حرب الاديان في "البورد" ... على ايقاع هلال-مريخ!!

حرب الاديان في "البورد" ... على ايقاع هلال-مريخ!!


10-26-2005, 07:17 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=51&msg=1134774721&rn=4


Post: #1
Title: حرب الاديان في "البورد" ... على ايقاع هلال-مريخ!!
Author: atbarawi
Date: 10-26-2005, 07:17 AM
Parent: #0

يمثل هذاالمقال الجزء الثالث من سلسلة مقالات "الفقه والدين بين النسبي واليقين"

لا أدري لماذا عندما اطلعت على عنوان بوست إسلام القس يوسف تكثفت في ذهني مجموعة من الصور المألوفة في الوسط الرياضي السوداني؟ ربما طريقة الإثارة التي كتبت بها، ومستوى اللغة الموحي والمستدعي مثل هذا النوع من التداعيات، خصوصا وأن للغة في كل مستويات خطابها القدرة على إنتاج صورها كمعادل موضوعي للمفردة.

ما إن فرغت من قراءة عنوان البوست وقبل أن أدلف إلى تفاصيله، حتى ترآى لي القس يوسف محمولا على الأعناق بين آلاف الحشود الواقفة أمام باب الجامع الكبير بالخرطوم وهي تهتف بصوت هادر وتلوح بالعمائم "وين وين تلقوا زي دا... يوسف أسلم والله أدا"!!!. وهناك على مقربة من الجمع 5 مسيحيين يتهامسون في غيظ: "ديل ما ناقشين حاجة، هو لو ما منتهي كان فكيانهو ليهم؟"!!
أما بوست العالم الذي اسلم والطريقة الأكثر إثارة التي عرض بها " الله أكبر... انتصار مهم للامة الإسلامية....." ، فهو يحيلك مباشرة إلي جرائد احمد البلال الطيب. وبالفعل تماثلت أمامي صورة العالم الأمريكي كبيرة في صفحتي الوسط مصرحاً:"أنا أساسا جيت عشان انتصر ليكم على المسيحية، وما تخافوا أنا عارف قيرم وقعاقيرم"!!!

أما الجانب المسيحي السائل عن "ألوهية محمد" ومعاني "كهيعص" على طريقة "بكرة السفر مجان" تلك العبارة الشهيرة التي تكتب في البصات السفرية. فمهما جيت بكرة ما حا تسافر مجان، لأن بكرة سيظل في انتظارك وأنت تلاحقه. فالعم أرنست يعلم في قرارة نفسه أن الذي يقف بينه والإسلام ليس معنى هذه الأحرف، بل هو قناعته التامة بعقيدته التي يعتنقها – وهذا من حقه- ولذلك مهما تفنن القوم في تفسيرها لن يجد ذلك صدى عنده، ولكن غير المفهوم هو الاستغراق في هذا "الدافوري" الديني كثيف الغبار؟!!.

كثيرا ما تساءلت بعد كل قراءة مقال من تلك الشاكلة من المقالات، ماهي الرسالة التي يود الطرفان إيصالها ؟ وهل تمثل هذه الطرق المتبعة الأسلوب الأمثل في تنازل أحد الطرفين عن دينه؟ وهل يعقل أن أديان راسخة عبر آلاف السنين تنتظر كل هذه المدة لكي يعجل بنهايتها بعض السايبريين؟؟ إن إغفال التاريخ هو السمة المألوفة في مثل هذا النوع من السجالات العقيمة. وبالتالي الخوض في مناقشات دائرية تستهلك الوقت والطاقة. الغريب في كل ذلك هو السعي الحثيث من قبل كل الأطراف للتسلح بالموضوعية والمنهجية في غير موقعها. بديهي أن الأديان هي حالة إيمانية تعتمد على اليقين والتسليم. صحيح أن كل طرف يستطيع أن ينظر إلى دين الآخر بميزان العقل لأنه ليس متورط في الحالة الإيمانية التي يعشيها الآخر، وفي هذه الحالة يستطيع بسهولة أن يستخدم المنهج العقلاني والمنطق لإيجاد ثغرات يشكك بها في جدوى دين الآخر. ولكنه في ذات الوقت لا يسير بهذه العقلانية إلى آخر الشوط لانه لا يطيق أعمال نفس المنهج في معتقده!!. إذن هذا حوار طرشان إن لم نقل سفسطة لا طائل منها سوى تزجية الوقت لدى البعض. إن هذا النهج من التمترس الدفاعي والانطلاق لزعزعة الآخر عبر منهجية الهجمات المرتدة هو ما نشاهده في هذه السجالات، دون أن تنبئنا – ولا أعتقد أنها سوف تفعل- أن هناك طرف منتصر. وهو وضع أشبه بمشجعي الكرة المتعصبين الذي يقضون السنين الطوال في سبيل حسم أيهما أحرف ماجد أم جكسا!!.
لم يحدثنا التاريخ أن هناك دينا – مهما كانت بدائيته- قد أندثر لمجرد أن الآخر قد شكك في عقلانيته0 فالأديان حقيقة ليست هذه النصوص المجردة التي يستهلكها البعض هنا في الإفحام والدحض ، بقدر ما أنها نسيج معقد يتداخل فيه الثقافي والاجتماعي والعادات والتقاليد عبر سيرورة أبدية وبما يجعل منها صنوا للهوية أن لم تكن الهوية ذاتها. وهذا ما يفسر قدم الأديان واستمراريتها بغض النظر عن عقلانيتها من عدمه0 وحتى الأديان التي اندثرت أو كادت لم يتم ذلك لأن أهلها فجأة اكتشفوا خطلها بقدر ما أنه نتاج هيمنة خارجية وعملية طويلة تمارس فيها كل الحيل عبر الأجيال تقوم على مفهوم الإحلال والإبدال وبشكل بطيء ربما يستغرق أزمان طويلة حتى يتم القضاء نهائيا، وفي الغالب لا تنجح بشكل لافت، بقدر ما أن الناتج يكون دائما شكلا هجينا.

