مهام الحاكم:حسن إبراهيم حسن الأفندي

مهام الحاكم:حسن إبراهيم حسن الأفندي


01-14-2022, 06:43 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1642182206&rn=0


Post: #1
Title: مهام الحاكم:حسن إبراهيم حسن الأفندي
Author: حسن الأفندي
Date: 01-14-2022, 06:43 PM

05:43 PM January, 14 2022

سودانيز اون لاين
حسن الأفندي-السعودية
مكتبتى
رابط مختصر





لست أريد أن أتعرض للمهام اليومية وإصدار المراسيم الرئاسية أو الجمهورية أو الملكية أو السلطانية , ولا ما يتم التوقيع عليه من اعتمادات لبروتوكولات تجارية أو ثقافية أو دبلوماسية واستقبالات وتوديعات , وإن كانت كل تلك الأمور يمكن أن تكون أو يجب أن تكون خدمة للمهام الأساسية والرئيسة للحاكم , كما أن مثل هذه الأمور يشترك فيها الحاكم المسلم وغير المسلم ولكني على كل حال أريد التعرض لفهمي لمهام الحاكم من وجهة نظر إسلامية بحتة وفي حدود فهمي المتواضع لها , ولعلي أريد أن أقيس فهمي لمهام الحاكم وهل ألم بها كما ينبغي أم أنني يجانبني الصواب , فمن يدري فربما أكون حاكما في يوم ما , رئيسا لجمهورية وحيد القرن , فالسيد الرئيس الشهيد إسماعيل الأزهري كان معلما للرياضيات في بداية حياته مثلما أنا معلم للرياضيات , وقد عمل بنفس المدرسة التي درست فيها مرحلتي الثانوية , وادي سيدنا الثانوية , ورأيت بإعجاب وتقدير كبير المنزل الحكومي الذي كان يسكنه , وإن نال الرجل هذا المنصب بعد نضال وسجن وملاحقات الاستعمار البريطاني البغيض , وكان صلب عود لم يلن يوما في وجه الاستعمار ورفض كل مشروعاته الانصرافية عن القضية الأصيلة للشعب السوداني , ومقـولته تجري مـثلا عن الجمعية التشريعـية ( لن ندخلها ولو جاءت مبرأة من كل عيب ) , كما أن السيد المعلم الأستاذ سرالختم الخليفة لم يكن في يوم من الأيام يحلم بأن يكون رئيسا لوزراء السودان , وبينما كان في منزله جاءته الوفود لاستلام رئاسة الوزارة عقب انتصار ثورة أكتوبر 1964 وبلا مقدمات وبلا سعي منه , والآن على رأس السودان ابن دفعة لي , كان يدرس بالخرطوم الحكومية بينما كنت أدرس بوادي العلوم ... وادي سيدنا التي وأدتها عسكرية النميري .

وقياسا على هذا وذاك , فربما ربما جاءتني الخلافة منقادة ... إلي تجرجر أذيالها .. من يدري فلا مستحيل تحت الشمس كما يقولون ... وإن كنت أرى ملايين المستحيلات تحت الشمس !

ولكن ما يزعجني في حالة أني أصبحت رئيسا هو : هل يا ترى أكون رئيسا نافعا , وهل لا تتملكني الأهواء فأظلم هذا وأُسعد آخر , وهل أستطيع أن أملك عدل عمر رضوان الله عليه وسهره الليالي تفقدا لأحوال الرعية ؟ وهل جاء سيدنا عمر بن عبد العزيز إلا من بطن صالحة ولدت أمه تعرّف على سيرتها الفاروق وهو يتفقد ليلا رعيته ؟ وهل يمكن أن أكون ديمقراطيا يسمع النصح ويستقبل المشورة ويعترف بالخطأ إن أخطأ وجل من لا يخطئ ؟ أصابت امرأة وأخطأ عمر ! وهل أعفو عن مقدرة وأُمسك نفسي وقت الغضب ؟ فالحكم مسئولية عظيمة وضخمة في الدنيا والآخرة , فيه إغراء وفيه هيلمانة وصولجان وأبهة وإني لشاعر ضعيف , رقيق قلب سريع التجاوب أخشى على نفسي من الفتنة وأخشى ألا أُرضي الله فتحل بي كارثة كبرى , حساب عسير على كل صغيرة وكبيرة ومن هنا قيل إن عدل ساعة واحدة لحاكم عادل , تعدل عبادة ستين عاما لناسك متبتل .

