ودالمدير .. الشيخ سيداحمد .. اسماعيل حسن .. وجمال التربال في بلاد الشايقية

11:35 PM July, 29 2020

سودانيز اون لاين
علي عبدالوهاب عثمان-جدة
مكتبتى
رابط مختصر

الاحباب الكرام ..
حبيبنا ودالمدير وحبيبنا الشيخ سيداحمد
اسماعيل حسن رحمه الله كان مترع بثقافة اهلنا الترابلة وراويس المراكب
اسماعيل معجزة
كتبت خواطر كثيرة عن شعراء في ديار اهلنا الشايقية لأنهم نموذج لنا نحن النوبيين في الشمال
بالعربية الجميلة المنمقة بالتنغيم والامالة ..

هذا جزء من خواطر كتبتها عن اسماعيل حسن

اهديكم

المقال له ما قبله ولكن دعني أبدأ من هنا
======================

ويواصل اسماعيل ابداعاته في نقل الصور والرموز المحلية الى كافة إثنيات الوطن بعد صياغتها بلكنة وتنغيم اهلنا الشايقية والتي جملت المظهر والمضمون وفي قصيدته عن الوطن يقول :

وبقرة حلوبة تتضرع وليها ضرع
وساقية تصحّي الليل مع الفجراوى..
يبكى الليل ويدلق في جداولو دمع
يخدر في بلادي سلام ..
خدرة شاربي موية النيل ..
تزرد في البوادي زرع

رحمك الله يا اسماعيل .. لقد عايشت تلك القيم وكانت جزءاً منك ولأنك تكرر رمزية الساقية في كل اشعارك .. ولأنك كنت تربالاً في دواخلك والساقية تمثل اعلى واهم قيمة للتربال لأنها اساس الحياة والوسيلة الرئيسية لبقاء الانسان في المنطقة على قيد الحياة ولأنها المنظومة الصناعية الوحيدة على وجه الارض التي تشبة ذوات الاوراح في كل تفاصيلها، وهذا هو الاستغراب والدهشة والانبهار كيف يصنع الانسان آلة تتمتع بكل صفات البشر، لم يفكر انسان المنطقة يوماً من الايام ان هذه الساقية جامدة ومصنوعة او ليس فيها روح او حساس، فيها الانين فيها الحنين فيها الدمع فيها الموسيقى والطرب فيها الحزن، ويمعن الشاعر في وصف رموز الساقية ويقول ( تصحي الليل مع الفجراوي) ، والقرية كانت زمان مع ساعات الصباح تعج بكل اصوات الخير والنماء ، اصوات البهائم الابقار والغنم والحمير والطيور، والشاعر المتأمل مثل اسماعيل يعتبر نفسة جزءاً من هذا الوجود وذرة من هذا الكون ولحظة من هذا الزمن ، والمقصود (بالفجراوي) جزء من مواقيت الساقية وهو الدوام الصباحي (وردية الصباح ) وصباح المزارع يبدأ قبل الفجر حتى لو كان الفصل شتاء قارص تصل في اقصى الشمال لدرجة التجمد احياناً، وكان يبدو للمزارع عيباً او منقصة اذا ذهب الى الساقية بعد الشروق الشمس ما لم يكن لديه ظرف قاهر يمنعه من ذلك ..

ومشكلة الفجراوي كانت ايام الشتاء والمعروف ان الموسم الشتوي هو الداعم الاقتصادي الاكبر للمزارع ويعتبر اهم المواسم ، ويبدأ الموسم الشتوي مع نهايات الصيف بعد انحسار الفيضان وحش التمور .. حيث يأتي اول شهر في الشتاء ويكاد يكون الابرد اطلاقاً ( شهر كهيك ) وهو الشهر الذي يرزع فيه الفول والقمح وهما اهم محصولان ( غذاء ونقد ) ولا بد للمزارع ان يكون مبكراً إذن فلا بد من مقاومة البرد .. وكان التربال يستخدم النبيذ المصنوع من التمر والمدفون في الارض من موسم الصيف وهو نبيذ معتق لا يشربه التربال بداعي السكر والتهتك ولكن لمقاومة البرد وربما يحدث نوع من التخدير للجسم ولا يشعر بالبرد بل يزيده قوة وطاقة وكان يصنع من ارقى انواع التمر ولا يزيد المزارع في اليوم عن ( قرعة واحدة ) في الصباح .. ويستخدم معه البيض المسلوق ربما للمزيد من الطاقة ..
وبقرة حلوبة تتضرع وليها ضرع
وساقية تصحّي الليل مع الفجراوى..
يبكى الليل ويدلق في جداولو دمع
يخدر في بلادي سلام ..
خدرة شاربي موية النيل ..
تزرد في البوادي زرع

البقرة التي تستخدم في تدوير الساقية تسمى بالنوبية ( همرا ) والمتحدثين بالعربية في تخوم النوبة كانوا يستخدمون نفس هذه المفردة ولكن ربما هي في الاصل عربية ( حمرا) ، وهذا النوع من الابقار تكون من سلالات معينة كانت محفوظة لدى أهلنا ، لأنها تتمتع بذكاء اكثر من السلالات الاخرى ولهذا السبب كانت لا تباع ابداً بل تعطي بالشراكة او بيع اسهم منها ولكن البيع الكلي لم يكن متاحاً، وكنا في صغرنا نجلس على مكان القيادة في الساقية ( توكوم) او مكان (الاروتي) والبقرة تضبط ايقاعها مع غناء الاروتي وخاصة عند الفجراوي الذي اورده شاعرنا في قصيدته ، والحداء الصباحي للاروتي يكون مثقلاَ بعمق ديني ويكون أقرب الى المديح ، ويسمى بالنوبية ( سلاد )، ولا تصبيها الاعياء او التعب عندما تسمع مثل هذه الكلمات المنغمة ‘ وبعد عناء موسم طويل من العمل والكد كانت تمنح اجازة او فترة راحة لهذه الابقار، وهي من الممارسات التي يستغرب لها الانسان عندما يستحضرها في الوقت الحالي كيف كان أهلنا يراعون حقوق الحيوان ، واجازة الابقار وتاتي مباشرة بعد الموسم الشتوي المرهق ثم تكون بعدها مرتخية ومرتاحة في مراحها تأكل اطيب انواع العلف ( اللوبيا الخضراء والقصب ) وتتمدد كما تشاء ، حتى بداية الموسم او ما يسميه المزارعين بظهور نجم ( الثريا) حيث بداية موسم زراعي آخر مرهق، ويقال ان البقرة تعرف انتهاء فترة الاجازة وقرب ظهور نجم الثريا قبل أن يعرفه المزارع ، ومزارع يشعر ذلك خلال إفراز البقرة للسوائل دون تحكم وهي رمزية أنتهاء فترة الاجازة، وفي مثل يقال ( أن التربال اذا أرد يعرف ظهور نجم الثريا ودخول الموسم الزراعي عليه ألا ينظر الى السماء بل عليه ان يتابع كمية افرازات البقرة ) وهذه صورة في الذاكرة عن البقرة ، اما صورتها لدى الآخر فهي التي تشعل الحروب الاهلية في السودان ودخلت في الصراع السياسي ووصلت الى حد مجلس الامن لتحديد مساراتها وعلفها ومشربها ، ولكن بقرتنا لها من القيم والسلوك الحضاري وهي مصدر خير ورزق .