غياب المغزى من دوافع كل هذا العراك والاكتفاء بالحمية الدينية هو السائد والمغطى على العقلانية والتساؤل، رغم أن البعض ممن يتعاركون لا تنقصهم الحصافة والألمعية للالتفات لعدمية الصراع، ولكن تمكن فيروس الأيدلوجيا منهم قضى على كل أمل في التأمل والتفكير.
في رأي، أن معارك أيديولوجي الأديان الكتابية في هذه اللحظة من التاريخ هي معارك هروبية من حصار لحظة الحقيقة المرة التي لا يريدون مواجهتها، وهي أن سعيهم الطويل عبر التاريخ لجعل النصوص المقدسة خطابات مغلقة مستعلية على التواصل عبر التأويل المستمر وبما يتوافق مع اللحظة التاريخية المعاشة جعلهم خارج التاريخ وتحت رحمة العلمانية التي سحبت البساط يوم أن انتفضت منذ عصر التنوير على هيمنة رجال الدين الكنسي وحتى راهن اللحظة من واقع هيمنتها على الحاضر. الكل هنا تابع ، والكل هنا يعاني أزمة يهرب منها بافتعال المعارك الوهمية والانتصارات الزائفة.

لن يخرج المسلمون من أزمتهم ولو اسلم كل علماء العالم، لأن ذات الظروف التي أجهضت الحضارة الإسلامية بنفي علمائها وتحقيرهم وقتلهم ما زالت هي المسيطرة. إن النظرة التجريدية للدين وانتزاعه من سياقه الثقافي – الاجتماعي هي مصدر كل هذه الأماني والتهليلات الساذجة التي نصادفها لحظة كل إسلام مسيحي. عندما اسلم الفيلسوف الفرنسي "روجية جارودي" هلل العالم الإسلامي على ذات الطريقة الكروية الأثيرة، ورأوا فيه الضربة الساحقة للمسيحية رغم أن الرجل وجودي ،ولكن الخلط الساذج بين الغرب والمسيحية قادر على إشاعة الهرجلة والتسطيح. نسى هؤلاء أن الرجل نتاج بنية معرفية وثقافية تتيح له أن يمارس حرية نقدية في موروث الدين الذي ارتضاه طوعا،وبما يتسق مع مرجعيته الفكرية. وبالفعل تحولت الفرحة إلى خيبة أمل حينما انبرى الرجل على نقد الواقع الإسلامي المتخلف وأعمل أدواته المنهجية في مراجعة التراث الإسلامي المؤسس على التلقين والحائز على القدسية التي تجعله بمنأى عن المراجعة. لم يجد القوم في نهاية المطاف سوى وصفه بأن إسلامه لم يحسن بعد!!. في ذات السياق، إن أسلمت أمريكية رقص الجميع فرحا وطربا،ولكن عندما تعلن رغبتها في إمامة النساء للصلاة وفقاً لإحساسها بكينونتها المستمدة من واقعها الثقافي الاجتماعي القائم على المساواة اسود وجه القوم على هذا النشوز والخروج من بيت الطاعة. كل هذا يحدث وأكثر لأن مفهوم التدين نفسه ملتبس وخاضع للتجريد والإسقاط أكثر من كونه متسق مع الواقع الحياتي المعاش بكل تعقيداته الثقافية والاجتماعية والحضارية.

