسمالية التوحش والعولمة ، وهو مايذكرنا بمقولة سارتر : ان الماركسية لايمكن تخطيها !

ويقول لوسيان للتدليل على ان تحليل ماركس ومقولاته فى هذا الاتجاه أ اصبحت اكثر مصداقية اليوم ، فى المراحل العليا من تناقضاتها : ” كذلك نجد عند ماركس الافق الشيوعى للعصر الصناعى ، أما الثورة الصناعية الجارية اليوم فتضع فى جدول اعمالها الافق الشيوعى لعصر المعلومات ، ممايرفع من مصداقيته ، لكنه فى رأيى ، ان الاتجاه فى مجموع الحركة التاريخية الذى رسمه الافق الشيوعى ، هو الاكثر من أى وقت مضى ، الاتجاه الصحيح ببساطة شديدة ، لان التناحرات الاساسية لنمط الانتاج الراسمالى التى اكتشفها ماركس ، والتى تبدو فى الظاهر كلها نظرية ، اكتسبت فى طريقها مصداقية عملية هائلة ”

ثم يخلص الكاتب الى : ” نحن الذين نعيش ونناضل فى البلدان الرأسمالية الاكثر تطورا ، نعرف ايضا ان ماركس ، الذى كان يعتقد ان التقدم الى الشيوعية ، ينطلق مباشرة من الراسمالية الاكثر تقدما ، يكتسب ، لهذا السبب ، بالنسبة لنا ، قيمة أكثر من أى وقت مضى ”
وايضا يساهم الدكتور سمير امين فى هذه الخلاصات حول تدهور الرأسمالية تحت عنوان : الراسمالية منظومة بالية ، أصبحت عدوا للانسانية :
” ان الراسمالية ، مثلها مثل جميع النظم الاجتماعية التاريخية ، قد أنجزت- فى مرحلة صعودها ، وظائف تقدمية ، مقارنة بتلك التى انجزتها النظم الاجتماعية السابقة عليها : الاقطاع .. العبودية .. . فقد حررت الراسمالية الفرد من كثير من العوائق التى فرضتها عليه النظم الاسبق ، وطورت قوى الانتاج الى مستويات غير مسبوقة ، وصهرت العديد من الجماعات الصغيرة فى صورة الامم التى نعرفها الآن ، ووضعت اسس الديموقراطية الحديثة ، بيد ان كل هذه الانجازات قد اتسمت وتحددت بطبيعتها الطبقية : الا وهى ان الفرد الحر لايعدو فى الحقيقة ان يكون ” الرجل البرجوازى الحر “. ويواصل : لم تعد الرأسمالية المعاصرة ، توفر أى اطار ملائم لتحقيق خلاص الانسان ، سواء على نحو فردى أو جماعى ، فالرأسمالية ، ليست فقط تلك المنظومة المبنية على استغلال الانسان ، وخاصة الطبقة العاملة ، وانما اصبحت ايضا عدوا للانسانية جمعاء .

ليس لدى الامبريالية الحديثة ماتعطيه للاغلبية الساحقة من شعوب آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ؟ التى تشكل ثلاثة ارباع سكان الكوكب – اذ ان استمرار تطورها يتطلب بالمقابل افقارا هائلا للآخرين … أما فى المراكز الغنية فى المنظومة العالمية ، فلم يعد بامكان الراسمالية ان تقدم الكثير لشعوبها ، فيماعدا النزعة الاستهلاكية ، التى تتسبب فى استلاب وتدمير الفرد ، وعلاقات الاخوة الانسانية ، والخلاص الحقيقى للنساء ، والبعد التحريرى للممارسة الديموقراطية .)

اليوم ايضا هناك من الممارسات التى يعترف بها بعض من اهل الراسمالية ، والتى تدل على انه حتى ما تدعيه مجموعة المدافعين عن الراسمالية من اسباب تفوق مثل المنافسة التى تكون دائما فى مصلحة المستهلك ، والفرص المتاحة لكل فرد ليصبح راسماليا ، ليست الا دعايات فارغة لاوجود لها فى الواقع . فقد قرات مؤخرا لمجموعة من الاطباء الامريكيين الذين يحاولون الدفاع عن حقوق المريض الامريكى، وهم يصنعون ادوية من اصول طبيعية بديلا لكثير من الادوية التى يقولون انها ليست معالجة وربما تكون ضارة فى بعض الحالات . يقول هؤلاء وبالادلة العلمية : ان الدولة الامريكية تعلم بهذا ولكنها لاتغض الطرف فحسب وانما تساعد فى التصديق على هذه الادوية والدعاية لها . وبالتالى فان شركات الادوية الكبرى تجمع المليارات من انتاج مغشوش !