وعندما أتى بخير النخلات اختار تلك النخلات التي على أرض (الساب) وهي نوبية بإمتياز ولها رمزها ومدلولها والساب هو آخر الجزيرة في اتجاه مجرى النيل ودائما يكون في شكل مثلث كما في المقرن :
ونخلات تهبهب فوق جروف الساب
وبقرة حلوبة تتضرّع وليها ضرع
وإمعاناً في خلق صورة جمالية وجلب الانبهار وللتعظييم من شأن الوطن جعل هذه النخلات في جروف الساب مع ان الساب كله خصب ولكن اختار في الساب جروفها ومثل هذه المفاضلة لا يستطيع ان يأتي بها إلا من تعمق في تلك البيئة وعرف ابعادها ومصطلاحاتها ، ومثل هذا الوصف والمفاضلة هي صفة وهبها الله للبعض تكون متلازمة لهؤلاء الموهوبين الذي يتأملون في هذا الكون البديع وكما ذكرت سابقاً ان أمثال اسماعيل وغيرهم ممن حباهم الله هذه النعمة يشعرون أنهم جزء من هذا الكون وذرة من ترابه ولحظة من هذا الزمان السرمدي مما يجعلهم متفاعلين مع كل جمال رباني طبيعي ، إنه التصوف في اعلى درجاته ..
واسماعيل لا يأتي بالصور الساكنة او جامدة بل كل صوره متحركة ( نخلات تهبهب ) والمعروف ان الرياح عدوة النخيل والمرء يكاد قلبه يتقطع عندما يرى النخيل تتمايل مع الرياح القوية وتقاومها بقوة وإرادة لتحمي تلك الاعشاش الصغيرة التي بين احشائها ، أي ايثار واي تضيحة ان تحافظ هذه النخلة على عش طير وبداخله بيضة وهذه البيضة هي سر الحياة ورمزية التكاثر ويأتى تشبية اهل الشمال في الغالب بالنخلة كما التبلدية في كردفان .. ولكن اسماعيل اخذ الجانب الرائع من الصورة ( نخلات تهبهب ) مع نسيمات الساب وهذه الصورة مصحوبة بحركة وصوت مموسق .. وكأنك تسمع حفيف الجريد وهذه الاصوات كامنة في ذاكرة الكثيرين مما عايشوا تلك الطبيعة ، ومن لفظ تهبهب تعرف انها (رياح صلاح ) وانها ايضاً رياح رقيقة وتداعب جريد النخل ولاتنهكها ومن وصف الشاعر هي رياح الشمال التي تلطف الجو وتمحو اثار حر والقيظ وتذهب بالملل وتجلب الفرحة والحبور للتربال والراوس والبهائم والنخيل ..على عكس ( النو) الذي يجلب الكآبة .. اسماعيل هنا بلغ القمة في وصف حبه للوطن .. وهي لغة الرواويس .. وفي قصيدة أخرى يقول اسماعيل :
المراكب كاسحة ما دام ريحنا نو
وهي اسوا أنواع الرياح التي تهب من الجنوب الى الشمال وهي تجلب الحرارة ويكون الماء ساخن في الازيار .. والمراكب لا تستطيع الملاحة بين ضفتي النيل بل تكون (كاسحة ) وخاصة وقت الدميرة وكسح المراكب معناها ركوب التيار ولا يستطيع احد السيطرة عليها تتجه مع تيار الى الشمال إلا بعد مجهود بالمجاديف من رجال أقوياء .. والرياح النو يجعل الترابل في مزاج معكر وضيق ولا يستطيع النوع لا في المراح وفي ظل النخيل لشدة الحرارة .. هذه روعةاسماعيل ابن بيئته ابن التربالة والرواويس .. التحية لأهلنا الشايقية اهل الفن والجمال

حيا الله استاذنا الجليل "علي عبدالوهاب"

شاكر وممتن لهذا النداء....

جلوس في المقاعد الامامية ومتابعة..


محبتي وتقديري

الحبيب الشيخ سيداحمد
والحبيب ودالمدير
عيدية لترابلة المنبر
اسماعيل معجزة

أيامنا في ديار الشايقية جعلنا نعشق البيئة والانسان والفن

مودتي الاحباب

شيخنا وأُستاذنا علي عبد الوهاب، حياك الغمام
والعيد يتبارك عليك.

بجيب طوريتي ؤ فكة ريقي وأجيك بالمهلة
كان الله أرآد...

حبيبنا معاوية .. تحياتي
احيانا الواحد يحب الاندياح
تأتي لحظات قهرية تجعلك ترجع الى تلك الحاضنة الجميلة
شوق للنيل والنخيل والجروف والسواقي والترابلة
وأحيانا تكتب وانت في عالم آخر .. وترجع ولا تصدق أنك كتبت هذه السطور
شوف اسماعيل ا لله يرحمه لا ينسى فضل البقرة .. ويتغزل في دلالها وطريقة مشيتها
تتضرع تتهادي بجسمها المكتنز .. فالبقرة لدينا لها شبة قداسة اكثر من الهندوس
بالله يا معاوية اي من ابناء تلك الحاضنات الشمال لم يكن للبقرة فضل عليه
لأنها اساس الخير .. وكل الخير كان في السواقي وبدون البقرة لا ساقية ومن ضرعها
السمن واللبن ..
هم الام التي ربت الاجيال أكلاً وشرباً ودراسة وعلاج

رحمه الله اسماعيل وباقي الشعراء في هذه الديار المترعة بكل جمال
كانوا سببا في حبنا للارض والانتماء مهما بعدنا عنها

شكرا الحبيب معاوية

يا سلام استاذنا الجليل "علي عبدالوهاب"
صورة النخيل فوق "الساب" لوحة في غاية الجمال..