إن الأسئلة الحقيقية التي يجب أن ينبري لها المتصارعون من سدنة الأديان الكتابية هي لماذا أصبحت هذه الأديان في موقع التابع للحضارة المادية المعاصرة؟ ولماذا اكتفوا بدور المستهلك لسوقها؟. وما هي الكيفية التي يمكن أن يتحقق بها التعايش السلمي للأديان بحيث أنه الصيغة الوحيدة التي بمقدورها أن تجعل من هذا الكوكب مكاناً محتملاً، شريطة أن يستنبط مفهوم هذا التعايش من داخل نصوصها وليس استلافاً من منظومة القيم الوضعية والمتفوقة في هذا الصدد؟ والتأكيد في قدرتها على القيام بأدوار رئيسية على أرض الواقع تلبي الحاجات الروحية والتشريعية لإنسان هذا العصر؟ إن هذا لن يتأتى إلا بالاعتراف أولاً بأنها لم تعد تسهم إسهاما حقيقياً في مصب الحضارة وذلك لتقاعسها عن مراجعة منظوماتها الفقهية المحنطة وغير المواكبة لمتغيرات الحياة والباحثة عن الحلول في الماضي والمستغرقة في الاستيهام والسحر والشعوذة، كحلول سحرية تخفي به عورات حاضرها.
أن الاكتفاء بالركون للإنكار أو إدمان التلفيق في محاولة لحقن العافية في منظومة العلوم الدينية المنبثقة من نصوص الأديان الكتابية أو محاولة التماهي مع قيم الحداثة -كما هو الحال مع المسيحية- لاخفاء نكوصها وعدم قدرتها بأدوار حقيقية على أرض الواقع سيجعل منها بمرور الوقت مجرد شعائر طقوسية وملاذ للهاربين من مواجهة الواقع وتبعاته كما هو حادث اليوم.

عبد الخالق السر/ ملبورن
26/10/2005م

Post: #2
Title: Re: حرب الاديان في "البورد" ... على ايقاع هلال-مريخ!!
Author: Hafiz Bashir
Date: 10-26-2005, 08:21 AM
Parent: #1




الاخ عبد الخالق

اتابع كتاباتك و استمتع بها جداً

و في انتظار المزيد




Post: #3
Title: Re: حرب الاديان في "البورد" ... على ايقاع هلال-مريخ!!
Author: النصرى أمين
Date: 10-26-2005, 10:03 AM
Parent: #1

الاخ عبد الخالق السر

كالعاده اتابع كتاباتك باهتمام....


حرب التسجيلات ماذالت مستمره ...

ويقال ان الفريقين يحشدون العده لهجوم مضاد...


تقبل تحياتى

Post: #4
Title: Re: حرب الاديان في "البورد" ... على ايقاع هلال-مريخ!!
Author: kamalabas
Date: 10-26-2005, 12:40 PM
Parent: #1

شكرا أخ عبد الخالق علي هذا المقال القيم, الكاشف والناقد
والذي نبذ القشور والمظهر ونفذ الي جوهر القضية...

حاولت في خيط للأخ هوبفل بعنوان
ألف باء ...صناعة أرهابي مسلم وبوست أخر للاخ فرانكلي يدعو فيه
للأهتمام بنشر الأسلام والعربية في الجنوب ....
حاولت أن أقول هذا... حيث ثبت أبتداء أن مايطرحه هوبفل من أسئلة
يشك أزمة ومعضلة للفهم السلفي والأصولي للدين الأسلامي
وما كان يعتنقه
هو من تطرف.....وذكرت أن سلاح ضرب ومواجهة الاسلام بأعمال العقل أو
محاكمته بفهم لنصوص بمعزل عن ظرفها هو سلاح يمكن أن يضرب المسيحية
نفسها... وقد قمت بالأستدلال من الكتاب المقدس لدي المسيحيين
....
في سجال مع بعض الأخوة في خيط هوبفل...
وطبعا تحدثنا عن أن الفهم السلفي والأنكفاء وأنكاروجود أزمة
مغالطة للواقع وتعميق للأزمة .....
وفي الخيط الأخر سلطت الضوء علي العقلية التي تنادي وبلبرالية مفرطة
لكفالة حق المسلم في الدعوة والتبشير جنوبا..ثم تقوم ذات العقلية وبسلفية مطلقة
بحجر حق غير المسلم في التبشير والتنصير في أرض الاسلام
والأهم من ذلك
أنها تقوم برفض ثمرة أي دعوة وتبشير وأعني حرية الأعتقاد والردة!!!!
أرجو أن تتطلع علي تلك الخيوط ....ولك شكري......
كمال

Post: #5
Title: Re: حرب الاديان في "البورد" ... على ايقاع هلال-مريخ!!
Author: atbarawi
Date: 10-27-2005, 03:37 AM

الاخوان حافظ بشير والنصري أمين
سلامات وشكرا على اهتمامكم ومتابعتكم لما أكتب ، ولي قدام.

العزيز كمال عباس
سلامات
اتابع باهتمام ما تكتبه. ولي عودة على تعليقك الضافي في هذا الصدد.
لكم المحبة
عبد الخالق