الواحد .. مندهش ..! عبدالمنعم عثمان

الواحد .. مندهش ..! عبدالمنعم عثمان


01-12-2022, 05:49 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1642006187&rn=0


Post: #1
Title: الواحد .. مندهش ..! عبدالمنعم عثمان
Author: عبد المنعم عثمان
Date: 01-12-2022, 05:49 PM

04:49 PM January, 12 2022

سودانيز اون لاين
عبد المنعم عثمان-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




خطرت ببالى كتابة هذا الموضوع وانا اشاهد بالامس ندوة بقناة النيل الازرق شارك فيها عدد من السياسيين وقادة الراى . وبرغم ان كل ماقيل فيها يدهش – المابندهش – الا انه ليس الدافع الوحيد لكتابة هذا المقال . فباسترجاع بعض الاحداث الماضية والحاضرة فى السودان فى جميع مجالات الحياة ، توصلت الى ان العنوان يصلح عنوانا لكتاب ضخم وليس مجرد مقال عابر . واذا طال بالكم فاننى ساثبت لكم صحة هذا الزعم ، الذى وجدت ايضا انه لاينطبق على السودان وحده ، برغم ان السودان يكون فى الدرجة الاعلى من الادهاش . ولكن قبل ان ادخل الى لب الموضوع ، بدء بماجاء فى الندوة المذكورة مرورا بالمدهشات الاخريات منذ الاستقلال وحتى بعد ديسمبر المتفردة ، اسمحوا لى ان اسرد عليكم بعض مااعتبره احسن القصص فى موضوع الاندهاش وعدمه ، وذلك من خلال نموذجين مثاليين عاصرتهما على ايام جامعة الخرطوم ، عندما كانت !
الاول للزميل يوسف حسين ، الذى لاأزال احتار فى ايجاد الوصف الذى يناسب حالته ، حيث انى لم أجد فى نماذج الحياة التى طالت بي ،ولا فى ماقرأت من كتابات متنوعة مايناسب حالته من الاوصاف الحقيقية والخيالية . لكنى سأكتفى هنا بذكر صفة تناسب موضوع المقالة ، الا وهو موضوع الاندهاش . ولعلكم ستستغربون عندما تعرفون ان العلاقة هنا هى ان يوسف كان معروفا لدى جميع من عرفه فى تلك السنوات الجامعية بصفة " الرجل الذى لايندهش " !وقد كنا جميعا نعبر بهذا الوصف عن حالة الاندهاش الشكلية التى تظهر على الوجوه وربما بعض اعضاء الجسم الظاهرة على كل ابن آدم يمر بمايدهش ، وما أكثره. غير ان يوسف كان سببا لكثير من اسباب الاندهاش على تلك السنوات الاولى من ستينات القرن الماضي ، وهى سنوات حكم عبود ، رئيس اول انقلاب يحدث فى البلاد . فقد كان مسئولا عن مجموعة الشيوعيين بداخليات البركس ، وبهذه الصفة كان قد لايمر مساء من غيران يأتى بقرارات الحزب لتوزيع منشورات او كتابة شعارات على الحيطان او الاستعداد لمظاهرة فى شارع الجامعة او شارع القصر ..الخ ..الخ . وكانت هذه القرارات الصعبة تصدر عنه بنفس النقمة وتعابير الوجه وهو يحدثك بقرار اختيارك المشاركة فى مهرجان الشباب بفنلندا ، مثلا ! اما فى اليوم الثانى فأنت تعلم بالتأكد انه من يتقدم الصفوف فى قيادة المظاهرة . والغريب فى قصة يوسف ،غير المندهش شكلا ،انها كانت مدهشة فى جميع تفاصيلها : كانت دفعته بالجامعة اول دفعة تشهد انشاء كلية للجولوجيا التى هى من اصعب العلوم ولذلك اختير لها اثنا عشر طالبا من المتقدمين ، وقد كانوا كثرأ . كان يوسف احد المختارين وقد تخرج مع نصف هؤلاء الذين استطاعوا البقاء حتى سنة التخرج . ولم يكن هذا هو سبب الادهاش ، وانما كان السبب هو انه اختار ان يعمل محترفا سياسيا بالحزب ، بينما كان من الممكن ان يصبح رائدا للجيولوجيا بالسودان ، او حتي مزاملا للدكتور فاروق بوكالة ناسا !وقد ظل فى موقعه حتى ختام حياته متحدثا رسميا باسم الحزب.