لكن يا استاذ تضعني مع "ودالمدير" في قالب مناداة واحد؟؟
دحين ما عصرت علي شوية كده:)
زول ما عندو ولا شعراية واحده في نافوخو ..تقوم تضعني
معاهو في نفس القالب...غايتو عصرت علي عصرة شديدة:)

يا استاذ "علي" ..ودالمدير من الناس الاحبهمم جدا في هذا الفضاء ...
ومن الناس الحلوين جدآ في المنبر ..تحياتي له..


ممنون لهذا النداء الجميل معك ومع ودالمدير..
ومقدر ومستمتع جدآ بهذا التداعي الجميل..

الشيخ سيداحمد الحبيب .. كمان دقيقة وقتك
بالله شوف جمال شاعرنا اسماعيل رحمه الله
انت فيكم ناس في قمة الجمال وعمق وأجمل شيء لغة الترابلة
بالله شوف عبارة (( ما بتحش قش التناقير )) عندنا في النوبية (( تي قير ))
اسماعيل عميق جدا جداً المشكلة لغة الترابلة ما مفهومة في كل الوطن
نحن دورنا نشرح العبارات دي عشان الناس ترجع تسمع مرة أخرى وبعمق
===============================================
تأصيل عبارة ( ما بتحش قش التناقير )

من المفردات الزراعية ذات العمق والمعنى والتي تحتاج الى شرح وتوضيح كي تكون معروفة للآخر من هم في بيئات اخري غير البيئة النوبية او الشايقية ، لأن هناك مشاركة ووحدة في المفردات الزراعية التي تكاد تكون اصولها حصرية على المنطقة النوبية لأنهم اول من مارسوا هذه المهنة .. وشعراء منطقة اهلنا الشايقية هم اكثر من نقلوا التراث النوبي الزراعي الى كل انحاء الوطن في قالب منغم وجميل يجعل كل من يسمع مفردة يلجأ الى البحث والتنقيب لأن ادراك المعنى يساعد على التعمق في معرفة مغذى الاغنية وزيادة المتعة والمعايشة مع اللحن الذي لا شك انه من أجمل الالحان اذا كان ذلك من خلال اغاني الطنبور ويكفيك كرم الله او صديق .. ولكن هذا التجلي الذي يرقى الى مستوى البسط عند الصوفيين يكون مع وردي واسماعيل حسن وفي تلك الاغنية ( الله ليلي) البسيطة المعنى واللحن والايقاع والتي انتشرت في كل انحاء الوطن رغم شح وسائل الاعلام في ذلك الزمان .. وما استوقفني في هذه الاغنية قول اسماعيل حسن ( ما بتحش قش التناقر ) هكذا قالها اسماعيل حسن واطلقها في ساعة تجلي وهو يرسم الصورة للعروس النموذج والحبيبة التي يتنماها ذلك التربال الكادح .. وعندما اطلق اسماعيل هذه العبارة أراد بها معنى عميقا لوصف اصل وفصل تلك الحبيبة .. لأن في ذلك الزمان كان الانتماء والنسب من أهم المقومات للحب والزواج وخاصة في تلك البيئات النائية والبعيدة عن تجمعات الحداثة المجتمعية في المدن والعواصم ومما يدعو الى الدهشة ان هذه العبارة التي تبدو بسيطة في كلماتها وقد مر بها الكثير من المستعمين للاغنية مرور الكرام ترمز الى شيء ربما يبدو للبعض انه من الشوفينية او صفة سالبة بمقياس هذا الزمان ..
هنا لابد لنا ان نعرف معنى ( التناقير ) ومفردها (تي قير ) والمعنى هو (الطريق الذي تسلكه الابقار عندما ترد الماء في النهر ) وكلمة تي هي البقرة و قير بالنوبية الدنقلاوية هو الطريق او الدرب .. والمعنى يمكن ان يكون ( درب الابقار) .. وهذا الطريق ضيق لا يسع إلا لراكب حمار او لمرور شخصين متجانبين فقط ويقع هذا الطريق دائماً ما بين الجدول الرئيسي للساقية ( الجدول الضكر ) او ( ملتي ننودي ) بالدنقلاوية وبين الزراعة ويظهر الطريق كأنه محفور او يبدو كجدول من كثرة استخدامه ( من الطالعين والنازلين من النهر واليه ) فغالباً ما يكون ملوثاً بروث الابقار والحمير والاغنام ويكون ايضاً مغطى بالحشائش لأنه بمحاذاة آخر ( تكناد) من الحقل فتتسرب اليه المياه من الاحواض ، ومثل هذا الطريق يخضع لميثاق الشرف الغير مكتوب بين اصحاب السواقي ليكون المنفذ لأهل القرية الى النيل ولا يستطيع صاحب الساقية منع أي شخص من المرور عبره إلا في حالة ثبوت اعتداء الدابة التي يركبها على الزراعة وغالباً ما تثار المشاكل مع اصحاب الابل لأنها صعبة الانضباط (الكنترول) وخطفة واحدة من الابل تذهب بعدد ضخم من سياق الذرة او القمح .. هذا التعريف المختصر عن ( تينقير / تي قير ) .. وقش التناقير كما ذكرت ملوث ببقايا الحيوانات وكثير من الحيوانات لا تأكل هذا القش بالوضوح فإن هذا النوع من القش يقوم بحشه فقط من ليس لهم سواقي أو أملاك او اطيان وهي رمزية او كناية عن الشخص الذي لا اساس له في القرية او لا يملك ارضا ينتمي اليها لأنه في هذه الحالة يكون محكوماً بالتحرك من خلال مساحات محددة لا خيار له فيها .. واسماعيل يريد ان يقول ان حبيبته هي ذات اصل وفصل وكيان

يا سلام رجعت سنوات طويلة للوراء استضر نوري الغويبة
فراش المدرسة ودالفضيل .. رحمه الله حياً وميتاً

Quote: فراش المدرسة ودالفضيل

الإسم ما مر علي قبل كدي استاذنا الجليل..

انا غلبني تب اعرفو...



ومانسرقك من التداعي الجميل ده.