عموما لكل مقام مقال , في الأول دع الحكم يأتي إلي والباقي يدبره الله , ولعلي أوضحت في مقالي ( معاودة لذيذة ) بعض تفكيري في المجالات الاقتصادية والخدمية والخيرية والتنموية والتجارية والعمرانية و.......هلم جرجرة , وذلك التفكير يصلح لأن يكون برنامجا جيدا لفترة حكمي الرئاسية التي ستجعل من الناس كلهم سعداء في بلدي ينعمون بالرفاهية والعيش الكريم ويجعلهم يتمسكون بي ويدعون الله لي طول البقاء وطول العمر عند كل صلاة , في سرهم وعلنهم .

دعونا نخرج من أحلام زلوط , أحلام اليقظة والمستحيلات والهزل الذي لا يقدم ولا يؤخر ولا يغير من الواقع شيئا , مسـتأذنين القارئ الكريم في الدخول إلى لب الموضوع , فقد أبنت أني أريد التعرض لمهام الحاكم المسلم , وذلك لأن غيرهم لا يصلح معهم بعد كفرهم عمل وإن عدلوا وإن أصلحوا , والله أعلم وإن كان ذلك فهمي ربما القاصر ولا أحد يستطيع أن يتأله على الله الفعّال لما يريد .

بداية لابد من إطار عام يحكم تصرفات وسيرة وعمل الحاكم , بل وأي من بيده مسئولية قيادية , فقد ورد بالآية الكريمة رقم 159 من سورة آل عمران قول الحق جل وعلا ( فبما رحمة من الله لنت لهم , ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك , فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر , فإذا عزمت فتوكل على الله , إن الله يحب المتوكلين ) صدق الله العظيم . وهذه الآية العظيمة رسمت أصول الإدارة السليمة المعافاة من كل شائبة ومنها نستخلص أن علي الحاكم أو القيادي أن :

· يكون رحيما لينا

· البعد عن القسوة وغلظة القلب

· العفو وفي تقديري لا يأتي العفو إلا عن مقدرة وليس عن ضعف

· الاستغفار للرعية

· مشاورة الرعية أولا

· ثم يأتي اتخاذ القرار , فاتخاذ القرار لا يأتي من فراغ وإنما بعد مشاورة ومبادلة للرأي

وأجاد حافظ إبراهيم عندما قال مادحا سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه :

رأي الجماعة لا تشقى البلاد به رغم الخلاف ورأي الفرد يشقيها

هذه مقومات ضرورية وصفات للحاكم أو القيادي , وإن وردت فى الآية بعد التالية من نفس السورة الكريمة النهي عن الغل ونبهت إلى أن من يغلل يأت بما غلَّ يوم القيامة , والغل هو أكل المال العام بالباطل بصورة عامة , ولكنها نزلت عن الغنائم في حينها والغنائم تعتبر من المال العام .

ألم أقل لك إن الحكم أمر عسير صعب ؟ وما أدراك عن مهام الحاكم وما هو مطلوب منه للرعية , أقول ذلك وأذكر خوف أبي حفص عمر الفاروق رضوان الله عليه من أن يحاسبه الله لو تعثرت بغلة بالعراق , أي لم يمهد لها الطريق , سبحان الله , أي شفافية تلك وأي إحساس بالمسئولية وعظمها ؟

أربع مهام أساسية تندرج فيها وحولها وداخلها ضرورات وفرعيات وإن كانت أساسية لحياة مستقرة تُغني عن الحاجة والعوز والحرمان .