الامر الثانى عن البورصات المالية وهى التى يدمنها الكثيرون فى العالم الراسمالى بحلم الغنى . فقد قال خبراء كثيرون انه يتم خداع المستثمرين الصغار لشراء الاسهم غير القابلة للربح وذلك لصالح الشركات الكبيرة التى بدورها ولعظم راس مالها تدير الامور لصالح مكاسبها . وللتدليل على ذلك فان احدى الشركات التى تقدم دروسا فى كيفية المتاجرة فى البورصات اكتشفت اسلوبا جديدا ينبنى على متابعة تحركات هذه الشركات الكبرى والشراء مثلها !!

سنواصل فى مقالات لاحقة بمزيد من الادلة على ان الراسمالية تداوم على حفر قبرها بيدها وانها استفادت من اخطاء الاعداء فى انها لم تكمل حفر ذلك القبر حتى الآن !!
[email protected]


Post: #52
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 09-22-2020, 07:08 AM
Parent: #51

كنت قد أشرت في تعليقات سابقة في البوست انخفاض منسوب التناول و النقد الثقافي الفكري لدى أحزابنا ،بالذات العقائدية منها..و أنها تقوم أعمدتها على

ما تتفتق عليه عبقرية الزعامات الكاريزمية التي ما فتئتجاثمة عقوداً حسوما على صدر الحزبين الكبيرين..وهاهو الدكتور عبدالله علي ابراهيم يشير كذلك لنفس الفكرة..,.

وهو داء يصعب دواهؤه ..لربما لبنيوية كامنة في شخصيتنا القومية إن صح التعبير..

فدعونا نستعرض المقالا المذكور وهو شاهد من أهله (Insider)...وهذه الجزئية التي أشرنا إليها أي غياب النقد و سيطرة الزعامات التاريخية إنما هي مأسسة مبكرة
و متأصلة لديكتاتورية ظلت تترصد ليست أنظمة الحكم لدينا بل حتى ظلت هي الملجأ للكثيرين حينما تضيق أوعية الديموقراكية عن الإنجاز و عن تحقيق الحكم الراشد.

Post: #53
Title: Re: الحزب الشيوعي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 09-22-2020, 07:23 AM
Parent: #52


السياسة والثقافة: الترابي البولشفيكي، عوض عبد الرازق المنشفيكي بقلم:عبد الله علي إبراهيم


06:10 AM September, 22 2020

سودانيز اون لاين
عبدالله علي إبراهيم-Missouri-USA
مكتبتى
رابط مختصر



(تمر غداً الذكرى الثالث والتسعون لميلاد أستاذنا عبد الخالق محجوب. وهذه كلمة قديمة نشرتها في جريدة الفجر، التي اصدرها الاستاذ يحي العوض ف
ي لندن في التسعينات، عن جانب من مأثرته في الوطن مقارنة بوقائع أخرى في الحياة السياسية) تعشعش فينا شكوى مقيمة من قلة حيلة الثقافة في
شأن السياسة عندنا. ورد السياسة إلى الثقافة مما لا يأتي عن طريق تجديد الشكوى، وإلحاف الرجاء، وتدبيج الخطط الغراء.

فأهدى السبل إلى قيام السياسة على رؤى من الثقافة وقبس خططها أن نقف على أصل الجفاء بينهما في تاريخنا القريب حتى نعالج عودتهما إلى بيت الزوجية

بنظر تاريخي جيد. وقع طلاق السياسة والثقافة في حظيرة الأحزاب الموصوفة بالعقائدية مثل الشيوعيين والإخوان المسلمين في أعقاب انشقاقين
مرموقين في الحركتين تخاصم قبل وقوعهما طائفتان في كل حركة : طائفة الدعويين التربويين وطائفة الجهاديين الثوريين في مصطلح الشيخ حسن الترابي.
وانتهت تلك الخصومة بخروج الدعويين التربويين كجماعة أقلية (أو منشفيك بلغة الشيوعيين)، مجللة بعار مفارقة التاريخ الصائب، متهمة الأساليب أو المقاصد،
مقهورة منبوذة، مصادرة في وجه النجاحات الجماهيرية المؤكدة التي أحرزها قبيل الجهاديين الثوريين.

فصراع عام 1952 في الحزب الشيوعي هو نزاع بين الجهاديين الثوريين بقيادة أستاذنا المرحوم عبد الخالق محجوب وبين الدعويين التربويين بقيادة المرحوم

عوض عبد الرازق. فقد ساء عوض أن يرى الحزب يبدد طاقته بين الجماهير "من جم" ويفقد التركيز على تربية الطبقة العاملة في حرف وروح الاشتراكية.