الشاعر إسماعيل حسن حباهُ الله مقدرة رفيعة في التصوير بالكلمات. فهو يستعمل كاميرا دواخله
بصورة فيها براعةعالية, وذوق رفيع, وموهبة عميقة في تصويب فلاش الذهن على الهدف مما
يعطي الصورة بعد وعُمق يجعل المستمع يرى كل شئ مُتحرك أمامه, وتكون الصورة دائماً
بمواصفات عاليةحيث تُبرز كلَّ شئ, لصفاء الة العقلية وتلاشيها التام في المنظر الذي هي بصدد
تصويره...
بلادي أنا...تصوير جميل لبلد متعدد الثقافات, مختلف المناخات يتفق أهله على أشياء تكاد تكون
ثوابت على مرمى حدوده في كلّ الإتجاهات, الكرم, الجود, الشجاعة, الإعتذاذ بالإنتساب
إليهِ, وحبه...

(1)

في إطار هذه الصورة نجد أنَّ الكاميرا تُبرِز لنا إرث تليد يتمثل في تمسك تام بإيمان عميق
وتديُن مطبوع. مما يجعل النفس تهيم في عالم جميل ملئ بالروحانيات, وما تفتأ هائمة في
هذا العالم حتى يقوم إسماعين بنقلها إلى مشهد تبدو فيهِ كمية مهولة من الخيول المُسرجة,
وقد إعتلى ظهورها فرسان في دروعهم المنيعة, وسيوفهم لها بريق ولمعان في الفضاء. وفي
غمرة إنسجام النفس مع هذا المشهد المهول تتوجه العدسة لتبرز لنا لوحة قد قد أرخى الليل
سدوله على خلفيتها, وقد برز فيها من خلال نيران التُقابة الحيران وقد تحلقوا حولها يتوسطهم
شيخ قد إنبثق نور الورع من مُحياء وجهه الملئ بالإيمان, وفي غمرة إنسجام النفس مع هذه
الصورة الهائمة في عالم الروحانيات تعرض لنا الكاميرا الصباح وقد أطلَّ بوجهه الجميل على
نخلات قد نبتنَ فوق أعلى جزء من الجزيرة(السآب) يتمايلنَ طرباًمع النسيم وبساط الخضرة
ممتد بإمتداد الجزيرة, وبقرة قد أثقل مِشيتها ضرعها الملئ باللبن مما جعلها تبدو وكأنها تتبختر
في مِشيتها فوقَ هذا البساط (تتضرع وليها ضرع). ثمَّ يستعمل إسماعين الفلاش بعد أن أرخى
الليل سدوله مرةً أُخرى, ونجد هنا الصورة بدات أمامنا وفيها أنين وحنين يبعثه في النفس صوت
الساقية مسافراً في عُمق الليل, فيظل الليل في حالة صحيان يؤانس ذلك التربال الذي ظهر في
عُمق الصورة مجتهداً في العمل, جاعلاً المياه منسابة عبر الجداول لتبدو وكأنما الساقية قد سكبت
دموع بكاءها فيها لتنسرب عبر حيضان الزرع تنثر الخضرة في الأماكن وتبعث الطمانينة
والسلام في النفس. تلك الخضرة التي تبدو كأنما هي تُزغرد فرحاً وطرباً في عُمق البوادي.
(تزغرد في البوادي زرع)...



(2)
ويوجه ود حد الزين العدسة ليعكس لنا صورة نفر كريم بزيهم القومي الأبيض الناصع البياض
(الجلابية والعمة) وهم في حالة ترحاب شديد بكل ضيف طارق لبوابات حدود الوطن الحبيب.
وتظهر براعة التصوير في قوله:(بلادي أنا بتكرم الضيف) أي كل أهلها يكرمون الوافدين اليها
من كل فجٍ عميق. ويحلق ود حد الزين بألة تصويره في فضاء الوطن الرحب مع الطيور الوافدة
خماصاً إلى البلد من كلِ صوبٍ وحدب, ويقوم بتصويرها بعد أن هبطت في أطراف (التقا) مكان
نظافة القمح بعد حصاده لتغدو بطاناً وتشبع دون أن تتكلف عناء التوغل في حواشات الزرع
( من أطراف تِقيها شبع). ثمّ يصور لنا المساحات الشاسعة الواسعة الممتدة في أرجاء الوطن
الحبيب المليئة بالخيرات, الحاضنة للناس الذين يعيشون فوقها بحنان دافق, تمنحهم الخير
الذي لايتخطى فرد منهم. ويعرض ود حد الزين أمامنا منظر جميل للوديان وقد تدفقت فيها
مياه النيل منعكسة فيها أشعة الشمس حتى تبدو لآمعة مُتلألِئة كأنما هي دفقات من لُجين في
براحات الوطن الغالي. (بياض الفضة في وهج الهجير بيشع)...

(3)
مازال يتنقل بِنا سُماعين في أنحاء البلد مستعملاً الة التصوير. وهنا يقف بنا أمام مشهد
يضج بالحركة. وهو مشهد دارات الطرب وصوت الطمبور المصحوب بالصفقة يشق
هدأة الليل فيحيلها إلى حركة مُفعمة بالفرح والطرب المُوزع في دواخل النفوس تعكسه
حسناوات بارعات في الرقص يتدفقن حيوية كما الخيول الجامحة, يجدنَ الرقص بالرقبة
فتبدو الواحدة منهُنّ جامحة مُشرئبة العنق كما جِني الريّل. يتراقصنَ ويتما يلنَ وقد زآنَ
شبالهن ودع مرمول في طرف السلّة (الجورسى)المُتدلِى. (مكنتل في طَريفو ودع)...

(4)
وهنا صورة للملك(تَرهاقا) تحكي عن تاريخ تليّد مرتبط بالحاضر ومنسرب في مجاهل
المستقبل لِيجعله ماثل أمامنا. تاريخ حِفاظ على الوطن من أزمان غابرة ألى أزمان قادمة.
صورة فيها تحفُز وأستعداد تام للتصدي لكلٍ من تسول له نفسه المساس بعزة وكرامة هذا
البلد الحبوب الجميل...
وهنا صورة أُخرى تبعث الطمانينة في النفس يظهر جلياً فيها ناس البلد بسحنتهم الجميلة,
وقاماتهم الفارهة, ووجوههم التي تحمل صفاء ونقاء هو دون أدنى شك إذن عبور الى
دواخلهم النقية, يقفون فوقَ تراب بلد مليئ بالحنان ناضح بالأمان. ثم نجد هاؤلاء الناس
الجميلين في مشاهد أُخرى يواسون من جار عليه الزمان, ويمدون له يد العون, ويقومون
بمسح الدموع من وجهه. ومنظر آخر يمثل قمة السخاء والكرم, يبدو فيه هاؤلاء الكرام
وهم يُؤثرون الغير على أنفسهم, ويتقاسمون ما يملكون فيما بينهم في ساعات الشِدة والضيق,
وفي هذه الظروف إذا لامسهم شعور أنّ هنالك من هو أحوج منهم فهم يؤثرون الجوع
ويقدمونه على أنفسهم. هاؤلاء الناس الجميلين الذين يظهرون في هذا المشهد, يحبون الدار
والأهل, ويحفظون حقوق الجار ويحافظون عليها حتى لو كلفهم ذلك نفوسهم. عُزاز لايرضونَ
الضيم والقهر. فهم مستعدون لخوض النار لو سالت دمعة واحدة نتيجة لظلم قد وقع.
فما بالك لو سالت دموع؟؟؟...

