روسيا أوكرانيا، عودة القطبية الثنائية وجديد الفيفا :د. محمود دقدق

روسيا أوكرانيا، عودة القطبية الثنائية وجديد الفيفا :د. محمود دقدق


03-04-2022, 06:49 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1646416141&rn=0


Post: #1
Title: روسيا أوكرانيا، عودة القطبية الثنائية وجديد الفيفا :د. محمود دقدق
Author: محمود ابكر دقدق
Date: 03-04-2022, 06:49 PM

05:49 PM March, 04 2022

سودانيز اون لاين
محمود ابكر دقدق-الدوحه
مكتبتى
رابط مختصر



د. محمود أبكر دقدق
قانوني وباحث

[email protected]



تقول أوكرانيا أنها ضحية تقديرات خاطئة وهي تَجْتَرُّ بكل لوعة وأسى لحظة التوقيع على مذكرة بودابست للضمانات الأمنية، Budapest Memorandum on Security Assurances تلك المذكرة التي جردتها من سلاحها النووي وأمنها في آنٍ واحد!. وُقعت المذكرة في 5 ديسمبر 1994 في بودابست عاصمة دولة المجر بين أوكرانيا وروسيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وتتعلق المذكرة بنزع السلاح النووي الأوكراني مقابل الضمانات الأمنية لاستقلال أوكرانيا. وفقاً للمذكرة، تتنازل أوكرانيا عن ترسانتها النووية لروسيا، وتتعهد روسيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة بالآتي:
1. احترام استقلال أوكرانيا وسيادتها على أراضيها.
2. حماية أوكرانيا من العدوان الخارجي وعدم توجيه عدوان عليها.
3. عدم وضع ضغوط اقتصادية على أوكرانيا للتأثير في سياساتها.
4. عدم استخدام أسلحة نووية ضد أوكرانيا.
‏وقعت اوكرانيا هذه المذكرة وهي معصوبة العينين ومسلوبة الإرادة، وبذلك صارت مركز إستقطاب حاد، حيث قُدر لها أن تكون عازلاً وحائط سد في وجه المارد الروسي ومن ثم جاء الغرب يسعى لإيجاد موطئ قدم له في خاصرة الدب الروسي، غير عابئ بردود أفعال روسيا التي لديها شعوب روسية أرثودكسية في أوكرانيا ذات حساسية مفرطة تجاه الغالبية الاوكرانية الكاثوليكية القريبة فكراً ووجداناً من الغرب. أبدت روسيا امتعاضها إزاء هذا السلوك الغربي وقامت بتمزيق مذكرة بودابست ونثرتها ادراج الرياح، وتجاهلت ميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي بصفة عامة وانقضت على الدولة الجارة تمهيداً لإبتلاعها، بشهية مفتوحة في عز الشتاء، بحجة أن أوكرانيا لم تكن يوماً مستقلة بالكامل وأن النازيين الجدد في أوكرانيا قبلوا القيام بدور الدفاع عن مصالح الآخرين عن طريق تحويل دولتهم الى درع للحضارة الغربية. وتضيف روسيا أن الأمن القومي للشعوب الروسية غير قابل للتجزئة.
‏الدول الغربية ردت بعقوبات دبلوماسية وسياسية، وفي شتى مناحي الاقتصاد تقليدية كانت أم حديثة سيبرانية، وحتى عقوبات رياضية عندما دخل الفيفا لأول ‏مرة في تاريخه في الشأن السياسي وجمد عضوية روسيا، حيث أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) إقصاء روسيا من المشاركة في كأس العالم المقررة في دولة قطر، وإيقاف كل المنتخبات الروسية الوطنية لكرة القدم وأنديتها "حتى إشعار آخر"، ذات الفيفا ‏الذي طبق بصرامة القانون Laws of the Game وظل طوال الوقت يؤكد ابتعاده عن السياسة والشأن الرسمي للدول، ‏وهو الذي فتح تحقيقا عند وقوف لاعبي الأرجنتين بالقرب من لوحة كتب عليها جزر الفوكلاند أرجنتينية، وتم ‏انذار محمد أبو تريكة من قبل الكاف عندما كشف عن شعار يحمل تضامناً مع مواطني قطاع غزة، وهناك العديد من الحالات ما لا يسع المجال لذكرها، ولقد أثارت عقوبات الفيفا الجدل حول دوره في المسائل السياسية.
هكذا سار التصعيد بلغة الروس والعدوان بلغة الأوكرانيين الى حرب تتجه نحو مهاوي الردى، ‏مخلفة ضحايا من المدنيين الأبرياء والفئات الأكثر ضعفاً وفاقمت من متاعب اللاجئين ‏المقيمين في أوكرانيا قبل هذه الحرب والذين كانوا يطلبون الحماية واليوم بات حالهم كالمُستجير من الرمضاء بالنار، وعند عبورهم الحدود الى دول الجوار الأوروبي واجهوا رذيلة التمييز بين البشر على أساس اللون او العرق، وهكذا كشفت الحرب عن وجهها الكالح القبيح وقد اشتد أُوَاراها ايذانا بتقسيم العالم مرة أخرى وظهور الأحلاف وبداية للحرب الباردة مجددا أو الحرب الساخنة، اذا أرِدت القول.