ومما يذكر أنه في اجتماع المواجهة بين شيعة عوض وشيعة عبد الخالق قذف عوض بطائفة من الكتب الماركسية عن المزارعين أمام المجتمعين سائلاً إياهم

أن يطلعوا عليها قبل أن يبلغوا بنشاطهم جمهرة المزارعين (أو كتل الفلاحين كما كان يقول أخونا حسن عبد الماجد المحامي). ولم يُكتب النجاح لعوض وجماعته
التربوية في يومهم ذاك. فقدد اكتسحهم جهاديو عبد الخالق الذين قالوا يكفينا لبلوغ أوسع الجماهير مجرد عموميات الماركسية، ثم نغتني منها بالممارسة علماً
ودربة، " نعلم الجماهير ونتعلم من الجماهير" كما جرت العبارة.

وصحب انتصار الجهاديين فظاظة فكرية عالية بحق التربويين. فقد جرى وصفهم بالتصفويين، ممثلي الطبقة الوسطى القانطة. حتى صار لا يرد ذكر المرحوم
عوض عبد الرازق إلا مسبوقاً بـ " الانتهازي". وللقارئ أن يرجع الى كتيب " لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي" الذي كتبه أستاذنا عبد الخالق بين سنتي 1960 و1961
ليقف على جزئيات هذا الصراع.

وسيُلاحظ القارئ بغير عناء أن الكتيب قبس في خطة التأليف، وفي اللغة القاطعة الجارحة من الكتاب الحرباء: تاريخ الحزب الشيوعي السوفيتي،

ولعل أهم هدى أخذه كتيب عبد الخالق عن تاريخ الحزب الشيوعي السوفيتي – الفكرة التي مؤداها أن تاريخ الحزب الشيوعي الحق لا يصدر إلا عن لجنة

مؤلفة أو مكلفة من اللجنة المركزية للحزب. ومن حسن حظنا جميعاً أن الله قد شغل اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني عن كتابة التاريخ بأمهات أخرى

من الأمور في حين صدرت أعمال أكاديمية مرموقة أمينة عن تاريخ الحزب الشيوعي مثل التي كتبها صديقنا الدكتور محمد نوري الأمين.

من جهة حركة الإخوان المسلمين تماسك الجهاديون التربويون " الحزز" في مؤتمرعام للحركة عام 1969. فقد كانتالحركة الإسلامية السياسية بعد ثورة أكتوبر 1964
قد توسعت بقيادة الشيخ الترابي لجبهة الميثاق الإسلامي توسعاً فات ماعون "الأسرة " الإخواني المؤثل.

وخشى التربويون على دينهم ومألوف طرائقهم وحركتهم من هذا الإفراط في السياسة على حساب تربية الدعاة الإسلاميين تربية وثقى. وقد سَمّى التربويون قبول
الناس في الحركة بغير اعتبار لفرص تربيتهم الإسلامية مؤخراً بـ " تجنيد الكشة" أي " اللملام" أو كيفما اتفق وبغير فرز.

وفاز بيوم 1969 الجهاديون الترابيون وخرج أهل التربية من أمثال الدكتور جعفر شيخ إدريس والمرحوم محمد صالح عمر بخاطر جريح، وقلة في النفر، وزهد في

المستقبل.وهكذا رأينا في الحالين – الشيوعي والإخواني – كيف ترافق الفتح الجماهيري معنكسار النزعة التربوية الثقافية.

ولست أريد بهذا التقرير أن أشين الفتح الجماهيري أو انتقصه.بل الصواب القول إنه مأثرة غراء تخطت به جماعة من العقائديين قيد "الصفوية والسذاجة"،

كما وصفه الشيخ الترابي، إلى الجمهور الأوسع بغير واسطة تناجز قوى الطائفية المؤثلة حول موقع في خيال ووجدان وسياسة العامة.

ولكن الذي يعيب هذا الفتح الجماهيري تصوير حداته له كالقول الفصل وإرادة التاريخ الغالبة مما يخفض التربية تخفيضاً، ويجعلها أمرًا هيناً

هو مما يستحصل في مسار النشاط العملي بين الجماهير. علماً بأن التربية والثقافة هما أيضاً مما يُستحصل كدحاً وخلوةً في غير اختلاط بالعامة.

انتصر في صراع الجهاديين والتربويين في الحزب الشيوعي عام 1952 وحركة الإخوانالمسلمين عام 1969 الجهاديون على التربويين. بمعنى آخر انتصر ا
السياسي على المثقف في الحركة السياسية الاجتماعية المعنية.

ولما لم يستصحب هذا السياسي في نشاطه السياسي مرجعية تربوية،أو وجدان، في عبارة لأستاذناعبد الخالق محجوب، فقد انتهى الى خبط عشواء وبخاصة
حين تعثر أو دنا من الحكم، أي الميس. فقد ركب السياسي العقائدي مركب المغامرة إلى دست الحكم باسم "حرق المراحل" (عبارة الشيوعيين) "المسارعة إلى الله"
(في عبارة الإخوان). وفتح الباب بذلك ليركبه بغير إذن سوى الشعار، كل مغامر، دجال، دعي،عجول، يائس، بائس إلى غنائم الحكم.