(5)


ثمّ بعدتصوير هذه المشاهد يوجه سُماعين العدسة نحو نفسه ليوجه رسالة للعالم أجمع.
ويبدو في الصورة واقف فوق أعلى سطح من البسيطة معتزاً, ومُفاخراً لافتاً الأنظار
إلى هاؤلاء الناس مصدر العز والفخار. مُشيراً إليهم قائلاً, أُنظروا, هاؤلاء أهلي. عرب
قد مُزجت دماءهم بدماء الزنوج الحارة. هذه قاعدة نلتقي حولها جميعاً وكفى. تملكوا كياني
وروحي, وتدفق شوقي إليهم بحاراً في نفسي قد أبحر فيها عقلي منذ أزلٍ بعيد. ينتابني إحساس
بِأنهم بعضي فينداحو في مسارب روحي ويتملكو كياني بحبي لهم. أينما رحلت وحللت لا أنساهم
فهم يرحلون معي عبر إشتياقي وحنيني ويلازموني كأنما ظلي.
ما زال سماعين موجهاً الكاميرا نحو نفسه الشفيفة الوريفة, الصافية, الصادقة, وهو يبدو
في هذه اللقطة الأخيرة مشحون بالإنفعالات عاجزاً أن يتصور نفسه غير مُنتسب إلى هاؤلاء
الكرام. إن لم أكن سليل هاؤلاء فيا حسرتي, ويا أسفى, ويا ذُلي, ويا عظيم مأساتي. غمرة
إنفعالات تملكت كلّ ذرة من كيان الشاعر, وأحدثت ضجة في دواخله جعلتها كلها تتسأل:
تصوروا يا أيها الناس إن لم أكن سوداني وأهل الحارة ما أهلي؟!؟!
(تصور كيف يكون الحال لو ما كنتَ سوداني وأهل الحارة ما أهلي؟؟؟)..

هذا هو سُماعين ود حد الزين قد وضع لنا صور في هذه الرائعة تعجز أحدث كاميرات
التصوير عن أبرازها لنا, ونحن نكاد نكون في قمة عصر التكنلوجيا...

الأ رحم الله الشاعر إسماعيل حسن (ود حد الزين)...

ود المدير ...

حبيبنا ودالمدير .. تحياتي يا جميل
يا الله يا رائع يا موهوب .. ودالمدير انت انسان مبدع
قراءة تفصيلية لاشعار اسماعيل ..
تعجز حروفي حبيبنا ودالمدير .. أنا كنت محظوظ فتحت البوست

سوف اعيد القراءة مرات عديدة .. لأنني من المعجبين بكل اشعار اسماعيل

واسمح لي أن انقل هذا الابداع الى قروبات ( الترابلة ) مع حفظ حقوقك بالكامل

شكرا كثير كثير المبدع ودالمدير ..

وأثناء سماعي اغنية قمر بوبا
توقفت عند
( ما بدوك لى زولا مسيكين )
بعد أن تأملت ( ما بتحش قش التناقير )
قراءة حسب ذلك الزمان ( شروط العريس زمان ) اليوم طبعا تغيرت النظرة
=============================
القراءة حسب تقديرات ذلك الزمان :
====

انتى ما بدوك لى زولا مسيكين
الا واحدا نخلو مقرون فى البساتين
سواقيهو تصحى الكانوا نايمين

هذه النظرة كانت في السابق هي الاساس لاختيار الزوج للبنت وقال الشاعر وهو يدلل حبيبته ( ما بدوك لي زولا مسيكين ) والمسيكين هنا ليس الفقير بالمعنى المعروف الآن ( لا مال له ) بل هو من ليس لديه أملاك واساس .. ويمكن ان يكون لديه مال سائل وغيره ولكن ليس هذا هو الاهم بل المهم في ذلك الزمان ( من هو ؟ ) وقد اضاف الشاعر التفاصيل ( نخلو مقرون في البساتين ) والنخلة أهم دلالات الانتماء لأنها يمكن ان تعمر في مناطق الشمال لاكثر من مائتي عام ويكون غرس الجد الرابع او الخامس وعند توزيع محصولها على الورثة ربما يكون نصيب الفرد عدد من التمرات فقط ، ولكن العبرة ليست بالكمية بل بالانتماء لهذه النخلة وهذا هو العمق الذي يجعل تكرار مفردة النخلة .. لأن للنخلة رمزية عميقة جداً لدى عموم أهل الشمال وعندما يذكر الشعراء امثال اسماعيل وغيرهم النخلة ليست هكذا على عواهنها بل بمعناها العميق .. وقد ينطبق على انسان المنطقة مهما كانت غربة هذا الانسان من البلد او مهما كانت مقدراته المادية والعلمية ومستواه الاكاديمي فلديه احساس داخلي لا يمكن التخلص منه فبمجرد عودته تأخذه خطواته الى حيث هذه الرمزيات من السواقي والنخيل وهي ليست لها حالياً أي قيمة مادية تذكر .. ولكنها تشعرك بانك جزء من هذه الارض وأن قدمك ثابته على الأرض وكأنك تحمل هذه السواقي والنخيل على كتفيك وتنسى كل وعثاء الغربة وتشعر بانك صاحب هذه الدنيا لأنها ملك الاجداد .. وعندما يقال أن الارض لها لون وطعم ورائحة ولغة .. هي السواقي .. والنخيل ... والغريب ان الانتماء ابداً لا يكون بالشراء وهناك من يشترون النخيل ويدخلون فيها بشراكات واسهم وهذه الشراكة تنتهي بنهاية النخلة .. ولا تنطبق عليه صفة المالك ما لم يكن من ضمن الورثة ومن اصحاب الارض وليس صاحب الشتلة ..
هذه الصورة كما ذكرت سابقاً وبعض الصور المماثلة مستهجنة في الوقت الحالي وغير ممارسة الا بصورة قليلة جداً وليست بنفس الطريقة ولكن كفكرة ليطمئن الوالد من بنته ..ونحن نورد هذا على فهم الشعر التراثي وليس تبنياً للفكرة ..