من يتدبر في قراءته لسورة الكهف الكريمة يجد هذه الآيات الكريمة وردت عن سيرة ذي القرنين عند تمكينه في الأرض :

· ( قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا * وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا )

· ( حتى ذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا )

· ( حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا )

· ( قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا * قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما )

فالآية الأولى نستقي منها تحقيق العدل الحق بلا مجاملة , للمحسن جزاؤه الطيب وللمسيء عقابه الرادع , بينما تدل الآية الثانية وبالتحديد من لفظ (سترا) أن لابد من أن يجد الفرد المأوى أو المسكن والملبس الذي يستره والمأكل الذي لا يجعله متسولا أو لصا يسرق ليأكل , ولا شك في أن من لا يجد لباسا يواري سوأته أو لا يجد أكلا يضطره لفعل فاضح أو يعيش في الشارع أو العراء أيا كان , لا يكون مستورا .

وتأتي الآية الكريمة التالية لتوضح أهمية العمل على إزالة الجهل وتؤكد أهمية المعرفة والتعليم , في حين أن الآية الأخيرة هي المعنى الراقي لتهيئة أمن المواطن , وأعتقد أن مجتمعا متسيبا لا أمن فيه ولا أمان يجعل من حياة الناس جحيما لا يطاق ويجعلهم لا يأمنون لا على مال ولا عرض ولا نفس . ولعل البعض يرى أن حاكما ظالما يحقق أمن مجتمعه وشعبه خير من حاكم عادل لا يوفر لهم هذه النعمة , ولعلي قد حمدت الله كثيرا وأنا ببيروت إبان اشتعال الحرب الأهلية , ولما شاهدت من مآسي وقتل في الشوارع عندما كنت ضيفا على الجامعة الأمريكية ببيروت لحضور حلقة دراسية امتدت لشهر أو أكثر , حمدت الله على نعمة الأمن والأمان التي نحياها بوطننا السودان آنذاك رغم معارضتى المطلقة لنظام الحكم القائم وقتها برئاسة النميري , وأعني بالأمن هنا الأمن العام لا أمن الدولة الذي هو في حد ذاته مملكة ودولة داخل دولة لا يعرف أحد ما يجري بها إلا لماما ويصعب اختراقها أو مجرد التعرض لها عن قريب أو بعيد, فسيطان الزبانية لا ترحم وربما أكثر من سيطان وتعذيب , فمن يدري فلعل الموت يكون وسيلة سهلة لوضع نهاية لمناوئ صغير لا حول له ولا قوة .

ومن هنا ندرك أن الحكم لا وجاهة ولا مظهرية ولا سياحة ولا سلطة أو تسلط , وإنما هو مسئولية عظمى تترتب عليها نتائج عظمى تتعادل وتتساوى مع حجم المسئولية , وكان لابد من التفكير ألف مرة فى اتخاذ القرارات الحكيمة الصائبة وفي السعي الحثيث لتقديم أفضل ما يمكن للمواطن في إطار الإمكانات المتاحة للدولة , وكثيرا ما أسعد وأنا أسمع عن حاكم مسلم يعفو ويتسامح مع مواطنيه في مواقف كان يمكن أن يكون فيها منتقما جبارا لنفسه ووضعه والعياذ بالله , ويأتي التسامح والعفو رمزا لقوة واقتدار .

هذه مجرد خواطر طافت بذهني , ربما أكون فيها مصيبا وربما أكون مخطئا , فاللهَ أسأل أن يعفو عني ويسامحني إن كنت مخطئا وألا يترني أجري , فللمجتهد أجران إن أصاب وأجر إن أخطأ .


عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/14/2022


عناوين المواضيع المنبر العام بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 01/14/2022



عناوين المقالات بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/14/2022