اما النموج الثانى فهو لأحد ابناء دفعته ، محمد ابراهيم الملقب بكبج ، وقد كان وظل شخصا مدهشا ومندهشا . كان يردرس الهندسة وفى السنة الثانية من الدراسة قرر ان يكون قائدا لكل مظاهرات الجامعة ضد خكم عبود بحماس لم اشهد مثله على كثرة ماشهدت من مظاهرات فى السودان وفى غيره . وانتهى به الامر الى ترك الدراسة بالجامعة ليلحق باحبه غير المندهش فى الاحتراف السياسي . غير انه، لسبب غير معلوم لدى ،ترك الاحتراف وتوجه الى ماقد يعتبره البعض عملا مناقضا لدعاوى الحزب ونظريته ، فقد اتجه الى العمل الخاص وبرأسمال ليس صغيرا بمايجعله فى عداد الراسماليين . لكنه كان مدهشا فى ذلك القرار ايضا ، حيث لم يبد ، حسب علمى اى عداوة للحزب ، كما مارس مااسميه راسمالية \ اشتراكية على نمط انجلز ، ان صح التعبير !فقد كان يوزع راسماله يمينا وشمالا فى غير استغلال للغير بل فى مساعدة لهم . كما انه عمل فى مجالات لم يكن هفه الربح وحده وانما فتح مجالات عمل جديدة من مثل زراعة وتنيع وتصدير مايمتلئ به السودان من اعشاب يصلح اغلبها كمادة خام لتنيع الادوية ، غير انه لم ينجح فى تنمية المجال ولا راس المال وقد كان ذلك فى ظنى لغلبة الفكر الاشتراكى على قراراته وتصرفاته ! وليس ادل على ذلك انه استطاع بجهده الخاص ان يصبح اقتصاديا يشار له بالبنان .
هذان النموذجان ليسا شاذين فى تاريخ الحزب الشيوعى ، لكنهما يمثلان الاغلبية من من احترفوا العمل السياسي من امثال عبدالخالق ونقد وابراهيم زكريا وغيرهم من الافذاذ الذين ضربوا مالحهم ونجاحاتهم الذاتية فى سبيل انجاح قضايا الوطن . والسبب فى ايراد النموذجين المذكورين كان فقط للمقابلة بينهما وبعض من شارك فى تلك الندوة المذكورة فى مقدمة المقال . فقد كان من بينهم من ادعى ان المواقف التى اتخذها حيال انقلاب البرهان ، انما كانت لملحة من يمثل من ضحايا الحرب ومشرديها وبالتالى فانه مؤيد لذلك الانقلاب بنفس اسباب اوردها الدكتور حمدوك ، حيث قال انه فعل ذلك لحقن مزيد من دماء الشباب ! وهى اسباب مدهشة على اقل وصف لها . ولعل الاكثر ادهاشا فيها هو نفى اولئك " القادة " الى ماوصفوا به عن حق ، من انهم خانوا قضية من من المفترض انهم يمثلونهم ! فقد توالت حملات القتل فى دارفور تحت سمعهم وبصرهم ومن قبل من يجلسون معهم فى نفس المجلس من غير ان يفتح الله عليهم بكلمات شجب يقوم بها الامريكان والامم المتحدة ، فاى وصف اقل من الخيانة يمكن ان يوصف بها موقفهم ؟! ومع ذلك فق كان فى حديث كبيرهم ماهو اكثر ادهاشا ، حيث احتج على وصف الخيانة بانه لايترك مجالا للتعاون والتعامل بين مختلف الاتجاهات من اجل سودان موحد ؟! وهو بهذا يأتى الى احد أكثر القضايا ادهاشا معبرا عن الكثيرين من من لايزالون يدعون الوقوف فى صف الثورة ، بينما هم بمثل هذا الموقف انما يعبرون عن محاولة أخيرة للانتكاس بثورة ديسمبر المتفردة . اذ ان هذه الدعوة للوحدة لاتختلف فى شئ عن دعوة الكيزان الى وحدة جميع اهل السودان للخروج من الازمة السياسية والاقتصادية المنوعة بأيديهم حتى الوصول الى هذه الحالة التى " تستدعى الوحدة " ! ونعود مرة اخرى الى السؤال الخالد : لماذا اذن قامت الثورة وضد من؟! غير ان الجميل فى الامر هذه المرة وغير المدهش لمن يعلم ان جماهير شعبنا قد شبعت دروسا محلية واقليمية ودولية بحيث لم تعد تنخدع بحلو الكلام ولوجاء من الرئيس الامريكى الديموقراطى او الروسى الساعى الى الديموقراطية او الصينى الذي يؤشر يسارا ويتجه يمينا او من امين عام الامم "المتحدة " . فكل هؤلاء اصبحت مواقفهم مكشوفة الى الشعب السودانى . كل هؤلاء يسعون الى مصالح بلادهم ، وهو امر طبيعى ولو كان غير اخلاقى، غير ان الامر غير الطبيعى فى حالتنا ، اننا نسعى لتنفيذ اوامر ومصالح آخرين من اجل مصالح شخصية وليست وطنية .
واخيرا ، اليس من المدهش ان يتهم من يضحى بمصالحه الشخصية لحد العيش على الكفاف لخدمة اهداف قد يكون فيها عنصر القناعة الشخصية ولكنها تتوافق مع مصالح الشعب ، ان يتهم بالخروج عن الوحدة ، بينما يقبل ، من يدعى التضحية بسنوات من الكفاح المسلح من اجل اهداف جهته ان لم نقل شعبه ، مجرد الجلوس مع من قتل ويقتل شعبه ؟!


عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/12/2022


عناوين المواضيع المنبر العام بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 01/12/2022


عناوين المقالات بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/12/2022