Quote: (عدل بواسطة الشيخ سيد أحمد on 07-31-2020, 11:40 PM)

الشيخ يا حبيب نعلّك عافية والعيد يتبارك عليك ؤ علي كل أحبابك .

مداخلتك أنا قريتا ؤ بشكرك عليها ؤ مسحك ليها ما بيمسحا من قبلك الطيّب
ؤ من دواخلك النقية، لكن يا الشيخ أخوي أنا ما تجاهلتها بس الدنيا عيد ؤ مشغوليات،
ؤ من ناحية تانية أنا ما زعلآن مِنّك لأني شايف مناكفاتك في المنبر التي يبدو أنها
أثرّت عليك شوية، هههههه . يأخ المنبر دا لا تحمل ما يدور فيه علي محمل الجد ؤ
صدقني الناس وكِت يتلآقو برّا ما بناتهم غير المحبة والمحنة، دحين يا أخوي أعفى
لي ؤ يا قول أهلنا اللوم بيجي بالغفلآت ...

والله يا ممعاوية مماك طالبنني حليفة..
انا ياجماعه معاوية ده زعلتو في شي قبل كدي..
لامن قلت اكونن وكرت لي وكرة معاهو وماني متذكر...

قلت النمسح مداخلتي دي وصباحات الله بيض..
والننشوف لا باكر ان بقيت ما اتذكرت لي شي...
بجيه صاد واكتب كلامي زاتو.واسالمك تاني من الاول..
اها صبحت الدننيا و لقيتك كما العهد بك ...زولن سمح بالحيل..
وقلت الحممد لله اتاريه الزول ماهو زعلان...قلت الحمد لله..
باقي نحن عندنا ناس مابندور زعلم تب ..

كويس انو انت مشغول بالعيد...والله يا معاوية نحن هنا ما جانا سوداني واحد
داخل علينا قال لنا عيدكم مبارك...

العيد يتبارك عليكم وان شاء الله ربننا يحقق امانيكم...
والعفو لوجه الله تعالى..
وراجين لسه تداعيك حول سماعين حسن.

يقول الشاعر "مختار دفع الله " ان اسماعيل حسن يتمتع بهيبة حضور كبير ..فإن كان في مجلس ما تجد ان اسماعيل يكون حول المحور للنقاش وهو المحتفى به..
في سنين الطفولة الاولى جمعتني باسرته "قمرة قطر" والقمرة في تعريف ناس القطر هي الغرفة الخاصة المنفصلة ...كانت الرحلة صوب ديار الشايقية ...أتاحت لي هذه الخصوصية ان اتعرف على ابنه "شريف" وابنته "احلام"..ولا زلت اذكر احتفاء والدتي رضي الله عنها بهذين الذين يشاركانا "القمرة"..وهو بلاشك ما حرك في نفسي مظاهر الغيرة ههههه...وياليتني كنت ابلغ من العمر والمعرفة في ذلك الوقت مايمكنني من معرفة ابناء ذلكم الهرم التربال ..حتى استنطقهم عن ذلك النبع الغنائي الانيق.
وبرغم مظاهر الغيرة التي كانت تتخللني الا انني اذكر طيب معشرهما رغم الضغوط التي تلازم الاسفار في بعض الاحايين فقد كانا في غاية التهذيب والمؤانسة
ظل ارتباط سماعين بالترابلة كما كانت كانت تناديه والدته حدالزين متواصلآ وممتدآ حتى بعيدآ عن ديار الشايقية ..فقد انتخبه مزارعي النيل الازرق ممثلأ لهم في ممجلس الشعب.
اسماعيل المولود في جلاس كان يقول انه من شرق كورتي وهي منطقة كبيرة جدآ تشمل مناطق الشايقية على امتدادها..لكنه الارتباط بالتاريخ في ظل بحثه عن الهوية...

هذه الجزئية (منقولة) :.
ويظل إسماعيل حسن القيثارة الخالدة كما يقول" محمد عبدالحميد " إنه إسم مشدود كالوتر ،
إمتلك السحر وسر الكلمة الرقيقة ، وأمسك بذؤابة الطرب ، وساق أمته تطوعا إلى السماحة في الروح والوجدان وأنشد للوطن الحبيب وذاب في حبه ولها وشوقا وغراما "
نجيك كيف ونهواك كيف
وكيف يا إنت تتحب
عوالم فوق عقول الناس
وفوق دنيا الخيال حبة .


اسمماعيل حسن من الاسماء التي لاتخضع للقياس في مناطق الشايقية..اجمع الناس على حبه واحترامه وتقديره..

شكرا حبيبنا الشيخ على الحضور الرائع
اضافة رائعة وجميلة ..
اسماعيل متفرد جداً ..
يعرف دهاليز التراث والمورورث في حياة الترابلة

بالغ في قمر بوبا .. ووردي رحمه الله

احيانا المصطلحات النوبية نجدها في شعر اهلنا الشايقية
رغم أنها منقرضة لدى الكثير من النوبيين
اذكر اننا كنا مجموعة من رابطة دنقلا نبحث عن هذه المصطلحات
وجدنا في شعر اسماعيل حسن عبارة ( كلنكاكول) اصابنا اندهاش بلا حدود
كلو ( الحجر أو الجبل ) كا ( بيت أو مقر ) كول ( صاحب الشيء)
بالترجمة المباشرة هي ( بيت الحجر ) ولكن المعنى الحقيقي ( الغار ) غرفة في الجبال
كان المشايخ يعتصموا فيها ( كما غار حراء )

قالها في وصف قريته ( القلعة ) :

كلنكاكول ابو الصلاح ويابا
ويا جبلا يطل فوق السحابة
تورايخك بدت فجر الصحابة .
وفيها يقول :
طريت القلعة شبيت فوق هضابا
وفى واطاتا جرجرت الكتابة
كبرت وما كبرت على رحابا

يا سلام يا اسماعيل رحمك الله
كنا مستضيفين الفنان والملحن الجميل ميرغني النجار
في جمعية ابناء ( بنا ) في جدة وهي جمعية ناس أخونا الموسيقار احمد ياسين
شارك معنا في وصف المنطقة وكلنكاكول