ومن آثار هذه الحرب نشوب حرباً كونية إقتصادية، فاهي أسعار ‏الغاز والطاقة وقد شمرت عن ساعدها ايذاناً بعولمة الحرب وهي تشير الى أن أي شخص في اركان المعمورة الأربعة سوف لم يكن في مأمن من آثار هذه الحرب الاقتصادية على أقل تقدير، وأسعار المواد الغذائية تسير على ذات الدرب… ونتضرع الى المولى عز وجل أن يتوقف الأمر عند الحرب العالمية الاقتصادية ولا يمتد لما سواها.
وهنا نطرح تساؤلاً قد يبدو منطقيا في ظل هذه الأحداث على الساحة… هل أخطأ العَالِمِ والفيلسوف الأميركي فرانسيس فوكوياما عندما أصدر كتابه الأكثر شهرة "نهاية التاريخ والإنسان الأخير"، The End of History and the Last Man، عام 1992 بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي السابق، أثر ما قام به مخائيل غورباتشوف بتقديم مبادرتي (بيريستوريكا) "الإصلاحات اقتصادية" و(الغلاسنوت) "مبادرة اتباع سياسات أكثر شفافية وصراحة"، التي أذابت الإتحاد السوفيتي وحولتها الى دويلات عدة ، وحينها أكد فوكوياما إنتصار الليبرالية ايذاناً بنهاية التطور الأيديولوجي للإنسان وبالتالي عولمة الديمقراطية الليبرالية كصيغةٍ نهائيةٍ للحوكمة.
لعل الإجابة الشافية لهذا التساؤل يمكن استخلاصها من سياق الأحداث الآنية للحرب الروسية الاوكرانية والتمحور والإصطفاف الذي بدا للعيان منذ التصويت في مجلس الأمن لتمرير مشروع قرار أممي أصطدم بالفيتو الروسي وإمتناع ثلاث دول عن التصويت وهي الصين والهند والإمارات العربية المتحدة، ومعلوم أن الصين لديها الكثير من المسكوت عنه، وهي التي ذكرت أن العقوبات لن تحل مشكلة في الصراع الماثل بل الحوار، وهو تصريح يستحق التوقف عنده ملياً. ولحظة كتابة هذه السطور هناك جلسة طارئة ‏للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الوضع في اوكرانيا وقد هدفت الجلسة التي أنتهت للتو مناقشة مشروع قرار يدين الغزو الروسي لأوكرانيا، وقد حملت هذه الجلسة مفاجآت ونوعاً من الإصطفاف والتمحور على حد تقديرنا خاصة وأن عدد الدول التي صوتت لصالح القرار ١٤١ دولة مقابل ٥ دول صوتت ضد مشروع القرار وهي كل من روسيا ، إريتريا، كوريا الشمالية، بلاروسيا وسوريا، أمتنعت ٣٥ دولة على رأسها الصين والهند وباكستان، إيران، الارجنتين وجنوب افريقيا ….. ومن الدول العربية كل من الجزائر، السودان، العراق، المغرب ولبنان.
بيد أن الدول التي دعمت روسيا صراحة سوف تدفع ثمناً باهظاً جراء ذلك وربما نرى بعض منها يعاني حيناً من الدهر نتيجة لهذا الإصطفاف الذي يعوزه السند القانوني الرشيد، لأن ‏ميثاق الأمم يحرم التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد "الأمم المتحدة"، ويقول البعض ان الإمتناع عن التصويت في مثل هكذا مواقف يصنف على أنه رفض للقرار أكثر من قبوله، على الرغم من غياب الدليل.
يا ترى هل سيخرج من رحم هذه الأزمة الكارثية قطب تتمحور حوله بعض الدول على أساس جديد وغير تقليدي، وتبدأ حقبة جديدة من الاستقطابات وحرب باردة كانت أم مستعرة.
يجدر بنا في هذا المقام الرجوع لكتاب صدام الحضارات أو صراع الحضارات (The Clash of Civilizations) لكاتبه صامويل هنتنجتون والذي انتقد تلميذة آنف الذكر "فوكاياما" حيث يرى هنتنجتون ان صراعات مابعد الحرب الباردة لن تكون بين الدول القومية واختلافاتها السياسية والاقتصادية، بل ستكون الاختلافات الثقافية المحرك الرئيسي للنزاعات بين البشر في السنين القادمة…. ننتظر لنرى.
د. محمود دقدق
قانوني وباحث



عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 03/04/2022


عناوين المواضيع المنبر العام بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 03/04/2022


عناوين المقالات بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 03/04/2022