تحياتي الاحباب

مثال قمر بوبا .. كان نوع من الحلي زمان أهلنا يحضروه من حلفا
تقريبا كانت صياغة مصرية .. وقمر بوبا اصغر قليلاً من العكش ( تعلق في الاذن )
وكذلك كان نوع ( الشبشب الخفيف ) ولكن الغالب كان نوع من الذهب للزينة
===================================
قمر بوبا .. روعة اسماعيل ..
ولم يكد يخلو بيت فيها من المصوغات الذهبية مهما كان حجمها ، وأعز وانقى هذه القطع كان (الجنيه الانجليزي) وهي قطعة مصاغة في شكل عملة عليها صورة الملك جورج ، أما "قمر بوبا" فكانت حلية تعلق في الاذن وعبارة ( قمر بوبا عليك تقيل ) تعنى رقة ونعومة تلك الانثي حتى انها لا تستطيع ان تتحمل تلك الحلية الصغيرة الحجم، أما بالنسبة لطول العنق فقد ذهب الى تشبيه لا أظن انه شاعري (الرقيبة قزازة عصير) ، والقمر بوبا لمن لا يعرفه هو نوع من العكش الصغير الحجم ، والعكش كان معروف لدى النوبيين منذ زمن طويل بإسم ( هكش) وتم تحريف الاسم الى ( عكش) بالعربية ، وهناك انواع كثيرة بمقاييس مختلفة ( هكش الوقية ) يعتبر من اكبر الاحجام ثم النصف والربع ،وأحياناً كانت المرأة النوبية تبالغ في الترف والزينة فتعلق عكشين في كل اذن، وخوفاً من حدوث اي جرح أو اذى في الاذن كان يتم رفع العكش بالحرير الاحمر الجميل بين الاذن والاخرى وفي المجالس النسائية كانت المرأة تكشف عن شعرها وتهز رأسها ليصدر صوت حفيف بسبب احتكاك العكش كنوع من المباهاة ، وقد وردت الحلي كثيراً في الشعر والغناء النوبي : ( اسمر شيريتو .. دسي ديناريقو ) "السمراء ذات الدنانير" وهي اغنية تردد على نطاق نوبة مصر والسودان واجادها الفنان النوبي محمد منير ولكن إذا سمعتها من البلابل فهي من الروعة التي لا تجدها عند أي فنان آخر في الكون ، والدنانير كانت من الحلي التي تتزين بها الاناث وهي دائرية الشكل تشبه العملةالنقدية تعلق على الجبهة وقد وصفها الفنان العبقري خليل فرح بقوله ( خلي جات متبوعة صافية كالدينار ) دليل على والوهج والبريق..

القصد أن يعرف من ليس معرفة بمصطلحات المنطقة
ليسمع هذه الاغنيات الرائعة بعمق ..

تحيات عطرات استاذنا الجليل علي عبدالوهاب..

الممصطلخات النوبية في شعر اسماعيل حسن موجودة..

مثلآ حين يقول :

ووب على امك

وهي كلمة مرتبطة بالحزن..

اما "ووب" فهو كبير الكهننة المختص بتحنيط الموتى عند قدمماء الكوشيين.

كلما ناظرت جبل البركل وسمو رفعته عن الارض في رحلة مراقبته المستمرة دون كلل او ملل
تباردر الى ذهنني صورة اسمماعيل حسن...وهو احساس شخصي ..لكننه يستنند
الى بعض معطيات التاريخ حول مسكن الإله "امون" في حضارة وادي الننيل القديم..فقد كانن الحججاجج
يأتون ممن "مصر" وممنناطق شممال السودان لإقامة طقوس الحج...وكان الطغام يبذل مججاننآ على الطرقات..
هذه اللمحة التارريخية مرتبطة عنندي باسماعيل حسنن وهو احساس لا استطيع تفسيره..لكنني استطيع تفسير
بذل الطعام المجاني في طقوس حج حضارة وادي الننيل باشعار اسماعيل حسن ودعوته السرممدية للجممال دون منآ ولا اذى
ودون مقابل.

حبيبنا الشيخ .. تحياتي
المهم الآن أجمل تواصل ورابط ثقافي
هذه المفردات مهمة جداً بالنسبة لعامة الناس
أن يشعر الناس انهم من مكون واحد وخاصة من ناحية الامومة
الرائع الزول الجميل المتربع بالادب والتراث حبيبنا بريمة جمع لي مقالات
كنت انثرها عبر سودانيز عن حميد واسماعيل وباقي الشعراء كنت اكتب تحت
عنوان ( المفردات النوبية في شعر اهلنا الشايقية ) اصبح كتاب كامل منتظرين طباعة
كلما نويت الطباعة تنداح علي المواضيع والمفردات من عقد جوانب ودخلت في دائرة
اشعر من مشى على قدميه ولا حتى امرؤ القيس ( حاج الماحي ) تخيل فقط عبارة ( كرقنا )
يمكن صفحات .
دائما ايجاد المشترك بين القبائل والجهات تزيد من الترابط والأمن المجتمعي الذي يعجز حتى القوانين
على تطبيقه ..

تحياتي الحبيب الشيخ .. وشكرا على المداخلة القيمة ..

أستاذنا الفاضل القدير علي وضيوفك الكرام ليكم التحية والسلام
وكل عام وإنتم وأهلنا الترابلة في محبة وسلام وأمان وعود الأيام

قاضنتود .. ( قادنتود ) يا اصيل ..
ياسلام عليك جملت صدر البوست بهذه الاغنية الجميلة
أذكر الحبيب محمد زمان لمن كنا صغار كانت المصوغات كلها
تأتي من مصر عبر حلفا
الشف والفرج الله ، قنتي ، قمربوبا ، عكش ، جلادة ..الخ
الزمن الجميل
رحم الله اسماعيل ووردي ..
تحياتي

أجمل وصف لنشر الرسالة المحمدية ومعاناة المسلمين في سبيل ذلك
شبهها حاج الماحي بتركيب الساقية وجلب مياه النيل الى مناطق الزراعة
وهنا شبه المصدر الاسلامي بالنيل والوسيلة التي توصل الرسالة بالساقية
والمعاناة التي تكبدها الرسول صلى الله عليه وسلم واصحابه .. شبهها بتعب المزارعين
لتوصيل الماء ثم بعد ذلك الحصاد هو الخير والزراعة ..

وكأن تلك الساقية قامت في المدينة المنورة وتصلها مياهها وخيرها الى الشام

خطاب جميل للترابلة في ذلك الزمان لفهم كيفية نشر الاسلام ..

حاج الماحي كان نابغة ..


بعد هذه المقدمة سوف آتي بشيء مختصر

لم اتردد رغم الصعوبة دخلت في عالم حاج الماحي بحثاً عن مصطلحات الترابلة
في شعر أهلنا الشايقية .. أؤكد ان الماحي كان على دراية تامة بالكثير من المفردات النوبية
=================================
عكفت عليه منذ فترة لقراءة التأثير النوبي على الادب الشايقي وكانت البداية من شعر حميد رحمه الله والذي تجلى فيه الكثير من القيم الدنقلاوية خاصة بحكم الجوار .. ثم تحولت لقراءة مدائح حاج الماحي ووجدت فيه الكثير من الكلمات ( النوبية ) الدنقلاوية وكأن حاج الماحي كان يتحدث بالدنقلاوية أو لديه معرفة ببعض العبارات وربما كان في ذلك الزمان نوع من التداخل والقرب لأن وصفه للمنطقة حتى مشو والحفير وما بعد حلفا فيه نوع من الابداع لا يأتي بالسماع فقط ..
وما ميز حاج الماحي عن باقي المداحين وما جعله مرجعية ومقارنة لكل من أراد مدح الرسول صلى الله عليه وسلم هو عمق تعبيره وكمية الادوات والمفردات كان يمتلكها الرجل فهو ينتمي الى مجتمع زراعي فيه عمق لكل مفردة ودليل حي لكل رمزية يمكن ان يتكيء عليها الشاعر او المفكر عندما يطلق التشبيهات ويقرب المعاني للاشخاص العاديين ( المستمعين ) في ذلك الزمان . ومن حبه للرسول صلى الله عليه وسلم ، أراد حاجي الماحي ان يشرح للعامة مغزى الرسالة وحكمته صلى الله عليه وسلم وكيف بدأ بنشر الدعوة أنطلاقاً من المدينة حتى تخوم الشام والعراق ثم الى العالم ، فجاء بهذا الوصف البديع والاقرب لفهم الترابله الذي لا يخلو من الذكاء والتقاط الصور اذا كانت الصورة من بيئته وكأن حاج الماحي هو المعلم المتمكن ، ومن أبجديات ممارسة التعليم ان يكون لدى المعلم وسائل ايضاح ( كما المعلم اليوم ) سرعة فهم المتلقى ورسم المعرفة كصورة تتعلق في ذهنه فكانت صوره تعبيرية مجسدة من واقع المزارع كما فيه هذه الابيات :

القُبّة الطّلق نسّامّا شوقي حليل خُداما
بسم الله العبيد نظّامّا ربط الساقية فوق اسهاما
شعبا جابرة مو هدّاما ترتر لي مروقا عظاما
رصّاها ودفن بتماما ختخت وعدّل الحوّامه
رفع الديّو وسند النّامه دفق بافضل الايّاما
سارت ساهله مافي كلاما جاب بقراً نُشاط وهُماما
ساق حمد الهدي نهّاما ماها بقلّب القسّاما
عقدها سبحة القياما تغرف كير ولو جمّاما
فاض ماها ومرق قدّاما جدولا راح مدينة الشّاما
الصّمد الحقير ما ناما حاج صالح حرص نجّاما

دعنا نقرأه سوياً ، فكما ذكرت آنفاً فالرجل يريد تجسيد معاناة الرسول صلى الله عليه وسلم واصحابه في نشر الدعوة ، وبدأ بتشبيه انتشار الاسلام من المدينة المنورة الى اصقاع الدنيا بالساقية التي ترسل مياهها وخيراتها الى كل الاتجاهات .. وعندما أراد أن يصور معاناة المسلمين الاوائل في بداية الدعوة شبها ببداية تركيب الساقية في الموسم وهي الفترة التي يعاني فيها المزارع من التعب الجسدي والانشغال بأمور كثيرة لا تجعله ينام بإرتياح وهذه الصورة تقرب للمستمع فهم الوضع الذي كان فيه المسلمين .. فبدأ ببسم الله .. ثم البداية والخطة لرسم طريقة تركيب الساقية وتثبيت الاخشاب التي تحمل الساقية والمروق والديو عنصر اساسي في الساقية ترتكز عليه الحلقة تماماً كما المروق في سقف البيوت البلدية والترتر وبالدنقلاوية تسمى ( ترنتري ) وهي من الاجزاء المهمة في الساقية ثم الرصاص ورفع الديو ونامي ( النام ) وهي ركيزة الساقية ويقال لدينا ( كوليه نميبو ) إذا حدث خطأ في تركيب هذا الجزء او هناك انفلات وهذه الجزئية اذا تفلتت تنهار الساقية بأكملها وعندما يكون هناك شك يقوم الصمد بربط الساقية في شجرة من انطلاقاً من هذا الجزء .. ثم كانت البشارة أن دارت الساقية وبدأت تسقي الزرع ثم بعد نبت الزرع كان النجام (حاج صالح حرص نجّاما ) والنجام هو تنظيف المحصول من الطفليات ثم انتشار الماء والخيرات في انحاء الساقية بعد أن أمتدت جداول الساقية ( الاسلام ) وهي تحمل الهداية والتقوى في سقياها حتى الشام فكان الازدهار وانتشار الرسالة الى آفاق بعيدة ..
(فاض ماها ومرق قدّاما جدولا راح مدينة الشّاما)

وبهذه المعاني العميقة قرب حاج الماحي معاناة المسلمين الاوائل في نشر الاسلام وشبههم بتلك المعاناة التي يتكبدها المزارع عند بداية الموسم وكلنا قد عايشنا تلك المرحلة ورأينا كيف كان يعاني آباءنا في بداية تركيب الساقية وتوزيع المياه الى كل اجزاء أملاكهم ، فهكذا الصورة تكون واضحة لذلك التربال ليفهم بالصوت والصورة والرمز كيف عانى هؤلاء الاوائل في نشر الاسلام وكم قابلهم من عنت وتعب في سبيل نشر الدعوة ، وتتجلى موهبة حاج الماحي وعمقه في استخدام أدوات المعرفة التي كانت متاحة له وليس هناك طريقة اخرى أجمل وأكمل صورة من هذا التشبيه الذي يقرب المعنى والصورة إلى البسطاء من متلقي شعره ، وهذه هي رسالة الشاعر الحقيقي ، فشاعر الموهبة والسليقة هو الشاعر الحقيقي ..

للحديث بقية ..